1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد ميلاد والدة الإله

إحتفلت البطريركية الأورشليمية والرعية الأورثوذكسية في بيت جالا يوم الأحد الموافق 19 أيلول 2021 (لظروف رعوية) بعيد ميلاد والدة الإله الفائق قدسها (تاريخ العيد يقع في 21 أيلول الذي يعادله 8 أيلول حسب التقويم الشرقي). وأقيمت خدمة القداس الإلهي الإحتفالي بكنيسة ميلاد السيدة في بلدة بيت جالا.

في هذا اليوم تُمجد الكنيسة الرب القدير الذي إستجاب لتضرعات القديسَين يواكيم وحنه ومنحهما ثمرة البطن بعد ان نظر الله إلى عقرهما وترّحم عليهما ورزقا بإبنة دُعيت مريم التي منها تجسد الإله الكلمة الرب يسوع المسيح. الكنيسة تُرنم بفرح “تحرر يواكيم وحنة من عار عدم الإنجاب وفساد الموت بميلادك المقدس أيتها الطاهرة”.

ترأس خدمة القداس الإلهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم, الكاماراس الأرشمندريت نيكتاريوس, آباء الرعية الأورثوذكسية في بيت جالا قدس الأب بولس, قدس الأب يوسف, قدس الأب الياس, والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس, وترتلت جوقة الكنيسة بقيادة السيد نضال سمعان. وحضر القداس الإلهي الرئيس الروحي في بيت جالا قدس الأرشمندريت إغناطيوس وعدد كبير من أبناء الرعية والقنصل اليوناني العام السيد إيفانجيلوس فليوراس.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم  كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد ميلاد العذراء مريم والدة الإله في بيت جالا

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي 

  يهتف مرنم الكنيسة قائلاً: إن أقطار المسكونة يا والدة الإله الفتاة مريم العروسة التي لم تذق خبرة الزواج تبتهج اليوم بمولدك الذي به أزلتِ عار عقر والديكِ المحزن. وحللتِ حواء الجدة الأولى من اللعنة في ولادتها.

    تفرح وتبتهج كنيسة المسيح مع الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين والصديقين والأبرار لميلاد أم إلهنا ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، لهذا فقد التأمنا اليوم في هذه الكنيسة المقدسة لكي نكرم بشكرٍ العذراء التي صارت والدة الإله وأم إلهنا.

    يقول القديس يوحنا الدمشقي: فلتطفر الطبيعة بالفرح إذ ها هي الرِخلة (أي أنثى الحمل) تأتي إلى العالم والتي بفضلها سيرتدي الراعي الخروف ويمزق أثواب الموت القديمة، ولترقص البتولية لأن البتول قد وُلدت، تلك التي قال عنها اشعياء النبي ستحبل وتلد ابناً يدعى عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.

    إن الراعي الذي سيلبس ويرتدي الخروف وسيمزق أقمصة الموت ليس هو إلا كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي كرز عنه بولس الرسول قائلاً: أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ. (2كور 8: 9) ويفسر القديس يوحنا الذهبي الفم أقوال القديس الرسول بولس هذه قائلاً: إن المقصود بالغنى هو معرفة سر حسن العبادة وتطهير الخطايا والبر والتقديس والخيرات الكثيرة التي وهبها لنا والخيرات المزمع أن يعطيها. وأما زيغافينوس فيقول إن الغنى بحسب النعمة هو التأله.

    إن النقية والدة الإله العذراء مريم التي وُلدت من يواكيم وحنة قد نقضت بمولدها لعنة آدم وحواء التي أعطيت لجنس البشر لهذا فإن القديس يوحنا الدمشقي يقول: إن الطبيعة والزمان بك يتجددان.  

    وهذا يعني أن الطبيعة البشرية والزمن يتجددون في شخص العذراء مريم والدة الإله الدائمة البتولية وذلك لأنه منها أشرق للعالم شمس البر أي المسيح الذي هو خلاص جنس البشر لأن الرب يقول: هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ. (2كور 6: 2) وذلك لأن هذا الخلاص كما يكرز القديس الرسول بطرس فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ (1بطرس 1: 10)

    حقاً لقد تمت أقوال ونبوءات الأنبياء في أبرار الله يواكيم وحنة الذي سمع الرب لأصوات تضرعهم ومنحهم مريم العذراء كفداءً عظيماً بهياً عوضاً عن حواء الأولى كما يقول القديس يوحنا الدمشقي: لقد سمع الرب تضرعات وصلوات يواكيم وحنة مانحاً إياهم مريم التي معنى اسمها السيدة فداء بهياً عظيماً عوضاً عن حواء فإن هذه الابنة ستصير شفاء الأم وهي العجنة الجديدة لإعادة الجبلة الإلهية وأصل الغصن الإلهي وابتهاج الجدين الأولين.

    إن هذا الحدث المقدس لولادة والدة الإله العذراء يكرم بشكل خاص من كنيستنا المقدسة وذلك لأن الفائقة القداسة أم الله تشكل بداية جنسنا في المسيح نحن البشر وبالأخص نحن المسيحيين وذلك لأنه من دماءها النقية تجسد كلمة الله وصار جسداً (يوحنا 1: 14)

    وبكلام آخر أيها الإخوة الأحبة المحبوبون إن من دماء النقية تأنس وتجسد كلمة الله بالروح القدس الذي شكل العجنة الجديدة لتجديد الجبلة الإلهية كما يعلم بذلك القديس العظيم أثناسيوس: أنه في شخص المسيح الواحد تم الاتحاد الذي لا يوصف بين الطبيعة البشرية وطبيعة المخلص الإلهية وطُرِد الشر الذي نتج عن تشوه طبيعة الجدين فأعاد جبلتها من العلى بفعل طبيعة كلمة الله الإلهية النارية.

    فها إن مساهمة الفائقة القداسة والبتول الطاهرة العذراء مريم في سر خلاصنا العظيم نحن البشر جعلنا نعرف الآن لماذا يكرز الرسول بولس قائلاً: وَإِنْ كَانَتِ الْبَاكُورَةُ مُقَدَّسَةً فَكَذلِكَ الْعَجِينُ! وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ مُقَدَّسًا فَكَذلِكَ الأَغْصَانُ! (رومية 11: 16). لهذا فإن مرنم الكنيسة يهتف قائلاً: ميلادك يا والدة الإله بشر وأنذر بالفرح لكل المسكونة لأن منك أشرق شمس العدل المسيح إلهنا حل اللعنة ووهب البركة وأبطل الموت وأعطانا حياة أبدية.

    إن ميلاد والدة الإله قد أنذر برسالة فرح الخلاص لكل المسكونة وفي تحية الملاك جبرائيل للعذراء مريم هتف الملاك نحوها صارخاً: افرحي يا ممتلئة نعمة الرب معك مباركة أنت في النساء. قد ختم على الرسالة الخلاصية لانقضاء لعنة الجدين الأولين من جهة وحلّ لعنة الموت والفساد أي الخطيئة بموت المسيح من جهة أخرى.

     فنحن مدعوون بشفاعات الفائقة البركات سيدتنا والدة الإله العذراء مريم لكي نكنز في قلوبنا بشارة الفرح هذه والبركة والقداسة ونعمة الروح القدس والبركات الإلهية العجائبية التي تملكها كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة.

ومع القديس يوحنا الدمشقي نهتف نحو والدة الإله قائلين: افرحي يا سراجاً وإناءً ذهبياً للبتولية متجذر عميق، وفتيلته نعمة الروح القدس وزيتهُ الجسد المقدس الذي أُخِذَ من جسدك الطاهر ومنه جاء المسيح الذي لا يعروه مساءً، انتِ يا والدة الاله يامن أنارت الحياة الأبدية لأولئك الجالسين في الظلمة وظلال الموت.

 آمين

كل عام وأنتم بألف خير

 

مكتب السكرتارية العامة