1

عيد القديس نيقولاوس في بيت جالا

إحتفلت بلدة بيت جالا الواقعة بجانب مدينة بيت لحم يوم الأحد الموافق 19 تشرين الأول 2021 (يعادله 6 كانون الأول حسب التقويم الكنسي الشرقي للبطريركية) بعيد شفيعها أبينا القديس نيقولاس الصانع العجائب أسقف ميرا ليكيه. وأقيمت خدمة القداس اإلهي الإحتفالية في كنيسة القديس نيقولاوس المليئة بالبهاء والجمال.

تقيم الكنيسة في هذا اليوم تذكار القديس نيقولاوس (القرن الرابع ميلادي) الذي عُرف بمساعده الفقراء والأرامل واليتامى, وهو شفيع البحارة المسافرين في البحر, وكما تصفه طروبارية العيد “قانوناً للأيمان وصورة للوداعة ومعلماً للإمساك”. هو من أعمدة الكنيسة الذي دافع عن الأيمان المستقيم في المجمع المسكوني الأول عام 325 ميلادي الذي قاوم بدعة وهرطقة آريوس, ورسّخ ايمان الكنيسة في أن الإبن الكلمة المتجسد هو مساوٍ لللآب في الجوهر. 

ترأس خدمة القداس الإلهي الإحتفالية غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركة سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس, الرئيس الروحي في بيت جالا الأرشمندريت إغناطيوس, الكاماراس الأرشمدريت نيكتاريوس, كهنة الرعية الأورثوذكسية في بيت جالا قدس الأب يوسف, قدس الأب بولس, قدس الأب الياس والشماس المتوحد الأب إفلوغيوس. وحضر الخدمة القنصل اليوناني العان السيد إيفانجيلوس فليوراس وعدد كبير من أبناء الرعية إكراماً لشفيعهم.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس نيقولاوس العجائبي 19/12/2021

  تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 يقول صاحب المزمور: يَا رَبُّ، مَنْ يَنْزِلُ فِي مَسْكَنِكَ؟ مَنْ يَسْكُنُ فِي جَبَلِ قُدْسِكَ؟ السَّالِكُ بِالْكَمَالِ، وَالْعَامِلُ الْحَقَّ، وَالْمُتَكَلِّمُ بِالصِّدْقِ فِي قَلْبِهِ. (مزمور 14: 1-2)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    أيضاً ومراراً كثيرة نشكر إلهنا الواحد المثلث الأقانيم الذي أهّلنا أن نلتئم سويةً في كنيسة القديس نيقولاوس أسقف ميراليكيا التي تحمل اسمه لكي نُعيّد لتذكاره الموقر.

    يتميز القديس نيقولاوس في سماء قديسي الكنيسة وذلك لأنه بحسب ما يقوله المزمور، قد برهن أنه سَّالِكٌ بِالْكَمَالِ، وَعَامِلٌ بالْحَقَّ، وَمتَكَلِّمٌ بِالصِّدْقِ فِي قَلْبِهِ (مزمور 14: 2) وعدا عن هذا فإن مرنم الكنيسة يؤكد قائلاً: لقد ظهرت يا نيقولاوس مناضلاً عن كنيسة المسيح كليّ الحماسة ينقض البدع الكفريَّة بدالةٍ ودستوراً للأرثوذكسية لجميع الناس تتشفَّع في جميع تابعي تعاليمك وارشاداتك الإلهيّة.

    حقاً إن أبينا البار نيقولاوس قد ظهر قانوناً للأرثوذكسية أي مدافعاً عن الإيمان الأرثوذكسي الحيّ وهذا لأنه سمع من جهة لوصية القديس يعقوب الرسول كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ. (يعقوب 1: 22) ومن الجهة الأخرى مُصغياً لقول الرب. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. (متى 5: 19)

    وبكلام آخر إن هذه الأقوال المقدسة قد صارت عملاً وفعلاً لطريقة حياة رئيس الرعاة الروحي للكنيسة نيقولاوس العجائبي والذي ذاع صيته إلى أقاصي المسكونة كلها، لهذا فقد سكن في مسكن الرب وحلّ في جبل قدسه الذي هو ملكوت السماوات.

    يتميز شخص القديس نيقولاوس بسمةٍ وميزةٍ خاصة من الإيمان الأرثوذكسي وربما يتساءل أحد ما قائلاً: ما هي هذه السمة والميزة الخاصة؟ إنها القداسة بحسب القديس بولس فَإِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ. (2كور 7: 1)، وبحسب القديس هامة الرسل بطرس إن هذه السمة الخاصة أيضاً هي التقديس كما يكرز هو بذلك مستشهداً بالكتاب المقدس فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ. (لاويين 20: 7)   

    إن القداسة والتقديس تعني الالتصاق بالله أي حفظ وصايا الله كما هو مكتوبٌ عن موسى وهارون وصموئيل “الذين كانوا يدعون الرب. وهو كان يستجيب لهم بعمود من سحاب وكان الله يكلمهم، لأنهم كانوا يحفظون شهادته والأوامر التي أعطاهم. (مزمور 98: 6-7). إن الشهادات المقصود بها في المزمور هي الوصايا الإلهية أي أوامر الله.

    إن هذه الشهادات أي الوصايا الإلهية قد حفظها أبينا البار نيقولاوس الملهم من الله الذي استحق أن يشترك في قداسة الله والتي هي الطهارة بحسب القديس يوحنا الذهبي الفم والأعمال الصالحة بحسب إيكومينويوس لهذا فإنّ ناظم تسبيح نيقولاوس المتوشح بالله يطلب منه معونته قائلاً: يا إنسان الله العبد الأمين وخادم الرب ورجل الشهوات والإناء المصطفى وعمود الكنيسة وقاعدتها ووريث الملكوت لا تصمت عن الهتاف إلى الرب من أجلنا.

    إن طهارة القلب والروح الرئاسي والفضائل التي بحسب المسيح قد جعلت من أسقف ميراليكيا ليس فقط كاروزاً للإيمان الأرثوذكسي ضد هرطقة آريوس في المجمع المسكوني الأول الذي انعقد في نيقية آسيا الصغرى على عهد قسطنطين العظيم سنة 325م، بل أيضاً اجتراح العديد من العجائب، لهذا فقد دُعي بالعجائبي. ويُعرف القديس نيقولاوس بأنه للمساكين نصيراً وللأيتام وللأرامل عائلاً وللعميان مرشداً.

    وكبولس آخر ظهر أبينا البار نيقولاوس غيوراً على إنجيل المسيح قائلاً على الدوام” لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ، وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِلأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ. (رومية 14: 7-8).  

    لهذا فإن أبينا البار يُنظَرُ إليه كمثالاً ونموذجاً للراعي ومعلماً للإيمان المسيحي مصلياً عَرِّفْنِي الطَّرِيقَ الَّتِي أَسْلُكُ فِيهَا، لأَنِّي إِلَيْكَ رَفَعْتُ نَفْسِي. (مز 142: 8) وعَلِّمْنِي أَنْ أَعْمَلَ رِضَاكَ، لأَنَّكَ أَنْتَ إِلهِي. (مز 142: 10) وعَلَيْكَ أُلْقِيتُ مِنَ الحشا. مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلهِي. (مز 21: 11) وسامعاً للمزمور الذي يقول وان فاض غناكم فلا تضعوا فيهِ قلوبكم (مز 61: 11) وأيضاً مطبقاً لحكمة الحكيم سليمان لاَ تَدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ. تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ. اُكْتُبْهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ، (أمثال 3: 3)

    لقد أحب أبينا البار نيقولاوس الله مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِهِ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِهِ (مرقس 12: 30) لهذا قاد الله خطواته للآراضي المقدسة زائراً وساجداً لمكان ميلاد وصلب المسيح ودفنه الثلاثي الأيام وقيامته من بين الأموات.

    ونحن أيها الإخوة الأحبة بما أننا شاهدين صادقين بعيوننا وأذاننا على الأماكن المقدسة الشاهدة على سر التدبير الإلهي فنحن مدعوون لكي نسجد للمسيح مخلصنا الذي وُلد من دماء النقية الدائمة البتولية مريم في مغارة بيت لحم فلنسجد كنسياً وليس عالمياً، روحياً وليس مادياً لأنه كما يحثنا بولس الرسول اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، (كول 3: 2) ولنكن كمجوس آخرين مقدمين هدايانا للمسيح الذي تجسد من الروح القدس والتي هي تواضع قلوبنا وتوبتنا ومسامحة بعضنا البعض لكي بقلب نقي نعيد لأم الأعياد مسبحين إلهنا وقائلين الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَفي أُناسٍ الْمَسَرَّةُ. (لوقا 2: 14)

كل عام وأنتم بألف خير

أعياد ميلادية مجيدة

وعلى مائدة المحبة ألقى غبطة البطريرك الخطاب التالي:

لقد شرَّفكَ الربُّ كثيراً مدَّة حياتكَ وبعد وفاتكَ يا رئيس الكهنة نيقولاوس فمَن ذا دعا باسمكَ المقدس فقط عن إيمانٍ كلّيٍّ ولم يُسْتَجَبْ في الحال ولم يجدكَ نصيراً حارّاً. هذا ما يتفوهُ بهِ مرنم الكنيسة.

حضرة الدكتور رمزي خوري المحترم مدير عام الصندوق القومي الفلسطيني رئيس اللجنة العليا لمتابعة شؤون الكنائس،

حضرة السيدة السفيرة أميرة حنانيا مديرة عام اللجنة المحترمة،

حضرة السيد السفير عيسى قسسيسية سفير دولة فلسطين في الفاتيكان المحترم،

حضرة السيد إيفانجلوس فاليوراس القنصل العام لليونان المحترم،

حضرة السيد نيقولا خميس رئيس بلدية بيت جالا المحترم،

حضرة السيد جهاد خير رئيس بلدية بيت ساحور المحترم،

حضرة نائب بلدية بيت لحم السيد حنا حنانيا المحترم،

السادة وكلاء الكنيسة المحترمين،

السادة رؤساء وأعضاء المؤسسات في بيت جالا المحترمين،

الحضور الكريم كل مع حفظ الألقاب والمسميات،

   إن القديس نيقولاوس أسقف ميراليكيا الحامي والمدافع العظيم عن مدينتكم التاريخية العريقة بيت جالا قد جمعنا اليوم كهنة وشعباً لكي نمجد الإله الذي مجده.                

    إن عيد القديس نيقولاوس لهُ أهمية ومكانة خاصة لكنيسة آوروشليم ولرعيتها المسيحية. وذلك لأن القديس نيقولاوس الذي نُعيد لهُ اليوم ببهجةٍ وبهاء قد زار مدينتكم أثناء زيارة حجهِ إلى مكان ميلاد مخلصنا المسيح في القرن الرابع الميلادي.

    إن حضور المسيحيين على مر العصور وبالأخص المسيحيين الروميين الأرثوذكسيين في أرض فلسطين المقدسة، يبرهن على أن المسيحيين يشكلون ملح هذه الأرض. ونقول هذا لأن كنيسة آوروشليم المقدسة وشعبها التقي يشهدون بكل قوتهم على مسيرتهم وحضورهم التاريخي المتواصل في الأرض المقدسة منذ عصر القديسين العظيمين المتوجين من الله والمعادلي الرسل قسطنطين وهيلانة إلى يومنا هذا.

     إن بطريركية الروم الأرثوذكس الآوروشليمية أي كنيسة آوروشليم وسائر فلسطين ستبقى دوماً حجر الزاوية لضمان الهوية الثقافية والدينية والقومية للمسيحيين الذين يعيشون ههنا. كما يكرز الرسول بولس. فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ، مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ. (أفسس 2: 19-20)

    حقاً أيها الإخوة الأحبة فنحن لدينا القديس نيقولاوس مواطن في هذه الأرض المقدسة ومدافعٌ عنها لهذا فإن مرنم الكنيسة يهتف قائلاً: فمَن ذا دعا باسمكَ المقدس فقط عن إيمانٍ كلّيٍّ ولم يُسْتَجَبْ في الحال ولم يجدكَ نصيراً حارّاً.

  لهذا فإن القديس نيقولاوس يدعونا جميعاً لكي نحافظ على إيماننا بدون أي نقيصة طاهراً ونقياً كما تسلمناه من الرسل القديسين سامعين لما يحثنا به القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلاً:عندما نتكلم باللاهوت لا نتكلم فلسفياً بل ننطق بحسب إيمان الرسل الصيادين.

    وبهذه المناسبة اسمحوا لي أن نرفع الكأس عالياً سائلين الله أن يمنح الجميع العمر المديد وموفور الصحة والعافية وأعياد ميلادية مجيدة وأيضاً نشكر من أعماق قلوبنا رؤساء السلطة المحلية ورؤساء الأجهزة الأمنية وبالأخص الشرطة ولا ننسى رئيسنا المحبوب رئيس الدولة الفلسطينية السيد محمود عباس طالبين الله أن يهبه الصحة والقوة آمين.

كل عام وأنتم بألف خير

مكتب السكرتارية العامة