1

غبطة البطريرك يترأس خدمة القداس الإلهي في بلدة طرعان في الجليل

إحتفلت البطريركية الأورشلمية يوم الأحد الموافق 5 حزيران 2022 (يعادله 23 أيار شرقي) بتذكار آباء المجمع المسكوني الأول الذي إنعقد في نيقيه عام 325 للتصدي لهرطقة آريوس, وفي المجمع كتب الآباء الجزء الأول من دستور الإيمان لتثبيت العقيدة المستقيمة الرأي أن المسيح هو واحد مع الآب ومساوٍ له في الجوهر.

صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث ترأس خدمة القداس الإلهي في كنيسة القديس جوارجيوس اللابس الظفر في بلدة طرعان قضاء الناصرة يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, قدس الأرشمندرت نيكتاريوس, قدس الأرشمندريت كلافذيوس, قدس الأب إسبيريدون راعي الرعية الأوثوذكسية في طرعان, قدس الأب سمعان, وآباء من البلدات المجاورة. شارك في الترتيل باللغة اليونانية قدس الأرشمندريت أرتيموس الرئيس الروحي في حيفا وجوقة الكنيسة باللغة العربية. وحضر القداس الإلهي أبناء الرعية في طرعان والقنصل اليوناني في حيفا السيد قسطنطنين زينوفيوس.

يذكر أنه في الماضي خدم الرعية في طرعان من أخوية القبر المقدس قدس الأرشمندريت أيلاريون, وقدس الأرشمندريت تيموثاوس.

بعد القداس الإلهي إستقبل أبناء الرعية غبطة البطريرك والوفد المرافق له على مائدة غذاء.

بعد الغذاء إستضاف السيد فايز سعد (ابو رامي) وزوجته روان في منزلهما غبطة البطريرك والوفد المرافق له.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدّسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد الآباء المتوشحين بالله المجتمعين في نيقية

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يهتِفُ مرنمُ الكنيسة قائلاً” إنّ الْآبَاءَ اَلشُّرَفاءَ، اَلْكُلّيّي اَلْطوبَى، الْمُتَأَلِّهِي العُقولِ بِالْحَقِيقَةِ، قَدْ جَمَعُوا عُلومَ النَّفْسِ كافَّةً، وَفَحْصوا بِالرُّوحِ الإِلَهيِّ، قَانُونَ اَلْإِيمَانِ اَلْمَغْبوطِ الموْقِرِّ، وَدَوَّنوهُ بِكِتَابَةٍ إِلَهيَّةٍ، اَلَّتِي بِهَا عَلَّموا بِإيضاحٍ، أَنَّ الكَلِمَةَ مُسَاوٌ لِوَالِدِهِ بِاَلْأَزَليَّةِ، وَمُعادِلٌ لَهُ فِي الجَوْهَرِ بِغَايَةِ اَلتَّحْقيقِ، مُتَّبِعينَ تَعاليمَ الرُّسُلِ بِأَوْفَرِ بَيانٍ هذا.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

إن نعمة َ الروح القدس قد قادت اليوم أقدامنا إلى مدينتكم طرعان الجليل لكي نُعيد اليوم سويةً في الأحد السابع من الفصح للمجمع المسكوني الأول أعني الآباء الثلاثمائة والثمانية عشر المتوشحين بالله المجتمعين في نيقية سنة 325 م

لقد سمعنا اليوم في الإنجيل قراءة من بشارة القديس يوحنا الإنجيلي البشير والتي تتحدث عن الصلاة الكهنوتية التي وجهها الرب لله الآب من أجل تلاميذه قائلاً: أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ .حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ، وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ .أَمَّا الآنَ فَإِنِّي آتِي إِلَيْكَ. وَأَتَكَلَّمُ بِهذَا فِي الْعَالَمِ لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلًا فِيهِمْ. (يوحنا 17 :11-13)

ويدعو الرب يسوع المسيح في صلاته إلى الله أبيه لكي يبقى من جهةٍ تلاميذه متحدين معه ومع بعضهم البعض في رباط المحبة على مثال اتحاد المسيح ابن وكلمة الله مع أبيه.

ومن جهةٍ أخرى يطلب من أبيه أن يكون بداخلهم فرحاً كاملاً الذي يشعر به المسيح نفسه بقرب الله أبيه. ويفسر القديس كيرلس الإسكندري أقوال الرب هذه لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلًا فِيهِمْ متسائلاً ما هو إذاً هذا الفرح الذي يتحقق ويصير كاملاً؟ إنه المعرفة والإيمان أن المسيح ليس مجرد إنسان مثلنا بل إلى جانب كونه مثلنا ولكن بلا خطيئة فهو أيضاً الإله الحقيقي.

تُكرم كنيسة المسيح بشكل خاص تذكار الآباء القديسين المتوشحين بالله وذلك لأن أولئك الآباء قد جاهدوا كرسل آخرين للمسيح من أجل وحدة الإيمان أي تثبيت الإيمان والتأكيد على وحدة الكنيسة والذي فيه الروح القدس يضم كل شرائع وقوانين الكنيسة.

أيها الإخوة الأحبة إن آباء الكنيسة القديسين هم أولئك الذين ثبَّتوا واعتقدوا بأن الله ثالوثٌ واحدٌ غير متنقل جوهراً ولاهوتياً وللآب والابن والروح القدس جوهراً واحداً، وطبيعةً واحدة، وسلَّموا للبيعة سرَّ التكلم في اللاهوت (أي في الثالوث القدوس) بإيضاحٍ. كما يقول مرنم الكنيسة: لنمدح اليوم أبواق الروح السرية الآباء اللابسي اللاهوت الذين رتلوا في وسط الكنيسة لحناً متفق النغمة في التكلم باللاهوت بأن الثالوث واحدٌ غير منتقل جوهراً ولاهوتياً الذين استأصلوا آريوس وحاربوه ودحضوه عن المستقيمي الرأي وهم يتشفعون إلى الرب كل حين بأن يرحم نفوسنا.

إن الآباء المجتمعين في نيقية في المجمع المسكوني الأول سنة 325 قد جرّدوا كما هو معروف وحكموا على آريوس زعيم الهرطقات لأنه هو ومؤيديه قد زَاغوا عَنِ الْحَقِّ (2 تيم 2: 18) لهذا فنحن مدعوون أيها الإخوة الأحبة من الرسول بولس وكما فعل آباء كنيستنا وقديسيها لكي بحذرٍ وانتباه نعمل ما أوصى الرسول بولس تلميذه تيموثاوس اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ للهِ مُزَكُى، عَامِلًا لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلًا كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ. وَأَمَّا الأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ فَاجْتَنِبْهَا، لأَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَكْثَرِ فُجُورٍ، وَكَلِمَتُهُمْ تَرْعَى كَآكِلَةٍ .(2تيم 2: 15-17)

حقاً أيها الإخوة إن كلمتهم ترعى كآكلة في أيامنا هذه والفجور يتقدم أكثر فأكثر بما يُدعى في هذه الأيام النظام الجديد الذي هو العولمة. وهدف هذا النظام الجديد هو إنكار وإلغاء المبادئ والقيم الأخلاقية والخلاصية للإنجيل أي إنكار المسيح واسمه الذيَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ (فيلبي 2: 9) ونحن لا يجب أن نخاف وذلك لأن ربنا يسوع المسيح قبل أن ينفصل عن تلاميذه ويصعد إلى السماوات قد وعدهم قائلاً: لا أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ. (يوحنا 14: 18) لن أترككم وحيدين ويتامى سآتي عما قريب وسأكون قريباً منكم وذلك عبر المعز الآخر أي روح الحق الذي سيسكن فيكم وسيوحدكم معي كأعضاء لي أخصاء.

فها قد اتضح لنا لماذا مخلصنا يطلب من الله الآب من أجل تلاميذه لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحه كَامِلًا فِيهِمْ. (يوحنا 17: 13) فالمسيح هو فرح الكنيسة وفرح محبيه والمشتركين في جسده الكريم ودمه كما يقول اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ (متى 25: 23) وبحسب بولس الرسول وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ (غلا 5: 22).

إن هذا الفرح الذي هو ثمر الروح القدس قد فرحت به الفائقة البركات العذراء مريم والدة الإله وذلك لأن السر المكتوم عن الأجيال منذ الدهر قد أكمله المخلص

عند صعوده إلى السماوات كما يقول المرتل: لأن التي توجعت في حين آلامك أكثر من الجميع توجعاً والدياً كذلك وجب أن تتمتع أكثر من الكل بالفرح بتشريف ناسوتك أيها السيد ونحن قد حظينا به بصعودك إلى السماوات فنمجد غزارة مراحمك الصائرة لأجلنا.

ونحن أيضاً مكرمي اليوم تذكار آبائنا المتوشحين بالله الذين نقتفي نحن اعتقاداتهم الإلهية ونعبد الابن بتحقيقٍ مع الآب والروح الكلي قدسه ثالوثاً متساوي الجوهر بلاهوتيةٍ واحدةٍ.

آمين

مكتب السكرتارية العامة