1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد السامرية 18/5/2014

” أيها الكلمة الغير ملحوظ بجوهرك المبدع الكل، لقد ظهرت للبشر إنساناً من النقية والدة الإله، واستدعيت الأنام الى مشاركة لاهوتك”
أيها الأخوة الأحباء
أيها المؤمنون ، والزوار الحسنيو العباد
ة.
بنعمة الله المثلث الأقانيم الذي أهلنا بهذه العطية الجليلة، لأن نحظى في إقامة شعائر العبادة في هذا المكان المقدس، حيث يتواجد بئر البطريرك يعقوب أب الآباء، في هذا المكان التاريخي والمقدس الشاهد الحقيقي للقاء الخلاصي ما بين راعي الخراف العظيم ربنا يسوع المسيح، والمرأة السامرية، لينطق بتلك التعاليم الإلهية الخلاصية ألا وهي : ” الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا” ( يو 4 : 24).

هذا الروح، روح الحق، هو الروح القدس، الذي انسكب في أحشاء العذراء مريم، عندما بشرها الملاك جبرائيل قائلاً: ” الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللكِ، فلذلك أيضا القدوس المولود منكِ يدعى ابن الله” ( لوقا 1: 35 ).
” ابن الله ” ، هذا الذي ذكره لنا الملاك جبرائيل، هو غير الملحوظ بالجوهر ، ومبدع كل الكائنات، إنه الله الكلمة، الذي يدعو الإنسان للمشاركة الإلهية والتمتع بمجده الأبدي، الذي أوضحه جلياً للمرأة السامرية عندما أعلن لها جهاراً انه هو الماء الحي الذي يفجر الحياة الأبدية . ” لو كنتِ تعلمين عطية الله، ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حياً” ( يو 4: 10 ).
وبطريقة أوضح بياناً أيها الأحباء، نقول:
أنتِ أيتها المرأة السامرية، لو أدركتِ موهبة الروح القدس، التي ينعم بها الله للناس قاطبة، ومدى قوتها وعظمتها، وأيضاً لو عرفتِ من هو القائل لكِ- الآن حالياً – أعطني لأشرب، لكنتِ تطلبين منه أن يعطيكِ الماء الحي المتدفق بغزارة، الذي لا يجف أبداً، أي ان تقتبلي من عطائه الفياض نعمة الروح القدس، كأنه ماء روحي آخر، مفعم بالنقاوة والطهارة الذي يروي ويعزي، المعطي الحياة الأبدية للنفوس المؤمنة، هذا الماء الحي الذي لا ينضب أبداً.
إن نعم الله المثلث الأقانيم المليئة بالمواهب الروحية، المتدفقة كأنهار ماء حي، هي سمات الروح القدس وثماره، كما أوضحه لنا الحكيم بولس: ” وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان،وداعة وتعفف “( غلاطية 5: 22)
هذه بالتدقيق مواهب الروح القدس، المعبر عنها بالماء الحي، والتي قدمها بسخاء ربنا يسوع المسيح للمرأة السامرية، هذا الماء الحي يعطى مجاناً لكل المؤمنين بالمسيح الإله والإنسان، وهم كثيرون جداً كما يذكر ذلك الإنجيلي يوحنا” من آمن بي كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي، قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به ( اي بالمسيح) مزمعين أن يقبلوه” ( يو 7: 39 ).
إن القديس كيرللس رئيس أساقفة الإسكندرية يفسر هذه الكلمات الإلهية إذ يقول: الماء الحي، هو العطاء المعطي الحياة، من خلال هذا الماء الحي تستطيع البشرية أن تنتقل من حالة الجفاف والقحط في الفضائل الروحية، إلى جنة رياء تفوح بعطور الفضائل اليانعة ، حيث تنشر أريج الأفكار والأعمال الصالحة.
أما القديس ثيوفلكتس فيقول: ” نعمة الروح هي التي تفعل النفس وتتفاعل معها باستمرار، لتمتلىء بالصلاح الإلهي لكي تسمو صاعدة نحو العلاء”.
أما القديس أمونيوس فيقول:” نعمة الروح القدس تدعى أحياناً ناراً، وأحياناً أخرى تدعى ماءً، إن هذه الأسماء لا تشير إلى الجوهر لكنها تشير الى الطاقة غير المخلوقة المنبثقة من الجوهر” .
إن المراة السامرية أصبحت معادلة للرسل بالكرازة والشاهدة الأمينة لمحبة المسيح، وذلك من خلال مشاركتها بالماء الحي والنار المحيية، أي مفاعيل الطاقة الإلهية غير المخلوقة كما يذكر ذلك مرنم الكنيسة:” إن السامرية الشائعة الذكر أتت مقبلة بأمانة الى البئر ، فشاهدتك يا ماء الحكمة (أي المسيح) التي لما سقيت منك باتراعٍ ورثت الملكوت العلوي أبدياً.
أيها الأخوة الأحباء: الإمرأة السامرية التي دعيت بالمستنيرة(فوتيني) أصبحت نوراً للمسيح بكرازتها وجهادها، هذا الجهاد المقدس تم بمعونة المسيح ونوره الحقيقي غير المخلوق الذي حضّ بالكثيرين ليماثلوا السامرية بالأقوال والأفعال. ومن بينهم كوكبة من الشهداء الأبطال الذين صاروا بها مقتدين، ومنهم شهيد محبة المسيح المعاصر القديس فيلومينوس من أخوية القبر المقدس، الذي اقتدى بالقديسة فوتيني في الكرازة والرسالة والجهاد، تماماً كما قال ربنا وإلهنا يسوع المسيح:” النور معكم زماناً قليلاً بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام، والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب، ما دام لكم النور آمنوا بالنور لتصيروا أبناء النور.”( يو 12: 35-36 ).
نتضرع أيها الأخوة الأحباء لله أب الأنوار، بشفاعات والدة الإله الدائمة البتولية مريم أم النور، وشفاعات القديسة فوتيني والشهيد فيلومينوس، أن نصير أبناء النور والحقيقة للمسيح مخلصناً المقام من بين الأموات.

المسيح قام حقاً قام

الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الأحد الجديد 27/4/2014

” هلموا بنا في يوم القيامة المشهور، نشارك ملكوت المسيح، عصير الكرمة الجديد الذي للفرح الإلهي، مسبحينه بما أنه الإله إلى الأدهار”.
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسنيو العباد
ة
إن بشائر الفصح تألقت في قانا الجليل، في ذلك العرس الذي دعي إليه السيد المسيح وأمه العذراء الفائقة القداسة، في عرس صديقه سمعان القانوي، حيث جرت ألى آيات وعجائب السيد المسيح عندما حول الماء في الأجاجين إلى خمر، هذا الحدث يحوي بين طياته معانٍ كثيرة وخاصة، لأن الخمر الطبيعي للكرمة يرمز إلى الدم الثمين الذي انسكب من جنب المسيح الطاهر عندما طعن بحربة وهو على عود الصليب.
إن هذا الدم ( الشراب الجديد )، كما يقول القديس يوحنا الدمشقي:” هلموا بنا نشرب مشروباً جديداً، ليس مستخرجاً بآيةٍ باهرةٍ من صخرةٍ صماء، لكنه ينبوع عدم الفساد بفيضان المسيح من القبر، الذي به نتشدد”.
فعلاً أيها الأخوة الأحباء ( الشراب الجديد ) دم مخلصنا يسوع المسيح المصلوب والمقام، هو ينبوع عدم الفساد ، حسب شهادة الرب: ” لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا” (مت 26 : 28 ).

إن العشاء الرباني الذي أتمه السيد يسوع المسيح مع تلاميذه الأطهار، في علية صهيون، قبل آلامه الطوعية، يتمركز حول مأكل جسده الكريم ومشرب دمه الثمين، هذا الطعام الإلهي، هو دواء الخلود، الذي يمنحنا الحياة الأبدية والإشتراك في الملكوت السماوي. إن القديس زيغافينوس يعلق مفسراً لهذا الأمر قائلاً: ” عندما يصرح الرب أن: هذا هو جسدي، وهذا هو دمي، فكما ألّه المسيح الطبيعة البشرية التي التحف بها عندما أخذها من أحشاء البتولية مريم، تماماً وبنفس القدرة الغير مدركة والغير موصوفة يحول الخمر والخبز إلى جسده الكريم ودمه الثمين، اللذان يعطيان الحياة والخلود”.
من خلال القيامة المجيدة، الخلاصية والمشعشعة، والصعود الممجد لمخلصنا يسوع المسيح، تألهت البشرية بعدما كانت في دركات الجحيم، لأن هذا هو عمل المسيح الخلاصي باستعادة آدم الساقط، هذا يعني أن قيامة ربنا يسوع المسيح كونه باكورة الراقدين، لهي عربون قيامتنا نحن البشر أيضاً، عندما يتم في مجيئه الثاني المخوف يوم الدينونة، كما يشهد القديس يوحنا الإنجيلي: ” من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير” ( يو 6: 54 ).
بالإضافة الى ذلك، فإن مشاركتنا في سر الإفخارستيا الإلهية، حسب قول الرب ، هي التذوق المسبق للفرح السماوي والنعيم الأبدي فنتكىء قرب المسيح في ملكوته السماوي، كما أعلنه لنا قائلاً :” إني من الآن لا أشرب من الكرمة هذا الى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي ” ( مت 26: 29 ).
أيها الأخوة الأحباء
الأسم الحسن الذي دعي به عليكم، أي مسيحي لا يتعلق بالجنس والقومية والوطنية، لكن يتعلق بجنس آدم الجديد، المسيح عروس الكنيسة، وأما أنتم فجنسٌ مختارٌ، وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تخبروا بفائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب” ( 1بط 2: 9 ).
أما ( النور العجيب ) هو النور الذي لا يعتريه مساء، هو مجده الذي أظهره في هذا المكان المقدس في قانا الجليل حيث تقيمون وتسكنون.
في هذا اليوم الذي هو الأحد الثاني من الفصح، نعيّد لتجديد قيامة المسيح وتفتيش القديس توما الرسول.
هذا التجديد لقيامة المسيح الذي تحقق من توما عندما منحنا إيماناً بعدم الإيمان، يدعونا لنصنع ثمار توبة لائقة، ليتسنى للروح القدس أن يملأ قلوبنا وسلام الله الذي يفوق كل غقل. وكما يقول الحكيم الإلهي بولس: وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام، في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس”
( رومية 15: 13 ).
ومع مرنم الكنيسة نقول:
فيما كان القبر مختوماً أشرقت منه أيها المسيح الإله. وفيما كانت الأبواب مغلقة وقفت بالتلاميذ يا حياة الكل. وجددت بهم نعمة الروح المستقيم بحسب عظيم رحمتك.

المسيح قام ، حقاً قام

الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشلي
م

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الفصح المجيد

ثيوفيلوسُ الثالثُ

برحمةِ اللهِ بطريركُ المدينةِ المقدسةِ اورشليمَ
وسائرِ أعمالِ فلسطينَ
وطاقمِ الكنيسةِ أجمعينَ, بنعمةِ ورحمةِ وسلامِ القبرِ المقدّسِ المانحِ الحياةِ
قبرِ المسيحِ القائمِ منَ الموتِ.

“أنتنَّ تَطلبنَ
يسوعَ الناصريَّ المصلوبَ.
قدْ قامَ ليسَ هوَ ههُنا.
هُوذا الموضعُ الّذي وضعُوهُ فيهِ”
(مرقس: الإصحاح 16:6)

هذهِ هيَ الكلماتُ السماويَّةُ والخلاصيّةُ الّتي سُمِعَتْ منْ فمِ الملاكِ “بَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ ” أتتِ المريماتُ الثلاثُ إلى القبرِ ليحنّطْنَ ويعطِّرْنَ جسدَ المسيحِ (أنجيل مرقس.16:1:2). شعرتِ النّساءُ بفرحةِ البشارةِ عندَما تلقَّيْنَ الخبرَ أنَّ ابْنَ اللهِ الوحيدَ وكلمةَ اللهِ, المتجسِّدَ منَ الروحِ القدسِ ومنْ مريمَ العذراءِ, الّذي نزلَ إلى الجحيمِ عنِ الصليبِ, قدْ قامَ منْ بينِ الأمواتِ. ظنَّ الجحيمُ هناك أنَّهُ قدْ تلقَّى إنساناً عاميَّاً بَشَراً.. ولكنَّهُ سُحِقَ سُحِقَ ، إذْ سَرْعانَ ما تيقَّنَ أنَّهُ لمْ يتلقَّ إنسانًا فحسْبُ بلْ إنسانًا كاملاً، وإلهاً عظيمًا خالدًا لا يموتُ، يحكمُ معَ الثالوثِ القدوسِ ومساويًا للآبِ.

هذهِ هيَ فعلًا معجزةُ وحكمةُ وقدرةُ ونعمةُ اللهِ, التي تتمثَّلُ بتضحيتِهِ منْ أجلِ خلاصِنا نحنُ. إنّه يسوعُ الناصريُّ بقوةِ الآبِ وطبيعتِهِ الإلهيةِ ، أقامَ الطبيعةَ البشريةَ ، أقامَ أيضًا آدمَ, وأقامَنا نحنُ البشرَ.

سِرُّ اللهِ الآبِ هذا حدثَ هنَا في هذا المكانِ, المكانِ الّذي نقفُ فيهِ.! تحتَ هذا النّصَبِ قُبِرَ ودُفِنَ ، ومنهُ قامَ اللهُ المتجسّدُ يسوعُ المسيحُ . وإنّه لشاهدٌ على حدوثِ هذا السرِّ هنا هو هذا القبرُ الفارغُ ، وكانَ شهودًا على ذلكَ أيضًا النساءُ والتلاميذُ الرّسلُ الذينَ عاينُوا القبرَ فارغًا ..! وعلى ذلكَ أيضًا كانَ شاهدًا الربُ نفسُهُ , الذي ظهرَ بهيئةٍ أُخرى, المصلوبُ القائمُ منْ بينِ الأمواتِ بجسدِهِ الممجَّدِ في اليومِ الأوَّلِ من قيامتِهِ ، وكانتْ أوَّلَ الشهودِ على ذلك “مريمُ المجدليَّةُ” (إنجيل مرقس.16:9) والّذي ” قالَ للمريماتِ الثلاتِ عندَما انطلقْنَ ليخبرْنَ التلاميذَ “السَّلامُ لكمْ” (إنجيل متى.28:9) والّذي “َظَهَرَ بِهَيْئَةٍ لاثْنَيْنِ مِنَ التَّلَامِيذِ, وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ” (إنجيل مرقس.16:12) والّذي ” ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ” (إنجيل مرقس.16:14) والّذي “ظهرَ لتوما في اليومِ الثامنِ منَ القيامةِ (إنجيل يوحنا.20:27) والَّذي “أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ الله” (سفر أعمال الرسل. 1:3).

إنّه المصلوبُ بالجسدِ والقائمُ في اليومِ الثالثِ منْ بينِ الأمواتِ .! والصاعدُ بمجدٍ عظيمٍ من أجلِنا إلى السَّماءِ باعثًا منَ الآبِ روحَهُ القدوسَ ، وروحَ العنصرةِ المقدَّسةِ لتلاميذِهِ، وبروحِهِ المقدَّسةِ هيّأَ الربُّ ورفعَ الكنيسةَ للعالمِ ، بوصفِها جسدَ المسيحِ المقدَّسِ ، والّتي ضحَّى لأجلِها من خلالِ دمِهِ الثمينِ والطَّاهرِ.!

إنَّ الكنيسةَ تعملُ في العالمِ بنورِ وقوةِ الروحِ القدسِ, على مدَى القرونِ .. إنَّ الكنيسةَ تُعلّمُ الإنسانَ، تثقّفُهُ وتمُدُّهُ بأسرارِها, تعمِّدُهُ وتجعلُهُ عضوًا مهمًا فيها.!! إنَّها تُؤْنِسُ الإنسانَ, تُقدِّسُهُ ، وتجعلُهُ يعيشُ ويهنَأُ بسلامٍ معَ نفسِهِ ومعَ غيرِهِ .!! تمنحُهُ التّغييرَ اللائقَ ، وتجعلُهُ يتواصلُ بالإحسانِ ، والعملِ الصّالحِ في المجتمعِ.! إنّها تجعلُ الإنسانَ يتغلَّبُ ، وينتصرُ حتَّى على الموتِ ، وأنْ لا يهابَ خوفَ وعذابَ الموتِ.! لقدْ أبرزتِ الكنيسةُ ملايينَ الشّهداءِ الّذينَ ضحَّوا بأرواحِهمْ منْ أجلِ اسمِ المسيحِ ، وسُفِكَتْ دماؤُهمُ التي اصبحتْ جنبًا إلى جنبٍ معَ دمِ المسيحِ تدعَمُ وتُشكّلُ أُسُسَ الكنيسةِ الّتي “َأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا” (إنجيل متى. 16:18).

إنَّ هذا العملَ ما تزالُ الكنيسةُ تقومُ بهَ حتَّى اليومِ، وفي أوقاتِ الأزماتِ الاقتصاديَّةِ والأخلاقيَّةِ , الجوعِ ، والفقرِ، والاستغلالِ، والتّجارةِ بالإنسانِ.! إنّ الكنيسةَ تتضامنُ وتتعاطفُ معَ الإنسانِ، وتعملُ على مساعدتِهِ بكلِ إمكانيَّاتِها وقُواها، وبعِدَّةِ وسائلَ ، ليستْ منَ الناحيةِ الروحيّةِ وحْدَها فحسبُ ، بلْ مِنَ الناحيةِ المعنويّةِ والاقتصاديّةِ والماديَّةِ أيضًا.! إنّها تُعلّمُ الإنسانَ أُسُسَ الحياةِ على القناعةِ وطبيعتِها.!

إنَّ الكنيسةَ في الارضِ المقدسةِ ملكةُ الكلِ, الأولى التي قبلتْ مغفرةَ الخطايا منْ خلالِ القيامةِ , تمارسُ وتواصلُ مشروعَها الرعويَّ لطائفتِها في الأرضِ المقدسةِ التي تتزعزعُ وتعاني في ظلِ الوضعِ السياسيِّ غيرِ المستقرِّ. إنَّها تبعثُ الرحمةَ والنبيذَ إلى جروحِ طائفتِها ، وفي الوقتِ ذاتِهِ تواصلُ عملَها في الحفاظِ على الأرضِ المقدَّسةِ ، مكانِ حدوثِ ظهورِ الإلهِ بابْنِهِ المولودِ الوحيدِ وكلمتِهِ ، وهيَ تلكَ التي تستضيفُنا بمودةٍ، وحنانٍ، نحنُ الحجاجَ الورعينَ ، معتبرةً إيَّانا كجزءٍ منها في هذا اليومِ العظيمِ منْ حجِ القيامةِ.

إنَّ أمَّ الكنائسِ التي تتمجَّدُ بقيامةِ المسيحِ تهدي منَ القبرِ المقدسِ المانحِ للحياةِ ، طائفتَهَا الورِعةَ في الأرضِ المقدسةِ وخارجَها وتناشدُنا نحنُ محبّي المسيحِ والحجاجَ التقيّينَ ترتيلةَ فصحِ القيامةِ ” المسيحُ قامَ منْ بينِ الأمواتِ ووطِئَ الموتَ بالموتِ ووهبَ الحياةَ للذينَ في القبورِ”.

المدينةُ المقدسةُ ، أورشليمُ ، عيدُ الفصحِ 2014
إلى الربِّ منْ أعماقِ القلبِ
ثيوفيلوسُ الثالثُ

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد الشعانين 13/4/2014

” إن الإبن كلمة الآب المساوي له في الأزلية وعدم الإبتداء الذي الشاروبيم بخوف لا يمكنهم التحديق نحوه قد وافى اليوم الى مدينة أورشليم جالساً على جحش لا نطق له، والأطفال سبحوه مرتلين له تسابيح سرية بسعف وأغصان هاتفين أوصنا في الأعالي للوارد لينقذ من الضلالة كل جنسنا”.
سيادة القنصل اليوناني العام
الآباء الأفاضل الأجلاء.
أيها الأخوة الأحباء. أيها المؤمنون.

نعمة الروح القدس جمعتنا كلنا في هذا المكان حيث تمت فيه آلام ربنا يسوع المسيح الطوعية وصلبه المحيي ودفنه الثلاثي الأيام، أي في كنيسة القيامة المقدسة، فتعالت من جوارحنا وقلوبنا تسابيح سرية بسعف وأغصان الشعانين مثل الأطفال، قائلين هوشعنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب.

فعلا أيها الأخوة الأحباء، قد أتى اليوم إلى المدينة المقدسة الأورشليمية كلمة الله الآب المساوي له في الأزلية وعدم الإبتداء ليخلص الجنس البشري من الضلالة الشيطانية. نقول(اليوم ) لأن المسيح ابن الله “هو الكائن والذي كان والذي يأتي” كما يشهد يوحنا الإنجيلي ( رؤيا 1: 4 )، إن خبرة هذه الأحداث نعيش معانيها الروحية والخلاصية داخل كنيستنا المقدسة من خلال تتميم سر الشركة الإلهية، الإفخارستيا أي المناولة المقدسة، لإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
نعمة الروح القدس جمعتنا اليوم، وكما يصرّح مرنم الكنيسة قائلاً: ” … كلنا حاملين صليبك أيها المسيح، نهتف لابن داود أسرِع لتخلص الذين جبلتهم، لأنك لهذا وافيت يا يسوع المبارك لكي نعرف مجدك “.
إن مجد المسيح هو قيامته الظافرة، وذلك حسب قوله : ” أنا هو القيامة والحياة ، من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكل من كان حياً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد” ( يوحنا 11 : 25 – 26 ).
إنّ كنيستنا المقدسة ومن خلال الأسبوع العظيم المقدس من الصوم المبارك تحثّنا للمشاركة في مجد وقيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي يبتدأ بأسبوع الآلام الطوعية، لذا تدعونا بإلحاح من خلال صوت المرنّم قائلة:” لنلتصق أيها المؤمنون بالرب الذي سارع ليصابر كل شيء، ولنكن مستعدين للسخرية والبصاق والهزء، لكي نتمجد مع آلامه الطاهرة الخلاصية، ونعاين قيامته الظافرة المجيدة، ساحقاً من خلالها سلطان الموت والفساد” . الذي له كل تمجيد وإكرام وسجود مع أبيه وروحه القدوس إلى الأبد آمين.
نتمنى لكم فصحاً مجيداً
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في بشارة سيدتنا والدة الإله الكلية القداسة الدائمة البتولية مريم 7/4/2014

” اليوم يُعتلن السر الذي منذ الدهور. ويصير ابن الله ابن البشر، حتى أنه باتخاذه الأدنأ يمنحني الأفضل. إن آدم اشتهى قديماً أن يصير الهاً، فخاب ولم يصر. فصار الإله إنساناً لكي يجعل آدم إلهاً فلتفرحنَّ الخليقة ولترقصنَّ الطبيعة طرباً فإن رئيس الملائكة تمثّل بخشية لدى العذراء وأهداها بالسلام الفرح عِوَض الحزن، فيا إلهنا الذي لأحشاء رحمته تأنس المج لك”.

أيها الأخوة الأحباء ، أيها المؤمنون والزوار الحسنية العبادة.
عمة الروح القدس وقوة العلي التي ظللت مريم العذراء، من بيت داود جمعتنا اليوم في هذا المكان الكلي الوقار في مدينتكم الاصرة، الذكورة في الكتاب المقدس. لنحتفل ونبتهج بغبطة وسرور روحي، من خلال تقديم التمجيد الفائق والشكر اللائق لرب الخلائق، الذي أعلن لنا السر غير المدرك لبشارة الفائقة البركات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم، كما يشهد بذلك الإنجيلي لوقا القائل:
” وفي الشهر السادس، أُرسل الملاك جبرائيل من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة إلى عذراء… وقال لها لا تخافي يا مريم ، لأنك قد وجدت نعمةً عند الله، وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع… فأجابها الملاك وقال لها: الروح القدس يحل عليكِ، وقوة العلي تظللكِ” ( لوقا 1 :26-35 ).
إ وقع هذا الحدث غير المدرك لبشارة والدة الإله، أيها الأخوة يثير الدهشة والعجب والحيرة في كل العالم، الأمر الذي حدا بالقديس يوحنا الدمشقي أن يصدح قائلاً: ” لقد دُهِشَت البرايا كلها منذهلة من مجدك الإلهي. أيتها العذراء التي لم تذق خبرة الزواج. فإنكِ قد حبلتِ بإله الكل وولدتِ الإبن الذي لا يحدّه زمان. مانحة السلام لكل الذين يسبحونكِ” .
إن عدم تذوق خبرة الزواج الذي تميزت وانفردت به والدة الإله مريم دون سائر نساء الأرض قاطبة، يعتبر سراً غير مدرك يعلو إدراك طامحات العقول، فها إنها تعتبر ” رأس التاريخ المقدس”، تاريخ خلاصنا، وتاريخ خلاص كل الإنسانية، فهي بوابة الخلاص، لهذا فكنيسة المسيح المقدسة وبشكل لا لُبسَ فيه ، وبمنتهى الصراحة ، ترفض كل تفكير خيالي وغيبي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فالكنيسة المقدسة تعلن شهادتها الصادقة جهاراً، من خلال الكتاب المقدس، كما يبوق به المرنم القائل: ” لقد دعاكِ دانيال جبلاً عقلياً، واشعيا والدة الإله. ورآك جدعون جزّةً. وسمّاك داود مقدساً وآخر باباً. أما جبرائيل فقد هتف نحوك قائلاً: يا ممتلئة نعمة الرب معك” .
إن القديس يوحنا الذهبي الفم يفسر كلمات الملاك جبرائيل: ” الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلي تظللكِ” ( لوقا: 19: 35 ) فيقول: أن نطلب إخضاع ما فوق الطبيعة إلى سُنة الطبيعة، فما يحدث هنا هو أمر خارج نظام الطبيعة، إنه عمل الروح القدس. ويستشهد الذهبي الفم بأقوال سليمان الحكيم ” كما أنك لست تعلم ما هي طريق الريح. ولا كيف العظام في بطن الحبلى كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع الجميع.” ( جامعة 11: 5) .
إن حبل كلمة الله يسوع المسيح في أحشاء العذراء والدة الإله الدائمة البتولية مريم، هو سرٌّ عظيم كما يكرز أيضاً بولس الإلهي: ” … عظيم سر التقوى الله ظهر في الجسد.” ( تيموثاوس 3: 16 ). وكما يقول مرنم الكنيسة :” يا والدة الإله نسبحكِ ونبارككِ ونسجد لكِ، لأنك ولدتِ أحد الثالوث الغير المنقسم أبناً وإلهاً، ففتحتِ لنا السموات نحو الأرض” .
إنّ المعنى الخاص لعيد بشارة العذراء مريم، والذي نحتفل به في هذا اليوم المبارك، يعود إلى مكانتها ودورها الخلاصي، فقد فتحت لنا مسبقاً ملكوت السموات نحن الذين على الأرض من ناحية، وحققت لنا المقدرة في عبور موت الفساد والخطيئة من ناحية أخرى، فالخطيئة بحسب الرسول بولس الحكيم: ” … من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس. إذ أخطأ الجميع” ( روميا 5: 12 )، فمن واحد آدم القديم دخلت الخطيئة إلى جميع الناسن ومن خلاله حلَّ الموت أيضاً وانتشر في كل المسكونة، لأن في شخص آدم امتلكت الخطيئة في كل من انحدر من سلالته، وأيضاً بواحدٍ أي يسوع المسيح، آدم الجديد دخل البر في كل الجنس البشري.
هلمَّ أيها الأحباء
” لنرى العجب الباهر في بشارة العذراء النقية، وهو أن الله يصير منها طفلاً بلا زرع كإنسان، وذلك لكي يعيد جبلة كل جنس البشر. فاستبشروا يا شعوب بتجديد إبداع العالم” . هكذا تعلن الكنيسة بفم مرنمها مخاطبة إيانا نحن أيضاً.
إن كنيستنا المقدسة تصرّح بغبطة وحبور نحو العذراء والدة الإله الممتلئة نعمة: ” إفرحي يا والدة الإله يا نجاة آدم من اللعنة” .
لنتسائل: كيف يمكن أن يحل البرّ وسود السلام والتصالح، بين الله الخالق والإنسان المخلوق، وأيضاً بين جميع الناس الذين يتشاركون في نفس الطبيعة البشرية، بدون إعادة الصياغة من خلال مفاعيل الروح القدس، روح كلمة الله، الله المحبة والسلام؟؟
أيها الأخوة الأحباء
إن كنيستنا المقدسة تحثنا في هذا الوقت الحاضر، لنعاين الخلاص بالمسيح الإله، ومع الملاك جبرائيل نقول نحو العذراء هاتفين: إفرحي يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء ( لوقا 1: 28 )، نعود ونهتف بفرحٍ قائلين: إفرحي يا ممتلئة نعمة الرب معكِ. الذي له عظيم الرحمة.
كل عام وأنتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكس