كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار القديس يعقوب أخي الرب 05.11.2013 في الكنيسة
” هلموا نعظم كلنا بالأناشيد الشريفة يعقوب صاحب الكرسي الاول ،وكوكب الكنيسة ، فإنه كان رئيس كهنةٍ وكاروزاً الهياً ، وقد لقب بالصديق تلميحاً بصفته” .
أيها الاخوة الاحباء ، ايها المؤمنون ، والزوار الحسني العبادة .
صاحب الكرسي الأول للكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية ، يعقوب الصديق والشهيد في رؤساء الكهنة ، الذي نعيد لتذكاره المقدس اليوم في هيكل الكنيسة التي تحمل اسمه الكريم ، في هذه المدينة المقدسة حيث مقر أجداده ، ودفيئة كنيسة الأم الأورشليمية . هذا القديس الذي نصب أول رئيس كهنةٍ لمدينة أورشليم ، من قبل كلمة الله الابن الوحيد ربنا يسوع المسيح.
ان كلمة الله الاب وابنه الوحيد ، لما وافي الينا في آخر الأيام ، جعلك يا يعقوب الملهم بالله راعٍ ومعلم لأورشليم. مدعواً بأخي الرب فقد ( ترك لنا شهادة حقيقية بالمسيح ،من خلال دمه الكريم الذي سفكه من أجل هذا الإعلان).
ويحدثنا بذلك مؤرخي الكنيسة ، أفسابيوس من قيصرية فلسطين، وإيجوسييوس القائلين :” إن القديس يعقوب، وقبيل حصار الغيورين أبناء جنسه وموطنه في أورشليم ، دعوه ليعطي شهادة من أجل يسوع المسيح من على جناح هيكل ، فاعترف جهاراً بأن يسوع المسيح ابن الانسان، (متى 8: 20) ، (عب 1 :3) ، الامر الذي حذا بهم لإسقاطه نحو الأسفل، وضربه بخشبة حتى فارق الحياة”.
ان كنيسة المسيح تفرح وتبتهج ، وخاصة الكنيسة الأورشليمية ، لأن الرسول يعقوب هو أول من تبوئ سدة الأسقفية في المدينة المقدسة أورشليم ، فالرب يسوع المسيح ، هو الذي اختاره ورسمه لهذا المنصب الروحي الكبير . وهو أول من كتب وشرح بإلهام ومعاضدة يسوع المسيح ومؤازرته، نص وفحوى الليتورجيا الإلهية .
بكلام أخر أيها الأخوة الأحباء أصبح القديس يعقوب :الشاهد الذي أبصر بذاته ، وسمع بنفسه ، السر الإلهي وتعاليم المسيح الخلاصية ، في سر التدبير الإلهي، كما يتجلى لنا ذلك من خلال رسالته الجامعة ، حيث يسمي نفسه : ” يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح” (يع 1:1) . وفعلاً فإن القديس يعقوب قد ارتقى بفضائله ليكون معترف بأنه عبد للمسيح ذلك لأنه أصبح مقتدياً بأقوال وأعمال المسيح ، كما يؤكد ذلك في كرازته من أجل فهم مضمون الايمان فيقول : ” ما المنفعة يا اخوتي أن قال أحد أن له ايماناً ولكن ليس له أعمال. هل يقدر الايمان أن يخلصه ؟ ان كان أخ واخت عريانين ومعتانين للقوت اليومي، فقال لهم أحدكم : ” أمضيا بسلام ، استدفئا واشبعا “. ولكن لم تعطوها حاجات الجسد ، فما المنفعة ؟ هكذا الايمان ايضاً ، ان لم يكن له أعمال ، ميت في ذاته … لأنه كما ان الجسد بدون روح ميت ، هكذا الايمان ايضاً بدون أعمال ميت” ( يع 2: 14 و 26) .
كنيستنا المقدسة أيها الاخوة الاحباء بالمسيح، هي جسد المسيح السري ، ومؤسسها المسيح نفسه وهو ضابطها أيضاً ، وقد اوكل للتلاميذ الاطهار رساله الكرازة بالانجيل الخلاصي المفعم بمحبيته الالهية غير الموصوفة .
فالكنيسة تدعونا اليوم ، ومن خلال أسقفها يعقوب أخي الرب ،لكي نقدم الى معرفة ايماننا المسيحي وسبر غورة ، يعني الحقيقة بالمسيح كما يقول القديس بولس الرسول الالهي: ” لان حسن ومقبول لدى مخلصنا الله.
الذي يريد ان جميع الناس يخلصون . والى معرفة الحق يقبلون ” ( 1 تيمو 2: 3-4) . من ناحية أخرى ، فهو بالتدقيق الهدف الكرازي للرسل الأطهار كما يقول مرنم الكنيسة : ” لقد اركبت خيلك وهم رسلك البحر يا مخلص . فأناروا الامم وقادوهم الى معرفتك يا رب”.
نقول هذا لان كثير منا نحن المؤمنين ، لم نبقى ثابتين على صخرة ايماننا بالمسيح يسوع وتعاليمه الخلاصية ، ان الدهشة قد امتلكتنا لعدم استجابة صلواتنا وتضرعاتنا التي نرفعها الى الله جل جلاله؟ ! وها ما ينوه به قديسنا يعقوب فيقول : ” ولكن ليطلب ( المؤمن ) بإيمانٍ غير مرتاب البتة ، لان المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه ، فلا يظن ذلك الانسان أنه ينال شيئاً من عند الرب” ( يع 1: 6-7).
لهذا السبب قديسنا يعقوب يتوجه الينا طالباً أن نقترب من الله من خلال التوبة الحقيقية ونقاوة الطهارة قائلاً : ” اقتربوا الى الله فيقترب اليكم ، نقوا ايديكم ايها الخطاة ، وطهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين ” (يع 4: 8) . وبشكل اكثر وضوحاً : اقتربوا من الله ، فالله يقترب اليكم . نظفوا انفسكم من جميع الذنوب والخطايا الداخلية
والخارجية ايها الخطاة ، وطهروا داخلكم انتم يا ذوي الرأيين الذي تعرجون بين الفرقتين ، فطورا تسيرون مع الله ، وطوراً مع اباطيل العالم .
ان الكلام الذي يتفوه به القديس يعقوب هو كلام يوحيه له ويلهمه به الروح القدس روح الحق الذي من الاب ينبثق ، هذا الكلام نافع لزمان القديس كما لزماننا نحن ايضا ً. ولكل زمن لان الروح القدس يعلو على كل الاوقات والازمنة .
لكن وقتنا المعاصر هو وقت التحديات الذي يهدد بشكل كبير الانسان المؤمن بالله ، وخاصة انسان كنيسة المسيح ، لكنه مع المسيح فسوف يغلب العالم ” ثقوا اني قد غلبت العالم” من خلا ل هذه الكنيسة التي ابواب الجحيم لم ولن تقوى عليها . ( متى 16: 18).
ان كلمة ربنا يسوع المسيح لها قوة فائقة وغير محدودة ، خاصة لأم الكنائس أي الكنيسة الرومية الاورشليمية ، التي اصبحت وسط القوات المخربة ، المنظورة وغير المنظورة لهذا القرن ، الواقع تحت سلطة الشيطان في هذا العالم الحاضر الشرير (غلاطية 1: 4) ، لكن الكنيسة في المقابل، تضع الصليب المقدس أمام هذه القوات المظلمة والظالمة ، صليب ضحية المحبة والمصالحة للمسيح يسوع المقام من بين الاموات بقوة لاهوتية “.
هذا الامر يتحقق فقط من خلال رفع الصلوات والابتهالات ، بشفاعة الفائقة القداسة والدة الاله الدائمة البتولية مريم ، وشفاعة القديس المجيد في الرسل الاطهار القديس يعقوب اخي الرب أول رئيس اساقفة أورشليم فنتضرع اليه مع المرنم قائلين :
” هلموا يا حسني العبادة نمتدح كلنا اخا الرب بالاناشيد فرحين ونغبطه عن صدق ايمان فانه قام اول متبوئ في المسيح لسدة صهيون الاسقفية الالهية ، فابهجها ببهاء كل الاعمال الفاضلة والاقوال الالهية والمواهب وصنع العجائب ، فلنهتفن نحوه قائلين يا كاروز المسيح يعقوب تشفع الى المسيح الاله ، طالباً ان يهب غفران الزلات للمعيدين بلهفةٍ لتذكارك المقدس”
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون