الإحتفال بعيد القديس الرسول إندرواس المدعو أولاً
إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 13 كانون أول 2020 بعيد القديس الرسول إندرواس المدعو أولاً في دير الصليب المُكرم التاريخي الواقع في القدس الغربية. وحسب التقليد الكنسي في هذا المكان قام لوط بزرع الخشب المُركب المكون من الصنوبر والأرز والسرو والذي منه صُنع الصليب الذي صلب عليه ربنا يسوع المسيح لخلاصنا.
ولد القديس أندراوس في بيت صيدا في الجليل وكان شقيق بطرس الرسول, وقد دُعي “أولاً” لأنه كان أول رسول يتبع الرب عندما سمع القديس يوحنا المعمدان يقول “هوذا حمل الله”.
في هذا الدير التاريخي الذي استضاف المدرسة اللاهوتية للتعليم العالي من عام 1845 إلى عام 1909 وما زالت اللوحات الجدارية البيزنطية والجورجية محفوظة في كنيسته, أقام غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي للعيد, يشاركه متروبوليت كابيتاليس أيسيخيوس, رئيس أساقفة بيلا فيليمينوس, الأرشمندريت نكتاريوس والشماس إفلوغيوس, وقام بالترتيل سيادة المطران يواكيم. وحضر القداس الإلهي القنصل العام لليونان في القدس السيد إيفانجيلوس فليوراس وعدد قليل من المصلين.
خلال القداس الإلهي ألقى غبطة البطريرك كلمة في هذه المناسبة:
كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في دير المصلبة بمناسبة عيد القديس الرسول اندراوس المدعو أولاً
كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
في ذلك الزمان كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفًا هُوَ وَاثْنَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِيًا، فَقَالَ: “هُوَ ذَا حَمَلُ الله“ِ فَسَمِعَهُ التِّلْمِيذَانِ يَتَكَلَّمُ، فَتَبِعَا يَسُوعَ. كَانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِدًا مِنَ الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ. (يوحنا 1: 35-37 و41)
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها الزوار المؤمنون
إن قوة الصليب الكريم المحيي، صليب مخلصنا المسيح قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموقع المقدس أي في دير المصلبة، لكي نعيّدُ معاً لتذكار كاروز الإيمان وخادم الكلمة الإله اندراوس الرسول والمدعو أولاً.
لقد كان الرسول اندراوس مع أخيه سمعان بطرس تلميذين للقديس يوحنا المعمدان كما يشهد بذلك القديس الإنجيلي يوحنا اللاهوتي (يوحنا 1: 35-37) وعندما رأى يوحنا المعمدان يسوع المسيح عند معموديته في نهر الأردن كان بقرب “يوحنا المعمدان” تلميذيّهِ اندراوس ويوحنا الإنجيلي وأشار لهم بالبنان عن الرب يسوع المسيح قائلاً لهم عنه أنه “هُوَ ذَا حَمَلُ اللهِ“ (يوحنا 1: 36) فتبعا المسيح وكانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِدًا مِنَ الاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ، هذَا وَجَدَ أَوَّلًا أَخَاهُ سِمْعَانَ، فَقَالَ لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ. (يوحنا 1: 41-42)
إن الحدث الذي سبق ذكره ظهرت نتائجه بعد سجن يوحنا المعمدان من قبل هيرودوس، فدعوة بطرس واندراوس من قبل الرب عندما وجدهم بجانب بحر الجليل يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ.فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ. فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. (متى 4: 18: 20)
ويفسّر القديس يوحنا الذهبي الفم شارحاً رغبة وشجاعة اندراوس وأخيه بطرس قائلاً: انه ينبغي الانتباه إلى إيمانهما وطاعتهما معاً. فرغم أنهما كانا في وسط عملهما، فإنهما لم يتأخّرا ولم يماطلا عندما سمعا أمر “المسيح”، ولم يقولا “دعنا نعود للمنزل ونتحادثُ مع أنسبائنا“، إنما للوقت تركا الشباك وتبعاهُ.
بالطبع إن هذا الإيمان “بحمل الله” أي بالمسيح قد زرعه في قلب اندراوس اللاهج بالله كاروز التوبة العظيم ومعلم الصحراء القديس يوحنا السابق والمعمدان كما يوضح هذا مرنم الكنيسة قائلاً “لقد استنرت بنور السابق أيها المجيد. فلما ظهر شعاع المجد الأبوي ذو الأقنوم مريداً أن يخلص جنس البشر. حينئذٍ كنت أول من بادر إليه واستنار ذهنك بشعاع لاهوته. فصرت كاروزاً بالمسيح ورسولاً له. فتضرع إليه طالباً أن ينير ويخلص نفوسنا.
وعدا عن هذا فبعدَ أن استنار بنور السابق، أصبح منارة لإخوته الرسل عندما قابلوا مخلصنا المسيح ويعبَّر القديس بطرس الرسول في تعليمه وكرازته قائلاً طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ (الذي أعلن بالمسيح) بِالرُّوحِ. مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ. لأَنَّ: «كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ، وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا. (1بطرس 22-25)
وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة “إن الكلمة التي بُشِّرتُم بها ” من الرسول القديس اندراوس المدعو أولاً، وبطرس صديق المسيح، هيكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ أي الحياة الأبدية في المسيح لأولئك الذين يحبونه كما تشهدُ بذلكَ رفاته المقدسة غير البالية الباقية إلى اليوم منذ استشهاده ولا سيما الهامة المقدسة لقديسنا المجيد الرسول اندراوس.
إن قديس الله الرسول المدعو أولاً قد ختم كرازته في بلدان عدة ومدن في المسكونة قاطبةً، كارزاً بإنجيل المسيح وبموته الاستشهادي مقتدياً بآلام المسيح حتى الموت كما يؤكد بوضوحٍ مرنم الكنيسة قائلاً: إننا بحقٍ واجب نكرمك يا اندراوس الرسول. لأنك المدعو الأول بين التلاميذ كلهم. ومعينٌ وخادمٌ للكلمة. فإنك عن رغبة لا يخامرها ريبٌ تبعت بحرارةٍ ونشاط حمل الله الرافع خطايا العالم. فظهرت شريكاً في الآلام للذي كابد الموت في الجسد طوعاً. فلذلك نهتف نحوك قائلين تشفّع إلى المسيح الإله طالباً أن يهب غفران الزلات للمعيدين عن رغبةٍ لتذكارك المقدس.
حقاً إننا نُعيد اليوم ممتلئينَ بالعشق المقدس لتذكار القديس المجيد الرسول اندراوس الذي عندما رأى ربنا يسوع المسيح جمال نفسهِ الذي لا يوصف دعاه إلى الرتبة الرسولية مُظهراً له أنه هو (الَمسيّا) مخلص العالم الذي وُلِدَ في مغارة بيت لحم وسُجدَ له من المجوس.
فإننا أيها الإخوة الأحبة مدعوون اليوم من القديس الرسول اندراوس من خلال سر الشكر الإلهي والعبادة غير الدموية لكي نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا، لأَنَّهُ هُوَ إِلهُنَا، وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ وَغَنَمُ يَدِهِ. (مزمور 94: 6-7) متضرعين لكي يَهْدِي الرَّبُّ قُلُوبَكُمْ إِلَى مَحَبَّةِ اللهِ، وَإِلَى صَبْرِ الْمَسِيحِ. (2تسالونيكي 3: 5).
كل عام وأنتم بألف خير
صوم ميلادي مبارك خالٍ من الوباء والمرض
آمين
بعد القداس إستضاف الرئيس الروحي للدير سيادة رئيس أساقفة بيلا غبطة البطريرك مع الأساقفة والآباء وسعادة القنصل العام على مائدة غذاء.
مكتب السكرتارية العامة