1

عيد القديس نيقولاس الصانع العجائب في البطريركية

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الإثنين الموافق 19 كانون أول 2022 (6 كانون أول شرقي) بعيد القديس نيقولاس الصانع العجائب أسقف كيرا ليكيه.

في هذا اليوم تُكرم الكنيسة القديس نيقولاس (وهو أسم يوناني معناة إنتصار الشعب) الذي كان أساقفاً لميرا التي من ليكيه في آسيا الصغرى الذي عاش حياته و “أحرز بالتواضع الرفعة وبالمسكنةِ الغنى”. كان مدافعاً عن الأيمان المستقيم خصوصاً عن مساواة الإبن الرب يسوع المسيح للآب في الجوهر. أنعم الله عليه بعمل المعجزات والتي من خلالها ساعد الكثيرين. يُعرف عن القديس نيقولاوس أنه شفيع البحارة, هو أكثر القدّيسين شهرة في كنيسة المسيح.

بهذه المناسبة إحتفلت بلدة بيت جالا قضاء بيت لحم بهذا العيد, حيث إستقبل ممثلو البلديات الفلسطينية وفرق الكشافة  صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث الذي ترأس خدمة القداس الإلهي الإحتفالي في كنيسة القديس نيقولاس شفيع البلدة. شارك صاحب الغبطة في الخدمة أصحاب السيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, رئيس أساقفة جبل طابور كيريوس ميثوذيوس, رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس, قدس الأرشمندريت بورفيريوس, قدس الأرشمندريت تيكتاريوس, كهنة الرعية الأورثوذكسية في بيت جالا قدس الاب يوسف, قدس الأب بولس, قدس الأب جوارجيوس, والشمامسة الأب إفلوغيوس والأب سيميون, بحضور القنصل اليوناني العام السيد إيفانجيلوس فليوراس. وشارك أبناء الرعية في بيت جالا والمنطقة في القداس الإلهي إكراماً للقديس نيقولاس شفيعهم.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس نيقولاوس العجائبي 

   كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يهتف مرنم الكنيسة قائلاً: افرح يا عقلاً شريفاً ومقراً للثالوث طاهراً وعموداً للكنيسة وعماداً للمؤمنين ومعونة للمضنوكين. يا رئيس الكهنة نيقولاوس الكوكب الذي يُبدد بأشعة نور ابتهالاته المقبولة ظلام التجارب والضيقات والمرفأ الهادئ الأمين الذي يلتجئ إليه المُحاقون بعواصف نوء الحياة فينجون. فابتهل إلى المسيح طالباً أن يمنح نفوسنا عظيم الرحمة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون والزوار الأتقياء

    إن النعمة الإلهية، نعمة الروح القدس، التي مسحت بالميرون الإلهيّ القديس نيقولاوس رئيس أساقفة ميراليكيا العجائبي قد جمعتنا اليوم ههنا في هذا المكان والموضع المقدس، مكان رحلته المقدسة، حيث هذه الكنيسة المقدسة التي تحمل اسمه لكي نُعيّد مكرمين تذكاره المقدس.

    لقد لمع القديس نيقولاوس أسقف ليكيا في سماء الكنيسة مثل كوكب لا يأفل يسطع ضياؤه في كل العالم منيراً المسكونة قاطبةً بفضائله الغزيرة لهذا فإنه يُعرف قانوناً للإيمان الأرثوذكسي وللعقائد أي لتعليم سر حسن العبادة الإلهي والتي تمت صياغتها من آباء الكنيسة القديسين في المجمع المسكوني الأول المنعقد في نيقية عام 325م.

    ومن الجدير بالذكر بأن القديس نيقولاوس العجائبي كان عضواً في هذا المجمع المسكوني وقد ساهم بفاعلية في القضاء على تعليم هرطقة آريوس التجديفية، وصاغ التعليم الأرثوذكسي القويم عن الثالوث القدوس وابن وكلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، لهذا فإن ناظم تسابيحه يهتفُ لاهوتياً بالترنيم قائلاً: إني أعبد الثالوث الغير المخلوق، آباً وابناً وروحاً قدوساً، جوهر لاهوت بسيط، طبيعة غير متجزئة جوهرياً بثلاثة أقانيم منقسمة بحسب الوجوه الأقنومية. وأيضاً: لقد سبقت فنظرت بعين العقل ما يكون فملأت الجميع من العقائد القويمة وناديت فينا بمساواة الابن للآب في الجوهر ولاشيت حماقة آريوس وجعلت مناقبك الموقرة عموداً للإيمان القويم.

    وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ. (1 كور 2: 16) فإن نيقولاوس لاشى حماقة آريوس وذلك لأنه لم يتكلم بروح العالم أي بالحكمة البشرية كآريوس بل تفوه قديسنا بنعمة الروح القدس كما يكرز الرسول بولس وَنَحْنُ لَمْ نَأْخُذْ رُوحَ الْعَالَمِ، بَلِ الرُّوحَ الَّذِي مِنَ اللهِ، لِنَعْرِفَ الأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَنَا مِنَ اللهِ (1كور 2: 12).

    لهذا السبب دُعي القديس نيقولاوس دستوراً للإيمان وعموداً للكنيسة وأيضاً راعياً عظيماً لهذا بما أنه كان أباً روحياً وراعياً كان يسعى دوماً لا ليرضي نفسهُ بل يرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَخْلُصُوا. (1كور 10: 33). لهذا أصبح قديسنا العظيم عماداً للمؤمنين ومعونة للمضنوكين. ويُعرف بأنه أب حقيقي عاملاً وسامعاً لما يوصي به الرسول بولس قائلاً: كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ. (1كور 11: 1) وبالطبع إن المسيح هو المثال الذي نحن مدعوون أن نتمثل ونقتدي به. فإذا كان علينا أن نقتدي بالقديسين والرسل فإنه قبل ذلك قد اقتدى وتمثل الرسل والقديسين أمثال الرسول بولس الذي نال وشاهد مَنَاظِرِ الرَّبِّ وَإِعْلاَنَاتِهِ. (2كور 12: 1) بالمسيح كمثال لهم واقتدوا بهِ.    

    وبكلام آخر فقد حوى القديس نيقولاوس عل جميع مواهب الروح القدس التي جعلت منه معلماً وأباً روحياً للكنيسة لأنه تربى بِكَلاَمِ الإِيمَانِ وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ. (1 تيم 4: 6) لهذا فإن القديس اغناطيوس الإنطاكي الذي يرى أن الأسقف على مثال الله ولنسمع في سفر الأمثال يَا ابْنِي، اخْشَ الرَّبَّ وَالْمَلِكَ. (أمثال 24: 21) ويتابع قائلاً: وأقول لكم أكرموا الله لأنه هو رب وسيد الكل والأسقف كرئيس كهنة حاملٌ صورة الله لإن له السلطة الإلهية وكهنوت المسيح.

    حقاً أيها الإخوة الأحبة إن أسقف ميراليكيا الوديع قد استبان حقاً رئيس كهنة للكنيسة حقيقيٌّ حاملٌ في نفسه صورة الله فيما يخص خدمته للكنيسة وصورة المسيح فيما يخص كهنوته للأسرار الإلهية كما يكرز الرسول بولس وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. (1كور 15: 49).

    ويفسر القديس ميثوذيوس أقوال الرسول بولس قائلاً: إن صورة الترابي التي لبسناها هي ترابٌ وإلى التراب تعود وأما صورة السماوي فهي القيامة من بين الأموات وعدم الفساد كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ (رو 6 :4) وأما زيغافينوس فيقول: إن الحياة الجديدة هي الحياة بالفضيلة.

    إن هذه الحياة الجديدة أي الحياة في المسيح قد سار عليها وعلّمها أبينا القديس نيقولاوس لهذا فقد تزيّن بإكليل عدم البلى. إن هذه الحياة الجديدة أي حياة الفضيلة نحن مدعوون أن نسير عليها سامعين لما يوصيه لنا القديس الرسول بولس لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.(أفسس 2: 10)

    وبكلام آخر فنحن كأناس ولكن قبل كل شيء كمسيحيين ولدوا من جديد فنحن خاصته وخلقنا لكي نبقى متحدين مع ربنا يسوع المسيح لهذا فإن الرسول بولس يوصي أبوياً فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ (أفسس 5: 15)

    فها الزمن المبارك لتهيئتنا من خلال الصوم المبارك والأعمال الخيرية الصالحة لكي نستقبل في مغارة قلوبنا المسيح إلهنا الذي وُلد من دماء النقية الطاهرة العذراء مريم.  نعم أيها الإخوة الأحبة ولا نكون غير حكماء أي كأناس عالميين بل كحكماء وأبناء نور المسيح فلنعيد لعيد أم الأعياد عيد ميلاد المسيح المجيد في مدينة بيت لحم في المغارة القابلة الإله ومع المرنم نهتف ونقول: فيما أنت ماثلٌ لدى الله يا نيقولاوس العجيب الحكيم لا تنفكَّ متشفعاً بلا فتورٍ من أجلنا كلنا نحن عبيدك الأمناء لكي ننجو من النار المؤبدة ومن سوءِ نيّة الأعداء ومن كل المضرّات. 

كل عام وأنتم بخير

ميلاد مجيد

وكما وإحتُفل بهذا العيد في دير القديس نيقولاوس بجانب البطريركية, حيث ترأس سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس خدمة صلاة الغروب عشية العيد والقداس الإلهي صباح العيد يشاركه قدس الأرشمندريت بارثلماوس, قدس الأب نيكتاريوس, قدس الأب ذومتيانوس من البعثة الروحية الروسية, الأب نيقولاس كولنسكي المُحتفل بعيد شفيعه ومُشرف الدير المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس. وحضر القداس الإلهي عدد من المصلين.

بعد القداس الإلهي أعد ومُشرف الدير الأب ماركوس ضيافة لسيادة المطران والآباء والمصلين في قاعة الدير.

مكتب السكرتارية العامة