1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة ميلاد والدة الاله الدائمة البتولية مريم 21/9/2014 والتدشين المئوي الاول لهركل كنيسة ايليا المجيد في ترشيحا

“ان الاله المستوي على العروش العقلية قد سبق اليوم فهيا له عرشا مقدسا على الارض. والذي اسس السماوات وثبتها بحكمة قد انشا بمحبته للبشر سماء حية. لانه قد جذر عقيم قد انبت له امه فرعا يحمل الحياه. فيا اله المعجزات ورجاء اليائسين يا رب المجد لك” هكذا يصرخ مرنم الكنيسة
ايها الاخوة الاحباء
ايها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة
كنيسة المسيح المقدسة تصرح بفم المرنم قائلة: هذا هو يوم الرب فتهللوا يا شعوب, لان الاله المستوي على العروش العقلية قد سبق اليوم فهيا له عرشا مقدسا على الارض.

ما هي هذه العروش العقلية المستوي عليها الرب الاله؟
العروش العقلية هي القوات والطغمات الملائكية, الا ان العذراء مريم المختارة من الله قبل الدهور, هي العرش, والملكة التي قامت عن يمين الملك, فالمحافل الملائكية لها يمجدون, كونها ارحب من السموات, واكرم من الشيروم, وارفع مجدا بغير قياس من السيرافيم, هي العرش الحي المختار من الله على الارض, حيث حل في احشائها الطاهرة واغتدى من دمائها النقية, كلمه الله المتجسد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح, الذي طاطا السموات وانحدر من اجل عظيم محبته غير المستقصاه لجنس البشر.
لهذا الحدث العجيب حدث مولد سيدتنا والدة الاله الكلية القداسة والدائمة البتولية مريم, من جدي المسيح الاله يواكيم وحنة, تحتفل كنيستنا المقدسة بهذا اليوم الاغر بتكريم وتمجيد والدة الاله, وكذلك تمجيد السر العظيم سر التدبير الالهي, الذي تحقق من مفاعيل الثالوث القدوس المحيي, حيث تنشد الكنيسة بفم مرنمها قائلة: “اياك نعظم يا والدة الاله المباركة الكلية الطهارة يا من اقرضت جسدا على منوال يعتذر وصفه للكوكب الشارق من قبل الشمس؛ الاله الوافد الينا بالجسد من احشائها البتولية”.
هذه التراتيل المفعمة بنعم الروح القدس التي ننشدها في هذا العيد الموقر يعلن بقوة وعزم منقطع النظير:
• اليوم الاله المستوي على العروش العقلية قد سبق فهيا له عرشا مقدسا على الارض
• اليوم تفتح الابواب العقيمة فياتي الباب البتولي الالهي.
• اليوم تبدى النعمة تثمر اتية العالم بام الله التي بها تقترن الارضيات بالسماويات لخلاص نفوسنا.
• اليوم ظهرت بشائر الفرح بكل العالم.
• اليوم نفحت نسام تبشر الناس بالخلاص.
• اليوم ولدت حنة العاقر فتاة الله مريم.
• اليوم حدث ابتداء خلاصنا يا شعوب, فها ان التي منذ اجيال القديمة سبق تحديدها اما عذراء واناء لله, توافي مولودة من عاقر, فقد نبتت زهرة من يسى وعصا من جذره.
كيف يتم اليوم سر خلاصنا, اي سر التدبير الالهي؟
وكيف يتم اليوم ظهور والدة الهنا ومخلصنا يسوع المسيح للعالم اجمع؟

نعم ايها الاخوة الاحباء
انه حدث غير مدرك. اربك البشرية, حتى يومنا هذا لعدم استطاعتها فك رموز هذا السر العظيم, الا ان المولود ثانية من الماء والروح القدس, يتمتع بموهبة الايمان لانه من خلال نور المسيح غير المخلوق تنكشف له غوامض الامور, كما ترتل كنيستنا: وبنورك نعاين النور؛ فسيستقر فيه فكر المسيح. (1 كور 2 : 16). فقط اولئك الذين لهم المقدرة على معاينة هذه الاسرار السماوية.
هذا وبحسب اقوال الرب: “المولود من الجسد جسد هو, والمولود من الروح هو روح” (يو 3 : 6).
اما بولس الالهي فيكرز بخصوص يسوع المسيح قائلا: ” يسوع المسيح هو امسا واليوم والى الابد” (عب 13 : 8).
كلمات بولس هذه: يسوع المسيح هو هو امسا واليوم والى الابد, لها قوة ومعنى عظيم لمفاعيل الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية والتي هي جسد المسيح السري؛ في اداء دورها بنجاعة, لان تكون شاهدة للمسيح في كرازتها “في اورشليم واليهودية والسامرة والى اقاصي الارض” فثبات الكنيسة من ثبات راسها يسوع المسيح التي تكرز من خلاله بعظمة سر التدبير الالهي. تجسد كلمة الله وصلبه وقيامته وصعوده الى السماء, لذا تصبح كلمات الرسول بولس هذه ركنا ومبدا لخلاصنا.
ان احتفالنا بعيد مولد والدة مرغبة وحبور يحفزنا لان ننشد قائلين: “هلموا يا جميع محبي البتولية والمغرمين بالطهارة, هلموا استقبلوا بلهفة فخر البتولية من صخرة صلدة تفيض ينبوع الحياة. وعليقة النار الغير الهيولية التي تطهر وتنير نفوسنا مولودة من ام عقيم لا تلد.
ايها الاخوة الاحباء:
لقد اجتمعنا كلنا اليوم بنعمة القديس العظيم ايليا المجيد, وبشفاعات الكلية القداسة والدة الاله في هذه الكنيسة التي تحمل اسم الكريم, في بلدكم الجبلي والتاريخي ترشيحا, لان نحتفل بحفاوة وغبطة وسرور تذكار التدشين المئوي الاول لهذا الهيكل المقدس.
لهذا الحدث المهم والكبير, تؤكد رسالة كنيستنا الاورثوذكسية بشكل عام, والكنيسة الاورشليمية بشكل خاص, من خلال رسالتها الجامعة الى المسكونية قاطبة, حيث اسست هياكل وكنائس مقدسة, لتعطي شهادة حقيقية كشهادة الانجيل الالهي الشريف لخلاص البشر.
هذه الهياكل يدعوها النبي اشعيا “الجزائر”, فان هذه الكنائس تعلو وتسمو وتتالق في محيط العالم, فهي المنائر الوحيدة لنور حقيقة المسيح, والرجاء الوحيد لخلاص البشر, وخاصة في هذا الوقت الحاضر, حيث يتعاظم الاثم والارتداد, لما تزرعه قوات الظلمة ظلمة هذا الدهر الشرير غير المنظورة؛ والتي من بين ثمارها المرة, بروز العولمة في عصرنا الحاضر.
نعم ايها الاخوة الاحباء:
الهياكل المقدسة هي ينابيع النور والتقديس لالهنا ومخلصنا يسوع المسيح, لذا يعتبر تدشينها امرا ملحا وضروريا ومهما جدا حسب اقوال القديس سمعان التسالونيكي الذي عاش في القرن الخامس عشر اذ يقول : “انه لضروري جدا ان تبني الكنائس والهياكل وتدشن شكرا لله المحب البشر, حيث يتم فيها ايضا تدشين النعمة, والحصول على عطية تقديس نفوسنا والحفاظ على ايماننا وعقائدنا اللاهوتية وتقاليد الكنيسة كلها”.
نحن مدعوون ان نصير شركاء في تدشين النعمة, وعطية نفوسنا, حاملين في افكارنا كلمة الكرازة الرسولية التي يعلنها بولس الحكيم: “ام لستم تعلمون ان جسدكم هي هيكل للروح القدس الذي فيكم, الذي لكم من الله, وانكم لستم لانفسكم؟ لانكم قد اشتريتم بثمن, فمجدوا الله في اجسادكم وفي ارواحكم التي هي لله.” (1 كورنثوس 6 : 19 – 20).
نشكر ربنا يسوع المسيح ونمجد اسمه المقدس, امين.
وكل عام وانتم بالف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة رقاد والدة الاله الدائمة البتولية مريم 2014-8-28.

“يا له من عجب باهر. ان العذراء ينبوع الحياة قد وضعت في قبر. فاصبح القبر مرقاة الى السماء. فالسلام عليك ايتها الجسمانية, يا هيكل والدة الاله المقدس. ولنهتفن نحو العذراء تحت قيادة رئيس الاجواق الملائكية جبرائيل قائلين: السلام عليك يا ممتلئة نعمة. الرب المانح العالم بك عظيم النعمة”. هكذا يصرح مرنم الكنيسة.
ايها الاخوة الاحباء
ايها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة

كرسل اخرين, اجتمعنا اليوم, بعد ان قدمنا من مناطق عديدة واقطار مختلفة في قرية الجسمانية لنعيد رقاد المنزهة عن الموت, والدة الاله الدائمة البتولية مريم ام الحياة الدائمة. فعلا, اليوم نحتفل بعجب باهر للطفمات الملائكية, وعجب غير مدرك لجنس البشر, لان ينبوع الحياة قد وضعت في قبر هو مرقاة الى السماء, وكما يقول القديس يوحنا الدمشقي: ان العروس البريئة من كل العيوب, وام الذي سر به الاب, التي عينها الله بسابق تحديده لتكون مسكنا له بالاتحاد الذي لا تشوش فيه, تودع اليوم نفسها الطاهرة عند الله الخالق, فتسبقها قوات الملائكة العديمي الاجساد استقبالا لائقا, فتنتقل الى الحياة, وهي ام الحياة حقا, ومصباح النور الذي لا يدنى منه, وخلاص المؤمنين, ورجاء نفوسنا.

نعم ايها الاخوة الاحباء,
ان البريئة من الدنس البتولية مريم, هي فعلا ام الحياة والنور الذي لا يدنى منه, وخلاص المؤمنين ورجاء نفوسنا. لان والدة الاله, ولدت الحياة ذات الاقنوم, يعني كلمة الله المتجسد ربنا يسوع المسيح, فالكلية القداسة هي التي انقذت جنس البشر من القضاء المبرم على الجدين ادم وحواء, فانها بها صار الخلاص لكل جنس البشر, والتي وحدها قرنت بولادتها الارضيين بالعلويين. وايضا نحن تالهنا بها كما قال المرنم: فان التي من نسل داود وقد تالهنا بها, انتقلت بمجد على يدي ابنها وسيدها انتقالا يمنع وصفه. هلمو ايها الاخوة الاحباء, وجميع المؤمنين بالقلوب الشكرية والتمجيديه الذين يطوفون حول القبر الموقر قبر ام الله في هذا اليوم الشهير المشهود لانتقال والدة الاله, فمهم يسبح قائلا:
خلصينا من كل النوائب نحن المعترفين بانك والدة الاله, وانقذي نفوسنا من الخطوب والضيقات, متشفعة باستمرار الى ابنك والهك ان يمنح المسكونة, وخاصة منطقتنا السلام وعظيم الرحمة.

وكل عام وأنتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تجلي ربنا يسوع المسيح على جبل تابور 19/8/2014

” إن الذي تكلم مع موسى على جبل سيناء قديماً برموز قائلاً: أنا الكائن أظهر في نفسه بتجليه اليوم على التلاميذ على جبل تابور جمال عنصر الصورة الأصلي متخذاً الجوهر البشري، واقام موسى وايليا شاهدين لهذه النعمة العظيمة، فجعلهما يشتركان في السرور، وينبئان بخروجه مصلوباً وبالقيامة الخلاصية”.
أيها الأخوة القديسين والآباء الأجلاء.
أيها الأخوة الأحباء.

أيها المؤمنون، والزوار الحسنيو العبادة.
إن النعمة الإلهية المتدفقة من السماء جعلتنا اليوم في هذا العيد الإحتفالي الكبير أن نصعد باستحقاق الى جبل تابور، لنمجد ونرنم للإله المثلث الأقانيم، لأنه على قمة هذا الجبل المقدس تجلى ربنا يسوع المسيح أمام صفوة تلاميذه الأطهار. بطرس ويعقوب ويوحنا. وتغيرت هيئته قدامهم، وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور. ( متى 17: 2 ) ( مر 9: 2-3 ).

إن تجلي ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، أبرز وبأجلى بيان عظمة مجده الذي يعتبر جوهر وهدف كنيستنا المقدسة، التي هي جبل تابور الروحي لله وبيته المقدس.
وكما يقول المرنم: ” هلمو نصعد الى جبل الرب والى بيت الهنا، ونعاين مجد تجليه كمجد وحيد من الآب، ونجن بالنور نوراً، ونرتق بالروح فنسبح الثالوث المتساوي الجوهر الى كل الدهور.
أيها الأخوة الأحباء: إن فم المرنم يدعونا لأن ندخل الكنيسة التي هي بيت الله، ببصيرة روحية تنم عن قلوب نقية طاهرة، لأن ( مجد التجلي هو المسيح كلمة الله) الذي منه ( نجن بالنور نوراً)، وذلك ” لأن الله نور وليس فيه ظلمة البتة” ( 1 يو 1: 5) هذا هو النور الإلهي الذي شع ببهاء عظيم من وجه يسوع المسيح المتجسد، _للبشر _ أي لنخبة التلاميذ بطرس ويعقوب ويوحنا، هذا النور أعلنه يسوع المسيح جهاراً وبوضوح تام قائلاً : ” أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلام، بل يكون له نور الحياة” (يو 8: 12).
النبيان موسى وايليا قد عاينا مسبقاً، نور العالم ونور الحياة الحقة للمسيح ، قدر استطاعة بشريتهم المحدودة أن تعاين. واللذين كانا شاهدين لهذا السر العظيم سر تجلي ربنا يسوع المسيح على جبل تابور ، وكما يقول المرنم: ( اظهر يسوع المسيح جمال عنصر الصورة الأصلي متخذا الجوهر البشري”.
ان المسيح، آدم الجديد، البريء من الفساد والخطيئة ، الذي يتمتع بالحرية التامة، الشاملة والنقية، كونه كلمة الله أعلن بملء محبته العظمى ، تأله الطبيعة البشرية، كونها صورة الله الآب، لأن الله المثلث الأقانيم خلق الإنسان الأول على صورته ومثاله.
إن جمال عنصر الصورة الأصلي قد إسود بسبب عصيان آدم لوصايا الله وارتكابه للخطيئة، وهكذا دخل الفساد والموت لحياتنا نحن البشر، لكن على جبل طابور، ” جعل المسيح طبيعة البشر المظلمة بآدم، تعود فتزهو متلئلئة معيداً عنصرها الى مجد لاهوتك وبهائه” هكذا يقول مرنم الكنيسة.
أما القديس يوحنا الذهبي الفم يتساءل قائلاً:
ما هو تجلي المسيح؟
تجلي المسيح، هو أنه كشف بمقدار ضئيل جداً عن ماهية لاهوته لتلاميذه ليدركوا حسب استطاعتهم نور الله المثلث الأقانيم غير المخلوق المستقر في المسيح كلمة الله المتجسد.
عيد التجلي الذي نحتفل به في هذا اليوم المبارك، هو عيد المجد الإلهي والنور غير المخلوق، لهذا، يقول المرنم:” أيها المسيح الخالق، يا من فصل ظلمة الهاوية الأصلية عن النور. لكي تسبحك أعمالك في النور سدد خطانا بنورك”.
إن تدبير المسيح الخالق، فرز ظلمة الهاوية الأصلية، عن النور هذه الظلمة التي كانت عند البدء” حيث كانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة” (تكوين 1: 2).
أما النور، نور التدبير الإلهي لتجسد يسوع المسيح كلمة الله، فهو النور الذي سيدين العالم عند المجيء الثاني، أي دينونة البشرية قاطبة ، لأولئك الذين لم يؤمنوا بأن المسيح هو نور الخلاص الحقيقي، حسب شهادة الإنجيلي يوحنا.
” وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء الى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور. لأن أعمالهم كانت شريرة . لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور. ولا يأتي الى النور ، لئلا توبخ أعماله. وأما من يفعل الحق فيقبل الى النور، لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة” ( يو 3: 19- 21).
بصلوات ام النور ، والدة الإله الدائمة البتولية مريم، وشفاعاتها غير المردودة لدي ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، أن يسدد خطانا لنسير حسب وصايا الله المقدسة، ” لأن أحكامك يا رب هي نور على الأرض”. (إشعياء 26: 9).
ومع المرنم نمجد ونشكر بامتنان عظيم قائلين:
” إننا بنورك الذي ظهر اليوم على تابور. أيها الكلمة النور الذي لا يستحيل، المولود من الآب النور غير المولود، رأينا الآب النور، والروح القدس النور الذي ينير الخليقة كلها”.

وكل عام وأنتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد النبي إيليا التسبي 2/8/2014

الآباء الأجلاء، الأخوة الأحباء بالمسيح، والحضور الكريم.
يا لها من فرحة روحية كبيرة، تجمعنا مع أبنائنا الأحباء في هذا اليوم المبارك، يوم الاحتفال بعيد القديس ايليا المجيد، بعد انتهائنا من إقامة شعائر العبادة الليتورجية، الشكرية والتمجيدية.
نود ان نركز على نقطة مهمة ألا وهي الصلاة المستمرة في حياة هذا القديس العظيم، أملاً في أن تحثنا وتحفزنا في السير في هذه الفضيلة المباركة،” كان ايليا إنساناً تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر،ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً وأخرجت الأرض ثمراً” ( يعقوب 5: 17- 18 ).
إن القديس يعقوب يقول عن ايليا النبي أنه : صلى صلاة، إنها الصلاة الصاعدة بقوة وثبات الى السماء، صلاة مليئة بالغيرة،والمحبة والرجاء، لها دالة حقيقية، صادرة من داخل القلب والفك، مسنودة بالإرادة ومفعمة بالمحبة الإلهية، تعضدها نعمة الروح القدس، صلاة صاعدة بحرارة متأججة تنقلها الطغمات الملائكة الى الحضرة الإلهية، إنها ثابتة رصينة، نقية طاهرة، يضبطها الفكر الرصين المليء والمفعم بالإيمان القويم، الذي يستقر ويسير حسب المشيئة الإلهية والإرادة السماوية.
لمثل هذه الصلاة علينا أن نسعى باذلين كل جهد للحصول عليها، طالبين من الله أن يقبل صلواتنا ويمطر علينا بمراحمه العظيمة.

فالقديس يوحنا الذهبي الفم في فضيلة الصلاة يقول:
فالمدينة غير المحصنة بأسوار، من السهل جداً أن تقع في أيدي الأعداء. هكذا أيضاً فإن النفس غير المحاطة بأسوار الصلاة من السهل أن يسود عليها الشيطان ويملأها بكل خطية. عندما يرى النفس محتمية بالصلوات وقوية فإنه لن يتجرأ على الاقتراب منها، لأنه يهرب من قوتها وثباتها. فالصلوات هي التي تمنحها هذه القوة، وهي التي تغذي النفس أكثر مما يغذي الخبز الجسد. والأشخاص الملازمون للصلاة لا يحتملون أن يجوز في فكرهم أي شيء غير ملائم للصلاة، لأنهم يخجلون من الله الذين يتحدثون اليه فيصدون كل حيل المضاد على الفور، لأنهم يعرفون حقيقة الخطية.
نطلب شفاعة القديس ايليا الغيور، أن يحصن ذواتنا، ويحثنا على اقتناء فضيلة الصلاة، وأيضاً شفاعات والدة الإله الدائمة البتولية مريم، أن ترأف بنا وخاصة في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها الشرق الأوسط بشكل عام ومنطقتنا بشكل خاص، حيث الدم يسيل بغزارة، والموت الوحشي الفاغر فاه، والشدة الملتحفة بالظلام الحالك المحيق بنا، إنها لأيام عصيبة، تدعونا لأن نصلي وبلا ملل لكي يترائف الله علينا ويرسل ملائكته وتحمينا من كل ضيق وغضب وخطر وشدة، بالصلوات المرفوعة والأيادي الممدودة بخشوع لاستدرار مراحم ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي له كل إكرام وسجود مع أبيه وروحه القدوس. آمين
وكل عام وأنتم بألف خير

الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد النبي ايليا التسبي في معلول 26/7/2014

” لقد غرت غيرة لله الرب الضابط الكل يا ايليا فأراك إياه نسيم هادىء لطيف لا ريح عاصفة ولا زلزال عنيف، ولا نار هائلة . ومن ثم فنحن نرتل ليسوع الوديع قائلين : مبارك أنت يا الله إله آبائنا”.
أيها الأخوة الأحباء.
أيها المؤمنون، والزوار الحسنيو العبادة.
لقد أشرق لنا في هذا اليوم الأغر، تذكار النبي ايليا التسبي المجيد، فهو الملاك بالجسد وركن الأنبياء وقاعدتهم، لأن نفسه كانت تتقد بالغيرة والمحبة الإلهية بشكل غير موصوف، لتصل ذروتها في الرؤيا والمعاينة الإلهية، تماما كما حصل مع النبي موسى في طور سيناء، هذه المحبة المتقدة، أصعدت النبي ايليا من الأرض الى العلاء على مركبة نارية، لحين عودته الى الأرض ثانية، فكما كان النبي يوحنا المعمدان السابق الول لمجيء المسيح الأول، هكذا يكون النبي ايليا السابق الثاني لمجيء المسيح الثاني عندما يأتي لدينونة هذا العالم، كذلك فإن مكانة ايليا النبي تألقت وعظمت عندما ظهر مع موسى النبي في تجلي ربنا يسوع المسيح الإلهي على جبل ثابور.

إن الرسول يعقوب أخا الرب في رسالته الجامعة يضع أمامنا حياة النبي ايليا وجهاده وعزيمته وفضائله لنقتدى بها، مشيراً الى قوة الصلاة وفعلها، إذ يقول:” كان ايليا إنساناً تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر. فلم تمطر على الرض ثلاث سنين وستة أشهر، ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً، وأخرجت الأرض ثمرها” .( يع 5: 17-17).
إن غيرة النبي ايليا العجيبة في محبته لله، فتحت بصره وبصيرته ليتسنى له سماع رقة وعذوبة الصوت الإلهي وعطفه الفريد، كما يشهد بذلك الكتاب المقدس: ” فقال الرب: أخرج وقف على الجبل أمام الرب، فإذا الرب عابر وريح عظيمة تصدع الجبال وتحطم الصخور أمام الرب، ولم يكن الرب في الريح، وبعد الريح زلزال ولم يكن الرب في الزلزال، وبعد الزلزال نار، ولم يكن الرب في النار، وبعد النار صوت نسيم لطيف”. ( 3 ملوك 3: 19).
إن العاصفة والزلزال والبروق تدل على حضور الرب، وعلامات تبشر بمروره المخوف. وأما صوت نسيم لطيف، فهو يرمز الى حديث الرب اللطيف في قلب الأنبياء المليء بالمحبة الباذلة السخية بلا حدود، لأنه إله غير موصوف وغير محصور محب لجنس البشر.
إن النبي ايليا الذي عاش حياة التقشف والزهد ، والذي كان يلبس ثوباً من الشعر ومنطقة من الجلد على حقويه( 2 مل 1: 8) الممتلىء بالصلاة والعزيمة أراد أن يحافظ على العهد ويعيد صفاء الإيمان للأمة، لأن الضلال والفساد قد انتشر، والرذيلة قد استقرت في قلوب الناس، وكثرت أعمالهم الشريرة، لأن بني اسرائيل قد تركوا عهد الرب وحطموا مذابحه وقتلوا الأنبياء بالسيوف، فعزم على الذهاب الى حوريب الى المكان الذي ظهر فيه الرب والذي قطع فيه العهد واعطيت الوصايا.
إلا أن الرب أوعز الى النبي ايليا من خلال النسيم اللطيف المليء بالرقة أن يعدل عن عزمه هذا، ويعود عن خطته وأن يفكر بطريقة أخرى معلماً اياه عن فيض المحبة وطول الناة لخلاص الخطاة ودعوتهم الى التوبة، كما ورد في انجيل البشير متى: ” إني أريد رحمة لا ذبيحة لأني لم آت لأدعو ابراراً بل خطاة الى التوبة”( متى 9: 13).
من هنا علينا أن لا نسقط في اليأس والقنوط عندما تحل بنا التجربة، وتعترضنا الضيقات والتجارب، بل علينا أن نتخذ من الله لنا ملجأ منيعاً بالرجاء والصبر والاعتماد عليه، وأن نتوثب بالشجاعة والجرأة واضعين نصب أعيننا معونة الله غير المردودة كما يشهد بذلك الرسول يعقوب أخو الرب: ” طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة ، لأنه إذ تزكى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه” (يع1: 12).
إن حياتنا هي جهاد روحي مستمر، هذا الجهاد هو ضد الأحزان والتجارب والضيقات في هذه الحياة الدنيوية، ولكن بالتعاضد مع النعمة الإلهية ومساعدة الروح المعزي (الروح القدس) نحظى بالمجد الإلهي لخلاص نفوسنا كما يقول بولس الحكيم:” ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننتظره فإننا نتوقعه بالصبر، وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها ( رومية: 8: 25-26 ).
إن غيرة النبي إيليا الإلهية والتي كان يعلم كُنهها، كانت غيرة متقدة ذات طاقة كبيرة ومستمرة، وذلك بفعل إستنارة الصلاة القويّة اللجوجة الثابتة الحارّة.
“كان إيليا إنساناً مثلنا كما يشير الرسول يعقوب، فانه صلى صلاة لكي لا تمطر… ثم صلّى أيضاً… فأمطرت”.
من كلان الرسول يعقوب نستشفُّ أن الصلاة لله، تستمد طاقتها من خلال فعل وقوة وطاقة الروح القدس، هذه الطاقة الإلهيّة غير المخلوقة المنتشرة في العالم أجمع لها تأثيرٌ وميزة للتعاضد والربط ما بين الله الخالق والانسان الذي خُلق على صورة الله ومثاله. كما يشهد الإنجيلي يوحنا ” الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجدوا” (يو 24:4).
هذا بالتدقيق روح الله. روح ربّنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، حيث أخذ شكلاً خاصاً عندما عبر ومرّ أمام إيليا النبي بشكل “صوت نسيم لطيف” (3 ملوك 19:3). هذا الروح، اللروح القدس، يهبّ حيث يشاء كما يحصل مع الريح العادي والذي أوضحه ربنا يسوع المسيح لنيقوديموس في حديثه عن الولادة الجديدة بالماء والروح. “الريح تهب حيث تشاء، وتسمع صوتها، لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلا أين تذهب، هكذا كلُّ من وُلِدَ من الروح” (يو 8:3)
لقد استحق إيليا النبي، من خلال مسيرته الروحية وارتقائه في معارج الفضيلة، أن يصل الى مرحلة الرؤيا والمشاهدة الروحية، لتُتَوّج خبرته المعاينة الالهي، لا بالخيالات والأحلام البشرية والرؤى الأرضية، إنما هي عطايا إلهية خاصة للذين يستحقونها بجدارة وامتياز مثل النبي إيليا التسبّي وكما يقول مرنّم الكنيسة:
لما كنت عابدا للحق اتمَّ عبادة يا إيليا البارّ الكلي الغبطة. أخزيت ابناء الخزي الأثمة الرجسين. وقررت قدرو الثالوث واضحاً.
بكلام آخر يا أحبائي
كنيسة المسيح المقدسة هي المكان للرؤيا والظهور (صوت النسيم اللطيف) أي العبادة التي بالروح والحقّ. هذا يؤكده النبي إيليا الذي نحتفل بتذكاره إذ يقول بصوت مرنّم الكنيسة:
لقد أظهرت على الأرض أيها النبي حياةً سماوية في الحقيقة. فاغتنيت في نفسك بالحياة السماوية ذات الأقنوم. وأقمت بنفخاتك ميّتاً. ولبثت انت ارفع من الموت. وارتقيت الى العلاء على مركبة نارية حيّاً. فتضرع طالباً خلاص نفوسنا.

وكل عام وانتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية