1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد الرسل القديسين الإثني عشر

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الثلاثاء الموافق 13 تموز 2021 (30 حزيران شرقي) بعيد جامع للقديسين الرسل الإثني عشر الأطهار. نعني بالعيد “الجامع” أي لجميع الرسل التلاميذ الإثني عشر وأيضاً جامع تعني أن المؤمنون إجتمعوا لتكريم الرسل تلاميذ السيد المسيح لدورهم في رسالة الكرازة للعالم أجمع.

الكنيسة الأورشليمية تحتفل بعيد الرسل في الكنيسة البيزنطية القديمة الموجودة في دير الرسل الواقعة على ضفاف بحيرة طبريا. هذه الكنيسة بنيت في الموقع الذي ظهر فيه السيد المسيح لتلاميذه بعد قيامته المجيدة حيث كانوا في المركب يصطادون ولم يعرفوه حينها، ثم أمرهم بإلقاء الشبكة عن يمين المركب واصطادوا سمكاً كثيراً, انجيل يوحنا الاصحاح 21 عدد 3.

ترأس خدمة القداس الإلهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, آباء من أخوية القبر المقدس وكهنة مطرانية الناصرة. قاد خوروس الترتيل الأرشمنديت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في مدينة عكا وحضر الخدمة أبناء من الرعية الأورثوذكسية في المنطقة وأبناء من الجالية الروسية.

بعد الخدمة إستضاف الرئيس الروحي للدير الأرشمندريت بارثينيوس غبطة البطريرك مع السادة الاساقفة والآباء على مائدة غذاء.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد جميع الرسل القديسين الاثني عشر المجيدين في طبريا13-7-2021

     تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

إلى كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ صوتهم، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ. (مزمور 18: 5) هذا ما يهتف به صاحب المزمور.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح، أيها المسيحيون الأتقياء،

   إن نعمة جوق الرسل القديسين المجيدين الاثني عشر قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس حيث وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى شَّاطِئِ بحيرة طبريا. (يوحنا 21: 4) حيث ههنا دير الرسل القديسين المقام على اسمهم لكي نعيد معاً لتذكارهم المقدس.

    في “سفر الرؤيا” يدعو القديس يوحنا اللاهوتي الرسل الاثني عشر بأنهم أساس المدينة المقدسة آوروشليم التي هي الكنيسة ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، والْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا”يسوع المسيح”. وَسُورُ الْمَدِينَةِ كَانَ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَسَاسًا، وَعَلَيْهَا أَسْمَاءُ رُسُلِ الْخَرُوفِ الاثْنَيْ عَشَرَ. (رؤيا 21: 1-2، 14).

    ويشير القديس الرسول بولس إلى سر الزواج بين المرأة والرجل قائلاً: هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ. (أفسس 5: 32) لافتاً وموضحاً الرسول بذلك على الاتحاد الزوجي بالاتحاد السري وغير المنفصل بين المسيح وعروسه الكنيسة، لهذا فإنه يكرز قائلاً: بأن الكنيسة هي جسد المسيح (أفسس 1: 23)، وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. (كول 1: 18) ويعلم الرسول بولس بأن الله الآب من خلال ابنه الوحيد قد أَتَحدَ الأمم باليهود في كنيسة واحدة إذ” لَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ، (أفسس 2: 20).

    ومن الشهادات الكتابية المقدسة التي ذُكرت أعلاه تتضحُ العلامة الوطيدة التي لا تنفصل بين المسيح وكنيسته من جهةٍ، ومن الجهة الأخرى العلاقة الأساسية بين الرسل وكنيسة المسيح التي هي جسده. لقد حصل الرسل القديسين على الدعوة ليس من البشر بل من يسوع نفسه إذ قال “أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ (يوحنا 6: 70) هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ. (متى 10: 16) إن هذه السلطة المعطاة للرسل تنبع من يسوع المسيح نفسه القائل لاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ. (متى 10: 19-20).

    إن في يوم العنصرة العظيم المقدس نال الرسل القديسين الفعل الإلهي غير المخلوق للروح القدس على هيئة ألسن نارية وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا. (أعمال 2: 4) وقد أوضحهم من جهةٍ آنيةً إلهية لموهبة الروح القدس ومن الجهة الأخرى كارزين بإنجيل الكلمة ومدشنين الكنائس في جميع المسكونة وسيامة الأساقفة وتعيينهم في الكنائس من قبل الرسل.

    يقول بولس المغبوط صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ. (1كور 4: 13)، فإنهم برهنوا أنهم كانوا يملكون هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ. (2كور 4: 7) إذ أنهم كانوا خُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ، (1كور 4: 1) وأنه قد أُعْطِيَتْ هذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى، وَأُنِيرَ الْجَمِيعَ فِي مَا هُوَ شَرِكَةُ السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ فِي اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. (أفسس 3: 8-9) وأضف على ذلك أن رسُل الْكَنَائِسِ، مَجْدُ الْمَسِيحِ. (2كور 8: 23).

    حقاً إن الرسل هم مجد المسيح وبالتالي هم مجد كنيسته وذلك لأنه عند دعوتهم قد أعطي لهم سُلْطَانًا عَلَى الأَرْوَاحٍ النَجِسَةٍ (متى 10: 1) وَعلى كُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ. (لوقا 10: 19) وعند صعود يسوع المسيح وانفصاله عن تلاميذه قال الرب: بِهذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ. (يوحنا 14: 26) ويفسر هذه الأقوال القديس كيرلس الإسكندري قائلاً: إن أكمل وأشمل إعلان يعطى لنا عن السر إنما يكون بواسطة المعزي أي الروح القدس المرسل من الآب باسمه وأعني باسم الابن (ربنا يسوع المسيح).

    إن هذه السلطة التي نالها الرسل من المسيح عند دعوته لهم وكذلك الكشف الكامل والأكثر دقة لسر التدبير الإلهي من خلال المعزي أي الروح القدس، روح المسيح، يثبت بوضوح عظم الرتبة الرسولية من جهةٍ والقيمة العظيمة للخلافة الرسولية المستمرة لمؤسسة الكنيسة التي هي جسد الإله المتأنس في الروح القدس من الجهة الأخرى،

     فها قد عرفنا لماذا يشكل الرسل القديسين أساس كنيسة المسيح ولماذا الآباء المتوشحين بالله قد وصفوا الكنيسة في دستور الإيمان بأنها رسولية. فنحن يا إخوتي الأحباء الذين نكرم تذكار الرسل القديسين نتضرع إلى إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ومع المرتل نهتف قائلين: لما أهلتني بإفراط محبتك للبشر وغزارة صلاحك للحضور إليّ أنا الإنسان واتخاذ الجسد يا مخلصي النور الذي قبل الدهور، حينئذٍ أظهرت تلاميذك الرسل أنواراً ثانوية يتلألأون ببرق بهائك وأرسلتهم ينيرون الخليقة كلها بنورك الإلهي، ويبتهلون إليك أن تنير وتخلص نفوسنا. هاتفين نحوك يا والدة الإله: لقد اتخذناك يا عروسة الله سلاحاً متيناً نُشهره على الأعداء واقتنيناك رجاءً ومرساةً لخلاصنا.                              آمين  

كل عام وأنتم بخير

مكتب السكرتارية العامة