1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الخميس الموافق 19 آب 2021 (6 آب شرقي) بعيد تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح, وأقيمت خدمة القداس الإلهي في دير التجلي على جبل طابور حيث حدث التجلي الإلهي.

وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ وَحْدَهُمْ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ تَلْمَعُ بَيْضَاءَ جِدًّا كَالثَّلْجِ، لاَ يَقْدِرُ قَصَّارٌ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يُبَيِّضَ مِثْلَ ذلِكَ. وَظَهَرَ لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى، وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ مَعَ يَسُوعَ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقولُ لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدِي، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةً، وَلِمُوسَى وَاحِدَةً، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً». لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِذْ كَانُوا مُرْتَعِبِينَ. وَكَانَتْ سَحَابَةٌ تُظَلِّلُهُمْ. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلًا: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا». فَنَظَرُوا حَوْلَهُمْ بَغْتَةً وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا غَيْرَ يَسُوعَ وَحْدَهُ مَعَهُمْ. (مر إصحاح 9).

 في تذكار هذا الحدث الذي كشف الرب به لتلاميذه ولنا جميعاً عن جمال الإنسان الأول قبل سقوط آدم وإمكانية استعادته من خلال المسيح المتجلي, ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي المسائية عشية العيد شاركه كل من سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة قطر كيريوس مكاريوس, آباء من أخوية القبر المقدس, وآباء من منطقة الناصرة والجليل. وقاد جوقة الترتيل قدس الأرشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في مدينة عكا بحضور القنصل اليوناني العام السيد إيفانجيلوس فليوراس.

بعد القداس الإلهي أعد الرئيس الروحي لدير التجلي قدس الأرشمندريت إيلاريون ضيافة متواضعة ووجبة عذاء طهر يوم العيد.

أقيمت أيضاً خدمة القداس الإلهي في دير الجثسمانية وفي رام الله من قبل رئيس أساقفة أبيلا كيريوس ذوروثيوس وقدس الأرشمندريت غلاكتيون.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح على جبل طابور 19-8-2021

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَوَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. (متى 17: 1-2)

    إن نعمة مخلصنا المسيح قد جمعتنا على جبل طابور المرتفع لكي نُعيّد للحدث العجيب العظيم لمحبة الله الآب التي لا تحد لجنس البشر والتي هي تجلي يسوع أمام تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا وأيضاً أمام النبيين موسى وإيليا وقد كان هذا الحدث قبل أربعين يوماً من آلام صليب ربنا يسوع المسيح.

    لقد أراد بطرس الرسول أن يبرهن ويؤكد تعليمه حول المسيح الذي كان يُكرِزُ ويُبشر به الرسل وأن هذا التعليم وهذه الكرازة مُؤَسّسةً ومُستندةً لا على أفكار واختراعات بشرية بل على تجربته وخبرته الشخصية إذ يورد شهادته الصادقة التي لا جدل فيها عن حضوره على جبل طابور العالي إذ يقول: أَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ.لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ.وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلًا مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. (2 بط 1: 16-18).

    عند تجلي المسيح على جبل طابور كشف وعرّف تلاميذه

     أولاً: قوته التي قبلها “التلاميذ” من الله الآب عبر مجد ابنه الوحيد، إن هذا المجد ليس هو إلا القوة والفعل غير المخلوق للنور الإلهي الذي لا يسبر غوره “الله نورٌ” (1 يوحنا 1: 5) ويكرز الإنجيلي يوحنا بما يقوله الرب «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ. (يوحنا 8: 12). إن هذه الحقيقة يؤكدها لاهوتياً وبوضوحٍ مرنم الكنيسة قائلاً: إننا بنورك الذي ظهر اليوم على تابور. أيها الكلمة النور الذي لا يستحيل. المولود من الآب النور الغير المولود. رأينا الآب النور والروح القدس النور الذي ينير الخليقة كلها.

     ثانياً: لقد عرّف الرب تلاميذه عن مجيئه وهذا يعني أن تجلي يسوع المسيح على الجبل العالي يشكل تذوقاً مسبقاً ملموساً ومرئياً لمجد ملكوت الله العتيد أن يكون كما يؤكد ويعبر عنه بوضوح المرنم قائلاً: لقد تجليت يا مخلص على جبل طابور. لكي تُشير إلى الحالة التي يصير إليها الناس في مجيئك الثاني المجيد الرهيب. وبتوضيح أكثر لقد تجليت أيها المسيح على جبل طابور لكي تبرهن وتؤكد مجدك المنتظر في حضورك الثاني الرهيب وإلى التحول الذي سيصير للمؤمنين والمسيحيين الأتقياء في المجد الأبدي.

      لقد عرّفنا الرسل القديسين الإنجيليين في تجلي المسيح عن قوة ومجيء ربنا يسوع المسيح والتي بشكل رئيسي كانت من أجل تقوية وتشديد إيمان التلاميذ بأن يسوع المسيح كما شهد له صَوْتٌ الآب مِنَ السَّحَابَةِ يقول: هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا (متى 17: 5) وهذه الحقيقة نسمعها أيضاً من مرنم الكنيسة: لقد تجليت أيها المسيح الإله على الجبل. فعاين تلاميذك مجدك حسبما أطاقوا. حتى أنهم متى أبصروك مصلوباً أدركوا أن موتك طوعيٌ باختيارك. وكرزوا للعالم بأنك أنت شعاع الآب حقاً.

    إن مجد المسيح الذي عاينه تلاميذه يتذوقه ويستمتع به جميع القديسين الذين كُتبت أسمائهم في الوطن السماوي أي كَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَات. (عبرانيين 12: 23)

    وكما يقول الرب سيتذوق مجد المسيح الأتقياء والمسيحيين الأبرار في ملكوت الله حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. (متى 13: 43). لقد أصبح معايناً لمجد المسيح اسْتِفَانُوسَ، الرَجُل المَمْلُوء مِنَ الإِيمَانِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. (أعمال 6: 5) الذي شَخِصَ إِلَى السَّمَاءِ فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. (أعمال 7: 55) وأما الرسول بولس فيعظ جميع الذين يحيون في المسيح أن يعكسوا مجد الرب قائلاً: وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ (2 كورنثوس 3 :18).

    ويفسر القديس يوحنا الذهبي الفم هذه الأقوال قائلاً: تماما كما لو تم توجيه الفضة النقية نحو أشعة الشمس فإنها نفسها ستطلق أيضاً أشعة، هكذا تتطهر نفس ” الإنسان” وتصبح أكثر إشراقاً من الفضة تأخذُ شعاعاً من مجد الروح القدس وترسله.

    وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة فنحن مدعوون أن نحيا بحسب المسيح أي أن نشارك بالفعل في حياة الكنيسة بأسرارها الإلهية كأعضاء مؤمنين أصيلين لجسد الكنيسة أي المسيح كما يقول المزمور ذَابحُ الْحَمْدِ يُمَجِّدُنِي، وَالْمُقَوِّمُ طَرِيقَهُ أُرِيهِ خَلاَصَ اللهِ (مزمور 49: 23) وهذا يعني أنه فقط في التقوى الصادقة يكمن طريق الخلاص أي تجلينا في المسيح.

    ختاماً نتضرع إلى مخلصنا يسوع المسيح الذي تجلى ههنا على جبل طابور لكي بشفاعات والدة الإله الدائمة البتولية مريم أن يشرق لنا نحن الخطأة نوره الأزلي وأن نحظى بتجلينا.

آمين

مكتب السكرتارية العامة