1

الإحتفال بميلاد والدة الإله الفائق قدسها في بيت جالا

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 18 أيلول 2022 (5 أيلول شرقي) بميلاد والدة الإله الفائق قدسها الدائمة البتولية مريم. وأقيمت خدمة القداس الإلهي الإحتفالي بكنيسة ميلاد السيدة في بلدة بيت جالا.

في هذا اليوم تُمجد الكنيسة الرب القدير الذي إستجاب لتضرعات القديسَين يواكيم وحنه ومنحهما ثمرة البطن بعد ان نظر الله إلى عقرهما وترّحم عليهما ورزقا بإبنة دُعيت مريم التي منها تجسد الإله الكلمة الرب يسوع المسيح.

 الرئيس الروحي في  لبيت جالا قدس الأرشمندريت إغناطيوس كان في إستقبال صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث مع آباء الرعية ووجهاء وأبناء الرعية وفرق الكشافة, ثم ترأس صاحب الغبطة خدمة القداس الإلهي  يشاركه سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس, سيادة رئيس أساقفة طابور كيريوس ميثوذيوس, الكاماراس الأرشمندريت نيكتاريوس, رئيس مزار كنيسة القديس جوارجيوس في بيت جالا  قدس الأب بورفيريوس, آباء الرعية الأورثوذكسية في بيت جالا قدس الأب بولس, قدس الأب يوسف, قدس الأب عيسى, والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس. وحضر القداس الإلهي عدد كبير من أبناء الرعية والقنصل اليوناني العام السيد إيفانجيلوس فليوراس.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة ميلاد والدة الاله في مدينة بيت جالا

كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يصدح النبي اشعياء العظيم الصوت قائلاً” ها يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ. (اشعياء 7: 14)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في مدينتكم المباركة من الله لكي مع القديسيْن الصديقيْن جديّ المسيح الإله يواكيم وحنة نُعيّد لباكورة خلاصنا والدة الإله الفريدة، ومعهما نُعيّد نحن أيضاً مطوبين العذراء النقية التي من جذر يسّى التي أصبحت نبع الحياة أي أم ابن وكلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح كما يقول بذلك مرنم الكنيسة قائلاً: إن الإله المستوى على العروش العقلية قد سبق اليوم فهيأ له عرشاً مقدساً على الأرض. والذي أسس السماوات وثبتها بحكمة قد أنشأ بمحبته للبشر سماء حية. لأنه من جذر عقيم قد أنبت لنا أمه فرعا يحمل الحياة. فيا إله المعجزات ورجاء اليائسين يا رب المجد لك.

    إن الآية التي سبق النبي اشعياء وتنبأ عنها قائلاً: ها السيد يعطيكم نفسه آيةً، ليس هو إلا العرش المقدس والذي سبق الله وهيأهُ لنفسه على الأرض، التي هي العذراء مريم، هذه هي الآية والتي من خلالها” أعلن الرب خلاصه وكشف عدله قدام الأمم. (مز 97: 2) كما يقول صاحب المزمور.

    إن خلاص الرب هو تأنس وتجسد كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بالروح القدس من دماء النقية العذراء مريم، والذي يمتد عمله الخلاصي لكل الجنس البشري كما يشهد بذلك الإنجيلي لوقا قائلاً: وَيُبْصِرُ كُلُّ بَشَرٍ خَلاَصَ اللهِ (لوقا 3: 6).

    فبولادة العذراء مريم قد تم تجديد العالم وذلك لأنه بالعذراء مريم قد تم إعادة جبلة آدم ودعوة حواء، وصارت ينبوع عدم الفساد والعتق من البلى والتي بها تألهنا ونجونا من الموت كما يقول المرنم.

    وبكلام آخر فبالعذراء مريم قد نُقِضَت لعنة الجديْن الأوليْن ووهبت البركة لهذا فإن مرنم الكنيسة يؤكد بوضوح قائلاً: ميلادُكِ يا والدةَ الإله، بشَّرَ وأنذر بالفرحِ لكل المسكونةَ. لأنَّهُ منكِ أشرقَ شمسُ العَدلِ المسيحُ إلهُنا. حلَّ اللّعنةَ ووهبَ البركة، وأبطلَ الموتَ ومنحَنا الحياةَ الأبديّة.

    لقد مُنحنا نحن البشر الحياة الأبدية بواسطة والدة الإله والتي هي بحسب القديس يوحنا الدمشقي هي تلك التي ربطت بإحكام البشر بالله والتي فيها اتحد السماويين بالأرضيين وأعطي ما للبشر لله وما لله للبشر.

    إنه حقاً لعجب باهر فاليوم نعيّد ممجدين ومسبحين الله الآب الذي كشف

 السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ (رومية 16: 25) أي تلك التي سبق تحديدها أُماً لله لأجل خلاصنا. إن هذا السر الغريب لا يدرك بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ. (1كور 2: 4-5) كما يكرز الرسول بولس. لأنه بحسب القديس يوحنا الدمشقي بالإيمان نفهم بأن كل شيء صار من العدم إلى الوجود بقوة الله، وبالإيمان نحقق جميع الأشياء الإلهية والبشرية، فالإيمان هو الاقتناع والقبول دون الفحص الكثير.

    وهذا يعني أن المعرفة الإلهية أو معرفة الأمور الإلهية ليس هي معرفة علمية يتم اكتسابها بالبحث وطرق البحث العلمية، بل هي هبة وفي ذات الوقت هي ثمر الإيمان، لذلك فإن صاحب المزمور يهتف قائلاً: قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي أحشائِي. (مز 50: 12).  ويفسر هذا القول الداودي ايسيخيوس قائلاً: إن الروح المستقيم ليس هو روح الحياة الذي بداخلنا بل هو روح الله الذي في الأحشاء وهو في أهم أجزاء نفسنا يرجو النبي داود الله أن يجددها. ويقول القديس كيرلس الإسكندري: إن الروح هو روح المخلص الحقيقي الوحيد أي المسيح. إن العذراء مريم التي وُلدت من حنة العاقر تطوبها الخليقة كلها وخاصة كنيسة المسيح المقدسة وذلك لأن العذراء هي كمال وتتميمُ مواعيد الأنبياء يَا رَبُّ، أَنْتَ إِلهِي أُعَظِّمُكَ. أَحْمَدُ اسْمَكَ لأَنَّكَ صَنَعْتَ عَجَبًا. مَقَاصِدُكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ أَمَانَةٌ وَصِدْقٌ (اش 25 :1) كما يقول النبي اشعياء.

   ويقول القديس كيرلس الاسكندري بأن مخلصنا أراد أن يمنح تابعيه نعمة خاصة وهي الوجود معه، ورؤية مجده لأنه يقول: لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ. (يوحنا 17: 24) مبرهناً بوضوح أن سر فدائنا الذي تممه لأجلنا هو قديم جداً وأن طريق خلاصنا الذي تحقق من خلال المسيح كان معروفاً سابقاً عند الله الآب.

    إن هذا الطريق أي طريق خلاصنا تحقق من خلال المسيح قد كانت معاونة لهُ بطاعةٍ وتواضع العذراء مريم والدة الإله، التي وُلدت من القديسين البارين يواكيم وحنة لهذا فإننا نهتف مع المرتل قائلين: أنتِ المبخرة الذهبية لأن نار الكلمة الذي من الروح القدس قد سكن في بطنك وظهر منك بهيئة البشر يا والدة الإله النقية، التي هي وحدها قد جلبت للمسكونة المسيح لخلاص نفوسنا.

آمين

كل عامٍ وأنتم بألف خير

 

مكتب السكرتارية العامة