1

أحد الآباء الأجداد القديسين في البطريركية

احتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 25 كانون أول 2022 (12 كانون أول شرقي)، وفقًا للتيبيكون الكنسي ، بعيديّ الآباء الأجداد القديسين وأبينا القديس إسبيريدون صانع العجائب أسقف تريميثوس.

عيد الآباء الأجداد، الذي يُحتفل به في الأحد الأول بعد 11 كانون الأول، تُحيي الكنيسة وتكرم أجداد المسيح في الجسد، الذين عاشوا يرضون الله، أي آدم الأب، أخنوخ ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب والآثنا عشر بطاركة وموسى، وداود، ودانيال والفتية الثلاثة، زكريا ويوحنا السابق المسيح وجميع الآباء القديسين في العهد القديم قبل وما بعد الناموس.

بهذه المناسبة ترأس صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي في كنيسة الآباء الأجداد في بلدة الرعاة بيت ساحور، يشاركه سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس، سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس، سيادة رئيس أساقفة طابور كيريوس ميثوذيوس، سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم، قدس الأرشمندريت نيكتاريوس الكامارس الكبير، الرئيس الروحي في بيت جالا وبيت ساحور قدس الأرشمندريت إغناطيوس، كهنة الرعية قدس الأب عيسى، قدس الأب سابا، قدس الأب يوحنا، وقدس الأب جوارجيوس. وشارك أبناء الرعية في بيت ساحور والمنطقة بخدمة القداس الإلهي، وحضر أيضاً القنصل اليوناني العام في القدس السيد إيفانجيلوس فليوراس ورئيس البلدية السيد هاني الحايك.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الآباء الأجداد القديسين في مدينة بيت ساحور  

   كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 يكرز القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: لا يمكن إعطاء وصف لنسب المسيح من جهة لاهوته ولكن نسبَهُ هو بحسب طبيعته البشرية، إذ صار من نسل البشر لأنه صار ابن الإنسان لكي يخلص الإنسان.

    أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

    أيها المسيحيون الأتقياء

إنّ نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في هذا المكان والموضع المقدس في قرية الرعاة حيث ملاك الرب بشرنا نحن البشر بالفرح العظيم، وحيثُ هنا ظهر مع الملاكِ جمهورٌ من الجند السماوي يسبحون الله قائلين: الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ (لوقا 2: 14)، لكي بشكر نعيد لتذكار الذين قبل شريعة موسى والذين على عهد الشريعة أجداد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بالجسد. وخاصةً إبراهيم رئيس الآباء أول من أُعطيّ إليه الوعد من الله قائلا له: وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ (تكوين 12: 3)

     حقاً كما يقول الكتاب المقدس انه أُعطيّ لإبراهيم الوعد لأنه سمع لوصيه الله انه ستتبارك بواحدٍ من نسلهِ، الذي هو المسيح، كل شعوب الأرض وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي (تكوين 22: 18) وبحسب المزمور يَكُونُ اسْمُهُ” أي المسيح” إِلَى الدَّهْرِ، وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ. (مز 71: 17) وأما أرضُ الميعاد ليست هي إلا ارض فلسطين المباركة ولاسيما مدينه بيت لحم والتي فيها بحسب شهادة الانجيلي لوقا الصادقة أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. (لوقا 2 :11 )

إنّ كنيسة المسيح المقدسة تُكَرِمُ تذكار الآباء الجدود القديسين لكي تبرهنَ بفم الرسول بطرس أَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. (2 بطرس1: 16)

   يشير الآباء الجدود بشكلٍ عام والانبياء بشكلٍ خاص لهذه العظمة والجلال تحديداً في التاريخ البشري لقوة وحضور ابن كلمه الله من جهة الآب وابن الانسان من جهة أمِهِ.

   إنّ تأنس وتجسد كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح من دماء النقية العذراء مريم ومن الروح القدس يشكل حدثاً عالمياً لا جدال فيه يشهد عليه تاريخ العالم المقدس من جهةٍ. وأيضا في نفس الوقت يشكل سراً كبيراً لا يستطيعُ أن يفهمهُ ويدركهُ العقل البشري أي المنطق البشري كما يقول الرسول بولس وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ، تَبَرَّرَ فِي الرُّوحِ، تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ، كُرِزَ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، أُومِنَ بِهِ فِي الْعَالَمِ، رُفِعَ فِي الْمَجْدِ. (1تيم 3: 16) 

ويشير القديس غريغوريوس بالاماس لسر حسن العبادة الإلهي العظيم هذا أي سر التدبير ويتساءلُ قائلاً كيف سيتم وصف نسب من كان في البدء عند الله وهو إلهٌ، الذي هو كلمةُ الله وابنه؟ الذي لم يكن لهُ أبٌ” بحسب الجسد” قبلهُ، ولهُ اسمٌ مع الآب “يفوقُ كل اسمٍ” (في 2: 9).

   حقاً أيها الإخوة الأحبة إن نسب المسيح يتم وصفه بحسب طبيعته البشرية، أي بشريته التي أخذها من أجل خلاصنا نحن البشر كما يقول الحكيم بولس الرسول أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ. (2تس 2: 13).

وبحسب تفسير زيغافينوس فإن كلمة الله قد صار إنساناً لا ليتهرب من أهواءِنا لم يحتقر ضعفاتنا البشرية غير الخاطئة يل أخذ كل طبيعتنا البشرية ما عدا الخطيئة، فالمسيح لهذا جاء لا لكي يتهرب من خطايانا وأهواءنا بل لكي يُطهرنا منها بفضائله كطبيب وليس كقاضي.

    وأما ما يخصُّ بالطبيعة الإلهية أي ألوهة يسوع المسيح فهي لا يُسبر غورها ولا تُدرك فاللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ. (يوحنا 1: 18) كما يعلم القديس يوحنا الإنجيلي وكما يكرز الرسول بولس الله وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ. (1تيم 6: 16) وكما يقول الرب وَقَالَ: لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ (خروج 33: 20) ولكن في الحياة الأخرى فإن الكاملين سيعاينونه كما يؤكد الرب بذلك طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ.(متى 5: 8).

فلهذا نحن مدعوون أيها الإخوة الأحبة لكي نطهر قلوبنا وأن يؤهلنا لكي نسجد باستحقاق للمسيح المولود الذي أَرْسَلَ عَبْدَهُ فِي سَاعَةِ الْعَشَاءِ لِيَقُولَ لِلْمَدْعُوِّينَ: تَعَالَوْا لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ أُعِدَّ. (لوقا 14: 16-17) كما سمعنا في قراءة انجيل اليوم، ويفسر القديس كيرلس أقوال الإنجيل هذه قائلاً: : إن الله الآب قد أعدّ لسكان الأرض في المسيح المواهب التي تُعطى للعالم من خلاله، كغفران للخطايا، والتبني المجيد، وشركة الروح القدس، وملكوت السماوات. وأما القديس بولس الرسول فيقول: وَلَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. (غلا 4: 4)

   ولنسمع مرتل الكنيسة الذي يهتف قائلاً: “أيُها المُحِبُ البَشر بِما أَنَّك إِلهُ السلامِ وأبو المراحم فقد أرسلتَ لنا رسولَ رأيكَ العظيم مانحاً إيانا سَلامكْ فلذلك إذ قد اهتدينا إلى نور المعرفة الإلهية فنحن نَدَّلج من الليل مُمجدين تنازلك. 

     إن ملاك “رسول الرأي العظيم لله الآب” أي نور المعرفة الإلهية ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي هيأّ له الأجداد وتنبأ به الأنبياء، فلنسارع نحن بالتوبة لكي بشفاعات الفائقة البركات والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتوسلات من نُعيد له اليوم أبينا الجليل في القديسين اسبيريدون الصانع العجائب حتى نحظى نحن أيضاً بإعادة ولادتنا الروحية من جهة وتجديدنا الجسدي من الجهة الأخرى.

آمين

كل عام وأنتم بألف بخير

أعياد ميلادية مجيدة

مكتب السكرتارية العامة