1

غبطة البطريرك يترأس خدمة القداس الإلهي في بلدة الرينة

ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يوم الأحد الموافق 13 أيار 2021 والمعروف بأحد المُخلع خدمة القداس الإلهي في كنيسة القديس جوارجيوس في بلدة الرينة قضاء الناصرة.

في هذا اليوم تتذكر الكنيسة معجزة شفاء المُخلع عند بركة بيت حسدا,”وَبَعْدَ هذَا كَانَ عِيدٌ لِلْيَهُودِ، فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفِي أُورُشَلِيمَ عِنْدَ بَابِ الضَّأْنِ بِرْكَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ «بَيْتُ حِسْدَا» لَهَا خَمْسَةُ أَرْوِقَةٍ. فِي هذِهِ كَانَ مُضْطَجِعًا جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ مَرْضَى وَعُمْيٍ وَعُرْجٍ وَعُسْمٍ، يَتَوَقَّعُونَ تَحْرِيكَ الْمَاءِ. لأَنَّ مَلاَكًا كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَانًا فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلًا بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ وَكَانَ هُنَاكَ إِنْسَانٌ بِهِ مَرَضٌ مُنْذُ ثَمَانٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. هذَا رَآهُ يَسُوعُ مُضْطَجِعًا، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ زَمَانًا كَثِيرًا، فَقَالَ لَهُ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟» أَجَابَهُ الْمَرِيضُ: «يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ. بَلْ بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قُمِ. احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ».” يو الإصحاح 5 عدد 1-8.

شارك غبطة البطريرك في القداس البطريركي الإحتفالي سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة متروبوليت كابيتاليس إيسيخيوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, رئيس دير جبل طابور قدس الأرشمندريت أيلاريون, قدس الأرشمندريت نيكتاريوس, قدس الأب سمعان بجالي راعي الكنيسة في الرينة, آباء من أخوية القبر المقدس وآباء من مطرانية الناصرة.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الرابع من الفصح “أحد المخلع” في الرينة 23-5-2021

                   تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي  

     كان إنسانٌ طريحاً في الأسقام عند البركة الغنمية فلما شاهدك يا رب هتف: ليس لي إنسانٌ حتى إذا تحرك الماء يلقيني فيه وإلى أن أتقدم أنا فيسبقني آخر غيري ويستمد الشفاء وأما أنا فمُلقى في سقمي. فللحين ترأفت عليه يا مخلص وقلتَ له لأجلك صرت إنساناً ومن جرائك اشتملت بشرةً وتقول ليس لي إنسانٌ. ارفع سريرك ماشياً. لك يُستطاع كل شيء لك يطيع الكل لك يخضع الكل فاذكرنا جميعنا وارحمنا أيها القدوس بما أنك محب البشر. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

     إن نعمة الروح القدس أي روح طبيب النفوس والأجساد ربنا يسوع المسيح قد جمعتنا اليوم في هذه الكنيسة وهذا الموضع المقدس في مدينتكم الرينة لكي بفرحٍ وابتهاج فصحي نعيد لمعجزة شفاء الإنسان المخلع لمدة ثمانٍ وثلاثون سنة منتظراً الشفاء والعتق من مرضه.

     إن سر التدبير الإلهي في المسيح يتطلع لهدف واحد فقط ألا وهو الشفاء أي خلاص نفوس وأجساد البشر من المرض الذي هو الخطيئة كما يؤكد بوضوح مرنم الكنيسة قائلاً: لأجلك أيها الإنسان صرتُ إنساناً ومن جرائك اشتملتُ بشرةً وتقول ليس لي إنسانٌ. يقول الرب.

     في فصل إنجيل اليوم في حادثة شفاء المخلع نرى ونتعجب من قوة صبر ورجاء المخلع الذي كان له في المرض ثمانٍ وثلاثون سنة ولم يتملكه اليأس مطلقاً وذلك لأنه كان يغترف قوة ورجاءً من إيمانه بمشيئة الله لأن الرب يقول: الغَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ (لوقا 18: 27). ونقول هذا لأن هذا الإنسان المخلع لم يشفه الملاك الذي كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَانًا فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. (يوحنا 5: 4) بل المسيح سيد الملائكة كما يوضح ها مؤكداً القديس يوحنا الذهبي الفم قائلاً: بأن الملاك كان ينزل أحياناً إلى البركة ويحرك الماء من أجل الشفاء فجاء سيد الملائكة إلى نهر الأردن وحرك المياه فشفيت المسكونة كلها.

     وبحسب القديس كيرلس الأوروشليمي إن حضور المسيح بين البشر هو حضور خلاصي أي شفائي ولنسمع ماذا يقول الأب القديس قائلاً: حيثما يظهر يسوع، هناك يكون أيضاً الخلاص. إذا رأى عشاراً جالساً عند مكان الجباية يجعله رسولاً ومبشراً، إذا كان مدفوناً بين الموتى يقيمه، يعطي البصر للعميان والسمع للصم. عندما يمشي حول البركة، لا يفعل ذلك لكي يُعاين البنايات بل لكي يشفي المرضى.

     فإذا كان كلمة الله ربنا يسوع المسيح بتأنسه وتجسده من دماء النقية الطاهرة والدة الإله الدائمة البتولية مريم بالروح القدس قد ظهر في السماوات وعلى الأرض في المسكونة فالآن ظهر تحت الثرى من خلال دفنه الثلاثي الأيام وانحداره إلى الجحيم وقيامته الظافرة المجيدة كما يقول القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: عندما انحدرت الى الموت، أيها الحياة الذي لا يموت، حينئذٍ أمت الجحيم ببرق لاهوتك، وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى، صرخ نحوك جميع القوات السماويين: أيها المسيح الإله المعطي الحياة المجد لك.

    إن قيامة المسيح أيها الإخوة الأحبة قد أعلنت انتقالنا من الموت إلى الحياة وإلى الحرية أي من عبودية الخطيئة كما يكرز الرسول بولس قائلاً: لأَنَّ نَامُوسَ رُوحِ الْحَيَاةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَدْ أَعْتَقَنِي مِنْ نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ وَالْمَوْتِ. (رومية 8: 2). ويفسر ثيوذوريتوس أقوال الرسول بولس هذه قائلاً: إن ناموس الخطيئة يعني قوة الخطيئة، وأما القديس كيرلس الإسكندري فيقول: “إن ناموس الخطيئة والموت يسمى اللذات الجسدية بالفكر أو الرغبة الذي يجلب لنا كل الأنواع السيئة الخبيثة”.

     وبحسب القديس كيرلس الأورشليمي إن يسوع قد اختار المخلع وذلك لأنه كان يحمل أحمالاً ثقيلةً من الخطايا والمعاناة التي سببها له المرض لمدة طويلة من الزمن ولم يعني فقط أمراض الجسد بل أمراض النفس أيضاً لهذا فقد قال للمخلع أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟ (يو 5: 6) ويضيف أبينا القديس كيرلس قائلاً: إن الخلاص يأتي من الإيمان، حتى تُمهِّد الرغبة الطريق أمام المعجزة. لم يتكلم أحد بهذه الطريقة سوى المسيح، ولا حتى أفضل الأطباء الأرضيين. فالأطباء الذين يعالجون الأمراض الجسدية لا يمكنهم سؤال مرضاهم هكذا، أما يسوع فمع ذلك يعطي حتى الرغبة، فهو يقبل الإيمان ويمنح الإحسان بدون أجر.

إن الحدث التاريخي الحقيقي لمعجزة شفاء المخلع توضح من جهةٍ القوة الفائقة الطبيعة للمسيح الإله المتأنس لأنه شفى المخلع من المرض العضال، ومن الجهة الأخرى تبين محبة المسيح الفائقة للبشر وذلك لأنه كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم وذلك لأن هذا المخلع قد استحق الشفقة والإحسان قبل الكل عندما رآه المسيح المحسن والمحب البشر.

حقاً لقد حاز هذا المخلع على رحمة المسيح وإحسانه وذلك لأن هذا أظهر تَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَايمَانِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (أعمال 20: 21) لأن الرب عند كرازته قال توبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ». (مر 1: 15). وبكلام آخر إن التوبة تعتبر توبة حقيقية عندما تكون مقرونةً بالإيمان بالمسيح القائم من بين الأموات بأنه فادينا ومخلصنا وأنه هو وحدهُ الطريق الذي سيقودنا إلى الله لأن الرب قال «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. (يو 14: 6).

فنحن أيها الإخوة الأحبة مدعوون أن نواجه ليس فقط تجارب حياتنا المتنوعة وضيقاتها بل أيضاً أمراضنا جاعلين مخلع بيت حسدا مثلاً لكي نقتدي به الذي كان له مرض لمدة 38 سنة ومع المرنم نهتف ونقول لطبيب نفوسنا وأجسادنا أنهض يا رب، بعنايتك الإلهية، نفسي المخلعة جداً بأنواع الخطايا والأعمال القبيحة، كما أقمتَ المخلَّع قديماً، حتى إذا تخلصتُ أصرخُ هاتفاً: المجد لعزتك أيها المسيح الرؤوف.

آمين

 المسيح قام

مكتب السكرتارية العامة