إضاءة شجرة عيد الميلاد في فندق الإمبريال في باب الخليل في دفاع مستمر لبطريركية القدس عن الوجود المسيحي في المدينة المقدسة

 في مساء يوم الخميس 9 كانون الاول، قام وفد من بطريركية القدس للروم الأرثوذكس، على رأسهم غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث ويرافقه رؤساء الكنائس في القدس، بترأس حفل استقبال في فندق الإمبريال في باب الخليل للاحتفال بإضاءة شجرة عيد الميلاد.

وأشار بطريرك المدينة المقدسة في كلمته إلى أن إقامة هذا الاحتفال في فندق الإمبريال يهدف إلى إرسال رسالة واضحة للعالم أجمع مفادها أن البطريركية لن تتنازل أو تتراجع عن ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن ممتلكاتها، لإثبات أن معركة الدفاع عن ممتلكات باب الخليل هي قضية وجودية للبطريركية الأرثوذكسية في القدس؛ وأن جميع كنائس الأراضي المقدسة تدعمها في ذلك.

“المتطرفون هم الخطر الحقيقي، لأن المجتمع المسيحي في القدس يعاني على أيديهم من جرائم الكراهية وكذلك التكتيكات المخادعة والترهيب والمحاولات المنهجية لتقليص قدرة المسيحيين على البقاء في منازلهم التاريخية وأحيائهم،” عبر غبطته خلال خطابه الذي ألقاه أمام الشعب من شرفة الفندق.

“إن جهودنا المستمرة من أجل رفاهية مجتمعاتنا دون تمييز، تجعل التحديات والتهديدات التي تواجه المجتمع المسيحي أكثر جدية وقلقاً. إن المجتمع المسيحي ليس فقط مهدد بمثل هذا النشاط، وإنما أيضًا استقرار وصحة المجتمع بأسره مهدد أيضاً.”

تضائل عدد المسيحيين في الأراضي المقدسة إلى مستويات منخفضة تاريخيًا، حيث تم إبعادهم عن منازلهم لعدة عوامل منها الصعوبات الاقتصادية، ونقص فرص العلم والعمل، والتحديات البيروقراطية، والعنف، وتخريب الممتلكات.الآن يمثل المسيحيون حوالي 1٪ من سكان الأراضي المقدسة، بعد أن كانوا يمثلون 12٪ قبل قرن.

وحضر حفل الاستقبال القناصل العامين للدول الأوروبية في القدس، من ضمنهم اليونان وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا. أجواء الاستقبال الدافئة جمعت أيضا الرعايا المسيحية المختلفة في البلدة القديمة بالقدس، الذين انتهزوا الفرصة لتهنئة رؤساء الكنائس بمناسبة عيد الميلاد المجيد وإظهار دعمهم للبطريركية في معركتها للدفاع عن ممتلكاتها في باب الخليل، بما في ذلك الفندق المستضيف، الإمبريال.

بدأ الاستقبال بكلمة ترحبب من مستأجر فندق الإمبريال، السيد أبو الوليد الدجاني، الذي شكر جميع الحاضرين وخاصة غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث على دعمه الثابت للفندق في معركته المستمرة ضد الجماعات المتطرفة الهادفة لإخلاء المبنى.

بعد انتهاء الخطابات تبادل رؤساء الكنائس التهاني بعيد الميلاد مع القناصل، مؤكدين على أهمية الاحتفال والبهجة بميلاد السيد المسيح، وفهم العبر التي تحملها أعجوبة الميلاد القيم الإنسانية لميلاده المجيد.

 




بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية تدين محاولات المستوطنين المساس بأراضيها في دير مار سابا

القدس 2021.11.19
 
أدانت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية النشاط الذي قامت به مجموعة من المستوطنين الاسرائيلين، بحماية الجيش الاسرائيلي، على أراضٍ تابعة لدير مار سابا يوم أمس، وتتمسك بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية بكافة حقوقها في دير مار سابا مؤكدة انها لن تتساهل في محاسبة اي معتدي على أراضيها وعلى رأسهم المجموعات الاستيطانية التي تتربص للنيل من عقاراتها.
 
وفِي هذا السياق، قال الأب عيسى مصلح، الناطق باسم بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، ان غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر اعمال فلسطين والأردن، يتابع بشكل شخصي قضية محاولات الاعتداءات على أراضي دير مار سابا، وان البطريركية تعمل بكافة المجالات القانونية والدبلوماسية لوقف هذه الاعتداءات ولمنعها بكافة الطرق.
 
وأضاف الأب مصلح أن حماية العقارات الأرثوذكسية والحفاظ عليها يتصدر سلم أولويات غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث، خاصة مع ازدياد الاطماع الاستيطانية في الاستيلاء عليها.
 



الاعلان عن اطلاق مشروع حي “لنا” القدس كأكبر مشروع تطوير بنياني في المدينة

عُقد صباح اليوم في مدينة القدس مؤتمر صحفي للاعلان عن إطلاق اكبر مشروع تطوير بنياني في القدس الشرقية باسم حي “لنا” بمنطقة بيت حنينا، في شراكة ما بين بطريركية الروم الارثوذكس المقدسية وشركة مسار العالمية ومقرها في مدينة روابي وسط الضفة الغربية .

وقد شارك بالمؤتمر الصحفي غبطة البطريرك ثيوفيلوس، بطريرك القدس وسائر اعمال فلسطين والاردن، سماحة الشيخ محمد حسين، مفتي الديار الفلسطينية، السيد بشار المصري، رئيس مجلس ادارة شركة مسار العالمية،  وحضور الشيخ عزام الخطيب، مدير دائرة الاوقاف الاسلامية، والقنصل اليوناني العام في القدس السيد ايفانجيلوس فليوراس، ومعالي السيد حنا عميرة والسفير عيسى قسيسية ممثلان عن اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، ورجل الاعمال المقدسي جلال ناصر الدين، ولفيف من المطارنة والشخصيات الوطنية المقدسية.

وافتتح المؤتمر الصحفي المهندسة ايناس موسى الوعري، مديرة المشروع، بوصف لحي “لنا ” وما يحتويه من ٤٠٠ شقة سكنية ومركز تجاري يضم متاجر لأشهر الماركات العالمية، ودور سينما، ومطاعم ومقاهي، ومكاتب، بالاضافة الى مدرسة نموذجية وحضانة ومساحات خضراء للترفيه.

كما القت المهندسة الوعري الضوء على جانب تطوير البنية التحتية للمشروع ومحيطه بحيث سيكون هناك ما بين ٣ الى ٤ طوابق من مواقف السيارات أسفل المباني، وتوسعة شاملة لشبكة الطرق المحيطة بالمشروع الذي يبعد 15 دقيقة عن البلدة القديمة بالقدس.

وكان اول المتحدثين، غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث ، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين والاردن، الذي بارك اللقاء وانطلاقة المشروع مضيفاً إلى أن “الرحلة التي استغرقت عقدًا من الزمن، والتي جلبتنا هنا اليوم،” مشيراً إلى رحلة الحصول على التراخيص اللازمة لبدء المشروع، “كانت مليئة بالتحديات والبهجة”. مشدداً على ضرورة التركيز على ما هو ايجابي لكي نحصل على النتائج المرجوة، وبهذا، قال غبطته: “سينعم مجتمعنا وينمو بقوة”. كما عبّر غبطته عن امتنانه العميق والثابت لكل من شارك في هذا المشروع.

وأوضح غبطة بطريرك القدس ان مشروع “لنا” للتطوير السكني هو رمز للتعاون بين بطريركية الروم الارثوذكس المقدسية والمجتمع المحلي الأوسع لتحسين مستويات المعيشة، وتوفير السكن، وفرص العمل لآلاف المواطنين في القدس، لا سيما في ظل التحديات الصعبة التي تشهدها مدينتنا المقدسة ومجتمعها.

مضيفاً “إن رؤية صديقنا وشريكنا، السيد بشار المصري، في خلق تجربة معيشية مجتمعية شاملة، تجعل من مشروع “لنا” نموذجًا للتفكير التقدمي في مجال المعيشة المجتمعية”.

كما اشاد غبطة البطريرك ثيوفيلوس بالرعية الأرثوذكسية المحلي في القدس التي طالما كانت تطمح لتحقيق هذا الحلم والمضي قدمًا في مثل هذا المشروع الضخم، معلناً أن رعية الكنيسة الارثوذكسية ستظل مشاركة في هذا الإنجاز من خلال لجنة مكونة من تسعة أعضاء تكون مسؤولة عن الفحص المستقل، واختيار المرشحين للمنح المالية لشراء الوحدات السكنية. ويترأس هذه اللجنة معالي السيد حنا عميرة.

كما تحدث غبطته عن ميزة العيش المشترك بين مجتمعاتنا المسيحية والإسلامية، التي توجت بالعهدة العمرية منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وصولاً إلى الوصاية الهاشمية في ظل صاحب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.

وبدورة، اشاد سماحة الشيخ محمد حسين، مفتي الديار المقدسة بمشروع “لنا” التطويري، حامداً الله بأن “جعلنا من سَـدَنة المقدسات المسيحية والاسلامية”. وأضاف سماحته أنه “لنا حياة وتطلعات في القدس” والسكن والمساكن هي جزء من مقومات الرباط الحاضر والمستقبلي.

وقدم سماحته الشكر لغبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث على مساهمته في تعزيز صمود المقدسيين، كما شكر مطوُر المشروع، السيد بشار المصري، على إخراجه هذا المشروع الى النور، مطالباً رجال الأعمال الفلسطينيين والعرب بالحذو حذوه والاستثمار في القدس.

وختم سماحة مفتي الديار الفلسطينية كلمته بالقول ” مباركة هذه الجهود، ونسأل الله المزيد منها حتى نيل حقوقنا السياسية والدينية والاجتماعية نحو حياة امنة كما كانت ايام دعوة السيد المسيح عليه السلام، وايام اسراء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الى القدس، وايام العهدة العمرية التي تعتبر أساس الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين في هذه الأرض”.

اما مطوّر المشروع، السيد بشار المصري، رئيس مجلس ادارة شركة مسار العالمية، شريكة بطريركية الروم الارثوذكس المقدسية في هذا المشروع الضخم، فقال ان قيمة المشروع تبلغ مليار شيكل ومضى على السعي للحصول على التراخيص اللازمة مدة عشر سنوات تكللت بالنجاح بفضل الجهد والتعب والالتزام والتعاون الكامل مع بطريركية الروم الارثوذكس المقدسية.  وتقدم بالشكر الى غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث وطاقم عمل البطريركية خاصاً بالذكر مستشاري غبطة البطريرك السادة رامي المغربي ونادر المغربي الذين قدما كل ما هو ممكن لتحقيق هذا الحلم.

واضاف المصري ان حي “لنا” هو حي عصري متكامل، ونجاحه يمهد الطريق لمشاريع اسكانية اخرى تخدم مختلف الطبقات الاقتصادية في مدينة القدس، مؤكداً إن قرار الاستثمار في القدس هو قرار استراتيجي بالنسبة لشركة مسار العالمية لتعميق التمكين الاقتصادي في القدس وتعزيز صمود المقدسيين.

واوضح المصري ان مشروع “لنا” التطويري والذي ساهم في تصميمه اكثر من ٤٠ مهندس ومهندسة سيوفر آلاف فرص العمل للمقدسيين، وسيساهم في تقوية الاقتصاد المحلي.

اما عن الترتيبات المالية لشراء الشقق، فقد قال المصري إن ادارة مشروع “لنا” أنهت تقريباً مرحلة المفاوضات مع عدد من البنوك الفلسطينية لتوفير قروض لشراء الشقق بحيث يدفع المواطن ما قيمته ٢٠ الى ٢٥ ٪؜ من قيمة الشقة والباقي يتم تقسيطه لمدة ١٥ سنة مضيفاً ان سلطة النقد الفلسطينية قد وفرت حوافز للبنوك الفلسطينية لتشجيعها على توفير القروض اللازمة.

واكد المصري ان هذا المشروع هو مشروع فلسطيني بحت، برأس مال فلسطيني ١٠٠٪؜، وأن المشروع لم يستلم اي مساعدة او منحة.

 




دير القديس أونوفريوس القائم على حقل الدم

 

مقال لِ: هبه هريمات

 

“فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ. لِهذَا سُمِّيَ ذلِكَ الْحَقْلُ «حَقْلَ الدَّمِ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ.” (مت 27: 6-8)

 

أصل كلمة “حقل الدم”

حَقْل دَما، اسم آرامي مرادفه بالعربية حقل الدم، وهي قطعة الأرض المعروفة بحقل الفخّاري، حسب الانجيل المقدس، والتي اشتراها الكهنة بالثلاثين قطعة من الفضة التي طرحها يهوذا الإسخريوطي في الهيكل، وقد خصصّوها لكي تكون مقبرة للغرباء.

وهي ذات المكان الذي شنق فيه يهوذا نفسه، الذي تآكله الندم بعدما سلّم رب المجد يسوع المسيح للصلب. سميت بناء على ذلك ب “حقل الدم” وبقي الاسم القديم إلى الآن. (متى 27: 8 وأعمال 1: 19).

 

دير القديس أونوفريوس للروم الأرثوذكس يقف اليوم على ذات قطعة الأرض المعروفة بحقل الفخّاري. والموقع التقليدي لهذا الحقل، الذي يرجع تاريخه إلى عصر جيروم في القرن الرابع، يقع على الجانب الجنوبي لوادي هنّوم في القدس، وربما كان نفس المكان أو قريبًا منه، لأن المنطقة بها طين فخاري.  وقد استخدمت كمكان لِدَفْن الموتَى منذ وقت طويل، وقد دفن فيها فيما بعد كثير من الصليبيين.

كما أن التلال التي يقف عليها الدير مليئة بكهوف ومقابر الدفن، بعضها يحمل عظام حجاج القرون الماضية الذين قدموا إلى القدس ولكن المنية وافتهم قبل أن يتمكنوا من العودة إلى أوطانهم. من بين المقابر العديدة الموجودة في الدير يوجد قبر القديس يوفيناليوس، بطريرك الكرسي الأورشليمي الأول (442-458).

 

في العصر البيزنطي، اتخذ العديد من الرهبان والنساك عدداً من هذه الكهوف كحجر للعبادة والاقامة. وتقول تقاليد القرن السادس عشر أن ثمانية من الرسل كانوا قد اختبأوا هناك بعد أن أسر المسيح في الجسثمانية قبل صلبه.

 

دير القديس أونوفريوس، الذي بُني عام 1874 فوق أنقاض كنيسة سابقة، يحتل الواجهة الجنوبية للوادي، ويقابله جبل صهيون وأسوار البلدة القديمة.

وهو يحمل اسم الراهب القديس أونوفريوس الذي جاء من مصر الى الأراضي المقدسة، في القرن الثالث أو الرابع للميلاد، وتنسك في الصحراء في كهف لمدة ستين عامًا في عزلة صارمة.

بجانب قداسته، اشتهر أونوفريوس بلحيته الفخمة والطويلة للغاية، والتي كانت لباسه الوحيد بجانب مئزر من أوراق الشجر، كما نراه عادة في أيقوناته.

اليوم يعد الدير ديراً نسائياً، ترعاه بضعة راهبات من بطريركية الروم الأرثوذكس، ويقام تذكار القديس أونوفريوس في 25 من يونيو كل عام بترأس من غبطة بطريرك المدينة المقدسة ومطارنة وآباء أخوية القبر المقدس.

 




القديسان قسطنطين وهيلانة، المُعادلان للرُّسل

مقال لِ: هبه هريمات

كان قسطنطين ابن الامبراطور قسطنطين كلوروس، الذي حكم الأجزاء الغربية من الإمبراطورية الرومانية، وزوجته هيلانة. ولد في عام 272 في مدينة نايسوس (مدينة في الجزء الجنوبي الشرقي من صربيا الحالية) من مملكة دردانيا، التي كانت دولة مستقلة في منطقة البلقان خلال العصور القديمة. بعد بلوغه سن الرابعة والثلاثين، توفي والده الامبراطور وبالتالي أُعلن قسطنطين خليفةً لعرشه.

بعد ست سنوات في الحكم، علم قسطنطين بنوايا ماكسينتيوس الذي كان يبني جيشاٌ ضده، فسار قسطنطين إلى إيطاليا؛ حيث رأى في السماء تحت الشمس بعد منتصف النهار، أثناء وجوده على رأس قواته، عمودًا مشعًا على شكل صليب مع الكلمات: “بهذا تغلب“.

في الليلة التالية ظهر له يسوع المسيح في حلم وأعلن له عن قوة الصليب وأهميته. وعندما استيقظ في الصباح، أمر قسطنطين على الفور بعمل راية الحرب على شكل صليب ونقش عليها اسم يسوع المسيح. في صباح يوم 28 أكتوبر، هاجم قسطنطين ماكسينتيوس وتغلب عليه، في حين غرق الأخير في نهر التيبر أثناء محاولته للفرار.

في اليوم التالي، دخل قسطنطين روما منتصرًا وأعلنه مجلس الشيوخ إمبراطورًا للغرب، بينما كان صهره ليسينيوس يحكم الشرق. ولكن لخبثه وحقده، اضطهد ليسينيوس المسيحيين فيما بعد. لم يهدأ قسطنطين حتى أطاح به ودمره تمامًا عام 324، وبهذه الطريقة أصبح امبراطوراً على الغرب والشرق. تحته وبفضله، توقفت كل الاضطهادات على الكنيسة والمسيحيين. فانتصرت المسيحية وأعلنت الديانة الرسمية للإمبراطورية وأطيح بعبادة الأصنام.

في العام التالي، أي في 325، دعا قسطنطين للمجمع المسكوني الأول في نيقية، والذي خاطب فيه شخصيًا لإنشاء قانون الإيمان الذي يشكل نظام إيمان المسيحية. كما أنه في عام 324، كان قد وضع قسطنطين أسس العاصمة الجديدة لإمبراطوريته في مدينة بيزنطة القديمة، وكرسها رسميًا لتلك المهمة في 11 أيار 330، وأطلق عليها اسم “القسطنطينية” نسبةً له.

منذ أن تم نقل عرش الحكم الإمبراطوري الروماني من روما (عاصمة الغرب) إلى القسطنطينية (عاصمة الشرق)، سميت بِروما الجديدة، وأُطلق على سكانها الرُّومان، واعتُبرت استمرارًا للإمبراطورية الرومانية.

توفي القديس قسطنطين في 21 أو 22 مايو عام 337، بعد أن عاش خمسة وستين عامًا، كان قد حكم منها واحدًا وثلاثين عامًا. نُقلت رفاته إلى القسطنطينية ودُفِنَت في كنيسة الرسل المقدّسة التي كان قد بناها بنفسه.

أما والدته القديسة هيلانة، فبعد أن انتصر ابنها بإيمان المسيح في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، قامت بزيارة حج إلى القدس وعندها وجدت الصليب المكرّم الذي صلب عليه ربنا يسوع المسيح.

بعد ذلك، قامت القديسة هيلانة، من حرصها الشديد على تمجيد المسيح، ببناء كنائس في المواقع التي شهدت أهم محطات حياة المسيح على الأرض، منها كنيسة القيامة وقبر السيد المسيح في القدس، كنيسة المهد ومغارة الميلاد في بيت لحم حيث ولد المسيح، وكنيسة الصعود على جبل الزيتون في القدس، بالاضافة للعديد من الكنائس الأخرى في جميع أنحاء الأراضي المقدسة وقبرص وأماكن أخرى أيضاً.

أُطلق عليها لقب “أوغوستا”، وطُبعت صورتها على العملات ذهبية وسميت مدينتان باسمها “هيلينوبوليس”، واحدة في بيثينيا وأخرى في فلسطين. توفيت من قدم العمر إما في عام 330 أو 336.

تقديراَ لما سبق، وتكريماً لمساهمة هذين القديسين العظيمين الضخمة للإيمان المسيحي الأرثوذكسي وللمسيحين، تخصص بطريركية الروم المقدسية كنيسة داخل أسوارها في البلدة القديمة في القدس، تحمل كلا اسمي القديسين: كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة؛ حيث يقام قداس إلهي بطابع احتفالي، بترأس من غبطة البطريرك الأورشليمي، في الثالث من يونيو من كل عام.