1

القديسان قسطنطين وهيلانة، المُعادلان للرُّسل

مقال لِ: هبه هريمات

كان قسطنطين ابن الامبراطور قسطنطين كلوروس، الذي حكم الأجزاء الغربية من الإمبراطورية الرومانية، وزوجته هيلانة. ولد في عام 272 في مدينة نايسوس (مدينة في الجزء الجنوبي الشرقي من صربيا الحالية) من مملكة دردانيا، التي كانت دولة مستقلة في منطقة البلقان خلال العصور القديمة. بعد بلوغه سن الرابعة والثلاثين، توفي والده الامبراطور وبالتالي أُعلن قسطنطين خليفةً لعرشه.

بعد ست سنوات في الحكم، علم قسطنطين بنوايا ماكسينتيوس الذي كان يبني جيشاٌ ضده، فسار قسطنطين إلى إيطاليا؛ حيث رأى في السماء تحت الشمس بعد منتصف النهار، أثناء وجوده على رأس قواته، عمودًا مشعًا على شكل صليب مع الكلمات: “بهذا تغلب“.

في الليلة التالية ظهر له يسوع المسيح في حلم وأعلن له عن قوة الصليب وأهميته. وعندما استيقظ في الصباح، أمر قسطنطين على الفور بعمل راية الحرب على شكل صليب ونقش عليها اسم يسوع المسيح. في صباح يوم 28 أكتوبر، هاجم قسطنطين ماكسينتيوس وتغلب عليه، في حين غرق الأخير في نهر التيبر أثناء محاولته للفرار.

في اليوم التالي، دخل قسطنطين روما منتصرًا وأعلنه مجلس الشيوخ إمبراطورًا للغرب، بينما كان صهره ليسينيوس يحكم الشرق. ولكن لخبثه وحقده، اضطهد ليسينيوس المسيحيين فيما بعد. لم يهدأ قسطنطين حتى أطاح به ودمره تمامًا عام 324، وبهذه الطريقة أصبح امبراطوراً على الغرب والشرق. تحته وبفضله، توقفت كل الاضطهادات على الكنيسة والمسيحيين. فانتصرت المسيحية وأعلنت الديانة الرسمية للإمبراطورية وأطيح بعبادة الأصنام.

في العام التالي، أي في 325، دعا قسطنطين للمجمع المسكوني الأول في نيقية، والذي خاطب فيه شخصيًا لإنشاء قانون الإيمان الذي يشكل نظام إيمان المسيحية. كما أنه في عام 324، كان قد وضع قسطنطين أسس العاصمة الجديدة لإمبراطوريته في مدينة بيزنطة القديمة، وكرسها رسميًا لتلك المهمة في 11 أيار 330، وأطلق عليها اسم “القسطنطينية” نسبةً له.

منذ أن تم نقل عرش الحكم الإمبراطوري الروماني من روما (عاصمة الغرب) إلى القسطنطينية (عاصمة الشرق)، سميت بِروما الجديدة، وأُطلق على سكانها الرُّومان، واعتُبرت استمرارًا للإمبراطورية الرومانية.

توفي القديس قسطنطين في 21 أو 22 مايو عام 337، بعد أن عاش خمسة وستين عامًا، كان قد حكم منها واحدًا وثلاثين عامًا. نُقلت رفاته إلى القسطنطينية ودُفِنَت في كنيسة الرسل المقدّسة التي كان قد بناها بنفسه.

أما والدته القديسة هيلانة، فبعد أن انتصر ابنها بإيمان المسيح في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، قامت بزيارة حج إلى القدس وعندها وجدت الصليب المكرّم الذي صلب عليه ربنا يسوع المسيح.

بعد ذلك، قامت القديسة هيلانة، من حرصها الشديد على تمجيد المسيح، ببناء كنائس في المواقع التي شهدت أهم محطات حياة المسيح على الأرض، منها كنيسة القيامة وقبر السيد المسيح في القدس، كنيسة المهد ومغارة الميلاد في بيت لحم حيث ولد المسيح، وكنيسة الصعود على جبل الزيتون في القدس، بالاضافة للعديد من الكنائس الأخرى في جميع أنحاء الأراضي المقدسة وقبرص وأماكن أخرى أيضاً.

أُطلق عليها لقب “أوغوستا”، وطُبعت صورتها على العملات ذهبية وسميت مدينتان باسمها “هيلينوبوليس”، واحدة في بيثينيا وأخرى في فلسطين. توفيت من قدم العمر إما في عام 330 أو 336.

تقديراَ لما سبق، وتكريماً لمساهمة هذين القديسين العظيمين الضخمة للإيمان المسيحي الأرثوذكسي وللمسيحين، تخصص بطريركية الروم المقدسية كنيسة داخل أسوارها في البلدة القديمة في القدس، تحمل كلا اسمي القديسين: كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة؛ حيث يقام قداس إلهي بطابع احتفالي، بترأس من غبطة البطريرك الأورشليمي، في الثالث من يونيو من كل عام.