1

عيد النبي اليشع في البطريركية

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الإثنين الموافق 27 حزيران 2022 (يعادله 14 حزيران شرقي) بعيد النبي أليشع.

حسب العهد القديم سفر الملوك, ولد النبي أليشع آبل محولة في وادي الأردن. دعاه إيليا النبي عندما كان يحرث في حقل أبيه. تبع إيليا النبي وأصبح وأصبح محسنًا لأهل منطقة أريحا والأردن من خلال الآيات والمعجزات التي وهبها الرب له.

عندما ذهب إيليا إلى ما وراء الأردن ليُنقل إلى السماء ذهب أليشع وضرب برداء أيليا مياه الأردن فانفلق الأردن وانشطر وعبر اليشع إلى الجانب الغربي من النهر وشاهد معلمه النبي إيليا صاعداً إلى السماء على مركبة نارية.  في أريحا قرب دير الأربعين حول المياة غير الصالحة لمياة عذبة. ويسجل لنا العهد القديم معجزات قام بها اليشع أكثر من أي نبي آخر. رقد بالرب عام 839 قبل الميلاد.

في الدير المكرس على إسم النبي أليشع في أريحا ترأس خدمة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي يشاركه سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة هيرابوليس كيريوس إيسيذوروس, قدس الأرشمندريت كيرياكوس من دير القديس جيراسيموس, قدس الأرشمندريت كلافذيوس وقدس الأرشمندريت أونوفريوس من دير جبل الأربعين, وقدس الأب نيكتاريوس.  قام بالترتيل الشماس الأب سيميون والأرشمندريت خريسوستوموس والسيد فاراكلاس باللغة اليونانية وجوقة رعية أريحا باللغة العربية. وحضر القداس مؤمنون من أريحا والمنطقة وحجاج من اليونان.

بعد القداس الإلهي قرأ غبطته صلاة من أجل مباركة العنب, وظهراً أعد مشرف الدير الأرشمندريت فيلومينوس مادبة غذاء.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس النبي أليشع في مدينة أريحا 27/6/2022

تعريب قدس الأب الإيكونومس يوسف الهودلي

لقد نلتَ النعمةَ من الروح القدس مضاعفةً. فظهرت نبياً وصانع عجائب في كل الأقطار. تُنقذ ممتدحيكَ من الخطوب والأهوال. وتمنح نعمة عجائبك لقاصديها عن إيمانٍ. وللهاتفين نحوك: السلام عليك أيها النبي العجيب. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.

إخوتنا المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

أيها الزوار الأتقياء،

إن كنيسة الله تزدان اليوم مسرورةً ولاسيما كنيسة آوروشليم مكرمةً التذكار الشريف الموقر للقديس النبي أليشع، في هذا الدير الذي يحمل اسمه الملاصق لأطراف نهر الأردن، أي مدينة أريحا التاريخية العريقة.

لقد مُسِح أليشع نبياً بأمر الله و ذلك من قِبلِ القديس النبي إيليا خلفاً له كما يشهد بذلك كتاب سفر الملوك المقدس فَقَالَ الرَّبُّ لإيليا : «اذْهَبْ رَاجِعًا فِي طَرِيقِكَ إِلَى بَرِّيَّةِ دِمِشْقَ، وَادْخُلْ ..وَامْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ. فَذَهَبَ إيليا مِنْ هُنَاكَ وَوَجَدَ أَلِيشَعَ الثَّانِي عَشَرَ. فَمَرَّ بِهِ وَطَرَحَ رِدَاءَهُ عَلَيْهِ. فَتَرَكَ الْبَقَرَ وَرَكَضَ وَرَاءَ إِيلِيَّا وَقَالَ: «دَعْنِي أُقَبِّلْ أَبِي وَأُمِّي وَأَسِيرَ وَرَاءَكَ ..ثُمَّ قَامَ ( أليشع) وَمَضَى وَرَاءَ إِيلِيَّا وَكَانَ يَخْدِمُهُ.( 3 ملوك 19 : 15-21 ) وبحسب سيراخ بأنه عندما صعد إيليا النبي فإن أليشع قد امتلئ من روح إيليا إذ يقول: وَتَوَارَى إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ؛ فَامْتَلأَ أَلِيشَاعُ مِنْ رُوحِهِ. (حكمة سيراخ 48 :12)

يتميز القديس أليشع الصديق بين الأنبياء القديسين بشكل عام وشخصيته الدينية بشكل خاص أيضاً فمن جهةٍ قد أظهر نشاطاً اجتماعياً كبيراً وقوياً ومن جهةٍ أخرى اجترح العديد من العجائب والتي يتميز بينها: ان مياه نهر الأردن قد انفلقت إلى هنا وهناك برداء إيليا (4 مل 2: 14)، وتحويل المياه الرديّة في أريحا إلى مياه صالحة للشرب (4 مل 2 :19-22)، وشفاء نعمان رئيس جيش ملك آرام من البرص (4 مل 5 :1-14).

إن إلقاء رداء إيليا على أليشع يرمز إلى دعوة أليشع إلى الرتبة النبوية التي استمد منها القوة والقدرة الإلهية أي السلطة كما هو مكتوب من صاحب المزمور قائلاً: النور أشرق للصديقين (مزمور 96: 11). وهذا يعني بحسب القديس كيرلس الإسكندري: أن النورَ قد أشرقَ أيّ قد بزغَ أمّا في الإنسان الصالح والبار فإنّ النورَ الإلهيّ يُشرقُ في قلبهِ وعقلهِ على الدوام.

ويمدح ويغبط الحكيم سيراخ القوة والسلطة الروحية لأليشع قائلاً: وَفِي أَيَّامِهِ لَمْ يَتَزَعْزَعْ مَخَافَةً مِنْ ذِي سُلْطَانٍ، وَلَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهِ أَحَدٌ. لَمْ يَغْلِبْهُ كَلاَمٌ، وَفِي رُقَادِ الْمَوْتِ، جَسَدُهُ تَنَبَّأَ.صَنَعَ فِي حَيَاتِهِ الآيَاتِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ الأَعْمَالَ الْعَجِيبَةَ. (حك. سيراخ 48 :12-14). وبتوضيح أكثر أي عندما امتلأ أليشع من روح إيليا لم يضطرب خوفاً من أي رئاسةٍ أو نفوذ ولم يستطع أحدٌ أن يتسلط ويُهيمنُ عليه، عاملاً في حياته المعجزات وبعد مماتهِ اجترح العجائب العظام.

وقد سمعنا أيها الإخوة الأحبة في قراءة انجيل اليوم من بشارة القديس لوقا الإنجيلي بأن المسيح عندما كان في الناصرة يعلِمُ في المجمع، فإنه يذكر بشكلٍ خاص النبي إيليا وتلميذه أليشع وذلك، لأن إيليا قد أُرسل إلى صرفة صيدا إلى امرأة أرملة وأما أليشع فقد شفى من البرص فقط نعمان السرياني (لوقا 4: 25-27). ومن الجدير بالذكر أن كلاهما أي، المرأة الأرملة ونعمان السرياني هما من الأمم أي الوثنيين.

ومن خلال ذكر تلك الحوادث فإن يسوع يشير بأن الأنبياء إيليا و أليشع قد سبق وتنبأوا بالمسيح الإله أي بابن وكلمة الله. ومن الجهة الأخرى أنهم كرزوا بالكنيسة للأمم أي للوثنيين الذين كانوا عتيدين أن يقبلوه (أي المسيح) ويتطهروا من برصهم الروحي كما يقول القديس كيرلس الإسكندري.

لقد أوحيَ للأنبياء من الروح القدس أن يطلبوا ويبحثوا عن المسيح المخلص ليس بشوقٍ كبيرٍ فقط بل أن يعرفوا عنه أيضاً كما يقول بطرس الرسول بأنهم قد: طلبوا الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. (1 بط 1 :10)

ويُفسر أقوال الرسول بطرس هذه إيكومينيوس قائلاً: إن روح المسيح يُوحّد ويتحدث لاهوتياً عن المسيح، وأما ثيوفيلكتوس فيوضح قائلاً: أن روح المسيح القدوس هو الناطق بالأنبياء كما يقول الكتاب.

حقاً إن الروح القدس، روح المسيح هو الذي أنار ذهن وقلب قديسُنا النبي أليشع، لها فإن مرنم الكنيسة يهتف قائلاً: لقد طهّرت عقلك من ملاذّ الجسد يا أليشع الكليُّ الحكمة. فاقتبلت أنوار الروح القدس. فاستنرت كلُّك. ووهبت منها للأعقاب ومن ثم حللت في النور الذي لا يغرب تبتهل على الدوام من أجلنا نحن ممتدحيك.

في هذا النور الذي لا يغرب أي في ملكوت السماوات قد سكنَ من نُعيّد له اليوم أليشع الشريف الموقر وأبينا في القديسين ميثوذيوس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينية وجميع القديسين وأبرار الله الذين لَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. (رؤيا 12: 12) كما يقول القديس يوحنا اللاهوتي.

ختاماً نتضرع أيها الإخوة الأحبة إلى الله وأب الأنوار لكي بشفاعات سيدتنا الفائقة البركات والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتوسلات أبينا القديس أليشع أن يؤهلنا الرب إلهنا أن نسكن في النور الذي لا يغرب نور مجد المسيح.

آمين

مكتب السكرتارية العامة