1

الإحتفال بأحد حاملات الطيب في البطريركية

إحتفلت البطريركية الاورشليمية  يوم الأحد الموافق 8 أيار 2022 (25 نيسان شرقي) بأحد حاملات الطيب والقديس يوسف الرامي (من أريماثيا) الذي طلب من بيلاطس البنطي إنزال جسد السيد المسيح من على الصليب ولفه بكتّان ووضعه في قبر, وبتذكار النسوة حاملات الطيب اللواتي أتين الى القبر ليطوبن جسد الرب كما كانت العادة عند اليهود لكنهن وجدن الحجر مدحرجاً عن باب القبر ليصبحن شاهدات على قيامة الرب يسوع المسيح من بين الاموات.

في مدينة الرملة (أريماثيا) ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي يشاركه سيادة رئيس أساقفة يافا كيريوس ذماسكينوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة طابور كيريوس ميثوذيوس, وآباء من أخوية القبر المقدس, بحضور عدد كبير من أبناء الرعية الأوثوذكسية في الرملة والمنطقة.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد حاملات الطيب في مدينة الرملة

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يشهد القديس مرقس الإنجيلي: في ذلك الزمان جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، مُشِيرٌ شَرِيفٌ، وَكَانَ هُوَ أَيْضًا مُنْتَظِرًا مَلَكُوتَ اللهِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ.فَاشْتَرَى كَتَّانًا، فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتًا فِي صَخْرَةٍ، وَدَحْرَجَ حَجَرًا عَلَى بَابِ الْقَبْرِ. (15: 43-46)

أيها الإخوة المحبوبون

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء

تُكرم اليوم كنيسة المسيح المقدسة بإجلال ووقار تذكار النسوة القديسات حاملات الطيب وأيضاً تذكار تلميذ المسيح الخفي القديس يوسف الذي من الرامة، أي من مدينتكم الرملة، وأيضاً نيقوديموس التلميذ الليليّ. وبحسب شهادة الإنجيليين فإن النسوة الحاملات الطيب أصبحن الشاهدات بالقيامة الغير كاذبات. وأما يوسف ونيقوديموس هما شاهدا دفن ربنا يسوع المسيح وأيضاً شاهدا طبيعة المسيح الإله المتأنس.

لقد رأت النسوة حاملات الطيب أولاً القيامة وبشرن تلاميذه بذلك، بحسب السنكسار فإن النسوة قد أصبحن الشاهدات أولاً بقيامة المسيح «لاَ تَنْدَهِشْن أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. (مرقس 16: 6) وأما يوسف ونيقوديموس فقد امتازوا بجرأتهم وشجاعتهم كما يقول القديس الإنجيلي مرقس جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ، فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. (مرقس 15: 43).

أيها الأحبة إن قيامة المسيح تُشكل ملئ الناموس والأنبياء أي الإعلان والكشف عن هدف سر تجسد وتأنس كلمة الله من دماء النقية والدة الإله الدائمة البتولية مريم. وبكلام آخر إنه قد أُعطي للنسوة حاملات الطيب ولتلميذي المسيح الخفيين يوسف ونيقوديموس نعمة الشهادة وإذاعة ما سَمِعْوه، وما رَأَوهُ بِعُيُونِهم، وما شَاهَدْوهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِيهم.

إن نعمة الروح القدس هذه قد أعطيت للقديس بولس الرسول عندما دُعي لرتبته الرسولية هذا الذي كان قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا. (1تيم 1: 13) فلنصغي إليه قائلاً: أَنَا أَصْغَرَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، أُعْطِيَتْ هذِهِ النِّعْمَةُ، أَنْ أُبَشِّرَ بَيْنَ الأُمَمِ بِغِنَى

الْمَسِيحِ الَّذِي لاَ يُسْتَقْصَى، وَأُنِيرَ الْجَمِيعَ فِي مَا هُوَ شَرِكَةُ السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ فِي اللهِ خَالِقِ الْجَمِيعِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ، بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ (أفسس 3: 8-9).

نحن أيها الإخوة الأحبة أعضاء جسد المسيح أي كنيسته المقدسة التي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. (أعمال 20: 28) الذي أصبحنا نحن مساهمين ومشاركين بغنى المسيح الذي لا يُستقصى والاستنارة في شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله وفي حكمته المتنوعة.

حقاً إن كنيسة المسيح هي قبره الفارغ الخالي حيث نأخذ و”نحيا” خبرة قيامتنا مع المسيح في شركة جسده ودمه في القداس الإلهي كما يقول الرب مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ (يوحنا 6: 54). إن كنيستنا المقدسة كنيسة المسيح هي مكان وموضع “فصح الرب” حيث هذا المكان أو بالأحرى نقول القبر الفارغ الذي منه أجازنا المسيح إلهنا من موت الخطيئة والفساد إلى الحياة الأبدية ومن الأرض إلى السماء كما يقول المرنم: إنّنا معيّدون لإماتة الموت ولهدم الجحيم، ولباكورة عيشة أخرى أبديّة، وبارتكاضنا نسبحّ من هو علّة هذه الخيرات أعني به إله آبائنا المبارك والممجّد وحده”.

ويوبخ القديس بولس الرسول أولئك القائلين أنْه لَيْسَ هناك قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ (1كور 15: 12). إذ يوضح الرسول قائلاً: إذا لم يقم المسيح فإن إيمان المسيحيين عبثاً وبدون أي مضمون وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ (1كور 15: 14). لهذا فإن الرسل القديسين والإنجيليين يؤكدون على قوة الإيمان. وأما الرسول بولس فيقول: فَكَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ، مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيهِ، وَمُوَطَّدِينَ فِي الإِيمَانِ، كَمَا عُلِّمْتُمْ. (كولوسي 2: 7). والقديس يهوذا أخو القديس يعقوب أخو الرب يكتب في رسالته قائلاً: أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. (يهوذا 1: 3). ويكرز الرسول يوحنا اللاهوتي قائلاً: وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. (1يوحنا 5: 4) فلا يقدر شيء على مواجهة إيماننا والذي من خلال الأعمال يحصل لنا على الظفر كما يشرح ذلك القديس كيرلس الإسكندري.

إننا معيدون لإماتة الموت ولعيشة أخرى أي باكورة الحياة الأبدية يقول المرنم الذي أصغى لكرازة القديس بولس الرسول لكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. (1كور 15: 20). وبكلام آخر إن المسيح هو إله تام وإنسان تام وقد صار باكورة الراقدين وذلك لأنه هو أول واحد من البشر قد داس الموت تماماً كما أن آدم الجد الأول قد ولج إلى موت الخطيئة وأصبح باكورة الساقطين في الفساد، يقول القديس كيرلس الإسكندري.

وبحسب القديس غريغوريوس بالاماس فإن قيامة الرب هي تجديد الطبيعة البشرية وإعادة إحياءها وإعادة جبلها وإصعادها نحو حياة آدم الأول الخالدة التي ابتلعها الموت بسبب الخطيئة وعاد بالموت إلى الأرض التي منها جٌبلَ.

وكما أن أول من رأى آدم هي حواء وهكذا أول من رأى المسيح القائم من بين الأموات هي والدة الإله كما يؤكد القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: إن إنجيل قيامة الرب في الواقع قد قبلته أولاً والدة الإله العذراء مريم ورأت قبل غيرها من البشر القائم من بين الأموات وسجدت لهُ وتمتعت بكلامه الإلهي.

فبقيامة ربنا وإلهنا يسوع المسيح قد فُتح الدخول لملكوت السماوات أيها الإخوة الأحبة لهذا فإننا نتضرع إلى سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم الفائقة البركات وأم الله والنسوة الحاملات الطيب واللذان دفنا الرب يوسف الذي من الرامة واللاهوتي نيقوديموس لكي بتوسلاتهم يؤهلنا الرب إلهنا لملكوت السماوات.

المسيح قام

كل عام وأنتم بألف خير

على مائدة المحبة التي أعدها الرئيس الروحي في الرملة قدس الأرشمندريت نيفون وأعضاء المجلس الرعوي القى غبطة البطريرك الخطاب الآتي:

اِهْتِفِي للهِ يَا كُلَّ الأَرْض رَنِّمُوا بِمَجْدِ اسْمِهِ. اجْعَلُوا تَسْبِيحَهُ مُمَجَّدًا. (مزمور 65: 1)

أيها الآباء القديسين الأجلاء والإخوة

حضرة السيد رئيس لجنة الوكلاء وأعضاءها المحترمين

قدس الأب الأرشمندريت نيفون الجزيل الاحترام

إن نعمة تلميذ المسيح الخفي يوسف قد قادت خطواتنا إلى مدينته وموطنه الأصلي والتي هي بحسب الكتب المقدسة “الرامة” والتي تُعرف اليوم بالرملة، لكي نعيد معاً مع رعيتنا الرومية الأرثوذكسية الأتقياء الذين يحيون في هذه المدينة بفصح الرب أي دفنه الثلاثي الأيام وقيامة ربنا يسوع المسيح المجيدة 0

إن حدث اجتماعنا الفصحي المبارك كهنةً وشعباً والذي يُبرهن على القوة الجوهرية لحقيقة إيماننا المسيحي بحسب الشهادة الصادقة للإنجيلي يوحنا اللاهوتي القائل: وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءً نِعْمَةً وَحَقًّا. (يوحنا 1: 14)

إن هذا المجد مجد الابن الوحيد وكلمة الله الذي لم يزل غير مائتٍ تكرز وتعترف به بدالةٍ كنيسة المسيح المقدسة وخاصة أم الكنائس والتي هي كنيسة آوروشليم المؤسسة على مكان الجلجلة ومقدسة بدم صليبه الإلهي وقبره الجديد الفارغ والذي منه بزغت الحقيقة ونور المسيح القائم.

إن هذا النور الذي لا يعروه مساء نور مجد المسيح القائم من بين الأموات أي نور الحق والبر والسلام والمحبة، ومحبته للبشر التي لا تُحد تخدمه كنيسة آوروشليم أي بطريركية الروم الأرثوذكس على مر العصور في هذه البقعة من الأرض المقدسة عبر حضورها المنظور وغير المنظور مصغيةً دوماً لما يوصيه ربنا يسوع المسيح: لا تخافوا (متى 10: 31) فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ. (يوحنا 16: 33) وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟ (1يوحنا 5: 4-5) ونقول هذا لأنه في أيامنا هذه إن قوة الشر والإثم تعمل منذ الآن كما يكرز الرسول بولس لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ (2 تس 2: 7). ولكننا نحن أيها الإخوة الأحبة مستمدين قوةً من نور القيامة الإلهي ومن الرجاء فلا نخشى ولا نرتعد وذلك

لأنه كما يقول الرسول بولس: مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ. (تيطس 2: 13-14).

المسيح قام

كل عام وأنتم بخير

كما تم الاحتفال بهذا العيد في كنيسة حاملات الطيب في كاتدرائية القديس يعقوب أخو الرب، حيث ترأس خدمة القداس الإلهي سيادة رئيس أساقفة جرش كيريوس ثيوفانس يشاركه كهنة الكاتدرائية قدس الأب فرح بندور وقدس الأب وجوارجيوس برامكي. رتل الراهب يوسف من جبل آثوس والسيد فادي عبد النور باللغة اليونانية ، كورس الكاتدرائية بقيادة السيد ريمون قمر باللغة العربية. حضر الخدمة أبناء رعية كاتدرائية القديس يعقوب أخو الرب.

بعد القداس الإلهي أعدت جمعية نساء حاملات الطيب إحتفالاً في مطعم أوزود.

مكتب السكرتارية العامة