1

الأحد بعد الفصح-أحد توما في البطريركية

احتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 23 نيسان 2023 (10 نيسان شرقي) بالأحد بعد الفصح المجيد المعروف بأحد توما الرسول. في هذا اليوم تقيم الكنيسة تذكار حدث ظهور الرب يسوع المسيح لتلاميذه بعد ثمانية أيام من قيامته المجيدة من بين الأموات (إنجيل يوحنا الإصحاح 20 عدد 24-31) أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ” الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!». ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا». وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ”.

في هذه المناسبة أقيمت في القبر المقدس القابل الحياة في كنيسة القيامة خدمة القداس الإلهي ترأسها سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس يشاركه سيادة المتروبوليت يوانيكيوس من كنيسة الجبل الأسود, سيادة رئيس أساقفة قطر كيريوس مكاريوس وآباء من أخوية القبر المقدس. قاد الترتيل سيادة رئيس أساقفة مادبا كيريوس أريستوفولوس والشماش المتوحد الأب سيميون, بحضور القنصل اليوناني العام في القدس ومصلين وحجاج من البلاد وخارجها.

بعد القداس توجه سيادة المطران مع الآباء الى مقر البطريركية.

كذلك تم الإحتفال بهذا العيد في قانا الجليل حيث حوّل الرب الماء الى خمر في العرس, حيث ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي في كنيسة دير قانا الجليل يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, قدس الأرشمندريت بينيذكتوس الرئيس الروحي لدير قانا الجليل, آباء من أخوية القبر المقدس وآباء من منطقة الجليل.

بعد مائدة الغذاء قام صاحب الغبطة بزيارة رعوية لأبناء الرعية التي خدمها في الماضي كأرشمندريت ورئيس روحي لدير قانا الجليل.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في أحد توما في قانا الجليل 23/4/2023

   تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

   “هلمّوا بنا نشربُ مشروباً جديداً، ليسَ مستخرجاً بآيةٍ باهرةَ من صخرةٍ صماءَ، لكنهُ ينبوعُ عدمِ الفساد. بفيضانِ المسيحِ من القبر الذي بهِ نتَشَدَد”. هكذا يهتف القديس يوحنا الدمشقي.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    إن نعمة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي احتمل الصلب وأبطل الموت وقام من بين الأموات قد جمعنا اليوم ههنا في قانا الجليل، في هذا المكان والموضع المقدس الذي ورد ذكره في الإنجيل لكي بفرحٍ فصحي نعيّد لظهور مجد المسيح عبر العلامات والعجائب ولتجديد قيامة المسيح وتفتيش القديس توما الرسول.

    إن قيامة المسيح تُشكل حجر الزاوية لإيماننا المسيحي بشهادة القديس الرسول بولسوَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُم (1كور 15: 14) وأيضاً إن قيامة المسيح هي الحقيقة وهي الإجابة، أي الإجابة على سؤال بيلاطس ما هُوَ الْحَقُّ؟ (يوحنا 18: 38) إن هذا الاعتراف قد كرز به الرب بنفسه بدالة وبمجاهرة قائلاً: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ (يوحنا 14: 6) وأَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ (يوحنا 11: 25).

    إن الاعتراف هذا قد أكده المسيح عبر ظهورات عديدة أمام تلاميذه بعد قيامته كما يشهد القديس الإنجيلي لوقا في سفر أعمال الرسل قائلاً: الَّذِينَ أَرَاهُمْ “يسوع” أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ “للرسل أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ. (أعمال 1: 3).

    إن حضور المسيح وتواجده معنا نحظى به أيها الإخوة الأحبة من خلال جسد الإله المتأنس الذي هو الكنيسة ورأس الجسد هو الكنيسة كما يقول الرسول بولس. (كو 1: 18) وهذا يعني أن المسيح هو الذي يدعونا أن نأتي ونفتش جسده كتوما آخرين وذلك عبر مشاركتنا ومساهمتنا في سر البركة الإلهية أي القداس الإلهي، كما يؤكد بوضوح القديس كيرلس الإسكندري قائلاً: إن المسيح يزورنا ويظهر لنا جميعا بصورة غير منظورة وأيضاً بصورة منظورة؛ فبصورة غير منظورة كإلهٍ، وأيضاً بصورة منظورة في الجسد فهو يدعنا نلمس جسده المقدس ويعطينا إياه لأننا بواسطة نعمة الله يسمح لنا بالاشتراك في البركة السرية أي “الإفخارستيا” إذ نأخذ المسيح في أيدينا لكي نؤمن بكل يقين أنه أقام حقاً هيكل جسده.

    وبكلام آخر إن تناول جسد ودم المسيح يشكل بحد ذاته اعتراف بقيامة المسيح إذ قال هو مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌ مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ (يوحنا 6: 45-56).

       إن دم المسيح هو المشروب الجديد والذين نحن مدعوون أن نشربه من قبل مرنم التسابيح، إن هذا المشروب ينبع من قبر المسيح وهو دمه المقدس المهراق مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. (متى 26: 28). ويُفسر القديس اندراوس الكريتي الأوروشليمي عن أهمية دم وجسد المسيح إذ يقول: أيها المسيح الكلمة أنت بذلت جسدك ودمك عن الكل لما صلبت، فجسدك منحته لكي تُعيد بهِ جبلتي ودمك لترحضني به وأسلمت روحك لكي تدخلني إلى والدك.

     هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يوحنا 2: 11) وكما هو معروفٌ أن يسوع قد صنع عجيبتين هنا في قانا الجليل، فمن جهة: قد قدس وبارك العرس من خلال حضور المسيح الطبيعي في العرس. فالقديس كيرلس الإسكندري يقول: “إن الزواج المُكَرم تَقَدَسَ ولعنة المرأة أُزيلت ومن الجهة الأخرى، تحول الماء إلى خمر من خلال قوة المسيح التي لا توصف إذ تحول الماء إلى خمرٍ بقدرةٍ لا يُنطق بها فهل يعسر شيءٌ على من يستطيع أن يفعل كل شيء؟ كما يفسر أيضاً للقديس كيرلس الإسكندري.

    وأما بحسب كليمنضس الإسكندري فإن الخمر في عرس قانا الجليل يرمز إلى دم المسيح فالكتاب المقدس يُسمي الخمر رمزاً سرياً، وذلك لأن الخمر هو الذي يُقدَم ويُمثل دم المسيح، وأظهر ههنا أن الخمر هو الشيء المبارك الذي أكده (يسوع) لتلاميذه لاحقاً: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي. (متى 26: 29).

     وبكلام آخر إن تلاميذ الرب وجميع المؤمنين به سيشاركون في فرح المسيح وهو سيشارك فرح تلاميذه في ملكوت أبيه وكما يقول البار أمونيوس: إن شرب الخمر لا يشبع الحاجة فقط بل يمنح الحواس متعاً ولذّات متعددة وأما بعد القيامة من بين الأموات والتي سيتم فيها طرح وإلغاء فساد الأجساد البشرية، فإن طبيعة كل الأشياء ستنتقل إلى مكان متجدد حتى إن فرحنا سيكون جديداً من خلال المسيح مخلص الجميع الذي يغرس فيه فرحه الخاص كغزيرة فطرية في نفوس محبيه.

      لهذا الفرح والابتهاج الغريزي الفطري الخاص لمخلصنا المسيح هو بالضبط ما نحن مدعوون لتثبيته في قلوبنا أيها الإخوة الأحبة في زمن قيامة المسيح سامعين لما توصينا به العذراء مريم والدة الإله: مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ (يوحنا 2: 5) وذلك لأننا نتشدد بالمسيح القائم من بين الأموات كما يقول القديس يوحنا الدمشقي مرنم الكنيسة الذي يستشهد بالكتاب القائل “يا رب ثبت قلبي”. (1 ملوك 2: 1). إن ثباتنا ليس هو إلا إيماننا بقيامة المسيح وتناول جسده ودمه الكريمين المقدسين لهذا فإننا مدعوون جميعاً عبر مرنم الكنيسة قائلاً لنا:” هلّموا بنا في يوم القيامة المشهور نشارك ملكوت المسيح عصير الكرمة الجديد الذي للفرح الإلهي مسبحينه بما أنه الإله إلى الدهور. آمين

المسيح قام

كل عام وأنتم بألف خير

مكتب السكرتارية العامة