1

عيد القديس الشهيد في الكهنة فيلومينوس أخويّ القبر المقدس

إحتفلت البطريركية ألاورثوذكسية ألاورشليمية يوم الثلاثاء الموافق 29 تشرين ثاني 2021  (يعادله 16 تشرين الثاني حسب التقويم الشرقي) بعيد القديس فيلومينوس أخويّ القبر المقدس في كنيسة دير بئر يعقوب في مدينة نابلس في السامرة الذي يرأسه منذ أربعين عاماً الأب الروحي قدس الأرشمندريت يوستينيوس. استشهد على يد رجل متطرف يهودي عندما كان يقوم بخدمة صلاة العصر المعتادة ويتواجد في كنيسة البئر عام 1979، حيث هجم عليه هذا الرجل بعنف وفتح شقاً عميقاً في جبهته ببلطة وقطع أصابع يده اليمنى.

سنة 2009 اصدر المجمع المقدس للكنيسة ألاورشليمية قراراً لادراجه في سنكسار قديسي الكنيسة ألاورشليمية والكنيسة ألاورثوذكسية بعد ثلاثين عاماً من استشهاده واصبح القديس الشهيد في الكهنة فيلومينوس, ويُحتفل بعيده في يوم استشهاده في السادس عشر من شهر تشرين الثاني شرقي الموافق التاسع والعشرين تشرين الثاني غربي.

ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة  رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس المحتفل بعيد شفيعه,  قدس الأرشمندريت نيكتاريوس الكاماراس الكبير, قدس الأرشمندريت اليكسيوس مسؤول التيبيكون, كهنة من الكنيسة اليونانية, الرئيس الروحي في رافيدا قدس الأرشمندريت ليونديوس, قدس الأب كيرياكوس من دير القديس جيراسيموس, كهنة الرعية الأورثوذكسية في نابلس ومنطقة الناصرة, المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس والشماس المتوحد الأب ذوسيذيوس. ورُتلت الخدمة باللغتين اليونانية والعربية بحضور القنصل اليوناني العام في القدس السيد إفانجيلوس فولياراس وعدد من أبناء الرعية الأورثوذكسية من البلدان المجاورة وحجاج من اليونان وقبرص

بعد القداس اعد الرئيس الروحي للدير قدس الارشمندريت يوستينيوس مائدة غذاء حضرها القنصل اليوناني العام مسؤولون من السلطة الفلسطينية في منظقة السامرة.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس الشهيد في الكهنة فيلومينوس الذي من أخوية القبر المقدس

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يقولُ مرنم الكنيسة: إنَ البرايا كلها تعيدُ لتذكارِ قديسيكَ ياربُ. السماواتُ تبتهجُ معَ الملائكةِ والأرضِ تُسرُ معَ الناسِ. فبطلباتهمْ اللهمَ ارحمنا.

أيها الإخوة المسيحيون المحبوبون،

أيها الزوار الأتقياء،

     إنَ نعمةَ الروحِ القدسِ قدْ جمعتنا اليوم في هذا المزارِ المقدسِ في بئر يعقوب رئيسُ الآباءِ حيثُ تعرفتْ أيضاً المرأةَ السامريةَ على المسيّا الذي هوَ المسيحُ، لكيْ بشكرٍ وعرفانٍ نُكّرِمُ تذكار الشهيدِ وكاروزِ الإيمانِ المسيحيِ القديسِ فيلومينوس الذي منْ أخوية القبرِ المقدسِ.

     لقدْ أتى قديسُنا إلى الأرضِ المقدسةِ من جزيرةِ قبرص وانضمَّ إلى طغمةِ الرهبانِ “المثقفين” أيْ أخوية القبرِ المقدسِ وقدْ امتازَ بغيرتهِ الإلهيةِ المتوقدةِ من أجلِ المزاراتِ والأماكنِ المقدسةِ بشكلٍ عامٍ، ومنْ أجلِ المزاراتِ المقدسةِ التي ذُكِرتْ في الكتابِ المقدسِ بشكلٍ خاصٍ. ونقولُ بشكلٍ خاصٍ وذلكَ لأنهُ في هذا المكانِ والموضعِ المقدسِ احتملَ أبينا القديسِ فيلومينوسْ موتَ الشهادةِ منْ أجلِ محبةِ المسيحِ مخلصنا، صائراً بذلكَ مُتمثِلاً بآلامِ المسيحِ وشريكاً بدمهِ كما يقولُ صاحبَ المزمورِ أَنَّهُ قَدِ انْفَتَحَ عَلَيَّ فَمُ الشِّرِّيرِ وَفَمُ الْغِشِّ. تَكَلَّمُوا مَعِي بِلِسَانِ كِذْبٍ، بِكَلاَمِ بُغْضٍ أَحَاطُوا بِي، وَقَاتَلُونِي بِلاَ سَبَبٍبَدَلَ مَحَبَّتِي يُخَاصِمُونَنِي. أَمَّا أَنَا فَصَلاَةٌوَضَعُوا عَلَيَّ شَرًّا بَدَلَ خَيْرٍ، وَبُغْضًا بَدَلَ حُبِّي. (مزمور 108: 2-5)

      حقاً إنَّ المجاهدَ فيلوْمينوس كاستفانوس أولُ الشهداءِ قد اقتبلَ النيران من منظماتِ الشيطانِ عدو الخيرِ، في الساعةِ التي كانَ فيها القديسُ فيلومينوس جاثياً مصلياً في المكانِ الذي قالَ فيهِ المسيحُ للمرأةِ السامريةِ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ وأيضاً اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا (يو 4: 24-25). ويفسرُ القديسُ كيرلسْ الإسكندريَ أقوالَ الربِ هذه قائلاً: إنَ اللهَ عادلٌ يقبلُ الساجدَ بالروحِ والحقِ الذي لا يحملُ في الشكلِ أوْ المثالِ صورةَ التقوى اليهوديةِ لكنهُ بطريقة الإنجيلِ يشرقُ بممارسةِ الفضيلةِ وباستقامةِ العقائد والتعاليمِ الإلهيةِ السليمةِ يتممُ العبادةَ الحقيقيةَ.

      فهذا تماماً أيها الإخوةُ المحبوبونَ سببَ التكريمِ الخاصِ الذي تمنحهُ كنيسةُ الربِ للشهداءِ القديسينَ إذ إنَ البرايا كلها تعيدُ لتذكارِ قديسيكَ ياربُ. السماواتُ تبتهجُ معَ الملائكةِ والأرضِ تسرْ معَ الناسِ، كما يقولُ القديسُ يوحنا الدمشقي مرنمُ الكنيسةُ. وبحسبِ كليمنضس الإسكندريَ إن إتمام واكتمال الشهادة ليس هي نهايةُ حياةِ الإنسان والتي تصيرُ لباقي البشر بل “الموت لأجل المسيح” هو عملٌ مثاليٌ لإظهار المحبة للمسيح.

     إنَّ هذه المحبةُ الكاملةُ للمسيحِ قدْ أَبَانَها وأَظهَرها بموتهِ الاستشهادي القديسُ الشهيدُ في الكهنةِ فيلومينوسْ، الذي احتملَ الآلامَ الرهيبةَ والكثيرَ من العذاباتِ لكي ينالَ إكليلَ الشهادةِ في السماواتِ معَ باقي الشهداء الذينَ كانَ هدفُهم الأوحدُ جميعاً هوَ الاتحادُ معَ المسيحِ المخلص لهذا فقدْ ساهمتْ أقوالُ الرسول بولس التبشيريةَ فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ.(فيليبي 3: 21)

    ويفسر القديس ثيوذوريتوس على أقوال الرسول بولس هذه قائلاً: لقد أصبح جسد الشهداء متطابقاً مع جسد مجد المسيح لا بحسب كمية المجد بل بحسب نوعية المجد أي بحسب عدم الفساد كما يؤكد بوضوح المرنم قائلاً: شهداؤُك يا رب بجهادهم، نالوا منكَ الأكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنهم أحرزوا قوَّتكَ فحطموا المغتصبين، وسحقوا بأسَ الشياطينَ التي لا قوَّة لها. فبتوسلاتهم أيها المسيح الإله خلصْ نفوسنا.

       لقد نالَ جسدُ القديس الشهيدُ في الكهنةِ فيلومينوس من الله عدمِ الفساد لهذا فإنَّ رفاتَهُ المقدسة هي نبعُ أشفيةٍ من جهةٍ وشاهدة على مجد الله من الجهة الأخرى كما يقول صاحب المزمور: عجيبٌ هو الله في قديسيه(مزمور 67: 36)

      إنَّ أبينا فيلومينوس قد صارَ مواطناً مع القديسين ومن أهل بيت الله وله الدالَّةُ نحو الله متوجهاً نحو الجميع، حاثّاً إياهم بفمِ الرسول القديس بطرس قائلاً: أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. (1 بط 4 : 12-13 ). وبتوضيحٍ أكثر فيما يتعلق باضطهاداتكم وأحزانكم أيها الأحبة أنصحكم ألا تستغربوا أي لا تتفاجؤوا، ولكن بقدر ما تشاركون في آلام المسيح من خلال الأحزان والاضطهادات التي تعانون منها وتحتملونها من أجل اسم المسيح فلتفرحوا بصبرٍ واحتمال لكي تفرحوا فرحاً عظيماً جداً عند ظهور مجد الله الذي سيكون في مجيئه الثاني.

‏    إنّ كنيسة المسيح المقدسة ولاسيما الكنيسة المحلية كنيسة آوروشليم تفتخر افْتِخَارٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ (رو 15: 17) لأجل القديس المعترف وشهيد إيماننا المسيحي القديس فيلومينوس الذي هو كالسراج الموقد المنير بالحب الإلهي والسلام والبر والحقيقة أيضا التي تنير في ظلام الارتداد وعصيان هذا العالم الدهري الحاضر.

‏    لهذا فإننا نتضرعُ إلى شهيد المسيح الإلهي فيلومينوس الذي شابهَ المسيحُ في الآمهِ ومشتركاً معه في البهاء السماوي لكي مع شفاعاتِ وتضر عاتِ الفائقة البركات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم، يتوسلُ هو وإياها من أجل خلاص نفوسنا.

   وليكن ميدان الصوم هذا مباركاً مقدساً لاستقبال الطفل المولود إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح في مغارة قلوبنا.

آمين

كل عام وأنتم بألف خير

مكتب السكرتارية العامة