1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد رقاد والدة الإله

إحتفلت البطريركية الأورشليمية والكنائس الاورثوذكسية في الأراضي المقدسة صباح يوم السبت الموافق 28 آب 2021 (15 آب شرقي) بعيد رقاد الكلية القداسة والدة الإله والدائمة البتولية مريم العذراء.

في هذا اليوم تُذَكر الكنيسة  إيمانها للمؤمنين بأن العذراء الفائق قدسها التي حبلت بالروح القدس وولدت الكلمة المتجسد ربنا ومخلصنا يسوع قد رقدت ودُفنت في الجثسمانية, وإنتقلت بجسدها الطاهر بواسطة إبنها الرب يسوع المسيح الى السماء حيث تجلس عن يمينه بجسدها الكامل الممجد تتشفع للصارخين اليها وللذين يؤمنون بأنها والدة الإله التي حملت في أحشائها إله الكل.

تصف الكنيسة رقاد والدة الإله بأنه “بلا موت” ، لذلك فهي تُرنم: “يا والدة الإله أم الحياة، إن السُحب في حين رقادكِ المنزه عن الموت قد اختطفت الرسل إلى الإفق، وبعد أن كانوا مشتتين في العالم، جمعتهم مصفاً واحداً لدى جسدك الطاهر…”. يُخاطِبُ القِدِّيسُ يوحنا الدمشقي والدةَ الإله في القرن الثامن فيقول: جسدُكِ خلقَهُ اللهُ وتجسَّدَ منه.

أقيمت خدمة صلاة الغروب في يوم برامون العيد دير الجثسيمانية حيث يوجد قبر السيدة العذراء المقدس ترأسها سيادة رئيس أساقفة اللد كيريوس ذيميتريوس وصباح يوم العيد في دير الجسثمانية  ترأس غبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي  يشاركه أصحاب السادة المطارنة متروبوليت كابيتاليس كيريوس إيسيخيوس, رئيس أساقفة اللد كيريوس ذيميتريوس, رئيس أساقفة قطر كيريوس مكاريوس, متروبوليت إلينوبوليس كيريوس يواكيم آباء وشمامسة من أخوية القبر المقدس, ورتل طلاب المدرسة البطريركية مع الأب سيمون. وحضر القنصل اليوناني العام السيد إيفانجيلوس فليوراس وعدد كبير من المؤمنين من البلاد ليكرموا والدة الإله في عيد إنتقالها, وهذا العام لم تتم مشاركة الحجاج من خارج البلاد.

بعد انتهاء خدمة القداس الالهي استضاف الرئيس الروحي لدير الجسمانية رئيس أساقفة أبيلا كيريوس ذوروثيوس غبطة البطريرك مع السادة المطارنة والآباء والحضور في قاعة الدير.

كلمة غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رقاد والدة الإله العذراء مريم 28-8-2021

كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يهتف مرنم الكنيسة صادحاً: “يا لهُ من عجبٍ باهرٍ. أنَّ العذراءَ ينبوع الحياة قد وُضعت في قبرٍ. فأصبح القبر مرقاةً إلى السماء”.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    بنعمة الله ورحمته نجتمع اليوم أمام قبر الجسثمانية حيث وضع جسد الطاهرة الفائقة البركات المجيدة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم لكي نعيّد مكرمين تذكار انتقالها الموقر.

    حقاً إن رقاد والدة الإله هو عجبٌ باهرٌ لهذا فإن مرنم الكنيسة يؤكد بوضوح قائلاً: أما في ولادتكِ، فحبلٌ بغير زرعٍ، وأما في رقادكِ فموت بغير فساد، إن في ذلك قد اقترن عجبُ بعجبٍ مضاعف، لأنه كيف العادمة الزواج تُرضع طفلاً وتلبث نقيةً. أم كيف أم الإله تجهَّز بالأطياب كمائتة. فلذلك نهتف اليك مع الملاك: إفرحي أيتها الممتلئة نعمة.

    فنحن نهتف إليكِ مع الملاك قائلين: افرحي يا ممتلئة نعمةً وذلك لأنه في شخص العذراء مريم والدة الإله نُسَبّح جميعاً سر التدبير الإلهي أي تأنس وتجسد كلمة الله إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.

    إن جماهير الملائكةِ في السماءِ ونحن جنس البشر على الأرض. نطَوب رقادكِ الكلِّي الوقار. يا والدة َ الإله العذراءَ النقية التي لم تذُق خبر ةَ زواج. لأَنكِ صرتِ ُأماً للمسيحِ الإله، خالق كل البرايا يا كلية القداسة من جهةٍ وسبب تألهنا من الجهة الأخرى كما يقول مرنم الكنيسة” إنَّ التي من نسلِ داود وقَد تألهنا بها. انتقلت بمجدٍ على يدي ابنها وسيدِها انتقالاً يمتنع وصفه.”

    أواه كيف “ينبوع الحياة” تُنقلُ إلى الحياة مروراً بالموت، وكيف تلك التي تجاوزت في ولادتها حدود الطبيعة تنحني الآن تحت نواميسها، وجسدها البريء من الدنس يخضع للموت إذ في الواقع يجب أن يُنزَع ما هو مائت لارتداء عدم الفساد، لأن سيد الطبيعة نفسه لم يرفض خبرة الموت فقد مات بحسب الجسد وبموته حطم الموت وأضفى على الفساد عدم الفساد وجعل من الموت ينبوع القيامة.

    تدعى العذراء مريم والدة الإله بأنها “ينبوع الحياة” وذلك لأنها أصبحت أم المسيح، المسيح الذي هو الحياة كما يؤكد هو «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. (يوحنا 14: 6) ويكرز القديس يوحنا الإنجيلي بأن المسيح ابن الله وكلمته هو علة وينبوع الحياة إذ فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ (يوحنا 1: 4).

    وهذا يعني أنه بسبب علاقة واتحاد الناس بآدم القديم فإن جميع نسله يموتون وهكذا أيضاً من خلال علاقة واتحاد الناس بآدم الجديد الذي هو المسيح القائم من بين الأموات فإن جميع الناس سيحيون كما يكرز بولس الرسول لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ. (1كور 15: 22).

    إن والدة الإله وأم الله التي امتلأت من الروح القدس وقوة العلي ظللتها (لوقا 1: 35) تشكل بداية الأحياء، لهذا فإن موت الفائقة القداسة يتجاوز معنى ومفهوم الموت الطبيعي كما يتضح ويؤكِدُ عليه القبر الفارغ لأم الإله والذي يُشاهد ويُسجد له إلى يومنا هذا. إن هذا الحدث أي رقاد وانتقال والدة الإله الدائمة البتولية مريم يؤكد عليه بوضوح مرنم الكنيسة قائلاً: أيتها البتول الطاهرة، إن حدود الطبيعة قد غُلبت فيكِ لأن المولود بتولي والموت قد صار عربوناً للحياة، فيا من هي بعد الولادة بتول وبعد الموت حية، يا والدة الإله أنت تخلصين ميراثكِ دائماً.

    إن الفائقة القداسة والفائقة على كل البركات والدة الإله العذراء مريم أم إلهنا ومخلصنا المسيح قد صارت أم جميع البشر وبالأخص جنس المسيحيين كما يقول المزمور طُوبَى لِلأُمَّةِ الَّتِي “تُدعى باسم المسيح”، الشَّعْبِ الَّذِي اخْتَارَهُ مِيرَاثًا لِنَفْسِهِ. (مزمور 32: 12).

    فنحن أيها الإخوة الأحبة بما أننا شاكرين حقاً وممتنين لإحسان العذراء مريم الفائقة القداسة لنا، نشكرها ونتضرع إليها لكي تتشفع لابنها وإلهنا من أجل خلاص نفوسنا ونعمة وبركة قبر الفائقة القداسة أم الإله لتكن مع جميعكم.

آمين

كل عام وأنتم بخير

مكتب السكرتارية العامة