1

عيد إثنين الروح القدس في البعثة الروحية الروسية (MISSIA)

إحتفلت البعثة الروحية الروسية لبطريركية موسكو في المدينة المقدسة في اليوم الذي يلي أحد العنصرة, بعيد إثنين الروح القدس الموافق 13 حزيران 2022 (31 أيار شرقي) في كاتدرائية الثالوث القدوس الواقعة في البلدة الجديدة.

ترأس خدمة القداس الإلهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه أصحاب السيادة سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم, قدس الأرشمندريت نيكتاريوس والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس من أخوية القبر المقدس, ورئيس البعثة الروحية الروسية قدس الأرشمندريت أليكساندروس مع آباء البعثة الروسية . حضر خدمة القداس الإلهي عدد كبير من أبناء الرعية الروسية وأبناء رعية البطريركية.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدّسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في عيد الروح القدس في الكنيسة الروسية في المدينة المقدسة آوروشليم

يقول الرب لتلاميذه: “وأيضاً وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي”(لو 24 :49)

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

قدس الأب الأرشمنديت ألكسندروس الجزيل الاحترام،مُمثَل صاحب الغبطة بطريرك موسكو وسائر روسيا،كيريوس كيريوس كيرلس في آوروشليم.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح،

أيها المسيحيون الزوار الأتقياء،

اليوم نعمة الروح المعزي قد جمعتنا كلنا في هذه الكنيسة المقدسة لأخوية البعثة الرسولية الكنسية الروسية لكي بشكرٍ نُعيّد سويةً للروح المحيي الكلي الاقتدار ذاته الإله أحد الثالوث المساوي للآب والابن في الكرامة والجوهر والمجد.

وبحسب القديس غريغوريوس اللاهوتي: إننا مُعيّدون اليوم عيد الخمسين ولحضور الروح ولإنجاز الوعد السابق ولإتمام الرجاء فما أشرف هذا السر بما أنه عظيم وكليّ الوقار.

حقاً ما أشرف هذا السر أي امتلاء التلاميذ من الروح القدس حيث كانوا مجتمعين في البيت جميعهم بنفسٍ واحدة. حقاً إنه سرٌ عظيمٌ وكليّ الوقار وذلك من جهةٍ لأن الرسل امتلأوا جميعهم من الروح القدس وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا. (أعمال 2: 4) ومن الجهة الأخرى إن الروح القدس هذا هو روح الابن وكلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي يضم كل قوانين وشرائعُ الكنيسة. فكما يقول الرب اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا (يوحنا 4: 24) لإنهُ بحسب القديس غريغوريوس اللاهوتي: إن الروح القدس كان دائماً ويكون وسيكون لأن ليس له ابتداءٌ ولا له بالكلية انتهاء لكنه لم يزل منتظماً مع الآب والابن ومعدوداً حياة ومحيياً.

وبحسب بولس الرسول وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّف. (غلا 5: 23) ويذكر الرسول بولس عن

مواهب الروح القدس المتنوعة وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا.لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا اعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، يَهُودًا كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيدًا أَمْ أَحْرَارًا، وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا. (1كور 12: 11-13)

في هذا الجسد الواحد قد اعتمدنا أيها الإخوة الأحبة وهذا الجسد ليس هو إلا الكنيسة التي هي جسد المسيح الذي تلقمنا فيه عبر الموهبة وشركة الروح القدس ولبسنا الانسان الجديد. لهذا فإن القديس كيرلس الإسكندري يفسر قول الرب خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ. (يوحنا 16: 7) إذ يقول لقد كان ضرورياً بالتأكيد أننا ينبغي أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية للكلمة أو بالأحرى بتركنا الحياة التي لنا أصلاً، ينبغي أن نتغير ونتحول إلى حياة أخرى وأن يتم تجديد جبلتنا إلى حياة جديدة مرضية لله. ولكن من المستحيل أن نبلغ إلى هذا بأي طريقة سوى بالشركة والمساهمة في الروح القدس. فالوقت المناسب والملائم تماماً لإرسال الروح القدس وانحداره علينا هو عندما جاء الوقت المعين بعد رحيل مخلصنا المسيح.

إن قوة وفعل الروح القدس هو ذلك الذي يضبط كل قوانين وأنظمة الكنيسة كما يقول المرتل: إن الروح القدس يرزق كل شيء يفيض النبوّة يكمّل الكهنوت، وقد علّم الحكمة للعديمي الكتابة وأظهر الصيّادين متكلمين باللاهوت يضمُّ كل شرائع البيعة. فيا أيها المعزّي المساوي للآب والابن في الجوهر والعرش المجد لك.

حقاً إن الروح القدس الذي انحدر على الرسل قد جعل قلوبهم نقية وجدد في أعماق نفوسهم روحاً مستقيماً الذي هو روح الله كما يفسر ايسخيوس وبحسب أورجانوس إنّ القلب يُبنى أولاً ويُخلق نقياً طاهراً ثم تتجدد الروح المستقيمة فيه مباشرةً في أعماقه كما يقول صاحب المزمور: قلباً نقياً أخلق فيا يا الله وروحاً مستقيماً جدد في أحشائي. (مز 50: 12)

إن هذا الروح المستقيم ليس هو إلا من روح الوحدة والسلام في المسيح. هذا هو تماماً الروح الذي يحفظ الوحدة بين المؤمنين وأيضاً بين جسد الكنيسة. وبحسب وصية الرسول بولس قائلاً: فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. (أفسس 4: 1-4). وأيضاً ينصح مسيحيي فيلادلفيا القديس أغناطيوس المتوشح بالله قائلاً: أحبوا الوحدة تجنبوا الانقسامات وتمثلوا بيسوع المسيح فقد تمثل هو أيضاً بأبيه.

ومن الجدير بالذكر بأن قوة الروح القدس قد جعلت الرسل ينطقون بألسنةٍ كل أمةٍ من الساكنين في آوروشليم في يوم الخمسين العظيم متكلمين بعظائم الله.

إن عظائم الله هذه التي هي الحفاظ وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. (أفسس 4: 3) نحن الإخوة في جميع الكنائس الأرثوذكسية مدعوون لها في كل بقاع الأرض لكي نُظهر هذه الوحدة بكل الطرق والوسائل في عالم اليوم، عالم الاضطراب والآثام والانشقاق سامعين لصوت الروح الذي يُنشد به المرنم قائلاً: إن الألسن تبلبلت وقتاً ما بسبب جسارة صانعي البرج وامّا الألسن قد حُكّمت لأجل رأي معرفة الله. فهناك لأجل الجريرة قصاص الملحدين وههنا المسيح بالروح أنار الصّيّادين في ذلك الحين اصطنع إزالة الأصوات للانتقام والآن فقد تجدّد اتفاق النغمات لخلاص نفوسنا.

فنحن أيها الإخوة الأحبة كأبناء النور للكنيسة نتضرع إلى والدة الإله أم إلهنا التي أقرضت جسداً للإله الكلمة لكي بشفاعاتها يحلُّ ويسكن فينا روح الحق ومع المرنم نهتف متضرعين وقائلين: أدركنا دائماً اقترب إلينا يا من هو في كل مكان، اقترب وكما كنتَ مع رسلك دائماً هكذا أَتْحد ذاتك مع المرتاحين إليك يا رؤوف لكيما إذا كنا مُتّحدين بك نُسبّح ونمجد روحك الكليَّ قدسه.

آمين

كل عام وانتم بالف خير

مكتب السكرتارية العامة