1

الإحتفال بأحد السامرية في البطريركية

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 14 أيار 2023 (1 أيار شرقي) بأحد السامرية في دير بئر يعقوب في مدينة نابلس.

يذكر الإنجيلي يوحنا (إصحاح 4) قصة المرأة السامرية من  مدينة سوخار وحوارها مع الرب يسوع عند بئر يعقوب:

فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ، بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ. وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَر، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ»، وهذا الحوار جعل المرأة السامريّة تكشف عن ذاتها بالكليّة أمام الرّب يسوع المسيح لمجرّد أنّها شعرت بمحبّته الصادقة, “اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا. قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ”.
 
المرأة السامرية هي القديسة فوتيني التي أصبحت مع كل عائلتها شاهدة للمسيح.
 
بجانب البئر على الكنيسة البيزنطية المحفورة، أقام الرئيس الروحي لدير بئر يعقوب قدس الأرشمندريت يوستينوس كنيسة رائعة تكريما للقديس فوتيني.
 
في هذه الكنيسة  أقيمت خدمة القداس الإلهي ترأسها صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة رئيس أساقفة يافا كيريوس ذماسكينوس، سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس، سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم، الأرشمندريت نكتاريوس والأرشمندريت ميليتوس، المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس والشماس المتوحد الأب ذوسيذيوس.
 
بعد القداس الإلهي أقيمت دورة الزيّاح, ثم أعد الرئيس الروحي للدير الأرشمندريت يوستينوس مأدبة غذاء.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد السامرية في مدينة نابلس

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

قَالَ يسوع للمرأة السامرية لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّاً “(يو 4: 10)

   أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،

   أيها المسيحيون الزوار الأتقياء،

    إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا في هذا الاجتماع الشكري أي القداس الإلهي لكي نعيد فصحيّاً بفرحٍ وابتهاج لتذكار المرأة السامرية التي تحدثت مع يسوع عند بئر يعقوب رئيس الآباء في هذه الكنيسة المقدسة.

    لقد أصبح تلاميذ الرب شهود عيان لهذا الحدث الصائر كما يقول الرسول بطرس في سفر أعمال الرسل  وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ.(أعمال 10 :38-39 )

    حقاً إن المسيح لم يحصر إحسانه في مدينة واحدة ولا انتظر من المحسنين أن يأتوا إليه ولكنه هو كان ينتقل إليهم سائراً وماشياً على الأقدام في جميع أنحاء فلسطين، كما حدث مع المرأة السامرية التي كشف لها الرب عن نفسه.

    ولنسمع مايقوله القديس كيرلس الإسكندري بهذا الصدد :إن المسيح لا يُعلن ذاته للنفوس الجاهلة جهلاً مطبقاً بل يشرق ويظهر لأولئك الذين هم أكثر استعداداً واشتياقاً للتعلم وبالرغم من أولئك الذين يتصعبون في بداية إيمانهم بكلمات بسيطة إلا أنهم ينطلقون إلى معرفة ما هو أكثر كمالاً.

    وحول قول المسيح: ” لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا”، فأجابت المرأة السامرية المسيح سائلةً إياه: مِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟(يوحنا 4: 11). ويفسر القديس كيرلس الإسكندري هذا القول: إن الماء الحي بحسب فهم المرأة السامرية هو الماء العذب المتدفق حديثاً من عيون النبع.

    إن سؤال المرأة السامرية هو سؤال كثير من الناس الذين إيمانهم ليس ثابتاً وذلك لأنهم لم يسمعوا لأقوال الرب كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (يوحنا 6: 68) لأن المسيح نفسه معلماً اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ(يوحنا 6: 63).

     إن المسيح أيها الإخوة الأحبة هو النعمة الإلهية وينبوع الحياة الذي لا ينضب، عدا عن هذا فإنه قال للمرأة السامرية:  وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ (يوحنا 4: 14) فالمسيح هو مخلصنا عنصر الحياة فمرنم الكنيسة “الذي سمع لصوت المرأة السامرية التي اقتبلت التغيير العجيب الذي صار لها بنعمة ربنا يسوع المسيح”، يحثنا قائلاً: هلموا وانظروا الإله عالم الخفايا الذي حضر بالجسد لأجل خلاص جنس البشر.

    لأنك أحببت الحق وأوضحت لي غوامض حكمتك ومستوراتها (مزمور 50: 8) كما يقول النبي الملك داؤود في المزامير. تلك هي بالفعل غوامض حكمة الله ومستوراتها التي كشفها المسيح للمرأة السامرية قائلاً: اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا (يوحنا 4: 24)

    ويفسر ما سبق القديس كيرلس الإسكندري قائلاً: الله يقبل الساجد بالروح والحق الذي لا يحمل في الشكل أو المثال صورة التقوى اليهودية لكنه بطريقة الإنجيل يسطع بمماراسات الفضيلة وباستقامة التعاليم الإلهية وهكذا يتمم العبادة الحقيقية الصادقة.

    بكلام آخر إن الساجد الحقيقي أي المسيحي هو الذي يعيش وفق تعاليم إنجيل المسيح ولا يكفي أن نعبد الله فقط بذهننا وفكرنا أو بالأحرى أن نقول عبادة نظرية بل يجب أن تكون عبادة عملية وذلك من خلال مشاركتنا حياة الكنيسة من خلال الأسرار الإلهية وذلك لأن الكنيسة هي جسد المسيح كما يقول معلمنا القديس الرسول بولس وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا.(1كور 12: 27) وكما يقول الرب مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.(يوحنا 6: 56) لهذا فإن طهارة حياتنا واستقامة عقائدنا أي إيماننا الأرثوذكسي القويم يُشكلان العبادة الحقيقية لله وذلك لأن المفسر زيغافينوس يقول: إن العبادة الروحية هي التواضع لأن الذبيحة لله كما يقول الكتاب روحٌ منسحق.

     القلب المتخشع المتواضع لا يرذله الله أي أنه لا يحتقره (مزمور 50: 19) كما يقول صاحب المزمور. حقاً إن المسيح ابن وكلمة الله لم يتجنب ولم يتهرب أَنْ يُعَرِّفَ ويكشف   للمرأة السامرية مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ(كول 1: 25-26) والتي اليوم كنيسة المسيح المقدسة تُكرمها وتُعيد لها في موطنها ومسقط رأسها من جهةٍ، وتعرضها لنا الكنيسة أمامنا كمثلاً ونموذجاً للتواضع والقلب المنسحق حتى نقتدي بها من جهةٍ أخرى.

    لهذا فمع المرنم نهتف ونقول: إن الإنسان المقتبل شريعتك الإلهية يخمد بها جمر الضلالة فلذلك من امتلائه منك لا يجوع ولا يعطش إلى الأبد أيها السيد الملك السماوي فلذلك نمجد عزتك أيها المسيح الإله مبتغيين أن تُرسل لعبيدك صفح الخطايا بسعةٍ. آمين

المسيح قام  حقاً قام

مكتب السكرتارية العامة