1

الإحتفال بميلاد والدة الإله الفائق قدسها في مدينة سخنين

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأربعاء الموافق 21 أيلول 2022 (8 أيلول شرقي) بميلاد والدة الإله الفائق قدسها الدائمة البتولية مريم.

في هذا اليوم تُمجد الكنيسة الرب القدير الذي إستجاب لتضرعات القديسَين يواكيم وحنه ومنحهما ثمرة البطن بعد ان نظر الله إلى عقرهما وترّحم عليهما ورزقا بإبنة دُعيت مريم التي منها تجسد الإله الكلمة الرب يسوع المسيح.

إحتفل بهذ العيد في مدينة سخنين قضاء عكا  في كنيسة ميلاد السيدة الرائعة التي شُيدت حديثاً من أبناء الرعية الأورثوذكسية في سخنين وبدعم ماديً كبير من البطريركية الأورشليمية.

غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث قام بتدشين الكنيسة حيث قام بتكريس المائدة المقدسة ومسحها بالزيت وتكريس الأيقونات وقراءة الصلاة الخاصة. ثم ترأس صاحب الغبطة خدمة القداس الإلهي الإحتفالي يشاركه أصحاب السيادة, متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسخيوس, قدس الأرشمندريت نيكتاريوس, قدس الأرشمندريت ميلاتيوس , قدس الأرشمندريت أرتيميوس, قدس الأرشمندريت ماركيلوس, آباء مطرانية بتوليمائيس عكا والقضاء, رئيس البعثة الروحية الروسية في القدس الأرشمندريت أليكساندروس والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس والشماس ذوسيذيوس. وقاد جوقة الترتيل البيزنطية الوكيل البطريركي في عكا قدس الأرشمندريت فيلوثيوس.

وشرف هذا الحدث بحضوره السيد سامر خوري إبن المرحوم سعيد خوري أحد الممولين والمتبرعين في بناء هذه الكنيسة المقدسة, وعدد من وجهاء مدينة سخنين والشخصيات السياسية والإجتماعية, وشيوخ الطائفة الدرزية, سفير اليونان في تل أبيب, سفير روسيا, وسفير بيلاروس, وعدد كبير من أبناء الرعية الأرثوذكسية في سخنين والبلدان المجاورة في الجليل.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تدشين كنسية ميلاد والدة الإله  

كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

مَا أَحْب مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْقوات! تَشْتَاقُ نَفْسِي وتَتُوقُ إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَجسمي ابتهجا بِالإِلهِ الْحَيِّ. (مزمور 83: 2-3)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون والزوار الأتقياء

    لقد رفعنا المجد والشكر لله الواحد الأقانيم، الذي أهلنا أن نتمم تدشين هذه الكنيسة العظيمة في مدينتكم الجميلة سخنين والتي دُشنت لإكرام وتذكار ميلاد سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم، ونحن مع القديس اندراوس الأورشليمي ناظم التسابيح نرنم ونقول: إن فيكي يُسبحُ ويمُجد سر الثالوث يا طاهرة فالآب سُّرَّ وارتضى والكلمة حلَّ بيننا والروح الإلهيَّ ظللك.

 إن الروح الإلهي الذي ظلل العذراء مريم، فجعلها هيكلاً حياً لكلمة الله نتضرع لها نحن أن تظلل هي بيت الله هذا.

    يقول الرب اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا (يوحنا 4: 24) والتي هي أيضاً مكانٌ الذين نحن واقفين فيه أرض مقدسة، أي مكان عبادة واجتماع حيث يقول الرسول  سأُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ (عبر 2: 12) والذي بحسب عزرا الموحى له بالروح والآن ليمنح الرب الإله نعمةً على بقيتنا من أجل الخلاص وليعطينا عوناً في مكان قداسته وأن يُنير أعيننا ويمنحنا القليل من الحياة في عبوديتنا(أي أهوائنا) (2عزرا 9: 8) وبحسب قول مخلصنا المسيح أَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ (متى 18: 20).

    إن ابن الله وكلمته عند تدبير تجسده الإلهي أنارَ كلَّ البرايا. وجدّد العالمَ بروحهِ الإلهي. وأيضا النفوسُ تتجدّدُ الآن. لأنه كُرّس الآن بيتٌ لمجدِ الرب وجلالِه. فيه يجدد المسيحُ إلهنا قلوبَ المؤمنين لخلاصِ البشر. هذا ما يقولُه مرنّمُ الكنيسة.

    في كل يوم نُسبح ونبارك مجد الثالوث القدوس هذا ووحدة الإيمان في المسيح وشركة الروح القدس في مسكن مجد الرب المقدس هذا المشيد جديداً، أي هذه الكنيسة التي كُرست لإكرام ميلاد والدة الإله الفائقة البركات والدائمة البتولية مريم ولنسمع ما يتفوه به القديس سرجيوس القدسي إذ يقول عنها: هلُّموا يا جميع المؤمنين نسعَ نحو العذراء مسرعين، فإن التي سبق تحديدها أماً لإلهنا قبل تصورها في البطن، وهي ذخيرة البكارة وعصا هارون المفرعة من جذر يسّى وكرازة الأنبياء ونبتة يواكيم وحنة الصديقين. اليوم تولد أم إلهنا. والعالم يتجدد معها. هي تولَد الآن والكنيسة تتسربل حُلل البهاء. فإنها الهيكل المقدس ومستودع اللاهوت وركن البكارة والخدر الملوكيُّ. وبها تمّ سر الاتحاد الغريب بين الطبيعتين في المسيح الذي نسجد له مسبّحين مولد العذراء البريء من كل العيوب.

    ها هو مجد وغنى جسد الكنيسة الإلهي البشري وقداسته الأرضية والتي يتحدث عنها مرنم الكنيسة: لقد ظهرت الكنيسة سماءً كثيرة الأنوار تنير كل المؤمنين ونحن في وقوفنا الآن فيها نصرخ قائلين ثبّت يا رب هذا البيت.

    حقاً إن الكنيسة تنير بقوة الروح القدس جميع المؤمنين وذلك لأنه كما يقول الرسول بولس” وَإِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ. (1بط 5: 10) وعدا عن هذا فإننا مدعوون إلى بيت الله لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. (1بط 2: 5) لأن الذبيحة لله روح منسحق الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالمتواضع لا يرذله اَللهُ. (مز 50: 15) كما يقول صاحب المزمور. وأما القديس الرسول بولس فإنه يرجونا قائلاً” فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. (رومية 12: 1) وذلك لأن كنيسة الله هو مكان عبادة، أي هو مكان مناجاة سرية بين الله والإنسان كما هو مكتوب في الكتاب المقدس وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ (خروج 33: 11). وبكلام آخر إن بيت الله هو مكان صلاة، وبحسب القديس يوحنا السلمي فإن الصلاة في كنهها هي اجتماع واتحاد الإنسان بالله، وفي فعلها هي مصالحة مع الله، غذاء النفس، استنارة الذهن، دليل الرجاء زوال الحزن.

    وبمناسبة هذا العيد والاحتفال باليوم التاريخي لمدينة سخنين وسكانها فإننا ننتهز هذه الفرصة لكي نبدي الإعجاب حقاً لبيت الله هذا المدشن للعبادة والذي شُيّد بمبادرة أبناء رعية الروم الأرثوذكس الأتقياء المحبين لله والذين يحيون في سلام ووئام مع أبناء بلدهم من الأديان الأخرى، وعلى هذا فإننا نفخر بالمسيح ونردد مع الرسول بولس قائلين: نَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِوَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً (رومية 5: 2-4).

    إن الغيرة الإلهية المتقدة وتقوى وإيمان شعب الله لشخص والدة الإله وأم الله التي بها تقترن الأرضيات بالسماويات والتي بها جدد جبلتنا نحن الأرضيين فأعادنا من البلى إلى الحياة الخالدة وألهنا، قد بنت لها بيتاً أي كنيسة للصلاة حيث فيه يُغترّفُ فيهِ نعمةُ الروح القدس الإلهية غير المنظورة.

    لهذا فإننا نعبر عن شكرنا وعظيم امتناننا لكل الذين تعاونوا بشتى وكافة الطرق المختلفة وساهموا من أجل إنشاء هذا العمل العظيم المهم ونتوجه خاصة للمجلس المحلي لمدينة سخنين ولرئيس المجلس ولصاحب الذكر المغبوط المرحوم سعيد خوري ولابنه محبوبنا السيد سمير خوري ولإخوتنا في الكنيسة الروسية وللمؤسسات الروسية الخيرية. وختاماً نتوجه لطبيب الأسنان الذي لا يكل ولا يعرف تعباً السيد ماجد وعائلته.

    وليكن هذا العمل الجدير بكل مديح لأجل مجد الله ومفخرة لمدينة سخنين ولشعبها المحب للسلام لأنه هكذا فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (متى 5: 16) وليكن أيضاً بيت عبادة الله أي هذه الكنيسة رمزاً وعلامةً للإيمان والحب والرجاء والأمل والسلام والعدل والأمن لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ، كَمَا فِي جَمِيعِ كَنَائِسِ الْقِدِّيسِينَ. (1كور 14: 33) كما يكرز الرسول بولس.   

نشكر إلهنا وربنا يسوع المسيح ونقول “أيُّها المسيح. النُّورُ الحقيقيُّ الذي يُنيرُ ويقدِّسُ كلَّ إِنسانٍ آتٍ إِلى العالَم ليَرْتَسِمْ علَينا نورُ وَجهِكَ. لِنُبْصِرَ بهِ النُّورَ الَّذي لا يُدنَى منه سَدِّدْ خَطَواتِنا إلى العمَلِ بوَصاياكَ. بشفاعةِ والدتِكَ الكاملةِ الطَّهارَةِ وجميعِ قِدِّيسيكَ.

آمين

وعلى مائدة المحبة بعد القداس الإلهي القى صاحب الغبطة الخطاب التالي:

 وَلْيكُنْ بهاء الرَّبِّ إِلهِنَا عَلَيْنَا، وَعَمَلَ أَيْدِينَا سهل (مزمور 89: 17)

أيها الإخوة المحبوبون والآباء الأجلاء

السيدات والسادة المحترمين

أعضاء لجنة وكلاء الكنيسة الموقرين

سعادة رئيس البلدية الجزيل الاحترام

الحضور الكريم كلٌ مع حفظ الألقاب والمسميات

    تفرح وتبتهج مدينة سخنين لأن ربنا وإلهنا أنار وأضاء عمل أيدي أبناء رعيتنا الرومية الأرثوذكسية الأتقياء. ونقول هذا لأن هذه الأعمال كتدشين هذه الكنيسة العظيمة والتي تشكل من جهة جوهرة لمنطقة مدينتكم ومن الجهة الأخرى يتم إبراز وتسليط الضوء على التقدم الثقافي للذين يعيشون ههنا في مجتمع ديني سلمي ومتناغم، لأن الرب يقول فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. (متى 5: 16).

    إن هذه الكنيسة المهيبة مع الكنائس الأخرى تشكل شهادة صادقة بأنه: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ. (متى 4:4).

    إن الأقوال والأفعال المنبثقة من الله ليست هي إلا الحب الإلهي والسلام والبر ومحبة الآخرين ولا سيما بالأخص المحبة من الأعماق لأولئك الذين يبغضوننا ويكرهوننا لأن الرب يوصينا قائلاً: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ (متى 5: 44).

    إن بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية أم جميع الكنائس، هي المؤسسة الدينية والكنسية الأساسية التي لم تتوقف على مر العصور أن تكرز وتعترف وتعزز القيم والتعاليم الإلهية والأخلاقية التي ترفع وتُعلي الإنسان نفساً وجسداً لأن الرب يقول لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ (متى 16: 26).

    لهذا فإننا ختاماً نحييكم جميعاً لتشريفكم بالحضور إلى هذا الحدث التاريخي للتدشين أي هذه الكنيسة البهية وأشكر من أعماق قلبي أعضاء لجنة الرعية الموقرين على هذه الضيافة الإبراهيمية التي قدموها، فنضرع إلى الرب الإله لكي بشفاعات العذراء مريم الفائقة على كل البركات والدة الإله أن تحفظ وتظلل تحت ستر كنفها هذه المدينة وشعبها ورعيتنا المسيحية التقية.

ليحفظكم الرب الإله راجين إياهُ أن تثمروا روحيا.

بعد الغذاء زار صاحب الغبطة بلدة سخنين.

وتم الإحتفال أيضاً بميلاد الفائق قدسها في مزار قبر والدة الإله المقدس في دير الجثسيمانية حيث ترأس خدمة القداس الإلهي سيادة رئيس أساقفة مادبا كيريوس أريستوفولوس يشاركه آباء أخوية القبر المقدس.

مكتب السكرتارية العامة