1

الذكرى السابعة عشر لجلوس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث على العرش البطريركيّ الأوروشليميّ

اقيمت في البطريركية ألاورشليمية يوم الأربعاء الموافق 22 تشرين ثاني 2022 الذكرى السابعة عشر لجلوس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث على عرش الكرسي البطريركيّ ألاورشليمي.

بهذه المناسبة أقيمت خدمة صلاة المجدلة الكبرى في كنيسة القيامة ترأسها صاحب الغبطة بمشاركة أساقفة وآباء أخوية القبر المقدس وكهنة الرعايا الأورثوذكسية , وبحضور القنصل اليوناني العام في القدس السيد ايفانجلوس فاليوراس , وأبناء الجالية اليونانية والرعية ألاوثوذكسية التابعة للبطريركية في القدس ومن مختلف المناطق, القنصل الفخري في حيفا السيد قسطنطين زينوفيوس, أفراد طاقم البحرية الحربية, والسيد تسيروس من السفارة اليونانية من قسم البحرية.

بعد الصلاة توجه غبطة البطريرك مع ألاساقفة والآباء الى دار البطريركية لتهنئة صاحب الغبطة, حيث القى كلمة المجمع المقدس وأخوية القبر المقدس السكرتير العام للبطريركية سيادة المطران أريسترخوس , بعدها القى كلمة القنصلية اليونانية القنصل اليوناني السيد  فاليوراس, تبعه الأساقفة والآباء وممثلي الرعايا.

في النهاية شكر غبطة البطريرك أخوية القبر المقدس والحضور بكلمة القاها في قاعة العرش البطريركي.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الذكرى السنوية السابعة عشر لجلوسه على العرش البطريركيّ الآوروشليميّ 

كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يقول صاحب المزمور. مُبَارَكٌ الرَّبُّ، يَوْمًا فَيَوْمًا يُحَمِّلُنَا إِلهُ خَلاَصِنَا (مز 67: 20)

سعادة قنصل اليونان العام الجزيل الاحترام السيد إيفانجلوس فاليراس
الاخوة والآباء الأجلاء
أيها المؤمنون، والزوار الحسني العبادة، الحضور الكريم كلٌ باسمهِ مع حفظ الألقاب،

    إن مدينة الله الحي، المدينة الإلهية البشرية التي هي كنيسة أوروشليم المقدسة تُعيّد اليوم للذكرى السنوية السابعة عشر البطريركية لاعتلائنا العرش الأسقفي والبطريركي للقديس يعقوب أخو الرب أول رؤساء أساقفة آوروشليم.

    إن هذه الذكرى لا تخص حقارتنا بل إلى المسكن المصنوع بيد الله كما يقول القديس غريغوريوس النيصص، أي إلى المؤسسة المقدسة أي الكنيسة المُجاهدة في العالم، والتي هي جسد ابن وكلمة الله الآب ربنا يسوع المسيح المتأنس كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ الْكَنِيسَةِ،

 الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ. (أفسس 1: 17، 23) كما يقول الرسول بولس.

    لهذا ومن منطلق الشكر والعرفان توجهنا برفقة أخوية القبر المقدس الأجلاء إلى كنيسة القيامة المقدسة حيث رفعنا الشكر والتمجيد للثالوث القدوس ولربنا يسوع المسيح الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ (غلا 1: 4)

      ولنسمع إلى صوت الإنجيلي لوقا المتفوه باللاهوت اِحْتَرِزُوا إِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. (أعمال 20: 28) فإننا لم نتوقف قط عن الاهتمام ورعاية رعايانا والتي تتبع مباشرةً اختصاصنا الكنسي ومسؤوليتنا الروحية قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». (يوحنا 1: 23)

    ولم تهمل أبداً حفاظها على الوصايا الآبائية وتقليدنا الرسولي وخدمتنا الغير منقطعة في الصلاة والعبادة في الأماكن المقدسة، هذه الأماكن الشاهدة والصادقة على إيماننا في الأراضي التي خطى عليها الإله لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ (مز 131: 13) محافظةً دوماً على الامتيازات والحقوق السيادية التي لا تزول لجنسنا الملوكي المسيحي الرومي الأرثوذكسي التقي.

     وبما أننا سامعين لوصية القديس الرسول بولس إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، كُونُوا رَاسِخِينَ، غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ، مُكْثِرِينَ فِي عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، (1كور 15: 58) فإننا نتبع طريق البر والتعاون المشترك المثمر مع الرعايا المسيحية الأخرى في جميع الاتجاهات محلياً ودولياً مطالبين باحترام النظام القائم متعدد الأديان والأعراق لتلك الموجودة في الأماكن المقدسة وللوضع الدبلوماسي للكيان المنفصل المستقل لمدينة آوروشليم المقدسة والمعروف ب كوربوس سيبارتوم

نعترف مع القديس الرسول بولس فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. (أفسس 6: 12). ونقول هذا لأن أرض أوروشليم مروية من دماء البار الخلاصية أي دماء رينا ومخلصنا يسوع المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات والتي هي ملجأ تعزية وعوناً ورجاءً لجميع الناس كما يؤكد بذلك الرسول بولس” لاَ يُمْكِنُ أَنَّ اللهَ يَكْذِبُ فِيهِمَا، تَكُونُ لَنَا تَعْزِيَةٌ قَوِيَّةٌ، نَحْنُ الَّذِينَ الْتَجَأْنَا لِنُمْسِكَ بِالرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا (عبر 6: 18) أي بالمسيح.

    إننا ومع أخوية القبر المقدس الأجلاء نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوع. (عبر 12: 2) سنبقى ثابتين برحمة الله وعنايته في الرسالة والمُهمة الموكلة إلينا عاملين فقط بإنجيل الخلاص والمحبة السلام والبر ومحبته للبشر للَّذِي أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. (فيلبي 2: 6-8).

    إن الذكرى السنوية السابعة عشر لاعتلائنا العرش الرسولي يدعونا لا إلى عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ. (2كو 10: 5) بل إلى معْرِفَةِ سِرِّ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ. (كول 2: 3) بحسب الرسول بولس

    وأنا أقول هذا لأن عرش نعمة المسيح هو كَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، (عبرانيين 12: 23) وكما يقول ثيوذوريتوس كيروس فالمسيح كإله تام له العرش الأبدي وأما كإنسان تام ورئيس كهنة ورسول إيماننا يسمع من الله الآب اجلس عن يميني. وبحسب كليمنضس الاسكندري من يعرف ذاته هو عرش للرب عرش بمعنى النعمة والرحمة كما يقول بولس الرسول فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ. (عبرانيين 4: 16)

   ويعلّق القديس إيبوليتوس على قول النبي اشعياء هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ (اشعياء 19: 1) يسمي الكلمة بالرب والسحابة التي هي المسكن الطاهر أي العذراء مريم التي أسس الرب يسوع المسيح فيها عرشه وصار إنساناً مثلنا وضحد وهدم الضلال. وبكلام آخر إن الذكرى السنوية لاعتلائنا العرش البطريركي يخص لتجديد عرش المسيح في داخل قلوبنا وتحديداً في زمننا الحالي(زمن النظام الجديد) الذي يقول عنه الرسول بولس  سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ(2 تيم 3 : 1 ) أَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.(2 تيم 4: 3_4 )لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ(2 تس 2: 7 )

    وبما أننا نعي وندرك ضعفنا تماماً لإن الله اخْتَارَ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ. وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ.( 1كورنثوس 1 : 27)فإننا لم نتوقف عن خدمتنا البطريركية والرئاسية والرعوية لعرش القديس الرسول الشهيد يعقوب أخو الرب ولم نخشَ أو نجزع أبداً لأن لنا إخوةً يشتركون معنا في الخدم مقربون محبوبون في المسيح الذين هم رؤساء الكهنة والكهنة والشمامسة والرهبان من أخوية القبر المقدس والذين يتميزون بتضحياتهم الكبيرة للأخوية و بفكرهم وعملهم الكنسي ولإنكارهم لذواتهم ومحبتهم في ما بينهم بحسب ما يوصي القديس اغناطيوس المتوشح بالله: ألا يعامل الواحد اخاه باعتبارات بشرية أحبوا بعضكم بعضاً في المسيح يسوع على الدوام ولا تسمحوا لأي شيء أن يفرقكم بل اتحدوا بالأسقف خاضعين لله من خلاله في المسيح.

 وإننا نقول الحق بأن ألمنا ومتاعبنا لا تُخفى، هذه الآلام والمتاعب في جسد الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية الأرثوذكسية والتي تتمركز في تلك الفوضى والتشرذم في هذا الجسد، لهذا فإن العرش الأسقفي والبطريركي للمدينة المقدسة التي هي على الدماء الخلاصية للمسيح الملك لا تتوقف مصليةً وعاملةً من أجل الحفاظ على وحدانية الروح برباط السلام.

 ونتضرع إلى إله الصبر والتعزية إلى إلهنا أبو ربنا يسوع المسيح لكي يقودنا بروحه القدوس رُوحُ الْحَقِّ، إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ (يوحنا 13:16)

بشفاعات سيدتنا والدة الإله مريم وبتضرعات وتوسلات أبينا الجليل في القديسين نكتاريوس أسقف المدن الخمس ونعمة قبر ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القابل للحياة لتمنح القوة للجميع في إتمام رسالتنا، رسالة المحبة والبر والسلام في هذا العالم وفي منطقتنا.

     وأتوجهُ بالشكر لكل الذين حضروا وشاركوا معنا الصلاة مُكرمينَ هذا اليوم راجياً لهم من الله العلي القدير كل بركةٍ وقوةٍ واستنارةٍ وصبرٍ ونعمةٍ من القبر المُقدس لتكن معهم ومعكم جميعاً وأشكر بحفاوةٍ جميع من تكلَّم هذا اليوم وأخص بالذكر كيريوس أرسترخس رئيس أساقفة قسطنطيني الذي تكلم نيابةً عن أخوية القبر المقدس وأعضاء المجمع المقدس المكرمين.

مكتب السكرتارية العامة