صلاة المجدلة الكبرى احتفالاً بالعيد الوطني للثامن والعشرين اكتوبر لسنة 1940

أُقيمت في كنيسة القيامة صباح يوم السبت الموافق 28 تشرين أول 2023 (15 تشرين الأول شرقي) صلاة المجدلة الكبرى احتفالاً بالعيد الوطني الذي يسمى بعد “لا” للثامن والعشرين اكتوبر لسنة 1940, وتُقام هذه الصلاة من كل عام شُكراً لله وللعذراء والدة الإله من الشعب اليوناني وتذكاراً لنفوس الشهداء من المدنيين والمقاتيلن الذين قتلوا على يد النازيين والفاشيين دفاعاً عن وطنهم وتحريره من الاحتلال الالماني النازي من عام 1941 لغاية عام 1944.

ترأس خدمة صلاة المجدلة الكبرى غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في كنيسة القيامة يشاركه أساقفة وآباء أخوية القبر المقدس وبحضور القنصل اليوناني العام في القدس السيد ذيميتريوس أنجيلوسوبولوس وطاقم العاملين في القنصلية وأبناء الجالية اليونانية ورعية البطريركية في القدس.

بعد الصلاة توجه الموكب البطريركي الى دار البطريركية للتهنئة, والقى غبطته كلمة معايدة.

مُعايدة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الاستقلال القومي

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

سعادة قنصل اليونان العام الجزيل الاحترام السيد ديميتريوس أنجيلوسوبولس
الاخوة والآباء الأجلاء
أيها المؤمنون، والزوار الحسني العبادة، الحضور الكريم كلٌ باسمهِ مع حفظ الألقاب،

    بشعور مفعم بالفخر الوطني نحتفل اليوم بالذكرى السنوية 28 أكتوبر 1940 والتي هي من المواقف الرائدة في تاريخ الأمة والشعب اليوناني.

    نحتفل بسطوع نور العدالة على ظلمات الظلم.

    نحتفل بسيادة القيم الأخلاقية العالمية المشتركة التي تغلبت اليونان في الدفاع عنها ضد قوى الجشع والوحشية والبربرية.

    إن يوم 28 أكتوبر 1940 هو مثال مهم لنضال التضحية بالنفس للدفاع عن الشرف والحرية والاستقلال وسلامة الأراضي الوطنية ونموذجاً لآبائنا وإخواننا الأبطال الذين سقطوا. لقد كان هذا النضال نضالاً مقدساً ضد الغطرسة والقوة الاستبدادية للغزوات الوحشية النازية والفاشية ضد إخواننا الأبرياء من بالبشر الذين تم تعذيبهم في معسكرات الاعتقال البغيضة.

لهذا فقد قامت حقارتنا برفقة أعضاء أخوية القبر المقدس الموقرين والشعب التقيّ بالنزول إلى كنيسة القيامة المقدسة حيثُ رفعنا المجدَ والشكر لإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (1 كور 15 : 57 )و كما يؤكد الإنجيلي يوحنا إذ يقول:” أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ (1يو 5 :4).

    وأيضاً صنعنا تذكاراً وتضرعاً من أجل الذكر المغبوط والراحة الأبدية لنفوس الأبطال من آبائنا وإخوتنا الذين سقطوا بعزةٍ وكرامة من أجل أمتنا المسيحية وحماية الوطن وأرضه المباركة.

    أظهرت ملحمة 1940 أن العدالة والسلام ليسا مجرد قيمٍ فلسفية أو نظرية بل لهما طبيعةٌ وكيانٌ إلهي لأن بولس الحكيم يقول لأَنَّ اللهَ لَيْسَ إِلهَ تَشْوِيشٍ بَلْ إِلهُ سَلاَمٍ (1كور 14: 33) وبِرُّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ (2 كور 9:9)

    ونقول هذا لأن تهديد النازية والفاشية ضد الإنسانية قد عاد الآن ويعمل تحت ستار المبادئ الحديثة والتقدم والتطور، وأيضاً عبر القوانين والمفاهيم المتضاربة والمنحرفة حول الغرض والهدف من حياة الإنسان، فلَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ (أي هذه المفاهيم) نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. كما يقول القديس يعقوب أخ الرب ( يع 3 : 15 )

    إن 28 أكتوبر 1940 هو اليوم الذي يرَدَّدُ فيه في جميع أنحاء اليونان الشعار الأبدي” الآن النضال من أجل الجميع” لقد كان هذا النضال نضالاً من أجل الإيمان والوطن والمُثل الروحية للأمة اليونانية، ولقد تم الاعتراف به دولياً باعتباره أعجوبة إيمان اليونانيين بإله العدل ربنا يسوع المسيح وبوالدة الإله الفائقة البركات أمه.

    ومن الجدير بالذكر أيضاً مساهمة الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية من خلال مشاركتها الفعالة لكبار وصغار رجال الدين ولاسيما كهنة الجيش الذين، عززوا الفكر الأخلاقي والوطني لليونانيين الثوار من خلال الأقوال الروحية لإنجيل المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات. وغني عن القول إن من بين الثوار الأبطال الذين سقطوا، يتميز هناك قبور العديد من الكهنة الذين استشهدوا.

    إن احتفال اليوم، ذكرى ملحمة 1940 التي لا تتكرر، لها أهمية خاصة بالنسبة للإنسانية التي امتُحِنَتْ بالحروب والصراعات العنيفة بشكل عام، ومنطقتنا في الشرق الأوسط بشكل خاص، كما يقول الرسول بولساطْلُبِ السَّلاَمَ، وَاسْعَ وَرَاءَه (مز 33 :15) وكما يقول صاحب المزمور وكما يوصي الرسول بولس لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ.. إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. (رو 12: 17 _ 18)

ونحن كخدامٍ للأوامر الإلهية نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ (عبر 12: 2) نتضرع إلى رَبُّ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُعْطِيكُمُ السَّلاَمَ دَائِمًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الرَّبُّ مَعَ جَمِيعِكُمْ. (2 تسالونيكي 3 :16) .إن المَعلم الرائع لملحمة 1940 يدعونا من ناحية إلى اليقظة ومن ناحية أخرى إلى الحفاظ على الوديعة المقدسة للقيم الأخلاقية والروحية للإرث المسيحي اليوناني والإيمان الروميّ الأرثوذكسي والتقليد المقدس التي من أجلها ضحى آباؤنا وإخواننا بدمائهم الثمينة.

وسنرفعُ كأسنا عالياً ونهتفُ قائلين:

عاش الثامن والعشرون من اكتوبر عام 1940،

عاشت اليونان،

عاش الجنس الروميّ الأرثوذكسي التقي

عاشت أخوية القبر المُقدس.

وكل عام وأنتم بألف خير

مكتب السكرتارية العامة