1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد النبي أليشع

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 27 حزيران 2021 بعيد النبي أليشع في أريحا في المنطقة التي عاش فيها وأكمل رسالته. 

تقيم الكنيسة في هذا اليوم تذكار النبي أليشع بن شافاط من سبط يساكر وهو تلميذ إيليا النبي وخليفته, أقام في آبل محولة في وادي الأردن, وذُكرت معجزاته ونبؤاته في سفر الملوك في العهد القديم الإصحاح الرابع. معنى إسم اليشع الله يساعد” أو “الله يخلص”.

من معجزاته أنه حول بصلاته المياة المالحة الى عذبة, وبصلاته أيضاً أقام ابن المرأة الشونمية. شاهد معلمه النبي أيليا يصعد الى السماء في مركبة نارية وخيل من نار  .حيث رفع رداء إيليا الذي كان قد سقط عنه ورجع ووقف قبالة الأردن وضرب الماء بالرداء فانفلق فعبر

في تذكار هذا النبي العظيم الذي “أشفى المرضى وطهّر البُرص” أقميت خدمة القداس الإلهي في الكنيسة المُكرسة على إسمه حيث ترأس الخدمة غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة متروبوليت كابيتاليس إيسيخيوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, الرئيس الروحي في بيت جالا وبيت ساحور الأرشمندريت إغناطيوس, الرئيس الروحي لدير جبل الأربعين الاب أونوفريوس, الأرشمندريت متايوس, الأب كيرياكوس من دير القديس جيراسيموس الأردني, الأب جبرائيل, المتقدم في الشمامة الأب ماركوس والشماس المتوحد الأب إفلوغيوس. وشارك في الترتيل الأرشمندريت خريسوستوموس باللغة اليونانية وجوقة الرعية باللغة العربية, بحضور رهبان ومصلين من أريحا والمنطقة.

أعقب القداس الإلهي وجبة طعام أعداها مُشرف دير الأرشمندريت فيلومينوس والأرشمندريت خريسوستوموس, حيث شكرهما غبطة البطريرك على الرعاية والإستقبال. ثم زار صاحب الغبطة لاحقًا دير ينبوع الحياة حيث تفقد المباني الحديثة التي شيدها الأرشمندريت خريسوستوموس.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس النبي أليشع 

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

نقرأُ في الكتاب المقدس في حكمة سليمان:” أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّفَلِذلِكَ سَيَنَالُونَ مُلْكَ الْكَرَامَةِ، وَتَاجَ الْجَمَالِ مِنْ يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ يَسْتُرُهُمْ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِهِ يَقِيهِمْ (حك 5 :15-16)

أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

أيها الزوار الأتقياء،

    إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا في هذا اليوم يوم الأحد بعد عيد العنصرة المبارك في مدينتكم التاريخية الأثرية أريحا التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس، لكي نعيد لعيد جميع قديسي المسكونة قاطبة ونكرم بالأخص تذكار القديس النبي أليشع في كنيسة ديره المقام على اسمه.

    يقول كاتب السفر المقدس: الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّ(حك 5 :15-16) وربما يتساءل أحدٌ ما قائلاً: من هم هؤلاء الصديقون والأبرار فيجيب الرب على هذا التساؤل قائلاً: كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.(مت 10 : 32-33 ).

    وبكلام آخر إذا اعترف أحدٌ بأن المسيح هو الإله المتأنس خلال حياته على الأرض فسيعترف به المسيح أمام أبيه الذي في السماوات في الحياة الأبدية أي في ملكوته، وإذا أنكر أحدٌ المسيح بأنه ليس هو الإله المتأنس والمخلص أمام الناس في العالم، فسينكره المسيح أمام الناس والملائكة القديسين في الحياة الأبدية.

    فالأبرار والصديقون هم في الأساس أولئك الذين اعترفوا بالمسيح بأنه إله تام وإنسان تام وأنه اتخذ جسداً بالروح القدس من دماء النقية والدة الإله العذراء مريم. إن الأبرار والصديقين بحسب القديس بولس الرسول هم أولئك الذين يشكلون كَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ (عب 12 :23 ) أي جميع القديسين الذين استرضوا الله منذ الدهور من رؤساء الآباء المكرمين، و محفل الأنبياء ومصاف الرسل و جوق الشهداء و طغمة النساك المجيدين ورؤساء الكهنة والمعلمين والأبرار ومحفل النسوة القديسات  لهذا فإن مرنم الكنيسة يهتِفُ قائلاً: إن كلّ الذين استشهدوا على الأرض، وقطنوا في السموات، وضارعوا آلام المسيح، وأزالوا آلامنا، قد اجتمعوا اليوم ههنا، وأظهروا كنيسة الأبكار، بما أنّها مالكة رسم العلويَّة، وهاتفة للمسيح: أنت هو إلهي. فلأجل والدة الإله، احفظني، يا جزيل الرحمة.

    لهذا فإن الصديقين سيأخذون ملك البهاء وتاج الجمال من يد الرب وهذا يعني أن الله الآب الذي يعتني بالصديقين الأبرار هو سيكافئهم في ملكوته أي ملكوت السماوات حيث سيكون جميع القديسين مُتوّجين بإكليل المجد.

    إن جميع القديسين أي الأبرار والصديقون يشملون أيضاً القديسين أنبياء الناموس الموسوي ومعهم من نكرمه اليوم القديس النبي أليشع، لهذا فإن بولس المغبوط يدعوا العدد الذي لا يحصى من الشهود “شهود الحق” ويعرضهم لنا كمثال حي لكي نقتدي ونتمثل بهم نحن المسيحيون مؤمني هذا العصر قائلاً: لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل، وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ.(عب 12 :1-2 ).

    وبإسهاب أكثر أي أننا إذ تحيط بنا سحابة كثيفة عظيمة من الناس الذين شهدوا شهادة الإيمان الحقيقي، فيلزمنا أن نرمي عنا كل ثقل الاهتمامات الدنيوية والهموم المعاشية وبالأكثر علينا أن نطرح عنا الخطيئة التي بسهولة تسحبنا وتجرنا وتفسد طبيعتنا ولنسرع بالصبر إلى الجهاد الذي وُضع أمامنا ولا يجب علينا أن نحوّل أنظارنا واهتمامنا إلا على يسوع المسيح فقط الذي هو رئيس وأساس إيماننا ويكملنا فيه.  

    ويفسر القديس يوحنا الذهبي الفم أقوال الرسول بولس هذه: لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ، إذ يقول إن الرسول بولس يعني بكلمة شهود ليس فقط أولئك الذين كرزوا بالحقيقية في العهد الجديد بل أيضاً أولئك الذين كرزوا في العهد القديم وكل الذين كانوا شهوداً لعظمة الله.

    والسؤال هنا: ما هي عظائم الله؟ هي سر الإعلان الإلهي أي سر التدبير الإلهي والذي انكشفت ظلاله للأنبياء في العهد القديم، وجوهرياً في كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، ونقول هذا لأن المسيح هو ملئ الناموس “الموسوي” والأنبياء كما يشهد الرب بذاته قائلاً: لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. (متى 5: 17).

    إن كنيستنا المقدسة كنيسة المسيح تكرم بوقار وإجلال تذكار قديسنا النبي أليشع وذلك لأنه أصبح عالماً بأسرار الله الخفية إذ سبق وتنبأ عن مجيء ربنا يسوع المسيح فصنع الله عجائب وعظائم بيد أليشع الذي صار تلميذاً للنبي العظيم إيليا التسبي. لهذا فنحن أيها الإخوة الأحبة نتضرع إلى النبي القديس أليشع ومع المرتل نهتف ونقول: لنكرمن بالأناشيد يا مؤمنون رئيسي الأنبياء وكوكبي المسكونة الإلهييّن الساطعي الضياء إيليا وأليشع ولنهتفن نحو المسيح مرنمين وقائلين امنح شعبك بتضرعات نبييّك ومع من نُعَيّد لهم أيضاً أبينا الجليل ميثوديوس المعترف بطريرك القسطنطينية والقديس كيرلس أسقف غورتيني، وبتوسلات الفائقة البركة والدة الإله الدائمة البتولية مريم غفران الخطايا وعظيم الرحمة.

كل عام وأنتم بخير

ليحفظ الرب المسكونة بأسرها من وباء الكورونا المميت

مكتب السكرتارية العامة