1

البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد النبي ايليا (مار الياس)

إحتفلت البطريركية الاورشليمية يوم الثلاثاء الموافق 2 آب 2022 (يعادله 20 تموز شرقي) بعيد النبي ايليا التسبيتي.

في هذا اليوم تقيم الكنيسة حسب ما ذكر في العهد القديم في سفر الملوك وكذلك في العهد الجديد في رسالة القديس يعقوب, تذكار القديس المجيد ايليا النبي الذي يرجع إصله من تسبيت, رجل الله الذي كان مملوءاً غيرة على إيمانه بإله إسرائيل على أنه هو الإله الحي الحقيقي لذلك دُعي بالغيور. كان لهذا النبي العظيم إيمان عميق وتقوى قوية لدرجة أن الرب سمع صلاته وحبس الأمطار لمدة ثلاث سنوات وبصلاته أيضاً فُتحت أبواب السماء وهطلت الأمطار ثانية. سمع الله صلاته وتحدا ايليا انباء البعل وانزل ناراً من السماء واكلت ذبيحة التقدمة التي قدمها على جبل الكرمل. 

بالنسبة للكنيسة  إيليا هو ” الملاك بالجسم، قاعدة الأنبياء وركنهم، السابق الثاني لحضور المسيح، إيلياس المجيد الموقر، لقد أرسلت النعمة، من العلى لأليشع، ليطرد الأسقام، ويطهر البرص، لذا يفيض الأشفية لمكرميه دائما” (طروبارية العيد).

كانت نهاية النبي إيليا أنّه عبر وتلميذه أليشع الأردن. وفيما هما يسيران ويتكلّمان إذا مركبة من نار وخيل من نار فصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلى السماء

اقيمت خدمة القداس الالهي بهذه المناسبة في دير النبي ايليا الواقع على الطريق ما بين القدس وبيت لحم حيث ترأس خدمة اقداس الإلهي سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس, يشاركه أصحاب السيادة رئيس أساقفة سبسطية كيريوس ثيوذوسيوس, سيادة رئيس أساقفة مادبا كيريوس أريستوفولوس, قدس الأرشمندريت ميلاتيوس, كهنة كاتيدرائية القديس يعقوب أخو الرب قدس الأب فرح وقدس الأب جوارجيوس, وآباء من بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور. رتل خورس كاتيدرائية القديس يعقوب أخو الرب الترانيم الكنسية  بحضور السيدة كريستينا زحريوذاكيس عن القنصلية اليونانية في القدس وعدد من المصلين من المناطق المجاورة. 

بعد القداس أعد مشرف الدير الراهب أخيليوس ضيافة لأصحاب السيادة والآباء والحضور, وظهراً إستقبلهم على مائدة غذاء إحتفالاً بعيد شفيع الدير.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس النبي إيليا التسبيتي 2-8-2022

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يقول مرنم الكنيسة: أيها النبي إيليا نعلم أنك إناءٌ مملوءٌ بالروح الإلهي وملاكٌ أرضي مملوءٌ بنار الغيرة الإلهية موبخاً الملوك وماسحاً الأنبياء وذابحاً بالسيف كهنة الخزي، لهذا فإننا نهتف إليك ضارعين نجنا من عار المستقبل وخزيه.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

إن التذكار الحافل البهيج للذي صعد إلى السماء على مركبة نارية القديس النبي المجيد إيليا التسبيّ، الذي جمعنا اليوم في هذه الكنيسة المقدسة الموقرة، لكي بشكر وتمجيدٍ نُمَجّد المسيح إلهنا الذي مَجَّدَه.

يتميز إيليا النبي بحماسته الإلهية المتقدة وإدراكه لغيرته كما يؤكد مرنم الكنيسة قائلاً: إن إيليا الغيور المتسلط على الأهواء، ظهر بأفعاله ملاكاً متجسداً وإنساناً لا جسد له.

إن الأفعال النبوية المختلفة لإيليا قد جعلت منه “رجل الله” وذلك بحسب شهادة أرملة صرفت صيدا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لإِيلِيَّا: «هذَا الْوَقْتَ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَجُلُ اللهِ، وَأَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ فِي فَمِكَ حَقّ (3 ملوك 17 :37) وعدا عن هذا فإن القديس لوقا الإنجيلي يؤكد قائلاً عن يوحنا المعمدان إنه يَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ، وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ، لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا (لو 1: 17).

ويفسر زيغافينوس هذا الفصل الإنجيلي قائلاً: إن الكتاب المقدس يسمي الموهبة النبوية بالروح والقوة بالفعل، ويقول بأن الروح والقوة التي لإيليا النبي سيحوز عليها “القديس النبي يوحنا المعمدان” وأما أوريجانوس فيقول: لم يقل إن يوحنا المعمدان سيكون له “نَفْس” إيليا إذ لا وجود لشيء اسمه تقمص أو تناسخ الأرواح، بل سيكون ليوحنا المعمدان ذات القوة والروح التي كانت لإيليا أي أن الإثنين متشابهين في الروح والقوة. فإنه كان لإيليا أيضاً كما كان لكل الأنبياء القوة والروح أي الموهبة الروحية وما حدث لإيليا حدث أيضاً ليوحنا المعمدان في الروح والموهبة النبوية.

والقديس الرسول يعقوب أخ الرب يستشهد في رسالته الجامعة بالقديس النبي إيليا كمثال لقوة الصلاة قائلاً: طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ

الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا. (يعقوب 5: 16-17)

إن كاتب سنكسار نبيينا إيليا العظيم الاسم يقول: لقد غار إيليا من أجل مجد الله غيرةً تقارن بالنار وكان كلامه وتعليمه متوقداً كالمشعل، لهذا فقد سُمي بالغيور لأنه كان مليئاً بالغيرة الإلهية ووبخ بشدة عبدة الأوثان وزعماء معصية عصره.

ومن الجدير بالذكر الحدث الذي صار من النبي إيليا عندما نزلت ناراً من السماء على جبل الكرمل حيث أحرقت الذبيحة المقدمة لله أمام كل الشعب من أجل معرفة الحقيقة كما يشهد الكتاب المقدس وَكَانَ عِنْدَ إِصْعَادِ التَّقْدِمَةِ أَنَّ إِيلِيَّا النَّبِيَّ تَقَدَّمَ وَقَالَ. اسْتَجِبْنِي يَا رَبُّ اسْتَجِبْنِي، لِيَعْلَمَ هذَا الشَّعْبُ أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلهُ، وَأَنَّكَ أَنْتَ حَوَّلْتَ قُلُوبَهُمْ رُجُوعًا». فَسَقَطَتْ نَارُ الرَّبِّ وَأَكَلَتِ الْمُحْرَقَةَ وَالْحَطَبَ وَالْحِجَارَةَ وَالتُّرَابَ، وَلَحَسَتِ الْمِيَاهَ الَّتِي فِي الْقَنَاةِ. فَلَمَّا رَأَى جَمِيعُ الشَّعْبِ ذلِكَ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَقَالُوا: إن الرَّبُّ الإله هُوَ الإله حقاً. (3 مل 18: 35-39)

وأيضاً لقد شقّ إيليا مجاري نهر الأردن وعبر هو وتلميذه أليشع على اليابسة وبينما هو يتحدث معه اختطفته فجأة مركبة نارية وصعد كأنه إلى السماوات أي إلى الفضاء، في مكان لا يعلمه إلا الله وحده (4ملوك 2: 11) وهذا لأنه كما يقول الرب في إنجيل يوحنا وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ. (يوحنا 3: 13).

إن النبي إيليا أيها الإخوة الأحبة له مكانة خاصة بين أنبياء وأبرار الناموس الموسوي أي العهد القديم. لقد قيل بحقٍ أنه يُشبه الشخصيات العظيمة كموسى ويوحنا السابق المعمدان، ويُعتبر صورةً للمسيح. لقد ظهر إيليا مع موسى عند حدث تجلي مخلصنا المسيح على جبل طابور. فإيليا والسابق يوحنا المعمدان يُعرفا بأنهما كاروزين ناريين للتوبة.

إن إيليا التسبي قد ورد ذكره من النبي ملاخيا ككارز للتوبة قبل مجيء المسيح الثاني قَالَ رَبُّ الْجُنُود هأَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا النَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الْيَوْمِ الْعَظِيمِ وَالْمَخُوفِ، فَيَرُدُّ قَلْبَ الآبَاءِ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ الأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ الأَرْضَ بِلَعْنٍ. (ملاخي4: 4-5)

لقد أكد الرب يسوع المسيح مرات عديدة بأن إيليا التسبي سيأتي عند نهاية العالم كما أن يوحنا المعمدان قد أتى عند مجيئه الأول وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ (لوقا 1: 17) لكي يرد قلوب الأبناء على الآباء بكرازة التوبة.

ويُفسر القديس كيرلس الإسكندري أقوال الإنجيل التي سبق ذكرها قائلاً: كما أن القديس يوحنا المعمدان قد نادى كارزاً بالتوبة قائلاً: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا

سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً (متى 3: 3) كذلك الأمر فإن القديس النبي إيليا التسبي القريب من الرب قد كرز حينها (ولم يكن الرب قد أتى بعد) أنه سيأتي ليدين المسكونة بالعدل.

فنحن أيها الإخوة الأحبة نكرم اليوم تذكار القديس النبي إيليا التسبي لما له من الدالة عند الله لكي يتشفع مع سيدتنا المجيدة الفائقة البركات والدة الإله الدائمة البتولية مريم، لدى إلهنا وأبانا الذي في السماوات ومع المرتل نهتف ونقول: لقد أغلقت السماء بأقوالك الحية ولم ترسل المطر، وبأقوالك الروحية أتضرع إليك أن تفتح لي أبواب التوبة أيها النبي القديس وأرسل إلى نفسي أمطار الخشوع وخلص الصارخين يا كهنة باركوه يا شعوب ارفعوا المسيح إلى الدهور.

آمين

مكتب السكرتارية العامة