ألإحتفال بميلاد والدة الإله الفائق قدسها في بيت جالا

 

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 24 أيلول 2023 (11 أيلول شرقي) بميلاد والدة الإله الفائق قدسها الدائمة البتولية مريم. وأقيمت خدمة القداس الإلهي الإحتفالي بكنيسة ميلاد السيدة في بلدة بيت جالا التي تعود للقرن التاسع ميلادي.

 الرئيس الروحي في  لبيت جالا قدس الأرشمندريت إغناطيوس كان في إستقبال صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث مع آباء الرعية ووجهاء وأبناء الرعية وفرق الكشافة, ثم ترأس صاحب الغبطة خدمة القداس الإلهي  يشاركه سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم, قدس الأرشمندريت إيرونيموس, رئيس مزار كنيسة القديس جوارجيوس في بيت جالا  قدس الأب بورفيريوس, آباء الرعية الأورثوذكسية في بيت جالا قدس الأب بولس, قدس الأب يوسف, قدس الأب الياس, والمتقدم في الشمامسة الأب ماركوس. وحضر القداس الإلهي عدد كبير من أبناء الرعية.

بعد القداس الإلهي أأقيم حفل استقبال في القاعة المجاورة للكنيسة، ثم تناولت وجبة طعام بحضور الحاشية البطريركية ورئيس البلدية ومندوب عن رئيس اللجنة الفلسطينية الكنسية العليا السيد رمزي خوري.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليمكيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد ميلاد العذراء مريم والدة الإله في بيت جالا

كلمة البطريرك تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 يهتف مرنم الكنيسة قائلاً:” ميلادُكِ يا والدةَ الإله، بشَّرَ وأنذر بالفرحِ لكل المسكونةَ. لأنَّهُ منكِ أشرقَ شمسُ العَدلِ المسيحُ إلهُنا. حلَّ اللّعنةَ ووهبَ البركة، وأبطلَ الموتَ ومنحَنا الحياةَ الأبديّة.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    إن نعمة الروح القدس وقوة العلي التي ظللت العذراء مريم قد جمعتنا اليوم في هذه الكنيسة الفائقة الجمال التي تحمل اسمها لكي نُعيّد لميلادها، سامعين لما يوصينا به أبينا القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: هلمّ يا جميع الأمم ويا أيها البشر الذين من كلّ عرقٍ وكل لغةٍ وكل جيلٍ وكل رتبةٍ، ولنعيّد ببهجةِ لمولد بهجة العالم برمّته.

    حقاً إن هذا الحدث “ميلاد سيدتنا الفائقة البركات المجيدة والدة الإله الدائمة البتولية مريم هو بهجة العالم وذلك لأنه كما يقول فيها المرنم: فيكِ أيتها النقية سر الثالوث مُسبح وممجد.  فالآب سُرَّ وارتضى، والكلمة حلّ بيننا، والروح الإلهي ظللك. لقد كنت المبخرة الذهبية، يا والدة الإله الطاهرة، لأن النار اتخذت مسكنها في بطنك: الكلمة من الروح القدس؛ وظهر فيك بشكل إنساني.

    إن ميلاد العذراء مريم والدة الإله هو بدء خلاص العالم أي انحلال اللعنة من جهةٍ وإلغاء الموت من الجهة الأخرى، فإن آدم وحواء كانا يرزحا تحت ناموس الخطيئة واللعنة والموت بسبب عصيانهما لوصية الله وعلى العكس تماماً فإنه بالعذراء مريم والممتلئة نعمة التي صارت أماً لشمس العدل أي المسيح قد تبشر بالفرح لكل المسكونة.

    إن ميلاد والدة الإله العذراء قد بشر وأنذر بالفرح لكل المسكونة وذلك لأنه كما يقول القديس يوحنا الدمشقي: إن والدة الإله العذراء مريم قد ولدت للعالم كنزاً لا يبلى من الخيرات وبها حوّل الخالق كل الطبيعة من خلال طبيعة المسيح البشرية لأنه إذا كان الإنسان الذي يقف متوسطاً ما بين العقل والمادة فبالتالي يربط كل الخليقة المنظورة وغير المنظورة، فكلمة الله بعد اتحاده بطبيعة البشر (بواسطة العذراء مريم) اتحد من خلالها بالخليقة كلها.

    إن ميلاد العذراء مريم قد سبق وأنبأ بالحرية ليس فقط للإنسانية بل للخليقة كلها من عبودية الفساد والموت لهذا فإن الرسول بولس يقول: لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ.(رومية 8: 21) وأيضاً إن ميلاد والدة الإله العذراء مريم قد أظهر فعل السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ (كولوسي 1: 26) وكما يهتف النبي اشعياء وَلكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ.(اشعياء 7: 14) ، فالابن عمانوئيل المولود منها ليس هو إلا المسيح الظاهر كما يقول المرنم: أيتها العذراء الطاهرة والدة الإله إننا نحتفل بمولدك المقدس ونسجد بإيمان لميلادك المقدس الذي حسب الوعد والذي به المسيح الظاهر افتدانا من اللعنة القديمة.

    ومن الجدير بالذكر أقوال النبي عاموس والتي يقول فيها فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مِظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ (عاموس 9: 11) ويرى القديس كيرلس الإسكندري أقوال النبي عاموس أنه في المسيح ستكون قيامة المسكن الإنساني أي الجسد البشري قائلاً: إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. (2 كور 5: 17) فبحسب الكتب والنبوءات بأننا سنقوم نحن أيضاً لأنه إن كان الموت هدم جميع مساكن البشر أي أجسادهم فالله الآب في المسيح أعاد بناءها.

    وأما مرنم الكنيسة فإنه يرى في ميلاد العذراء مريم نموذج ومثال خلاص الإنسان في قيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي يقول: قدْ تمتْ نبوة النبي الهاتف قائلاً سأقيم خباءَ داود الشريف بعد تقويضهِ وقد تم رسمهِ فيكِ. يا من كلّ تراب جبلة البشر قد أعيد بها جبلهُ جسداً لله.

    إن ميلاد والدة الإله العذراء مريم الطاهرة التي حفظت عفتها وبتوليتها لها أهمية خاصة لكنيسة المسيح والتي هي بحسب الرسول العظيم بولس: هي جسد المسيح (كول 1: 24) وَالمسيح هُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. (كول 1: 18) وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ أي الكنيسة. (أفسس 5: 23).

    وبكلام آخر في شخص العذراء مريم الفائقة البركات المجيدة نرى سر التدبير الإلهي الذي به أخذ ابن وكلمة الله الآب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح جسداً من دماء النقية الدائمة البتولية مريم وأعاد بهذا الجسد جبلة كل الجنس البشري الترابي. لأن القديس يوحنا الدمشقي يكرز قائلاً: وبمقتضى رغبة الآب لم يتجسد الكلمة ويسكن فيما بيننا البتة عبر اتحاد طبيعيّ بل بما يفوق نواميس الطبيعة: من الروح القدس والعذراء مريم وذلك لأن اتحاد الله مع البشر إنما يتم بالروح القدس.

    اليوم أيها الإخوة الأحبة إن كنيستنا المقدسة تدعونا من خلال الصديقين يواكيم وحنة الذين كانوا سبب وعلة ابتهاج العالم وفرح المسكونة وذلك بولادتهم ابنتهم الفائقة القداسة والدة الإله لكي نعيد معاً لهذه العطية الإلهية العظيمة لنا نحن البشر من جهةٍ واضعين كل رجاءنا عليه ونتضرع الى الله أن يمنح شعبنا السلام والعدل الذي منحه ليواكيم وحنة الذي حررهما بها من لعنة الجدين الاولين وليغدق ربنا وإلهنا على رئيس دولة فلسطين السيد مجمود عباس أبو مازن القوة في القيادة الحكيمة والاستنارة الإلهية. ومع المرنم نهتف ونقول تجدد يا آدم واعظمي يا حواء. وارقصوا طرياً يا ايها الانبياء مع الرسل والصديقين. فان في العالم فرحاً عاماً يشمل الملائكة والبشر. لأن يواكيم وحنة الصديقين قد ولدا اليوم والدة الاله. فإنها وحدها قد أدخلت المسيح وحده إلى المسكونة لخلاص نفوسنا.

كل عام وأنتم بخير

ولتكن السنة الكنسية الجديدة الإنديقيتي سنة مباركة وسنة صلاح للرب

آمين

مكتب السكرتارية العامة