1

خطاب غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث لتهنئة بطريرك اللاتين الجديد بالقدس

صاحب الغبطة,

في زيارتكم الرسمية هذه بمناسبة تعيينكم بطريركاً جديداً للكنيسة اللاتينية في القدس، فإننا نرحب بكم ليس كغريب، وإنما كصديق قديم نثق فيه. إن أخبار تعيينكم بطريركًا للرعية اللاتينية من قبل قداسة البابا فرنسيس لاقت ترحيباً واسعاً من رعيتكم ومن جميع المهتمين بالوجود المسيحي في الأراضي المقدسة. 

يقول القديس بولس في رسالته الأولى إلى تيموثاوس:  

“اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ… وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.” (2 تيموثاوس  4: 1 – 2،5) 

لسنوات عديدة بينتم أنكم راعٍ أمين لجميع الموكلين إلى رعايتكم بروح كلمات القديس بولس هذه، أولاً بصفتكم حارسًا للأراضي المقدسة ثم أسقفًا. أنتم على دراية عميقة بشعبكم وبهذا المكان، ويسعدنا أنكم بصفتكم بطريركًا جديدًا للكنيسة اللاتينية وزميل ذو خبرة يتفهم المشاكل والتحديات التي تواجهها المجتمعات المسيحية في عصرنا. 

خلال فترة خدمتكم كحارس للأراضي المقدسة، وبعدها تسلمكم لمنصب مدبر الكرسي الرسولي، نتج عنه تعاون وثيق تم بناؤه بين رعايا كنائسنا وله ثمار ملموسة كانت حاسمة في مساعدتنا جميعًا على التعامل مع القضايا المشتركة التي نواجهها. في الدفاع عن الوجود المسيحي في الأراضي المقدسة والحفاظ على سلامة الأماكن المقدسة للعالم أجمع. 

لا يمكننا التأكيد بما فيه الكفاية على أهمية الثقة المتبادلة التي نمت بيننا. لم يسبق له أن أثبت التعاون بين رعايانا فعاليته وإنتاجيته في مهمتنا المشترك كما هو حالياً، كما أننا لا يمكن أن ننسى الدور المفصلي الذي لعبتموه في تنسيق الجهد المشترك لترميم كنيسة القيامة. 

لقد زاد الوباء مهمتنا تعقيدًا وإلحاحًا، فأصبحت مسؤولياتنا أكبر وأثقل، لذا فاحترامنا المتبادل وتعاوننا المشترك له أهمية أكثر من أي وقت مضى. لدينا ثقة تامة في أنه من خلال دوركم كبطريرك لرعية اللاتين، ستستمرون في بذل قصارى جهدكم لكل ما يجعل العلاقات أقوى وأكثر فاعلية. 

كما جميعنا يعلم، أورشليم هي الرحم الذي ولدت منه الكنيسة، وفي زماننا يمكن أن نجعل أورشليم الرحم الذي يمكن أن تنطلق منه جهود جديدة لوحدة الكنيسة. هنا في القدس، نحن شهود على الروح المسكونية الأصيلة، لأنه لا يوجد مكان آخر على وجه الأرض تحتفل فيه العديد من التقاليد المسيحية معًا في مكان واحد باحترام متبادل وتفاهم وتناغم. لكل منا تقاليده وعاداته وثقافته ولدينا فهم عميق للطبيعة الحقيقية للحوار. وغني عن البيان، يجب أن نذكر المكانة الخاصة التي يحتلها أخوتنا الأنجليكان واللوثريون في هذه الدعوة المسكونية. 

إن الإفخارستيا الإلهية هي في صميم رسالة الكنيسة، ويجب علينا ألا نفقد أبدًا انتباهنا للطريق المؤدي إلى اتحاد الكنائس الذي نصلي من أجله في كل قداس إلهي، عندما سنتشارك الكأس الالهي ونكون معاونين معا عند مذبح الرب. نحن ندرك أنه  يجب علينا تعميق تواصلنا مع بعضنا البعض، والحفاظ على هذه الروح في كل ما نقوم به. 

إننا نهنئكم بمسؤوليتكم الجديدة التي تأتي في ظروف صعبة، ونؤكد لكم صلواتنا ودعمنا، حيث نضع معًا سلامة وأمن الوجود المسيحي في أرضنا المقدسة الحبيبة والأماكن المقدسة قبل كل الاعتبارات الأخرى. 

بارك الله فيكم وفي جميع الرعايا الموكلة إلى رعيتكم.