1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بتذكار نقل رفات القديس جوارجيوس اللابس الظفر الى مدينة اللد

 

إحتفلت البطريركية الأورشليمية والكنيسة الأورثوذكسية في الأراضي المقدسة يوم الإثنين الموافق 16 تشرين ثاني 2020 بتذكار نقل رفات القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس اللابس الظفر من روما مكان إستشهاده الى مدينة اللد مسقط رأس والدته في فلسطين , حيث أمر الإمبراطور ديوكلتيانس بقطع رأسه في القرن الرابع ميلادي, فقام خادمه سقراطيس بنقل جثمانه من مكان استشهاده إلى مدينة اللد في فلسطين سنة 323م، ووضع في الكنيسة التي شيدتها على إسمه هناك القديسة الملكة هيلانة ( 326 ـ 336 ).  

أقيمت خدمة القداس الالهي في كنيسة القديس جواجيوس في مدينة اللد  التي فيها يوجد قبر القديس, وترأس خدمة القداس الالهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث وشاركه في الخدمة سيادة رئيس أساقفة يافا كيريوس ذماسكينوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس السكرتير العام للبطريركية, متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم, آباء من أخوية القبر المقدس وآباء كهنة الرعية الأورثوذكسية في اللد وبمشاركة عدد لا بأس من المصلين من داخل البلاد بالرغم من القيود المتبعة بسسب جائحة كوفيد 19.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار نقل رفات القدّيس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر  إلى مدينة اللد 

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

   يُكرز القديس بولس الرسول قائلاً: فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. (رومية 8: 38-39). لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. (فيلبي 1: 21)

أيها الإخوة الأحباء في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

     إن نعمة سر التقوى أي سر صلب وقيامة مخلصنا المسيح قد جمعتنا اليوم في هذا المكان المقدس وموضع العبادة العقلية لكي نعيّد لتذكار نقل رفات القديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر الذي ماثل الرب بآلامه.

     إن صديق المسيح جاورجيوس له مكانة خاصة بين جوق شهداء الكنيسة وذلك لأنه وبحسب القديس اندراوس الكريتي” أصبح “جاورجيوس” غصنٌ مثمر للكرمة الحقيقية التي زرعها الآب السماوي، والذي زرعنا به بالبهجة الروحية لشفاء الأهواء وتجديد النفس والجسد.

      وما هي الكرمة الحقيقية؟ إنه المسيح الذي قال أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ (يوحنا 15: 1) ويفسر القديس كيرلس الإسكندري هذا الفصل الإنجيلي قائلاً: إذاً سيكون تفكيركم مستقيماً تماماً بأن الآب يُغذينا في التقوى بالابن في الروح، فهو يهتم بنا أي هو يسهر علينا ويعتني بنا ويحسبنا أهلاً لمؤازرته ومعونته بالابن في الروح “القدس”. فحتى لا يظن أي أحد أن الابن الوحيد يعتني بنا باعتباره يمثل الله الآب كمن يتعاون معه، فيدعو نفسه الكرمة الذي يمد أغصانه الخاصة بالحياة والقوة المثمرة.  ويضيفُ قائلاً لم يقل أن طبيعة جسده أي جسد المسيح هو الكرمة بل بالأحرى ألوهيته ..كما أن ثمر حياة القديسين ليس جسدياً بل روحياً. 

     حقاً إن الشهيد جاورجيوس قد صار هو بذاته غصنٌ للمسيح الذي نال منه الحياة والقوة المثمرة. فلقد سمع جاورجيوس منذ الطفولة إلى أقوال بولس الرسول التي يقول فيها: لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. (فيلبي 1: 21) لهذا فإن القديس ثيوذوروس الستوديتي يقول مسبحاً إياه: لنمتدحن يا إخوة مدحا ً روحيا ً جلادة حجر الماس العقلي. جاورجيوس الشهيد الذائع الصيت. الذي لما اضطرم بمحبة المسيح تصلب متجلدا ً بالخطوب. وتحدد مشحوذا ً بالعذابات جسده. الذي إذ كان فانيا ً بحسب الطبيعة أذابته العقوبات المتنوعة. فإن المحبة تغلبت على الطبيعة فأقنعت العاشق بأن يصل الموت إلى معشوقة المسيح الإله مخلص نفوسنا.

     وُلدَ جاورجيوس في بلدة كبادوكية من أبوين مسيحيين شريفين كانا من أصحاب الغِنى والشهرة الاجتماعية. وتجند وارتقى وصار ضابطاً كبيراً في الجيش الروماني في زمن الإمبراطور الروماني ديكلتيانوس الذي حكم في الفترة ما بين (284-305). وفي سنة 303 صدر أمرٌ لا هوادة فيه أن يُنَفذَ ضد المسيحيين من قبل ديكلتيانوس وبالأخص من معاونه غاليريوس ومن الواضح ان كثير من شهداء الكنيسة قد تعرضوا إبان حكمهِ لاضطهادٍ عنيف.

     إن جوارجيوس الدائم الذكر لم يكتف فقط بإعلان نفسه بجرأةٍ أنه مسيحياً. بل فضح الأصنام وبطلانها موبخاً الإمبراطور وكل المؤمنين الأصنام أي بالأدوات الشيطانية.

   وهذا ما صنعه شهيد محبة المسيح الذي كان سامعاً من جهةٍ لأقوال الحكيم سليمان لِتَنْظُرْ عَيْنَاكَ إِلَى قُدَّامِكَ، وَأَجْفَانُكَ إِلَى أَمَامِكَ مُسْتَقِيمًا. (أمثال 4: 25) ومن الجهة الأخرى لربنا يسوع المسيح الذي يقول: احذروا من الناس … وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي.فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. (لوقا 21: 12-13)

     إن أقوال الرب التي ذُكرت سابقاً قد قيلت من أجل الخدمة الرسولية أي عند نشر الإنجيل من الرسل القديسين وأيضاً من أجل المسيحيين الذين سيشهدون للحق بدمائهم، وبحسب المفسر زيغافينوس في “الشهادة للحق” إذ هي توبيخٌ لكي لا يتحجج أحدٌ فيما بعد قائلاً انه لم يسمع للكرازة لان الرب يقول: لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ، لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ، وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ. (يوحنا 15: 22)

     إن جاورجيوس المغبوط أيها الإخوة الأحبة قد أحصي مع مصافِ شهداء الكنيسة العظام وذلك لأن جاورجيوس اللابس الظفر باستشهاده الدموي قد أكّد على قيامة المسيح من جهةٍ وختم على صحة الإيمان الحقيقي المسيحي من جهة أخرى. وبكلام آخر إن المغبوط جاورجيوس قد ضحى بنفسه كارزاً بابن الإنسان (متى 8: 20) الذي بموته على الصليب قد فتح الطريق إلى ملكوت السماوات. وهذا هو السبب الذي جعل القديس جاورجيوس يساهم ويشهد شهادة ذاك الذي قال وَلِهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ (يوحنا 18: 37).

إن شهادة القديس جاورجيوس الدموية من أجل الحقيقة في المسيح قد جعلته مساهماً ومشتركاً في آلام موت المسيح لهذا فقد نال العظيم في الشهداء إكليل البر (2تيم 4: 8) من أجل الكمال في التقديس (عبرانيين 1: 14). وحدث هذا لأننا بحسب القديس بولس الرسول مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ (رومية 6: 3-5) أي مع المسيح. فالقديس جاورجيوس يُسبحه مرنم الكنيسة قائلاً : لقد سلكت سلوكاً ينطبق على معنى اسمك يا جاورجيوس الجندي العظيم. فأنك حملت صليب المسيح على منكبيك. وحرثت الأرض التي بارت بالضلالة الشيطانية واستأصلت عبادة الأوثان المشوكة. وغرست كرمة الايمان القويم. فأصبحت حراثاً للثالوث القدوس باراً تبسط فروع الأشفية لكل من في المسكونة من المؤمنين. فنطلب اليك أن تتشفع في سلام العالم وخلاص نفوسنا.

   إن القديسين وبالأخص شهداء المسيح لهم إكرامٌ عظيمٌ وطقس عبادة محدد وذلك لأنهم قد صاروا مسكناً للروح القدس في أجسادهم الفانية كما يعلم القديس بولس الرسول بكل وضوح قائلاً: وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ، فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضًا بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ. (رومية 8: 11). وإن ما سبق ذكره قد جعل من قديسنا العظيم جاورجيوس إناءً للروح القدس لهذا فقد نال إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى. (1بطرس 5: 4) ويتشفع إلى الله وأب الجميع من أجل جميع المتضرعين إليه.

فها مع المرتل نهتف ونقول: أيها القديس جاورجيوس اللابس الجهاد تشفع إلى الله الآب من أجل خلاص نفوسنا وأنت يا أم الله الفائقة البركات سيدتنا والدة الاله تشفعي إلى ابنك وإلهك من أجلنا جميعاً.

آمين

كل عام وأنتم بخير وجميعكم سالمين من وباء الكورونا

بعد القداس إستضاف الرئيس الروحي للكنيسة الأرشمندريت نيقوذيموس غبطة البطريرك مع الأساقفة والآباء والحضور في قاعة الكنيسة, تلاها مأدبة غذاء. 

تم الإحتفال بهذه المناسبة أيضاً في كنيسة القديس جوارجيوس(المستشفى) حيث ترأس خدمة القداس الإلهي الرئيس الروحي لدير القديس جوارجيوس في مدينة عكا قدس الأرشمندريت فيلوثيوس.

مكتب السكرتارية العامة