أحد الآباء الأجداد القديسين في البطريركية

احتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأحد الموافق 24 كانون الأول 2023 (12 كانون أول شرقي)، وفقًا للتيبيكون الكنسي ، بعيد الآباء الأجداد القديسين.

في هذا اليوم تُحيي الكنيسة وتكرم أجداد المسيح في الجسد، الذين عاشوا يرضون الله من إبراهيم الذي وعده الرب ” بك تتبارك جميع قبائل الأرض”, حتى جميع الأبرار في العهد القديم الذين حضَّروا وتنبأوا بمجيء المسيح ( المسيّا ) المخلِّص.

بهذه المناسبة ترأس سيادة متروبوليت إيلينوبوليس كيريوس يواكيم  خدمة القداس الإلهي الإحتفالي في كنيسة الآباء الأجداد في بلدة الرعاة بيت ساحور، يشاركه الرئيس الروحي في بيت جالا وبيت ساحور قدس الأرشمندريت إغناطيوس، كهنة الرعية قدس الأب عيسى مصلح، قدس الأب سابا خير، قدس الأب يوحنا رشماوي، وقدس الأب جوارجيوس بنوره. وشارك أبناء الرعية في بيت ساحور والمنطقة بخدمة القداس الإلهي، وحضر أيضاً القنصل اليوناني العام في القدس ذيميتريوس أنجيلوسوبولوس.

صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بعت برسالة معايدة لأبناء الرعية بهذه المناسبة المباركة:

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الآباء والأجداد في مدينة بيت ساحور 

تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

إنَّ المالئَ الكل قد أُفرغ في جسد من أجلنا. والازليَّ قد اقتبل بداءةً. والذي هو كلمة الله أُضجعَ كطفلٍ في مذود البهائم. ليعيد جبلة كل المائتين منذ الأَبد

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

إن نعمة الروح القدس قد جمعتنا اليوم في هذه الكنيسة المقدسة التي تحمل اسم الآباء الأجداد القديسين، في هذا المكان المبارك حيث الرعاة الساهرين والممجدين الله لكي نعيد لتذكارهم الموقر مسبحين ومرتلين الله بالتسبيح الملائكي وقائلين الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَفي أنَّاسٍ الْمَسَرَّةُ (لوقا 2: 14 )

لقد تنبأ اشعياء العظيم الصوت بتجسد كلمه الله قائلاً:” وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ (اش 11: 1) إن جذر يسَّى المشار إليه هو جذر جذع الشجرة اليهودية أي الشعب. ولذلك لأن يسَّى كان والد داود، ومن هنا جاءت وانحدرت سلالة داود التي ولد منها المسيح.

المسيح هو إتمام الشريعة الموسوية والأنبياء، والتاريخ المقدس بدايةً من أب الآباء إبراهيم كما هو مكتوبٌ:” كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ(متى 1 : 1 ).إن هذا الكتاب، أي كتاب ميلاد يسوع المسيح، يشكل تاريخ الإعلان المقدس الذي من خلاله الله عَرَّفَ مُوسَى طُرُقَهُ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مشيئَاتهِ(مز 102 :7 ) من جهةٍ ومن الجهةِ الأخرى:” أَعْلَنَ الرَّبُّ خَلاَصَهُ. وكشف قدَّام الأمم عدلهُ (مز 97 :2 ).

بمعنى آخر، إنّ الآباء والجدود القديسون هم الذين أعلن لهم الله مشيئاتهُ، وبواسطتهم أي من خلالهم أعلن عدله للأمم، أي للوثنيين. فيقول القديس ثيوذورس كيرو: إنّ الرب قدم لجميع البشر مشروب الخلاص وعلّمهم مظهراً لجميع الأمم ملكوت بره.

وبحسب الانجيلي لوقا البشير فإن الانبياء هم الذين سبق وتنبأوا بمجيء البار) اع 7 : 52 ) وتنبأوا ايضا بآلام المسيح ( اع 3 : 18 ) ولنسمع شهادة القديس الرسول بطرس كارزاً :”فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ. وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضًا مِنْ

صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهذِهِ الأَيَّامِ. أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ، وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ…إِلَيْكُمْ أَوَّلًا، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ. ( اع 3 :22-26)

وبكلامٍ آخر إن أقوال الرسول بطرس تؤكد وتبرهن بوضوح بأن الأنبياء وشخصيات أخرى كثيرة من العهد القديم قد سبق وتكلموا وأنبأوا بفتى الله الذي هو ربنا يسوع المسيح، كما كرزَ النبي اشعياء:”هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» ( اش 7 : 14 ) و الملك النبي داوود الذي يقول قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: «اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ» (مز 109 : 1 )

إن النبوءات المذكورة أعلاه تشير الى “المسيَّا” المسيح كلمة الله أي ربنا يسوع المسيح، كلمة الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور، الذي تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس. إن هذا الحدث يؤكده بوضوحٍ مرتل الكنيسة قائلاً:” لقد أصبح بنو ابراهيم انبياءَ الهيين كلّيي الحكمة. فسبقوا عن حرارة قلبٍ وأخبروا بالروح القدس عن الكلمة أنّه يولد من نسل. إبراهيم ويهوذا. فبتضرعاتهم يا يسوع ارأف بنا جميعاً” ولنجتمعن اليوم يا محبي الآباء مسرورين بتذكار الآباء. فنمتدح بحق واجب إبراهيم واسحق ويعقوب. الذين منهم ظهر المسيح الرب متجسداً عن فرط تحننهِ.

إن سبب الاحتفال اليوم بتذكار الآباء والأجداد القديسين، هو أنهُ تمَّ من خلالهم تحديداً ظهور المسيح الرب بالجسد. ولكن إن يسوع المسيح، أيها الإخوة المحبوبون، هو بدون نسب من ناحية لاهوتهِ. إذ لا يمكن إعطاء وصفٌ لنسب للمسيح من جهة لاهوته، كما يعلم القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: “لا يمكن إعطاء وصف لنسب المسيح من جهة لاهوته ولكن نسبَهُ هو بحسب طبيعته البشرية، إذ صار من نسل البشر لأنه صار ابن الإنسان لكي يخلص الإنسان.

ويقول أيضاً القديس غريغوريوس بالاماس متسائلاً فكيف من المعقول أن يكون سلالة نسبٍ لله، الغير الموصوف، والغير المدرك، الذي لا بدء له والأبدي؟ الذي يقول عنه الإنجيلي اللاهوتي يوحنا:”فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. (يوحنا 1: 1). ولم يكن لكلمة الله آباء وأسلاف قبله، وله مع الآب اسمٌ فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ. (في 2 : 9 )

ومن الجدير بالذكر ان القديسين الآباء والأجداد، الذين استناروا من الروح القدس يشهدون ويذيعون كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم، بأن المسيح هو كمال الناموسِ والأنبياء الذي أتمَّ وأكمل التدبير الأبوي، فنحن مدعوون أن نشارك في كمال التدبير الأبوي هذا نحن المؤمنون، أعضاء جسد المسيح أي كنيستهِ، لهذا فإن القديس الرسول بولس يوصي قائلاً :”اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ

حَسَبَ الْمَسِيحِ فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا. وَأَنْتُمْ مَمْلُوؤُونَ فِيهِ، الَّذِي هُوَ رَأْسُ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ (كو 2 :8-10)

ويفسر القديس ثيوفيلاكتوس أقوال القديس الرسول بولس هذه، بأن الله اتحد في طبيعتنا “نحن البشر” ونحن أيضا شاركنا في طبيعته الإلهية، لهذا فإننا نتضرع الى الآباء الأجداد القديسين لكي بتضرعاتهم وتوسلات الفائقة البركات سيدتنا والده الاله الدائمة البتولية مريم ان يؤهلنا ان نعيد لأم الأعياد أي لولادة كلمه الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح في مغارة بيت لحم.

امين

كل عام وأنتم بألف خير

اعياد ميلاديه مجيده

مكتب السكرتارية العامة