الإحتفال بتذكار إعادة رفات القديس سابا الى ديره

احتفلت البطريركية الاورشليمية  يوم الأربعاء الموافق 26  تشرين الأول 2023 (يعادله  13 تشرين الأول حسب التقويم الشرقي) بتذكار إعادة رفات القديس سابا المتقدس الى لافرا الدير الذي أسسه.

 وضعت البطريركية الاورشليمية هذا العيد في تاريخ 26 تشرين أول غربي اي 13 شرقي من عام 1965 تذكاراً لاعادة ذخائر القديس سابا المتقدس التي أُخذت الى فينيسيا من قِبل الصليبيين وأُعيدت من الكنيسة الكاثوليكية للبطريركية الاورشليمية الأورثوذكسية. رافق الرفات المقدسة آنذاك وفد من البطريركية الأورشليمية مكون من المغبوط المثلث الرحمات متروبوليت البتراء جيرمانوس, المغبوط المثلث الرحمات متروبوليت قيصاريا باسيليوس, المغبوط المثلث الرحمات الرئيس الروحي لدير القديس سابا الأرشمندريت سيرافيم, وسيادة متروبوليت الناصرة الحالي كيريوس كيرياكوس اطال الله في عمره الذي كان شماساً آنذاك.عند وصول الرفات المقدسة للمدينة المقدسة اورشليم ثم إستقبالها عند باب الخليل ثم عُرضت أمام الجمع للتبارك في كنيسة القيامة لمدة أسبوع, بعدها تم الرفات غير المُنحلة المقدسة الى لافرا دير القديس سابا حيث تُحفط حتى هذا اليوم في لارنكا (حيث تُحفظ عظام وذخائر القديسين)  لمساعدة رهبان اللافرا وشفاء ضعفهم وكذلك للحجاج الذين يزورونها.

  أُقيمت صلاة السهرانية في دير القديس سابا المتقدس ترأسها سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم يشاركة الرئيس الروحي للدير قدس الأرشمندريت إفذوكيموس, الرئيس الروحي لدير الرعاة وبيت جالا قدس الأرشمندريت إغناطيوس. ورتل الشماس الأب سيمون مع رهبان الدير. وحضر مصلون من مناطق بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور. وتغيب هذا العام صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بسبب أعمال الحرب المستمرة، إلا أنه أرسل العظة التالية:

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد اعادة رفات القديس سابا المتقدس

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

 نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ، وَفَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ. افْرَحُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ، وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ. (مزمور 96: 11-12) هذا ما يتفوه به مرنم المزمور.

أيها الآباء الأجلاء والإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    رفعت اليوم كنيسة آوروشليم المقدسة مجداً وشكراً للإله الواحد المثلث الأقانيم وذلك لاستعادتها رفات القديس سابا المتقدس إلى ديره العامر الذي يحمل اسمه.

    إن إكرام الكنيسة الأرثوذكسية الرسولية المقدسة لذخائر ورفات قديسيها هو عمل إيمان واعتراف بقيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وذلك لأنه بحسب القديس الرسول بولس فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ!  وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُم ْ (1كور 15: 13-14).

    وبحسب شهادة الكتاب المقدس فإن ذخائر القديسين تتميز من خلال نعمتها التي تنبع من فعل الروح القدس ولنسمع: ماذا يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: يمكن للذي يأتي بإيمان أن يجني فوائد عظيمة فليست أجساد القديسين وحدها ملأى نعمة بل وناووسهم (توابيتهم) ذاتها أيضًا لأنه إذا كان في زمن أليشع قد تمّ شيء من هذا القبيل، إذ مسّ الميت نعش النبي، انحل من قيود الموت وعاد إلى الحياة. فبالأحرى الآن النعمة أغزر وفعل الروح القدس أخصب؟ فمن يمسّ نعش (القديسين) ذاته عن ايمان لا بدّ وأن يجتذب منه منفعة كبرى. ولذلك أبقى الله لنا ذخائر القديسين رغبة منه أن يقودنا إلى تلك الغيرة التي كانت فيهم ويمنحنا ميناء وتطبيبًا حقيقيًا ضد الشر المحيط بنا من جميع الجهات.

 وحقيقة أن ذخائر القديسين المقدسة حاملة لنعمة قوة الروح القدس هي دليل واضح على أن أجساد الأبرار والقديسين الميتة تذيعُ بقيامة المسيح كما يعلم بوضوحٍ القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: “ان القديسين هم كنوز الله ومساكنه النقية. إن الله يقول: “إني أسكن فيهم وأسلك بينهم وأكون إلههم”. (2كور 6: 16)، والكتاب الإلهي يقول: “ان نفوس الصديقين في يد الله فلا يمسهم عذاب (حكمة سليمان 3: 1) وذلك لإن موت القديسين هو بالأحرى نوم لا موت، فإنهم تعبوا إلى الدهر فسيحيون بلا انقضاء. (مز 48: 10) و “كريم أمام الرب موت ابراره” (مز 115 :6). وأي حال يمكن أن يكون أسمى وأشرف من أن يكون أحدٌ ما في يد الله؟ إن الله نور وحياة. والذين هم في يد الله إنما هم في الحياة والنور.

هذه هي تماماً قيامة المسيح النور والحياة الإلهية «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»(يو 8 :12) وأَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، (يو 11: 25) كما يقول الرب 

فها يا إخوتي الأحبة تكمن أهمية الذخائر والرفات المقدسة وهذا هو السبب الذي يجعل كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة تقدم الإكرام الخاص واللازم لذخائر ورفات قديسيها الأبرار ولنسمع أيضاً ما يقوله القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: إن الله يتحد أيضاً اتحاداً عقلياً في أجساد “القديسين”، كما يقول الرسول بولس: «أما تعلمون أنكم هيكل الله وأن روح الله مستقر فيكم؟ (1 كور 6: 19) وأنّ الربّ روح (2كو 3: 17)، وأن من يفسد هيكل الله، يفسده الله (1كو 3: 17). إذاً فكيف لا ينبغي أن نكرم هياكل الله الحية، مساكن الله الحية وذلك لإنهم يحيون منتصبين بدالةٍ في حضرة الله؟

    إن أبينا البار سابا قد تبع المسيح سائراً في نوره لهذا فقد نال نور الحياة أي قيامة المسيح من جهة ومن الجهة الأخرى أصبح جسده الترابي عادم الفساد، إذ إن رفات أبينا البار سابا المتقدس غير البالية وغير الفاسدة تشكل ينبوع لا ينضب يفيض على الدوام بالطيب والأشفية بنعمة الروح القدس.

    لقد ظهر حقاً أبينا البار سابا هيكلاً حياً لله لإن موت القديسين هو بالأحرى نوم لا موت، وكما يشهد مرنم الكنيسة قائلاً: لقد تجاوزت طاقة البشر حقاً في عدم الشرّ ودماثة الخلق والوداعة والبساطة والسكينة أيها الأب، فأصبحت وأنت هيوليّ بيتاً لله مجرداً عن الهيولي عظيم الاستحقاق، توصل إلينا عن شفقة وحنو المواهب التي منحك إياها الله.

    فنحن أيها الإخوة الأحبة الذين نكرم استعادة رفات القديس المتوشح بالله أبينا البار سابا المتقدس نتضرع إليه ونتوسل إلى الفائقة البركات المجيدة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم أم الله ونقول توسلوا إلى المسيح أن يمنح العالم ولمنطقتنا السلام وعظيم الرحمة.

مكتب السكرتارية العامة