1

غبطة البطريرك يترأس خدمة القداس الإلهي في دير القديس أونوفريوس

ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث صباح يوم أحد مرفع اللحم الموافق 7 آذار 2021 والمعروف أيضاً بأحد الدينونة الذي حسب الإنجيل المقدس يذكرنا بالمجيء الثاني للرب يسوع المسيح خدمة القداس الإلهي في دير القديس أونوفريوس التاريخي.

يقع هذا الدير بجانب بركة سلوام والحقل المعروف بحقل الدم الذي اشتراه الكهنة بالثلاثين قطعة من الفضة التي طرحها يهوذا الخائن في الهيكل، وقد خصصّوها لكي تكون مقبرة للغرباء (متى 27: 7). هذه القطعة من الأرض التي اشتريت بثمن الدم، والتي كانت المكان الذي فيه شنق يهوذا نفسه، سميت بحق بناء على ذلك حقل الدم (متى 27: 8 وأعمال 1: 19).

شارك غبطة البطريرك في القداس الإلهي سيادة متروبوليت الناصرة كيرياكوس, سيادة متروبوليت إلينوبوليس يواكيم, الأرشمندريت متايوس, الأرشمندريت نيكتاريوس والشماس الأب ماركوس.

بعد الخدمة أعدت مشرفة والرئسية الروحية للدير الراهبة باييسيا ضيافة لصاحب الغبطة وأصحاب السيادة والآباء.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في أحد مرفع اللحم 7/3/2021

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 

 فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟  فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. (متى 25: 37-40)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

     إن القراءة الإنجيلية لهذا الأحد، أحد مرفع اللحم يختص في المجيء الثاني لربنا والدينونة النهائية كما يقول الرب وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِوَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. (متى 25: 31-33)

     ويفسر زيغافينوس أقوال الرب هذه قائلاً: لقد قال الرب حول مجيئه الثاني من أجل خوف وتقويم المتهاونين والقديس يوحنا الذهبي الفم يقول: لأنهم الآن غير منفصلين بل ممتزجون كلهم معاً، لكن الانقسام سيتم آنذاك بكل دقةٍ والقديس كيرلس الإسكندري يقول: إن الخراف والتي هي مصاف المؤمنين الأتقياء الذين سيكونون محملين بثمر البر تماماً كما الخراف محملين بالصوف.

     ويذكر القديس بطرس الرسول عن مجيء يسوع المسيح الثاني الرهيب ونهاية العالم قائلاً: وَلكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَافَبِمَا أَنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟ مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الَّذِي بِهِ تَنْحَلُّ السَّمَاوَاتُ مُلْتَهِبَةً، وَالْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً تَذُوبُ.وَلكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ. (2بطرس 3: 10-13).

     فنحن مدعوون بتشجيع من هامة الرسل القديس بطرس أن نحافظ على أنفسنا أنقياء من دنس هذا العالم في جميع سيرتنا وأن ندرب ذواتنا على التقوى وجميع الفضائل أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟ (2 بطرس 3: 11) وأيضاً يحثنا القديس بطرس موجهاً كلامه لنا قائلاً: لِذلِكَ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ أَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ هذِهِ، اجْتَهِدُوا لِتُوجَدُوا عِنْدَهُ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِي سَلاَمٍ (2بطرس 3: 14).

     إن أقوال القديس بطرس الرسول الآبائية تتميز أنها من جهة تتحدث عن بر ابن الله ومن جهة أخرى عن دينونته كما يشهد بها القديس الإنجيلي يوحنا أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا، لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. (يوحنا5: 26-27) وأما يسوع فقال: أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. (يوحنا 5: 30)

     حقاً إن دينونة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح هي عادلة وذلك لأنها نابعة من بر الله وعدله التي هي بمعنى آخر قداسته كما يشهد بذلك بطرس الرسول إلى أبناء جنسه وَلكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ الْقُدُّوسَ الْبَارَّ (أعمال 3: 14).

     وبكلام آخر إن الذين يُنكرون المسيح ويرفضون حقيقته الخلاصية هؤلاء سيُدانون كما يقول القديس بولس الرسول لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ. (2تس 2: 12) كُلُّ إِثْمٍ هُوَ خَطِيَّةٌ. (1يوحنا 5: 17)

     وأيضاً إن المؤمنين بالحقيقة أي بالمسيح شمس البر يجعلون دَعْوَتَهمْ وَاخْتِيَارَهمْ ثَابِتَيْنِ. (2بط 1: 10) وهذا لأنه مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ (يع 2: 14) كما يقول القديس يعقوب أخو الرب.

     أيها الإخوة الأحبة لا يمكن التأكيد على أن لدينا إيمان بالله الحي بدون العدالة الإلهية التي تكون في الدينونة الأخيرة أي الحكم النهائي على أعمال البشر كما يقول يسوع المسيح يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. (متى 25: 37-40)

     إن إخوة المسيح الأصاغر ليسوا هم إلا من المسيح نفسه الذي لبس طبيعتنا البشرية واحتمل الموت والصلب من أجل خلاصنا فنحن كما يكرز بولس الرسول: الذين اعْتَمَدنا لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ…. فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. (رومية 6: 3، 8) ويوصي القديس يوحنا الإنجيلي قائلاً: أنه يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. (1 يوحنا 3: 16) وهذا يعني أن المسيحيون الحقيقيون يبرهنون بوضوحٍ بتحننهم وتعاطفهم من خلال تضحياتهم وأفعالهم وأتعابهم على محبتهم اللامتناهية نحو (إخوة المسيح الأصاغر) كما يكرز بطريقة ما القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلاً: دعونا نزور المسيح ونعتني بالمسيح ونطعم المسيح ونلبس المسيح ونؤوي المسيح ونكرم المسيح….. ولأن سيد الكل يريد رحمة لا ذبيحة وبما أن التحنن والرحمة أفضل من ذبيحة ألف خروف فلنقدمها اليوم لهذا السيد بواسطة الفقراء والمساكين المطروحين على الأرض حتى إذا انتقلنا من هذه الأرض يقبلوننا في المظال الأبدية بالمسيح نفسه ربنا الذي له المجد إلى دهر الدهور.

     ختاماً ومع المرتل نهتف ونقول: إذا تفطنتُ في ساعة الحساب وورود السيد المحب البشر أرتعد بجملتي. لذلك أصرخ بكآبةٍ يا حاكمي العادل الجزيل الرحمة وحدك اقبلني تائباً بشفاعة والدة الإله. آمين

مكتب السكرتارية العامة