1

عيد القديس أبينا البار أونوفريوس المصري

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم السبت الموافق 25 حزيران 2022 (يعادله 12 حزيران شرقي) بعيد القديس البار أونوفريوس المصري. في هذا اليوم تقيم الكنيسة تذكار هذا القديس البار الذي جاء من مصر الى الأرض المقدسة وتنسك في الصحراء مثل النبي إيليا والقديس يوحنا المعمدان في كهف لمدة ستين عامًا في عزلة صارمة وأصبح معروفاً لدى الآباء عندما وجده القديس بافنوتيوس.

تم الإحتفال بتذكار القديس في الدير المقدس التاريخي المُكرس على إسمه الذي يعود بناءه الى القرن الخامس للميلاد ويقع بالقرب من بركة سلوام في حقل الخزاف الذي اشتراه سنهدريم اليهودي لدفن الأجانب بالثلاثين قطعة من الفضة التي أعادها يهوذا إليهم بعد تسليمه الرب يسوع المسيح (متى 27: 1-11).

في كنيسة الدير داخل صخرة وهو المكان الذي فيه عاش القديس ترأس سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس خدمة صلاة الغروب عشية العيد, ويوم العيد صباحاً ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي يشاركه أصحاب السيادة, متروبوليت كابيتولياذا إيسيخيوس, رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, آباء من أخوية القبر المقدس من آباء متوحدين وشمامسة, بالإضافة الى آباء من دير آبلو من مطرانية باترا في اليونان . وحضر خدمة القداس الإلهي القنصل اليوناني في القدس السيد إيفانجيلوس فليوراس وعدد من الرهبان والراهبات وزوار الدير من المدينة المقدسة وحجاج من الخارج, وخلال القداس القى غبطة البطريرك وعظة روحية.

 بعد القداس الإلهي أُقيمت الدورة حتى قبر القديس يوفيناليوس بطريرك أورشليم  ثم صلاة النياحة عن روح مؤسسة الدير الراقدة الراهبة سيرافيما وبارك غبطة البطريرك العنب والتين, ثم إستضافت رئيسة الدير الراهبة باييسيا غبطة البطريرك مع الأساقفة والآباء والحضور في قاعة الدير.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس أبينا البار أونوفريوس 

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يقول الحكيم سليمان: أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّ. فلِذلِكَ سَيَنَالُونَ مُلْكَ الْكَرَامَةِ، وَتَاجَ الْجَمَالِ مِنْ يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ يَسْتُرُهُمْ بِيَمِينِهِ وَبِذِرَاعِهِ يَقِيهِمْ. (حكمة سليمان 5: 15-16)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها الزوار الأتقياء

إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في هذا المكان التاريخي والذي ورد ذكره في الكتاب المقدس الذي هو حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ والمعروف «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ. (متى 27: 7-8) حيث الدير المقام على اسم أبينا البار القديس أونوفريوس لكي نعيّد بتقوى لتذكاره الموقر.

ينحدر أبينا البار أنوفريوس من مصر، وإذ كان يسمع عن سيرة حياة النساك العظام المقتدين بإيليا النبي والقديس يوحنا المعمدان غادر إلى الصحراء ولبث فيها ستين سنة لا يرى فيها وجه إنسان، كما يقول كاتب سنكساره الذي يستند على شهادة البار بفنوتيوس الذي التقى بأبينا البار أونوفريوس في عمق الصحراء.

ينتمي أبينا البار أونوفريوس إلى جوق الأبرار والصديقين الساكنين في ملكوت السماوات كما يقول الحكيم سليمان أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَسَيَحْيَوْنَ إِلَى الأَبَدِ، وَعِنْدَ الرَّبِّ ثَوَابُهُمْ، وَلَهُمْ عِنَايَةٌ مِنْ لَدُنِ الْعَلِيِّ (حكمة سليمان 5: 15) لهذا فإن مرنمه يؤكد بوضوح قائلاً: لقد اتْحدت نفسك بالله، بمحبتك به أيها المثلث الغبطة، فشاركت ملكوته وحصلت على الخيرات السماوية ونهر الحياة حيث لحن المعيدين البهي في الفرح السرمدي”

نَاظِرِاً إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ المسيح. (عبرانيين 12: 2) وسامعاً لما يحثه ويوصينا به الرب قائلاً: اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. (متى 6: 33) لهذا فقد كرّس أبينا البار أونوفريوس نفسه من كل قلبه ومن كل ذهنه طالباً ملكوت الله كما يقول صاحب المزمور سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي، وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ. (مزمور 36: 5-6)

حقاً إن إتمام، أي تطبيق البار أونوفريوس لوصايا الرب بالقول والفعل قد جعلته مثالاً للبر والقداسة يسطع نوراً. كما يقول القديس العظيم أثناسيوس.إن معرفة الله وفعل وقوة الروح القدس المنيرة هما اللتان أوضحتا أبينا البار أونوفريوس باراً وتقياً كما يقول كليمس الاسكندري إن من يعرف الله هو بارٌ وتقيٌ.

وكما يوصينا بولس الرسول وبكلام آخر فإن القديس البار أونوفريوس قد خلع الإنسان القديم الفاسد بشهوات الخديعة، وجدد ذهنه بالروح ولبس الإنسان الجديد المخلوق في البر وقداسة الحق لهذا فإن مرنم الكنيسة يقول: لقد تشرّبت في قلبك النور العقلي السماوي يا أنوفريوس المغبوط، فأصبحت مقراً للثالوث القدوس الطاهر، والآن فقد أُحصيتَ مع الملائكة تهتف: هللويا

ويُشير أب الكنيسة كليمس الاسكندري عن الانسان التقي أي إنسان الله البار والصديق قائلاً: إن كل حياة البار والصديق ستكون عيداً مقدساً وعلى سبيل المثال فإن تضحيات الصديق والبار هي الصلوات والترانيم والقراءة وقبل الأكل دراسة الكتب المقدسة والمزامير وأما التسابيح عند الأكل وقبل أن يخلد إلى الراحة يصلي في الليل موحداً نفسه مع الجوقة الإلهية من خلال الذكر الدائم لله والمعاينات الإلهية.

من خلال تنسكه في الصحراء وذكره الدائم لاسم الله والصلاة والعبادة المستمرة بحسب ما هو مكتوبٌ أَنْ نَعْبُدُهُ بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. (لوقا 1: 74-57) لهذا فإن المغبوط أونوفريوس قد ارتقى إلى معاينة مجد الله تماماً كالرسل القديسين في يوم تجلي الرب على جبل ثابور.

وبكلام آخر فإن المغبوط أنوفريوس قد وحّد نفسه مع الجوقة الإلهية صائراً محادثاً مع الملائكة ومشاركاً الأبرار والصديقين ومشتركاً ومساهماً ووارثاً للمجد الإلهي.

فنحن أيها الإخوة الأحبة مكرميه ومعيدين لتذكار أبينا البار أونوفريوس الموقر مدعوون لكي نفتخر بفضائله ونقتدي بها وذلك لأنه قد ظهر نور الحق في المغبوط أونوفريوس وفي جميع القديسين والأبرار، نور الحق الذي هو الحقيقة الحية لإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.

ختاماً إننا نتضرع لأبينا البار أونوفريوس لما لهُ من الدالة لدى الرب لكي مع شفاعات وتوسلات لكي مع تضرعات سيدتنا المجيدة الفائقة البركات والدة الإله الدائمة البتولية مريم يتشفعوا من أجل خلاص نفوسنا.

آمين

مكتب السكرتارية العامة