1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة رقاد والدة الاله 2013-8-28.

ان قبرك يا والدة الاله, يكرز بدفنك وانتقالك الى السماء, هكذا ينشد مرنم كنيستنا المقدسة.
ايها الاخوة الاحباء.
ايها المؤمنون, والزوار الحسني العبادة.

تفتخر اليوم الجسمانية, هيكل والدة الاله المقدس؛ بقبر العذراء الالهي المستقر في رحابها, والذي ما زال فارغا من جسدها الموقر, لكنه ممتليء من نعمتها الغزيرة. ان هذه الصورة تمثل بشكل حقيقي وواقعي السمات الروحية, لدفن الدة الاله وانتقالها الى السماء, هكذا يلهج ويكرز باستمرار هذا القبر الكلي الوقار, قبر والدة الاله الدائمة البتولية مريم. ان هذا الحدث الواقعي, الذي كتبه التاريخ في سطور من ذهب, يعتبر خارقا بعظمته, لا بل يفوق الطبيعة وقوانينها, فقد جذبنا بالنعة الالهية لنلتئم في هذا المكان المقدس, مقيمين الشعائر والمراسيم الافخارستية الشكرية.

ايها الاخوة الاحباء
لماذا تحلو محيانا الدهشة ويكتفنا العجب, لما حصل لوالدة الاله الدائمة البتولية مريم, من موت وانتقال الى السماء, لهذه المصطفاه من بين نساء العالم والتي ولدت كلمة الله مخلصنا يسوع المسيح الذي امات الجحيم؟؟؟
يجيب مرنم الكنيسة قائلا: “بما انك يا والدة الاله العذراء الدائمة البتولية, تنظرين وتعانين جمال ابنك البهي المشع, انتقلت من اجل ذلك الى السموات”. لكن, ما هو جمال ابنها والهها؟؟؟ ان جمال ابنها والهها, ما هو الا مجد المسيح, الذي اظهرة لتلاميذه الاطهار, عندما تجلى قدامهم على الجبل المقدس تابور. وهكذا الجمال هو مجد كلمة الله الذي تجسد من دماء النقية الطاهرة والدة الاله الدائمة البتولية مريم.
وكما يقول مرنم الكنيسة:
“لما كان رقاد ام الكلمة بالجسد اخر سر جرى بها. كان جديرا بمعاني ابنها وخدامه ان يشهدوا رقادها ايضا. حتى لا يكونوا معايني صعود المخلص من الارض فقط. بل شهودا لانتقال امه ايضا وهي ارفع شانا من الشاروبيم. ومن ثم فانهم بلغوا الى صهيون منتقلين من كل الانحاء بالقوة الالهيلأ. وشيعوها منتقلة الى السماء. فنحن نسجد واياهم لها. لانها تتشفع في نفوسنا”.
فعلا التي هي ارفع سموا من السموات, واشرف من الشيروبيم. واكرم من كل خليقة. والتي لمزيد طهارتها صارت اناء للجوهر الازلي غير المدرك. لذلك تكرمها كنيستنا الارثوذكسية, اكليروسا وشعبا. في هذا اليوم العبق العطر.
ايها الاخوة الاحباء,
والدة الاله ام الله, وامنا جميعا تحثنا ان نطلب منها بحرارة, واتضاع, وبتربة حقيقية, وبحسب ما يقوله غريغوريوس النيصي ان تتضرع لابنها والهها, ومخلص نفوسنا, ان يؤهلنا وباستحقاق ان نعاين جماله الالهي غير المدرك, ومجده غير المخلوق, بشفاعات والدة الاله المستجابة لدية, الذي له ومع ابيه وروحه القدوس كل مجد واكرام وسجود, الان وكل اوان والى الابد امين.


كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تجلي ربنا وألهنا ومخلصنا يسوع المسيح ١٩ /٨/ ٢٠١٣.

” وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبلٍ عالٍ منفردين ، وتغيرت هيئة قدامهم ، وأضاء وجه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور” ( متى ١٧: ١-٢) ، كما شهد بذلك الإنجيليين.
أيها الأخوة الأحباء .
أيها المؤمنون ، والزوار الحسني العبادة.

كنيسة المسيح المقدسة تحتفل اليوم في حدث هذا العيد الحقيقي البهج، الذي سطره التاريخ بأحرف من ذهب كونه حقيقة تاريخية ثابتة وأسئلة، تمت في هذا المكان المقدس المميز والفريد بنوعه. إذ على قمة هذا الجبل الشهير والمدعو بطور تابور، تجلى ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح . ” تجلى أمام تلاميذه الأطهار ، وأضاء وجهه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور ” ( متى ١٧: ٢).

وعن تجلي الرب على جبل تابور يقول القديس يوحنا الدمشقي : ” تجلى أمام تلاميذه ذاك الذي دائماً ممجداً مع ذات ونفس المجد ، ويلمع أيضاً مع برق اللاهوت … تجلى الرب دون ان يتخذ ما لم يكن لديه ، ودون ان يتغير إلى ما لم يكن ، بل كاشفاً لتلاميذه عما كان موجوداً بعد ان فتح أعينهم وبعد ان جعلهم يبصرون وهم عميان . أرأيتم كيف أن العيون بحسب الطبيعة هي مطفأة بالنسبة الى ذلك النور ؟ لهذا لم يكن ذلك النور محسوساً ولا كان الناظرون يشاهدونه بأعينهم الحسية، بل بأعينٍ نسجتها قوة الروح القدس”.
يقول القديس غريغوريوس بالأمس عن المسيح، تجلى ليس لكي يقتني شيئاً جديداً ، لم يكن لديه سابقاً ، ولم يتغير لشيء لم يكنه ، لكنه بالطريقة التي أظهرها لتلاميذه ، فتح أعينهم لكي يبصروه كما كان هو ، بهذا فقد حول بصرهم من رؤية غير واضحةٍ إلى رؤية جليةٍ.
بكلام آخر أيها الأحباء ؛ وبحسب القديس غريغوريوس بلاماس ،فالسيد المسيح لم يكشف ضيائه المكنون فيه ، إنما ضياء الطبيعة الإلهية كان محجوباً تحت ستار البشرية الإنسانية ، لذلك نور التجلي هو ميزة اللاهوت ، اي النور غير المخلوق.
ان عين الإنسان الجسدية هي عمياء بالنسبة للنور غير المخلوق ؛ وهذا النور هو نور غير ملموس ولا يخضع الحواس البشرية فالتلاميذ الذين أبصروه ، لم يبصروه بعيونهم الجسدية ، لكن أبصروه بالعيون التي كانت مهيأة من ذي قبل، بشكل موافق وملائم بنعمة الروح القدس ، فبعدما ارتقى بصرهم بنعمة الروح القدس ، أُهلوا لهذه السمة الإلهية ليعاينوا مجد اللاهوت.
إن الطبيعة البشرية- التي أتخذها المسيح بالتجسد – أصبحت مشتركةً باللاهوت ،فخاصية التغيير حيث شع نور اللاهوت في التجلي ، لم تحصل بشكل فجائي على جبل تابور فقد تم الاتحاد بين اللاهوت والناسوت منذ التجسد الإلهي في أحشاء العذراء مريم بأخذه للطبيعة البشرية من دمائها النقية ، ففي هذا الاتحاد أله المسيح الطبيعة البشرية المتحدة بلاهوته في نفس إقنوم الكلمة.
ليتنا نعاين ما يقوله مرنم الكنيسة :
” إن المرئي إنسان وأما الخفي فإلهٌ ، فالمسيح يصعد على جبل تابور لكي يكشف عن شعاع لاهوته ، بتألق أشعة مجده التي تفوق نور الشمس بهاءً”.
هذا الكشف أو ظهور نور مجد اللاهوت ، ما هو إلا النور الإلهي والسرمدي غير المخلوق . نور المجد الذي أظهره المسيح لتلاميذه كما يقول المرنم : ” تجليت أيها المسيح الإله على الجبل، فأظهرت مجدك لتلاميذك حسبما استطاعوا”.
اي منحهم نعمة روحه القدوس ، هذا هو بالتدقيق نور المجد لكنيستنا الأرثوذكسية المقدسة ، وهو أيضاً غنى الملكوت الأبدي …” أنا نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلام بل يكون له نور الحياة” (يو ٨: ١٢) .
نحن المتواضعون وغير المستحقين، أصبحنا شركاء لنور الحياة ؛ هذا النور الأبدي للاهوت المسيح المكنوز في سر مناولة الجسد والدم الإفخارستي لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح .
اليوم في جبل تابور أيها الأخوة الأحباء كما يقول المرنم : ” إننا بنورك أيها الكلمة النور الذي لا يستحيل ، المولود من الأب النور الغير المولود . رأينا الأب النور ، والروح القدس النور الذي ينير الخليقة كلها”.
نتضرع إلى ربنا وإلهنا يسوع المسيح ومع مرنم كنيستنا نقول : أيها المسيح الإله يا من تجلى على جبل ثابور وارى تلاميذه مجد لاهوته .أنرنا نحن أيضاً بنور معرفتك وأهدنا في سبيل وصاياك بما انك وحدك الصالح والمحب البشر .
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس ايليا المجيد ٢٠١٣/٨/٣

“لقد استحققت ظهور الله لك والنبوة مثل موسى العظيم ، يا إيليا العجيب ومسحت أنبياء وملوكاً بالروح القدس ، وعاينت مجد المسيح على جبل تابور ، تهتف قائلاً : مباركٌ انت يا الله اله آبائنا.

أيها الأخوة الأحباء
أيها المؤمنون والزوار الحسنى العبادة ،

مباركٌ الله اله آبائنا ، الذي أهلنا هذا اليوم المبارك لان نكون مستحقين
ان نشارك وبشكل احتفالي في تكريم الملاك المتجسد والمعاين لله ايليا المجيد، في هذا المكان المقدس ، حيث وطئت قدميه الطاهرتين.
ان القديس يعقوب أخي الرب ، ومن خلال إظهار قوة الصلاة وفاعليتها التي أوردها في رسالته الجامعة ، يضع نصب أعيننا ، كمثالاً ونموذجاً حياً، القديس النبي ايليا فيقول : ” كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا ، وصلى صلاة لا تمطر ، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة اشهر ، ثم صلى أيضاً ، فأعطت السماء مطراً وأخرجت الأرض ثمرها ( يعقوب ٥: ١٧-١٨).

ان الصلاة المرتبطة بالإيمان بشكل وثيق ، هي عطية مصدرها ربنا يسوع المسيح ، القائل : ” وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه، ” “لا تهتموا بشيء . بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر ، لتعلم طلباتكم لدى الله ” ( فيلبي ٤: ٦) . وبطريقة أوضح علينا ان لا نكون تحت سيطرة الإهتمامات العالمية التي نحياها يومياً . لكن تتميم الطلبات المرفوعة للرب الإله المليئة بالشكر والعرفان لعطايا الله الجزيلة مقدارها ، ” … على احد بينكم مشقات؟ فليصل …. أمريضٌ أحد بينكم ؟ فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب ، وصلاة الإيمان تشفي المريض ، والرب يقيمه ( يعقوب ٥: ١٣- ١٥) هكذا يقول القديس الرسول .
قوة صلاة الإيمان شهد بها النبي ايليا شهادة صادقة غير كاذبة عبر التاريخ المقدس ، اي شهادة للحقيقة الإلهية التي ظهرت وأعطيت للنبي موسى في جبل سيناء هكذا كان إيمان نبينا العظيم ايليا التسيبي ، لذلك مرنم الكنيسة يقول : ” فأنه بلسانه جعل السماء كالحديد ، والأرض المخصبة جدباء. فيا للعجب ان الإنسان الترابي لم يدع السماء تأتي بالمطر ، ويا للعجب ان الإنسان البالي قد لبس عدم البلى فارتقى الى السماوات بمركبة نارية . وبردائة منح اليشع نعمة مضاعفة . ووبح الملوك وأهلك الشعب بالجوع، وأخزى جميع كهنة الخزي، وأقام ابن الأرملة بكلمة”.
ان محفلنا الروحي لا يقتصر في هذا اليوم المقدس على تذكار ايليا المجيد والإلهي مع كونه إنساناً مثلنا، لكننا اجتمعنا ، لنعرف عظمة هذا الكنز ، كنز إيماننا ي المسيح ، وندرك معنى وقيمة هويتنا المسيحية ، اي كنيستنا كنيسة المسيح المقدسة ، لان بولس العظيم ينوه قائلاً :” ولكن لنا هذا الكنز في اوانٍ خزفية ، ليكون فضل القوة لله لا منا مكتبئين في كل شيء لكن غير متضايقين ، متحيرين لكن غير يائيسين مضطهدين لكن غير متروكين، مطروحين لكن غير هالكين .” ( ٢ كورنتوس ٤: ٧-٩).
هكذا كان ايليا يتمتع بنفس تلك الأواني الخزفية ، المتمثلة بكنز الروح الالهي ، الروح القدس ، كما يقول مرنم الكنيسة : ” لقد اصبح التسيبي معايناً لله ، فأبصر موسى مع موسى ما لم تره عين ، ولم تسمع به أذنٌ، ولا خطر على قلب أحد من بني البشر الأرضيين ، فإنه ابصر على جبل تابور الزب الضابط الكل المتجسد.” .
ان القديس يوحنا الذهبي الفم يعطي تفسيراً لأية بولس الرسول ” بأوان خزفية ” ، فيقول : ( يظهر كل من عظمة الأمور الموهوبة مع ضعف الذين يستلمونها قوة الله ، الذي ليس فقط يهب أموراً عظيمة وإنما يعطيها أيضاً للضعفاء يستخدم تعبير ارضي ( خزفي) كتلميح عن ضعف طبيعتنا الميتة ولإعلان ضعف جسدنا . فانه ليس بأفضل من الآتية التي سرعان مت تتحطم وتتدمر بالموت والمرض، بل وحتى بتغيير دراجات الحرارة . تبرز قوة الله جداً عندما تحقق آعمالاً قديرة باستخدام أشياء تافهة ودنيئة) .
فعلاً أيها الأخوة تاتحبتء النبي ايليا ، الذي نكرمه اليوم هو صورة مميزة لعظمة وقوة الله وهذا لان ( صلاة الإيمان) ، الصلاة النقية الطاهرة هي التي تستمطر نعمة الله ومحبته الفائقة وشركة الروح القدس ، للذين يسألونها بإيمان صادق مقروناً بالمخافة والورع والعرفان .”ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة ، لان المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه” ( يعقوب١: ٦).
النبي المجيد ايليا هو إنسان مثلنا انه فخارٌ وجسمٌ بالي، لكنه قام بعمل فذٌ من خلال غيرته الإلهية وحياته المليئة بالفضائل المقدسة ، لذلك استحق لان يكون لنا مثالاً ونموذجاً لنقتدي به ، فقوة طاقة صلاته المرفوعة الى الله لم تكن شكلية لكنها كانت جوهرية في مضمونها.
بكلام آخر أيها الأخوة الأحباء الصلاة هي السلاح الروحي الذي لا يقهر لكل مسيحي ثابت في الإيمان القويم ، لهذا بولس الحكيم يقول ” مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح ، وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين” ( أفسس ٦: ١٨).
نتضرع الى القديس النبي العظيم ايليا ان يمدنا بشفاعاته المقبولة كما يقول مرنم الكنيسة :
انك لا تفارق عرش الجلال أبداً أيها النبي كاروز المسيح ومع ذلك فانت تحضر دائماً عند كل واحد من المصابين بالأمراض. وفيما تخدم في العلاء تبارك كل المسكونة ممجداً في كل مكان ، فاستمد الغفران لنفوسنا.
وانت يا والدة الإله العذراء مريم ، يا من ولدت النور، ابتهلي الى ابنك طالبة منه ان يترأف علينا نحن المتكلين على معونتك الشريفة ، ويخلصنا بشفاعاتك من الظلمة الأبدية أمين.

كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة القديسين بطرس وبولس 2013/7/13

“لقد منحت الكنيسة رسوليك الموقرين بطرس وبولس فخرا لها يا محب البشر, فها يسطعان فيها بصفة نيرين عقليين ومثل كوكبين ناطقين يتالقان نورا مضيئين المسكونة كلها. وقد جلوت بهما الظلام الغربي. يا يسوع القدير مخلص نفوسنا”. هكذا يصرخ مرنم الكنيسة
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة.

لقد اشرق لنا اليوم عيد بهيج, في هذا لماكان التاريخي كفرناحوم, الذي سطر مرارا وتكرارا في جنبات الكتاب المقدس؛ فهو عيد جليل لتذكار هامتي الرسل بطرس وبولس, الحاملين نعمة وموهبة الروح القدس, فانهما يعتبران فخر الله الاب محب البشر للكنيسة المقدسة, لان القديس بطرس قد تم اختياره صخرة راسخة للايمان, اما القديس بولس فيعتبر كاروز المسيح للكنيسة الجامعة المقدسة.

ان كوكبي الكرازة الرسولية اللذين يتمتعان بالعقلية النيرة يعتبران مصدرا واشارة لما يتعلق بالحجر الاساسي للكنيسة, الا وهو ربنا والهنا يسوع المسيح مخلص العالم كما يشهدان بذلك في فحوى رسائلهما. فالقديس بطرس يقول: “الذي اذ تاتون اليه, حجرا حيا مرفوضا من الناس, ولكن مختار من الله الكريم” (1 بط 2 : 4).
اما بالنسبة للرسول بولس كاروز الكنيسة فيوضح قائلا: “حسب الله المعطاه لي كبناء حكيم, قد وضعت اساسا, واخر يبني عليه. فانه لا يستطيع احد ان يضع اساسا اخر غير الذي وضع, الذي هو يسوع المسيح” (1 كور 3 : 10 – 11).
اعتراف الرسول بطرس: “انت هو المسيح ابن الله الحي” (مت 16:16), والاعلان للرسول بولس انه يعمل “حسب نعمة الله المعطاه لي كبناء حكيم… ” (1 كور 3 : 10 – 11), هما الاشارة والدليل الاساسي, لنعمة الرسولية المميزة والفريدة التي يتمتعان بهما.
الرسولان بطرس وبولس ثبتا رواسخ الكرازة الرسولية للعمل الخلاصي للمسيح الاله الذي اشترانا نحن البشر بدمه الثمين. “عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى, بفضة او بذهب, من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الاباء, بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح, معروفا سابقا قبل تاسيس العالم, ولكن اظهر في الازمنة الاخيرة من اجلكم” (1 بط 1 : 18 – 19).
“”
مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح, الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح, كما اختارنا في قبل تاسيس العالم, لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة… الذي فيه لنا الفداء بدمه, غفران الخطايا, حسب غنى نعمته” (افسس 1 : 3 – 4, 7).
بالنسبة للرسولين اللذين نكرمهما اليوم, ايها الاحباء, فان المسيح ابن الله الحي هو فاديا للعام, وهو الفادي لكل واحد منا من عبودية الفساد والخطيئة والجور والمكر, فشخص كلمة الله يسوع المسيح قد تجسد من دماء العذراء والدة الاله الدائمة البتولية مريم.
ان الرسولين (المنفصلين جسدا والمتحدين روحا) شاهدا مجد الله. بكلام اخر فانهما قد شاهدا الفداء بالمسيح, كما يكرز رسول الامم بولس: “اذ الجميع اخطاوا واعوزهم مجد الله. متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح” (رومية 3 : 23 – 24).
الخطيئة يعني التمرد (ابو ستاسيا) لمشيئة الله وارادته, فهي التي جردت الانسان وذريته من مجد الله, وكذلك جردت الانسان من شركة الروح القدس, شركة مخلصنا يسوع المسيح, لكن مع كل نتاج هذه المعصية, برزت محبة الله غير المدركة للانسان, واهبه اياه ثانية, حلة الخلاص المجيدة, ليتسنى للانسان العودة لنوال الشركة مع نعمة الروح القدس الذي (يسكن في هيكل الله). “اما تعلمون انكم هيكل الله, وروح الله يسكن فيكم؟ ان كان احد يفسد هيكل الله فسيفسده الله, لان هيكل الله مقدس الذي انتم هو” (1 كور 3 : 16 – 17), هكذا يقول القديس بولس الرسول.
“وان عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم, لان روح المجد والله يحل عليكم, اما من جهتهم فيجذف عليه, واما من جهتكم فيمجد.” (1 بط 4 : 14). هكذا يقول الرسول بطرس.
هذه بالتدقيق رسالة الكرازة والتبشير, فهي تقدم سبل التوبة الصادقة لخلاص الانسان للرجوع الى احضان المسيح الاله, لهذه الكرازة دعي الرسولان بطرس وبولس بدعوة الهية خاصة. كما يقول مرنم الكنيسة: “لنمتدحن كلنا بطرس وبولس الالهيين. هامتي الرسل وكوكبي المسكونة, وكاروزي الايمان. والبوقين الصادحين بالالهيات, ومظهري العقائد وعمودي الكنيسة, وداحضي الضلالة”.
نتضرع لالهنا ومخلصنا يسوع امسيح الذي انار بصيرتي القديسين والرسولين بطرس وبولس بالنور الالهي غير المدرك, ان ينرنا نحن ايضا بنوره الالهي بشفاعتهما غير الردودة, لنصبح مستحقين لنوال الخلاص, باستنارة نفوسنا واجسادنا, الذي له كل تمجيد واكرام مع ابيه وروحه القدوس الان وكل اوان الى دهر الداهرين امين.

كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بطريرك المدينة المقدسة بمناسبة تخريج طلاب مدرسة الرملة عام 2013/7/6

الآباء الأجلاء حضرة مدير المدرسة العزيز والهيئة الإدارية والتدريسية الطلاب والطالبات أولياء الأمور الحضور الكرام مع حفظ الألقاب للجميع.
سلام المسيح لكم

أود أن اعبر عن بهجتي العميقة لمشاركتي إياكم وأهلكم ومدرسيكم في حفل التخريج هذا الذي نكرم فيه جهود خريجينا الذين أتموا واجباتهم الأكاديمية واستحقوا شهادة الثانوية العامة. كما أود أن أفصح عن تقديري واعتزازي بأولياء الأمور والمعلمين والمعلمات والهيئة الإدارية على ما بذلوه من جهد وتضحية كي يتمكن الطلبة من تخطي هذه المرحلة الأكاديمية التي تؤهلهم لدخول عالم جديد ومتنوع من حيث المعرفة والخيارات والمسؤوليات.

من الحقوق الطبيعية للإنسان, أيها الأخوات والإخوة, أن يعيش في وطنه وان يمارس حقه الذي وهبه إياه الله في الإيمان وفي تطوير الذات وتوفير الفرص للتقدم وللنهوض بالمجتمع, ولكي يستطيع الإنسان أن ينال مبتغاة المشروع, عليه التسلح بالإيمان بالله ومعرفة حقائق العصر ومواكبه التطور وتوظيف العلم لخدمة البشرية بعقل منفتح, وكما هو مكتوب في الإنجيل المقدس العلم هو أساس الحرية والحق ولا يستطيع احد أن يسلبه منا مهما كانت قوته وقدرته.
إن إصلاح كل شيء بالمجتمع يبدأ بالتعليم وبه يرتقي الإنسان إلى مراكز اجتماعية ووطنية ليكون نجما في سماء وطنه الذي ترعرع ونشا فيه, ويكون سندا لمجتمعه وعائلته, ويساهم في تعزيز فرص التقدم للأجيال التي تليه, وهكذا نضمن استمرار دوران عجلة التقدم والتطور التي يصنعها الإيمان بالله والعلم.
وسيدنا المسيح يأمرنا بان نشارك العالم اجمع بمعرفتنا فيقول “انتم نور العالم فليضيء نوركم هكذا قدام الناس ليروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات والنور الذي يتحدث عنه سيدنا المسيح هو نور الإيمان ونور المحبة والتسامح. ولكي نكون نورا للعالم, علينا أن نتسلح بالإيمان والعلم ونثابر في سبيلهما ونوظفهما لخدمة الوطن بالأساليب التي تناسب مواهبنا وقدراتنا التي منحنا إياها الخالق عز وجل.
ومن هذا المنطلق, فان دعم التعليم ورفعة المستوى التعليمي وتوفير المقاعد الدراسية لأكبر عدد ممكن من أبناء الأراضي المقدسة لهو واجب يمليه علينا إيماننا المسيحي وانتمائنا لهذه الأرض الطيبة ووفاؤنا لأبنائنا في الأراضي المقدسة. إننا نتعهد أمام الله سبحانه وتعالى بحضوركم الكريم أن نستمر في بناء المدارس الرومية الأرثوذكسية وتطوير برامجها الأكاديمية وتشجيع تعاونها العلمي والرياضي والثقافي والفني مع كل من يشاركنا في هذه الرؤية.

وهنا لا بد أن نشير إلى التقدم الذي حصل في هذه المدرسة خلال الأعوام المنصرمة على كافة الأصعدة المتعلقة بالعمليتين التربوية والتعليمية مما أتاح الفرصة لطلبتنا الأعزاء أن يحصلوا على نتائج مشرفة في الامتحانات العامة, مقدرا جهود الطلبة وإخلاص إدارة المدرسة ومعلميها ومعلماتها هنا لا بد أن نشير بان هذا الصرح الأكاديمي الثقافي العربي الرومي خرج أناسا لهم مراكز مرموقة وعالية في مجتمعنا الأصيل الذي نعتز ونفتخر بهم. والذي نصلي من اجلهم ونطلب بركات الرب لتحل عليهم وعليكم سرمدا.
وان شاء الله لسوف نحتفل في مثل هذه المناسبات في بناء أجيال المستقبل وقد تحققت أمال وأهداف شعبنا المعذب بالحرية والحق والعدل وان يعم السلام في الأراضي المقدسة وفي العالم اجمع.
ولسوف نعمل دائما من اجل بناء مدرسة جديدة في كل قرية ومدينة في الأراضي المقدسة حتى تكون معلم من معالم النهضة العلمية والثقافية والحضارية لبناء الإنسان المسلح بالعلم والمعرفة.
وفي الختام إننا نثني على جهود الإدارة والمعلمين والمعلمات والطلاب راجيين لهم النجاح والتفوق في امتحان الشهادة الثانوية لهذا العام مع خالص بركاتنا لهم بتحقق ذلك.
وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون