1

غبطة البطريرك يبارك أبناء شبيبة رعايا البطريركية

أقميت صباح يوم الجمعة الموافق 16 تموز 2021 خدمة القداس الإلهي في كنيسة تجلي الرب في مدينة رام الله إحتفالاً بتذكار القديس ياكينثوس والقديس  أناتوليوس بطريرك القسطنطينية. أقام الخدمة قدس الأب بولس عليم من بيت جالا وقدس الأب جوارجيوس زكمان من بيت لحم وحضر الخدمة 140 شاباً وشابةً من شبيبة رعايا البطريركية من المدينة المقدسة, بيت لحم, رام الله, الطيبة, بيت جالا وبيت ساحور.

شرّف الخدمة بحضوره غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث رافقه سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, سيادة متروبوليت إلينوبوليس يواكيم, قدس الأب عيسى مصلح والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس. غبطة البيرك بارك أبناء الشببية الذين تناولوا خلال القداس الإلهي الأسرار الطاهرة, ورتلت الجوقة البيزنطية لشبيبة كنيسة رام الله.

بعد القداس الإلهي القى الأب عيسى مصلح كلمة غبطة البطريرك باللغة العربية, ثم قدم غبطة البطريرك لكل شاب وشابة أيقونة للبركة:

يقول صاحب المزمور هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا “ (مزمور133:1)

أبناؤنا الشباب والشابات المحبوبون بالرب

إن حضورنا  معكم اليوم في هذا الإجتماع الأخوي في ملتقى الشبيبة لرعايا الروم الأرثوذكس يحثنا أن نهتف مع المزمور: ” هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا”  بإتفاقٍ بإسم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح, لأن الرب قال ” لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ” (متى 18:20).

حقًا أيها الأحبة ، إن هذا المُلتقى المبارك يصير باسم مخلصنا يسوع المسيح وكنيستة التي هي جسده وَهُوَ أي المسيح رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. (كولوسي1:18).، كما يكرز القديس بولس. والكنيسة هي كالدجاجة التي “تجمع فراخها تحت جناحيها” (متى 23:37).

إن اجتماعكم له أهمية خاصة لأعضاء الكنيسة المؤمنين وهذا لأن التحديات وعلامات الأزمنة هي كثيرة جداً. فالصعوبات المناخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وبالأخص الصحية.

إن هذه الخبرة, خبرة الإضطراب في العالم وعدم الإستقرار قد عاشها الأنبياء والرسل القديسون لأن المسيح قد سبق وقال لهم: ” تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ، وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ”(لوقا 21:10-11).

وأما فيما يخص الإيمان المسيحي القويم والتعليم الصحيح فإن القديس بولس الرسول يوصي تلميذه تيموثاوس قائلاً: لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.                               

نحن أيها الأبناء الأحباء الذين ننتمي إلى الكنيسة المحلية كنيسة أورشليم أم الكنائس ، نفتخر في الرب بأن كنيستنا المقدسة الأورشليمية مؤسسة على دماء مخلصنا المسيح على الصليب، وبدايتها الرسولية على يد القديس يعقوب أخو الرب أول رؤساء أساقفة الكنيسة الواحدة المقدسة الرسولية.

علاوة على ذلك فقد أوضحنا الكنيسة كهنة وشعباً، نحن الذين يعيشون في هذه الأرض المقدسة خدامًا صادقين لشهادتها، ونعني بها المزارات والأماكن المقدسة التي تشهد على ميلاد وآلام وصلب ودفن المسيح لمدة ثلاثة أيام وقيامتة من بين الأموات، وبالأخص فنحن شهود على عمل التدبير الخلاصي.

إننا نمجد ونشكر ربنا وإلهنا لأنه منحنا كنيسة مقدسة هي كواحة للروح القدس تشرق على الارض الجرداء التي لا ماء فيها وسط قوى هذا العالم الدهري. فالنور يشرق في هذه الواحة  ” لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ” (لوقا 1:79). ” نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ، وَفَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ ” (مزمور 97:11) كما يقول المزمور.

لا نبالغ عندما نقول إن كنيسة اورشليم المقدسة هي كنيسة الإله المتجسد كلمة الله وأم الكنائس كما يقول القديس يوحنا الدمشقي، وهذا لأن الكنيسة قد أظهرت وأثبتت على مر العصور  بأنها الميناء الآمن لنفوسنا وأجسادنا من جهة والميناء الآمن للإرث الثقافي وهويتنا الدينية الوطنية من جهة أخرى. والجدير بالذكر أنه تم الحفاظ على هذه الهوية الدينية الوطنية سليمة بدون غش على الرغم من تنوع المحن والتحديات من المعارضين، كما يقول المرنم: ” لقد أذوا يا رب شعبك وأضروا بميراثك” (مز94:5). ” رَكَّبْتَ أُنَاسًا عَلَى رُؤُوسِنَا. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ، ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ.”(مز66:12)

لذلك فنحن أيها الأبناء المحبوبون في الرب، علينا واجب مقدس هو الحفاظ على هذه الوديعة والتي هي إرثنا التقافي وهويتنا الوطنية الدينية، سامعين دوماً لكلمات البار القديس يوحنا السلمي الذي يقول: “سيكون مشهدًا مثيرًا للشفقة لرؤية أولئك نجوا من بطن البحر ، يغرقون في الميناء”.

إن هذا العالم الحاضر الذي نعيش به، هو عالم العولمة والاضطراب وعالم الضلال وهذا لأن “الأيام شريرة” (أف 5:16). إن كنيسة المسيح وبطريركية الروم الأرثوذكسية الأورشليمية هي الموضع والمكان الأبرز للحماية ونقصد بالحماية أي خلاصنا, إذ أن الرب يسوع المسيح ” وَلاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ”(متى 10:28)

لأجل هذا، يحثنا القديس بولس الرسول من أجل تشجيعنا في الجهاد قائلاً: ” أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.”(أف 6:10,12)

فها هو الوقت أيها الإخوة الأحباء أبناؤنا المحبوبون بالرب لكي نعرف غنى وعمق مجد سر الكنيسة التي هي جسد المسيح والمسيح هو رأسها.

نعمة ربنا يسوع المسيح تكون معكم جميعاً

غبطة البطريرك شكر منظما اللقاء الرئيس الروحي في رام االه قدس الأرشمندريت غلاكتيون وقدس الأب يعقوب على إهتمامهما الأبوي لعقد هذا اللقاء.

مكتب السكرتارية العامة