1

عيد القديس ذيميتريوس في مدينة نابلس

إحتفلت البطريركية الأوشليمية يوم الجمعة الموافق 11 تشرين ثاني 2022 (29 تشرين أول شرقي) بعيد القديس العظيم في الشهداء ذيميتريوس الفائض الطيب في الكنيسة المقدسة المُكرسة على إسمه في البلدة القديمة في مدينة نابلس.

ترأس القداس الإلهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريستارخوس,  قدس الأرشمندريت يوستينوس الرئيس الروحي لدير بئر يعقوب في نابلس, قدس الأرشمندريت ليونتيوس راعي الرعية الأورثوذكسية في نابلس,  وقدس الأب لعازر من مطرانية الناصرة, بحضور أبناء الرعية الذين شاركوا في القداس الإلهي تكريماً للقديس ذيميتريوس.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس العظيم في الشهداء ديميتريوس المفيض الطيب في مدينة نابلس 

كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يقول مرنم الكنيسة: أيها الشهيد المجيد ديمتريوس، إن تذكارك قد أبهج اليوم كنيسة المسيح، وجمع الكل ليمدحوك بالنشائد كما يليق، بما أنّك جنديٌّ بالحقيقة وحاطمٌ للأعداء.فلذلك، بتوسّلاتك أنقذنا من التجارب يا متألِّه العزم.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

 أيها المسيحيون الزوار الأتقياء

     إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في هذا المكان في مدينه نابلس التاريخية، في كنيسة القديس العظيم في الشهداء ديمتريوس، لكي نعيّد لتذكارهُ المقدس.

إن ديمتريوس العجائبي والمفيض الطيب وُلِدَ ونشأ في مدينة ثسالونيكي وكان يتميزُ ببرهِ وتقواهُ ومحبتهِ الحارة للمسيح. ولقد أظهرتهُ غيرتهُ الملتهبة لله ليس فقط تلميذاً للمسيح بل أيضاً معلماً حكيماً للإيمان المسيحي الخلاصي. وهذا ما أظهرهُ وبرهنهُ موتهُ الدّموي الاستشهادي الذي كان على زمن الامبراطور الروماني ديكلتيانوس ومكسيميانوس أيضاً في القرن الثالث الميلادي.

 إن قيمة ورتبة المعلم ديمتريوس يؤكدُ عليهاِ بشكلٍ خاص القديس غريغوريوس بالاماس أب الكنيسة، الذي يصف بعظته القديس ديمتريوس بأنه أعجوبة المسكونة وجمال الكنيسة العظيم وهو المفيض الطيب والعجائبي.

      حقاً لقد كان ديمتريوس من عائلةٍ أرستقراطيةٍ من ثسالونيكي وقد تلقى العلوم المسيحية منذ الصغر، والتي جعلتهُ معلماً لحسن العبادة، إن هذه التقوى الإلهية وحسن العبادة قد جعلها “القديس ديميتريوس” طريقة حياة لهُ، إذ كان ينهلُ ويغرفُ علومهُ من دراستهِ للكتب المقدسة سامعاً لأقوال صلاة المزمور: “صلاحاً وأدباً ومعرفةً علمني فإني قد صدَّقتُ وصاياك. (مز118: 66) وبتوضيحٍ أكثر أي علمني ذهناً وعلماً جديداً لكي أميز بين الخير والشر أي أعطني صلاحا وقدرةً على التمييز والمعرفة. لهذا السبب فان القديس الرسول بولس يتوجه إلى الوالدين موصياً إياهم قائلاً وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ، بَلْ رَبُّوهُمْ بِتَأْدِيبِ الرَّبِّ وَإِنْذَارِهِ. ( افسس 6 : 4 )

    أبدى القديس ديمتريوس اهتماماً خاصاً بأبناء الشبيبة المسيحية، لهذا فقد قام بتشكيل حلقات من الشباب المنخرطين والمهتمين في دراسة الكتاب المقدس وتفسيره. ومن بين هؤلاء الشباب، القديس نسطر، الذي صار شريكاً لهُ في الاستشهاد، الذي قَبلَ ان يُنازِل لهاوش القاتل، قام بطلب بركة ودعاء معلمهِ القديس ديمتريوس. فجاء نسطر الى الميدان ونظر الى مكسيميانوس وهتف قائلاً “يا إله ديمتريوس أعني” ثم قتل لهاوش المتكبر المغرور. وحالاً بعدَ مقتلِ لهاوش أمرَ مكسيميانوس أن يُطْعَنَ القديس ديمتريوس بالحراب ويُقْتَل، وذلك لاعتقاده أن ديميتريوس كان السبب وراء مقتل لهاوش. فألقى الجند على القديس نسطر، واخذوه وقطعوا هامته بالسيف. بحسب ما يذكرُ كاتبَ سنكساره أي كاتب سيره حياته.

 إن استشهاد القديسين ديمتريوس ونسطر يؤكد عليه بوضوح مرنم الكنيسة قائلاً: إن المسكونة قد وجدتكَ مُنجداً عظيماً في الشدائد وقاهراُ للأمم يا لابس الجهاد، فكما أنك حطمت تشامخ لهاوش، وفي الميدان شجَّعت نسطر. كذلك ايها القديس العظيم في الشهداء ديمتريوس توسَّلْ الى المسيح الإله أن يهب لنا الرحمة العظمى.

    لقد أصبح القديس ديمتريوس ليس فقط القديس المحامي والمدافع عن ثسالونيكي بل أيضاً هو قديسُ المسكونة كلّها، وذلك لإنهُ من خلال كرازته واستشهاده من أجل المسيح، سحقَ وهزمَ بالقول والفعل الأمم، أي ديانة وعبادة الاوثان

    وبكلامٍ آخر إن الشهيد ديمتريوس قد سمعَ بما يُوصي بهِ ربنا يسوع المسيح فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ (مت 5: 16)، لهذا فقد أصبح القديس ديمتريوس نوراً في ظلام الهوس والجنون الوثني في أيامِ وزمانِ عصرهِ، لهذا السبب فإنَّ مُرنم الكنيسة يهتِفُ قائلاً لقد لبست المسيح يا ديمتريوس الشهيد. فحاربت العدو الواهن القوى. أي وُلاَةِ الْعَالَمِ عَالم ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ فإنك أبطلت به ضلاًلة الأثمة. وقمت تمرن ذوي الإيمان على حسن العبادة. فلذلك نحتفل بتذكارك معيدين له بإجلالٍ.

     لقد كانت شخصية ديمتريوس ساطعة نوراً من الروح القدس وكان ممتلئٌ من النعمةِ وساهمَ في القضاءِ على ضلال الشيطان صائرا مدرباً أي مربيًا للمؤمنين بسر حسن العبادة أي بسر التدبير الالهي الذي هو تأنس وتجسد ابن وكلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.

   وإذ كان القديس ديمتريوس مستحقٌ لحميم إعادة الولادة ولباس عدم الفساد فقد كرز بالحقيقة معلماً وقائلاً بفمِ القديس بولس الرسول “الله” الذي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ ( 1 تيم 6 : 16) أي و بإسهابٍ أكثر إن الله له الحياة التي لا تموت وهو أزليٌ سرمديٌّ، ساكنٌ في النور الذي لا يستطيع أحدٌ أن يقترب إليه. الذي لا يستطيع أحد من البشر ان يعاينهُ ولا يقدرُ أن يراه. فكما يقول زيغافينوس:” إذا كان مسكن الله لا يدنى منه فكم بالأحرى صاحب المنزل”

      إن هذه الشهادة، شهادة حقيقةُ نور المسيح الذي لا يدنى منه، يُذيعها ويُكرِزُ بها الطيب المتدفق من رفات القديس ديمتريوس الغير الباليه والمحفوظة والمكرمة في الكنيسة الفائقة الجمال والروعة في مدينه ثسالونيكي.

       نتضرعُ إلى العظيم في الشهداء، شهيد حقيقة المسيح والمعلم والمدرب لسرِّ حُسنِ العبادة ديمتريوس المفيض الطيب، نحن مكرميّ تذكارهُ المقدس ومع المرنم نهتف ونقول: كما حطَطْت بالنعمة الإلهية قبلاً تشامخ لهاوش وعجرفتهُ ومغالاتهِ بفروسيتَّهِ مشدِدّاً نُسطر الشجاع في الميدان بقوّة الصليب. يا شهيد المسيح ديمتريوس الظافر كذلك أّيّدني أنا أيضاً وانصرني على الشياطين والأهواءِ المهلكة للنفس.

آمين

كل عام وأنتم بألف خير

مكتب السكرتارية العامة