1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة السجود لعود الصليب الكريم المحيي 23/3/2014

” إن العدوّ في الفردوس قديماً عرّى آدم بواسطة العود وجلب الموت لأجل المذاقة وأمّا عود الصليب فانغرس على الأرض آتياً للبشر بلباس الحياة ، واستوعب العالم بأسره كل الفرح فلنشاهدهُ أيها الشعوب مسجوداً له، ونصرخ لله بإيمان ونغمات مؤتلفة أن بيته مملوءاً مجداً”.
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح.
إنّ مرنّم كنيستنا المقدسة ، ومن خلال هذا الكلام ، يعرض لنا بشكل جلي وواضح مدى عظمة وجبروت وقوة الصليب الكريم المحيي، الذين نحتفل جمعاً بتذكار السجود له، أي في الأحد الثالث من مسيرة الصوم الأربعيني المقدس.

فعلاً، إن صليب ربّنا يسوع المسيح الفائق الإكرام والتبجيل، يتمتع بمنزلة سامية ومركزية في سر الفداء، هذا السر الذي أتمّه ربنا يسوع المسيح طوعاًعلى عود الصليب، م أجل محبته غير المستقصاة للبشرية جمعاء. وبهذا التدبير الإلهي، الذي تألّق بخشبة الصليب، وضع حدّاً ونهايةً لسلطان الخطيئة والفساد والموت. المتمركزة في الكذّاب وأبو الكذب والدجل ألا وهو الشيطان وسائر قواته المضلة. وهذا ما يظهره مرنّم الكنيسة إذ يقول: ” إن الحربة اللهيبية ليست فيما بعد تحفظ باب عدن، لأنها قد طُفِئَت بحال معجزة بديعة بواسطة عود الصليب، وشوكة الموت وغلبة الجحيم قد بَطُلتا، وأنت أيها المخلّص وردت هاتفاً للذين في الجحيم قائلاً: أدخلوا إلى الفردوس أيضاً “.
من خلال ذبيحة الصليب التي أتمها ربنا يسوع المسيح، فُتِحت طريق الخلاص. لأن الخشبة الأولى سابقاً كانت سبباً للعنة، التي تعرّى من خلالها آدم وذريته قديماً من نعيم الفردوس، لكن خشبة الصليب قوّمت وجددت معصية آدم لتصبح المدخل للولوج إلى الفردوس ثانية، لذا يقول المرنم: ” العالم بأسره استوعب كل الفرح”.
من صليب يسوع الكريم المحيي ، يتدفق وبغزارة ينبوع الحياة الجديدة، المليء بالقوة والفرح والرجاء للمؤمنين أعضاء الكنيسة. هذا ما يجعل مفاعيل الكنيسة وأسرارها وخدمتها، وعلى الأخص الليتورجية – سر الشكر الإلهي – وباقي الصلوات والشعائر، تستعين وبشكل كبير بمرهم الخلاص، ألا وهو الصليب الكريم ورسم شارته باستمرار.
هذا الصليب يعتبر بهاء وجمال ورونق الكنيسة، وقوة المؤمنين والسلاح الفعّال ضد الشيطان. الأمر الذي يحفز المرنم ليقول: ” اليوم يصير فرحٌ في السماء وعلى الأرض لأن علامة الصليب قد ظهرت للعالم إذ هو المثلث الطوبى قد وضع فائضاً للساجدين له لنعمة متدفقة”.
نتضرع لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح أن يجعلنا مستحقين بقوة الصليب الكريم، أن نجتاز ميدان الصوم المبارك، لنعاين جميعنا فرح القيامة المجيدة.
كل عام وأنتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة مديح والدة الإله الدائمة البتولية مريم 21/3/2014

” يا والدة الإله أيتها الينبوع الحي الفائض بسخاء ثبتينا نحن المتحدثين بتسابيحك الملتئمين محفلاً روحياً. وفي مجدك الإلهي أهلينا لأكاليل المجد والشرف.”
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح.
إن كنيسة المسيح المقدسة، تقدم فائق الإكرام والتمجيد لشخص الكلية القداسة الطاهرة الفائقة البركات المجيدة، سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم. وذلك لأن الروح القدس حل عليها بالنعمة العلوية، وقوة العلي ظللتها وهيئتها لتكون وباستحقاق ثيوطوكس أي والدة الإله، أم ربنا يسوع المسيح.

يتمحور سر التدبير الألهي العظيم في شخص العذراء والدة الإله، التي تعتبر خلاصة وفحوى ومضمون سر التدبير الإلهي، كما يصف ذلك ببراعة القديس يوحنا الدمشقي إذ يقول: “فإذا كانت الوالدة والدة الإله، فالمولود منها إله كامل وإنسان أيضاً بكامله”. لهذا السبب تعترف كنيستنا المقدسة وتقر بأن سيدتنا العذراء مريم هي الواسطة وحلقة الوصل الفريدة والمميزة لدى الله المحب البشر.
مديح العذراء، أو صلاة التضرع والشفاعة الموجه نحو شخص العذراء مريم، والمعروفة في أرجاء العالم، تقام باحتفالٍ وابتهالٍ في فترة الصيام الأربعيني المبارك، وذلك لسببين:
1) لتكريم ومديح أم ملكنا المسيح الإله، كما يقول مرنم الكنيسة القائل:” أفتح فمي فيمتلىء روحاً. وأُبدي قولً فائضاً نحو الأم الملكة. وأظهر معيجاً للموسم بابتهاج. وأترنم بعجائبها مسروراً”.
2) الشفاعة والمعونة من العذراء مريم المستجابة طلباتها لدى الله، تأهيل كل الذين يكرمونها ويوقّرونها بتسابيحهم وترانيمهم ، الولوج الى حقيقة الإيمان القويم، والحياة بالمسيح الإله ، والثبات فيها كما يقول الحكيم بولس الإلهيّ: “فإنّي وإن كنت غائباً في الجسد لكنّي معكم في الروح، فَرِحاً وناظراً ترتيبكم ومتانة إيمانكم بالمسيح” ( كولوسي 2 : 5 ).
وتأهيلنا أيضاً لنحظى بالخلاص والحياة الأبدية ، كون العذراء مريم هي فخر الجنس البشري ومجد العالم كله ، لكنها أيضاً الملكة التي جلست عن يمين الملك ، فهي أكرم من الشيروبيم وأرفع مجداً بغير قياس ٍ من السيرافيم.
إن العذراء مريم التي حَظِيَت بأن تلقب بوالدة الإله وأم كلمة الله، قد بلغت غاية التأله جرّاء ذلك ، فهي تشارك في المجد الإلهي لإبنها وإلهها المسيح الإله، لهذا تتشفع من أجل جميع المسيحيين الذين يضعون رجائهم تحت كنفيها آملين بأن يحظوا بشفاعتها المستجابة بملكوت الله، ” …. لينالوا إكليل المجد الذي لا يبلى ” ( 1 بطرس 5 : 4 ).
الأمر الذي يعود ويكرره القديس يوحنا الدمشقي من خلال الترانيم والمديح الذي لا يجلس فيه ، المفعم باللاهوت والإيمان القويم ، والمرشد الى الحياة الأبدية ، وبضرورة طلب شفاعة العذراء، إذ يقول: ” يا والدة الإله أيتها الينبوع الحي الفائض بسخاء ثبتينا نحن المتحدثين بتسابيحك الملتئمين محفلاً روحياَ وفي مجدك الإلهي أهلينا لأكاليل المجد والشرف ” .
نتضرع لوالدة الإله الكلية القداسة والدائمة البتولية مريم ، أن تتشفع فينا وتعضدتنا في جهادنا الروحي لنجتاز ميدان الصيام المقدس ، والوصول إلى فرح قيامة ربنا يسوع المسيح ، لنولد من جديد باتحادنا بآدم الثاني المقام بمجدٍ من بين الأموات ، لكي يملك على قلوبنا وأرواحنا وحياتنا كلها التي هي للمسيح الإله. آمين

كل عام وأنتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب غبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار أبينا البار جراسيموس 17.3.2014

” لقد اشتهيت أن تلقى الله يا جراسيموس الأب البار . فداومت الاقامة في البراري والمغاور والجبال عن ايمان حار . تلتمسه بعزم لا ينثني . فوجدته كما كنت تشتهي مؤيداً على الدوام بالمراقي الصالحة. وقدمت للمسيح جماهير من المتوحدين قد خلصوا “.
أيها الأخوة الأحباء . أيها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة .
ان كنيسة المسيح المقدسة, ترفع تماجيد وتسابيح شكرية الى الله القدوس المثلث الأقانيم, في هذا اليوم المبارك حيث تقيم فيه تذكار البار جراسيموس, الذائع الصيت بين المتوحدين, الذي نسك في هذا المكان المقدس, في محيط مجرى نهر الأردن.
ان البار جراسيموس, كان مقتدياً بالنبي السابق يوحنا المعمدان, بالصوم والصلاه والتوحد, فاقتنى الفضائل بجدارة, ليصبح مدبراً أصيلاً لرعاية رعية المسيح الناطقة من النساك والمتوحدين, لهذا السبب ينشد مرنم الكنيسة قائلاً: “لقد صعدت سلم الفضائل الالهية أيها الأب جراسيموس, لتحقق قمة الرؤيا الروحية, فاقتنيت الاستنارة لتعاين بنقاوة وطهارة, قدر طاقة طبيعتك البشرية, أسرار المسيح الالهية”.

ان البار جراسيموس, ومن خلال جهاده النسكي والروحي المقرون بالصوم والصلاة, استطاع أن يحظى بالمواطنة في المدينة السماوية, حيث يتملك فيها مولود العذراء مريم, أي المسيح الاله الذي ولد من دماء العذراء الطاهرة النقية والدة الاله الدائمة البتولية مريم, صائراً في شبه الناس ما خلا الخطيئة. حسب قول المرنم : “أيتها الطاهرة, ان الذي ولد منك بغير دنس, قد رفعنا, من خلال أجنحة الصيام من الأرض الى المدينة السماوية, فحقق لنا مواطنة السموات”.
أما الحكيم بولس الالهي فيقول: ” الذين نهايتهم الهلاك, الذين يفتكرون في الأرضيات, فان سيرتنا نحن هي في السماوات, التي منها أيضاً ننتظر مخلصنا هو الرب يسوع المسيح. الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده, بحسب عمل استطاعته أن يخضغ لنفسه كل شيء” ( فيلبي 3 : 19 – 21 ).
أيها الأخوة الأحباء
ان البار جراسيموس, سبق فتذوق مسبقاً, خبرة التجلي, من خلال جسده الخاضع للفساد, هذا الجسد الذي سما وتألق من خلال نعمة التأله ليشابه جسد المسيح المتجليب بالنور .- حسب سنككسار القديس جراسيموس – فقد وصل الى ذروة التأله, ليكون علاقة ً حميمةً مع الله, فتجلت نعمة الله فيه, فأصبح يسيطر على الحيوانات البرية بشكل كبير. ( كما تشير أيقونة البار مع الأسد الذي جاء اليه لينزع الشوكة التي علقت في رجله ), وها مرنم الكنيسة يصدح قائلاً :
” أيها المتوشح بالله, لقد حافظت بحرص شديد على قيمة صورة الله فيك, فهابتك حيوانات البرية وارتعدت بخوف من هيبتك وصولتك نحوها, لذا فأنت تشكر الله باستمرار “.
انه ليوم حافل ومقدس تذكار البار جراسيموس, فها اننا نقدم الشكر والعرفان والتمجيد ( ذو كصولوجيه) لقديس الله …. ومن ناحية اخرى, أتينا لنشارك الفرح في ” كنسية أبكار مكتوبين في السماوات, والى الله ديان الجميع, والى أرواح أبرار مكملين” (عب 12 :23 ), وبحسب القديس أثناسيوس الكبير : ” هذا العيد الان, هو صورة وختم للفرح السماوي العلوي “.
أيها الأخوة الأحباء
هذا الفرح هو ينبوع لا ينضب, أي المسيح الذي صلب وقام, أنه جسد الكنيسة السري, هذه الكنيسة التي تمثل من ناحية جوهرية ” المدينة السماوية” المنظورة بالعين في علم الفساد هذا.
ان مرنم الكنيسة يوجه صوبنا هذه الاية المحيية اذ يقول : ذوقوا الخبز السماوي, وكأس الحياة, وانظروا ما أطيب الرب”.
ان محفل القديسين شهود الحق المتوشحين بالله, قد ذاقوا الخبز السماوي وشربوا من كأس الحياة, فلهذا الخبز السماوي يعلن لنا ربنا يسوع المسيح قائلاً :” أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء.ان أكل أحد من هذا الخبز يحيا الى الأبد, والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم “(يو 6 : 51 ). والقديس بولس الالهي يقول :” فانكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذا الكأس تخبرون بموت الرب الى أن يجيء” ( 1 كورنثوس 11 : 26 ).
ان محافل القديسين وعلى رأسهم والدة الاله الدائمة البتولية مريم, يعتبرون السلم الروحية التي تنقلنا الى السماوات, أما درجات هذا السلم الروحي, فهي ثمار الروح القدس, كما يكرز معلم المسكون بولس الحكيم : ” وأما ثمر الروح فهو : محبة, فرح, سلام , طول أناة, لطف, صلاح, ايمان, وداعة, تعفف, ضد أمثال هذه ليس ناموس ” (غلاطية 5 : 22 – 23 ).
ثمر الروح هذا, هو غنى نعمة الروح القدس, روح المسيح, لهذا الغنى تاقت بكل جوارحها نفس أبينا البار جراسيموس, لتحقق رغبتها بنجاحها البار باقتناء هذا الثمر الروحي.
ان غنى الروح القدس, هو نعمة وموهبة معطاة للجميع,لكن الذي ينالها, هو الشخص الذي تاقت نفسه برغبة ملحة بعد أن طهر قلبه, ليكون نقياً وضاءً,عاملاً في اصلاح نفسه بتوبة جادة, من خلال الزهد والتقشف, وممارسة الصيام المبارك, متحداً بالمسيح من خلال ممارسة الأسرار الالهية المقدسة, وكما يقول المرنم :
” غنى الروح القدس يوهب لجميع أولئك الذين يجاهدون بأعمالهم الخلاصية بالزهد والتقشف والصلاة والصوم “.
أيها الأخوة الأحباء
الى هدف الهدف تصبو كنيستنا في صيامها الاربعيني المقدس, لتساعدنا أن نغتني من نعمة الروح القدس, كما يظهر جلياً قول مرنم الكنيسة :” أيها المؤمنون ان اللذين جبلا أولاً لما يصوما عن عود المعرفة حسب وصية الباري استثمروا الموت الناتج من المعصية وتغربا من عود الحياة ونعيم الفرودوس. لذلك فلنصم عن الأغذية الفاسدة والالام المبيدة لكي نقتطف لحياة من الصليب الالهي, ونرتقي الى الوطن القديم, صحبة اللص الشكور, أخذين من المسيح الاله الرحمة العظمى”.


وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد غبطة البطريرك وتذكار الشهداء الاوربعين – 2014/3/16

“لنمتدحن جمال الشهداء القديسين. اي زمرة الشهداء الاربعين الحكماء. الذين انتخبهم وتوجهم الله بالاكاليل, فانهم امتحنوا بالجليد والنار فاصبحوا جنودا للمسيح ملك الكل, وهم يتشفعون في خلاصنا”.

سيادة القنصل اليوناني,
الاباء الاجلاء, والاخوة الاحباء,
الحضور الكريم,

ان التذكار المقدس لزمرة القديسين الشهداء الاربعين الذين انتخبهم وتوجهم الله, والذين استشهدوا في بحيرة سبسطية في مقاطعة كباذوكية, جمعنا اليوم سويا في كنيسة القيامة المقدسة لالهنا ومخلصنا يسوع المسيح, حيث رفعنا شعائر العبادة باحتفالنا بمراسيم القداس الالهي اي السر الكبير للافخارستيا.

بالاضافة الى ذلك, فقد رفعنا صلوات (ذكصولوجية) تمجيدية وشكرية وابتهالية الى الثالوث القدوس المحيي, الذي وهبنا نحن الانام غير المحصى لنا عدد, بركة ونعمة القديسين الشهداء. كما يكرز الرسول بولس الالهي “لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهداء مقدار هذه محيطة بنا , لنطرح كل ثقل, والخطيئة المحيطة بنا بسهولة, ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا, ناضرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع, الذي من اجل السرور الموضوع امامه, احتمل الصليب مستهينا بالخزي, فجلس في يمين عرش الله” (عب 12 : 1 – 2).

ان شهادة الرب يسوع تالقت على عود الصليب الكريم المحيي, لهذا الصليب حمل ايضا القديس الشهيد ثيوفيلوس وهو جندي من ضمن القديسين الشهداء الاربعين جنود المسيح البواسل. حيث نحمل اسمه بتواضع كبير. الامر الذي تحتم علينا من باب الواجب والاصول, وبشكل فريد ومميز ان نكرمه تمام الاكرام والاجلال في هذا اليوم البهيج, بمناسبة عيد اسمنا “ثيوفيلوس”, سوية مع اخوتنا, اخوية القبر المقدس الكلي الاكرام, مع سائر ابنائنا حاملي اسم المسيح الموقرين.

احتفالنا بهذا العيد الكلي الاكرام للقديس ثيوفيلوس وسائر الشهداء المشاركين معه الاربعين, يحثنا لنكون على غاية اليقظة والانتباه, خاصة في هذه الايام الحرجة التي تتمخض تحت نيرها البشرية جمعاء, حيث تخضع للتجارب القاسية والصعبة, وخاصة جنس المسيحيين, الذين يقطنون في مناطق مختلفة في اصقاع العالم, حيث يعانون من نير الاضطهاد الغاشم.

القديس يوحنا ذهبي الفم, يفسر المعنى الروحي العميق لمفهوم كلام الانجيل بشهداء محبة المسيح, اذ يقول “ان الشهيد هو من يبذل نفسه بشجاعة وشهامة, وذلك بمعاضدة قوة الروح القدس التي تمده بالطاقة والعصب لتتميم هذا الجهاد, ولكن لا يمكن ان يعتبر شهيدا بطريقة اخرى. ولكن انا يوحنا اقول “شهيد” ليس فقط هو الذي وصل الى الخلاص عن طريق الالام. لكن يعتبر شهيدا ذاك الذي يبشر بالكلمة من خلال النعمة فهو يؤدي الشهادة, فكل كارز للحقيقة المعلنة بالمسيح هو شهيد لله”.

نطلب بالحاح صلوات وشفاعات القديس الشهيد ثيوفيلوس, وسائر شركائه الشهداء, ان نرفع من اجل خلاصنا, نحو الهنا الصالح والمحب البشر, ومع المرنم نقول:
“لقد جعلتم الصوم الشريف اعظم بهاء وبهجة, بتذكار جهادكم المجيد. يا مجاهدي المسيح الظفرة, فانكم اربعون في العدد فتقدسون الاربعين يوما. مقتدين بالمسيح في الامه الخلاصية بواسطة جهادكم في سبيله. والان اذ لكم دالة لديه تشفعوا فينا. طالبين ان نبلغ بسلام الى يوم قيامة الهنا ومخلص نفوسنا الثلاثية الايام”.


وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطه بطريرك المدينه المقدسه اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة دخول المسيح الى الهيكل

لقد غطت فضيلتك السماوات ايها المسيح: فإنك برزت من تابوت قدسك الام لمنزهة عن الفساد. فشوهدت في هيكل مجدك طفلاً محمولاً في الاحضان. وامتلأ الكل من تسبحتك ( صلاة السحر: كطافاسية ٤- الارمس- القديس قزماس مايوما).
ايها الاخوه الاحباء. أيها المؤمنون، والزوار الحسنيو العباده.
ان كنيسة المسيح المقدسه ما انفكت تعلن للعالم أجمع شهادتها الاصليه بسر تجسد وتأنس كلمة الله، الأمر الذي حدا بنا لننضوي سوية في هذا المكان التاريخي والمقدس، محتفلين ببهجة وحبور بعيد دخول ربنا يسوع المسيح الى الهيكل، وحمله على ذراعي الشيخ سمعان الصديق، كما يقول المرنم: ( لقد هتف سمعان يقول: ها إن هذا هو الذي يكون الهدف للمخالفة. وهو اله وطفل معاً. فلنرنمن له عن ايمان هاتفين: باركوا الرب يا جميع اعماله وارفعوه الى كل الدهور).
إن للانجيلي لوقا شهاده دامغه إذ يقول: ( كان سمعان رجلاً تقياً ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه وكان قد أوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب) (لو ٢: ٢٥ -٢٦).
فتحقق هذا الامر بأعتراف البار سمعان عندما عاين المخلص في الهيكل، واحتضانه له كما ذكر المرنم: (فشوهدت في هيكل مجدك طفلاً محمولاً في الاحضان).
لقد برز مسيح الرب من الأم المنزهة عن الفساد، اي من الدماء الطاهرة النقيه لوالدة الإله الدائمة البتوليه مريم. برز كطفل ( في هيكل مجده) محمولاً بالاحضان، كما يقول القديس يوحنا الدمشقي: ( وعلى أيد بشريه حمل كطفل صغير، هو “بهاء مجد الاب وصورة جوهره (عب ٣:١ ), والذي يحفظ الكون برمته بكلمة فمه).
اشترك في هذا الحدث الروحي العظيم البار سمعان الشيخ، الذي اعتبر مثل تلميذ ورسول للمسيح، كما ذكر آنفاً بفم الانجيلي لوقا: ( كان سمعان رجلاً تقياً ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه وكان قد اوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب (لو ٢: ٢٦ -٢٥ ), أن اباء الكنيسه العظام يفسرون معنى، ( تعزية إسرائيل ) الوارده في الانجيل المقدس بما يلي: (اسم المسيح المبارك يشمل في ذاته الصفات الالهية، التي تضمن الخلاص للانسان، فالمسيح يعزي شعبه، لانه كلمة الله المتجسد القادر على تحرير الانسان من رباط الخطيئه، وإعطائه حرية ابناء الله، من خلال تعاليمه وأسراره الخلاصيه، فهو يكسب وبمحبه عظيمه الراحه لكل قلب حزين، مغدقاً عليه بالفرح والرجاء والتعزيه الالهية”.
وفي شرح معنى ، ( الروح كان عليه)، فالقديس زيغابينوس يقول: (هذا الروح كان روح النبوه)، الامر الذي جعل البار سمعان الشيخ أول نبي يعلن بأن المسيح قد جاء الى العالم، تحقيقاً لوعد الروح القدس له.
لذا استطاع بجرأة ومقدره فريده أن يجاهر بهذا الأمر رغم محدودية الفكر الانساني ومدى استيعابه لهذا الامر الفريد والوحيد. ان الشيخ سمعان البار قد سماه (صفاته الحسنه) وانتشرت في اصقاع الارض وكذلك حنة النبية بنت فانوئيل الطاعنه في السن ( لو ٣٦:٢).
فهما لنا صورة يحتذى، ومثال يقتدى، لنكون على نفس سيرة حياتهم الفاضله الحميده، التي تشع مهابة ووقاراً، فقد تحررا من قيود العالم وشهواته, فجل عملهما هو تقديم النفس باستمرار كتقدمة محرقة نقية نحو باريها, بصلوات وطلبات وتضرعات مستمرة لا تعرف الكلل ولا الملل.
فجمعا من الفضائل أسماها ومن الخصائل أعلاها, متذكرين قول الحكيم سليمان: ( اما البار فأنه وان تعجله الموت يستقر في الراحة, لأن الشيخوخة المكرمة لا تقوم على كثرة الأيام ولا تقاس بعدد السنين… بل هي الحياة المنزهة عن العيب) (حكمة 4:7- 9) .
اما القديس بولس فيقول عن الشيوخ: (صاحين , ذوي وقار, متعلقين, اصحاء في الأيمان والمحبة والصبر, أما بالنسبة للعجائز: في سيرة تليق بالقداسة, غير ثالبات, غير مستعبدات للخمر كثيرا.
معلمات الصلاح… متعلقات, عفيفات, ملازمات بيوتهن…) (تيطس ٢: ٥ -٢).
أن الشيخ سمعان البار ومن خلال انتظاره للوعد الالهي بثقة راسخة (أنه سيعاين مسيح الرب), أوحي اليه بالوقت المناسب ليستقيل المخلص عند دخوله الى هيكل سمعان, فهذا الحدث يعتبر التاج المنير لأقوال الأنبياء في العهد القديم, التي تنبأت عن سر التدبير الالهي بالمسيح, أي تأنس الهنا كلمة الله ومخلصنا يسوع المسيح, لهذا السبب ايها الأحباء, يكرز الرسول بولس قائلا: (لأنه قد ظهرت نعمة لله المخلصة لجميع الناس, معلمة ايانا ان ننكر الفجور والشهوات العالمية, ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر, منتظرين الرجاء المبارك وظهور مد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح, الذي بذل نفسه لأجلنا, لكي يفدينا من كل أثم ويطهر لنفسه شعبا خاصا غيورا في أعمال حسنة) (تيطس ٢: ١١-١٤).
أن كنيستنا المقدسة بالمسيح تنظر لهذا الحدث بكل اهتمام وغيرة, فهي تعيد لاستقبال ربنا يسوع المسيح على ذراعي الشيخ سمعان الصديق, لأن المسيح اتى لكي يتمم كل بر فهو ينفذ وصايا الناموس (التي وضعها) بحذافيرها, لكي يبقى سر التجسد بمنأى عن كل شك وريب.
لذا فالكنيسة المقدسة تؤدبنا وتقوينا من خلال الأسرار الالهية المحيية, لتقودنا الى الحياة التأله بالنعمة, وتزودنا بالخصال والفضائل الروحية لكي نستقبل (خلاص الله) (لوقا ٢: ٣٠), هذا الخلاص الذي قدمه لنا نحن الخطأة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي صلب وقبر وقام ظافرا من بين الأموات (… الآتي “عند الدينونة الأخيرة” على سحاب السماء بقوة ومجد كثير) (متى ٢٤:٣٠).
أن خلاص الله الذي تمتع به سمعان الشيخ كان بالعيان واللمس, أما نحن المخلصون بالمسيح, فأن (خلاص الله) يتحقق فينا بشكل عجيب فنحن نمتزج ونتحد مع المسيح الاله من خلال سر المناولة الالهية (الأفخارستيا), أذ نصبح شركاء في الدم والجسد الالهيين المقدسين. هذا يعني أيها الأحباء, أن علينا أن نقبل التجارب أذا ألمت بنا, ولا نستغرب جراء حدوثها, فالسيد المسيح قال: ( في العالم سيكون لكم ضيق, ولكن ثقوا : أنا قد غلبت العالم) (يو ١٦:٣٣), فالشرير ما زال يعمل في أبناء المعصية, التي نراها تتفاقم في زماننا الحاضر من خلال قوى الاضطهاد والتدمير المخيف والمريع بأنواعه العديدة.
لا نقف مذهولين من جراء ذلك, لكن لننصت الى أقوال الرسول بطرس: ( بل كما اشتركتم في الآم المسيح, افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضا مبتهجين في مجيئه الثاني المجيد ) (1 بط ٤:١٣).

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون