1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة القديس جوارجيوس (عكا) 11/5/2013

“لقد بزغ ربيع النعمة, واشرقت قيامة المسيح للجميع. وبدا يتلالا الان معها نهار عيد الشهيد جاورجيوس البهي البهيج الزاهر. فهلموا نعيد جميعا مبتهجين ومتشحين بحلل البهاء الالهية.”
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة

هكذا يصرح مرنم الكنيسة: لقد تجلى ربيع النعمة الذي بزغ بنوره الساطع, اي قيامة ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح. من بين الاموات.
حدث قيامة المسيح, يعتبر تاج قمة الحقيقة السليم, وسؤدد الممنصب الرفيع لايماننا القويم. وهكذا ما يؤكده الرسول الالهي بولس الحكيم اذ يقول: “وان لم يكن المسيح قد قام. فباطلة كرازتنا وباطل ايضا ايمانكم… وان لم يكن المسيح قد قام, فباطل ايمانكم, انتم بعد في خطاياكم” (1 كور 14:1خ – 17).
ان قيامة المسيح هي جوهر واساس الايمان المسيحي, فبهذه القيامة الظافرة تحقق اشراق النور الالهي. مبددا قتام الظلمة الحالكة, ومنيرا البصرية العقلية, وخاصة لاولئل الذين استقر فيهم الايمان القويم غير المتزعزع, لتتم الحقيقة المعلنة من فم المسيح المتجسد كلمة الله القائل: “انا هو القيامة والحياة. من امن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وامن بي فلن يموت الى الابد” (يوحنا 11 : 25-26), “انا هو الطريق والحق والحياة” (يوحنا 6:14).

هذه الحقيقة, حقيقة المسيح وعمله الخلاصي, عرف كنهها, وعاش ايمانها قديس كنيستنا العظيم الشهداء جوارجيوس, الذي نحتفل اليوم بتذكاره الموقر, فكان استشهاده تاكيدا لحقيقة ايمانه الراسخ بقيامة المسيح, التي هي عربون قيامتنا.
فقد بذل نفسه الابية المترفعة عن دنايا هذا الزمان الحاضر, شهادة لمحبة المسيح, يغمرها الفرح وتكتنفها البهجة, مستمدة النور البهي نور قيامة المسيح, الذي وطد ايمانه الراسخ غير المتزعزع, تماما كما يقول مرنم الكنيسة: “ايها المسيح المخلص. اننا امس قد دفنا معك. فنقوم اليوم معك. امس صلبنا معك. فانت مجدنا معك في ملكوتك”.
الرسول بولس يستعرض شهداء الكنيسة قائلا: “لذلك نحن ايضا اذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه محيطة بنا, لنطرح كل ثقل, والخطيئة المحيطة بنا بسهولة, ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع امامنا. ناظرين الى رئيس الايمان ومكلمه يسوع, الذي من اجل السرور الموضوع امامه, احتمل الصليب مستهينا بالخزي , فجلس في يمين عرش الله” (عبرانيين 12 : 1 -2).
رئيس ايماننا ومبدا خلاصنا يسوع المسيح, كونه؛ ليس الى غالب الموت, والمنتصر على سلطان الخطيئة, الذي قام من بين الموات, مخلصنا يسوع المسيح الظافر. “وانما اظهرت الان بظهور مخلصنا يسوع المسيح, الذي ابطل الموت وانار الحياة والخلود بواسطة الانجيل” (2 تيموثاوس 10:1), هذا يعني ايها الخوة الاحباء, انه بالقيامة الثلاثية الايام لربنا ومخلصنا يسوع المسيح, نحن جميع الناس- كلنا- افتدينا من رباطات الجحيم المغلقة علينا باحكام, فالمسيح اغدق علينا عوضها حلة الخلود, وسربال الحياة الابدية.
رسم ايقونة القيامة في كنيستنا الارثوذكسية, يشير الى دور المسيح الخلاصي, وذلك بنزوله الغالب الى دركات الجحيم, مدمرا لابوابه النحاسية, ضابطا بيديه جدين الاولين ادم وحواء, ناقلا اياهم من اسافل الجحيم الى مجد ونور الحياه الابدية.
ان قيامة مخلصنا يسوع المسيح, تقيم الساقط, وتجدد الطبيعة البشرية التي فسدت من جراء سلطان الخطيئة, لذا نستطيع من جراء ذلك المشاركة في حياة المسيح, وان يستقر فرح القيامة في حياتنا المعاشة… “اما الصعود الى السموات”, فهو رهن لكل فرد, يمتلك الرغبة والمبادرة من خلال الجهاد والتعاضد الالهي للوصول الى هذا المجد الالهي. “والله قد اقام الرب, وسيقيمنا نحن ايضا بقوته”(1 كور 14:6).
هلموا لنرى قول المرنم: “ان فصحنا الذي هو فصح الرب. قد اشرق لنا فصحا مطربا, فصحا جليل الاعتبار. فصحا نصافح فيه بعضنا بعضا بفرح. فيا له من فصح منقذ من الحزن. وذلك فان المسيح قد بزغ اليوم من القبر كالبازغ من الخدر. واوعب النسوة فرحا بقوله: انذرن الرسل بذلك.”
بقيامة ربنا يسوع المسيح: “امتلا فرحا” ليس فقط النسوة حاملات الطيب, بل كل العالم, فكل مؤمن بالقيامة مدعو لهذا الامتلاء الذي لا يفرغ.
فصح ربنا يسوع المسيح: “هو منقذ من الحزن” لجميع البشرية قاطبة بدون تمييز, فهو ينبوع الفرح والنور “لكل ارجاء العالم”.
“ان البرايا باسرها, قد استوعبت الان نورا. السماء والارض وما تحت الثرى فلتعيد اذا الخليقة جميعها لقيامة المسيح. التي بها تشددت.”
هذه التكملة للنور الالهي الذي لا يعروه مساء. وفرح القيامة البهج, يجعلنا سعداء, وذلك باظهارنا اياه نورا ومحبة, كما يقول الانجيلي يوحنا: “الله محبة” (1 يو 8:4). “الله نور وليس فيه ظلمة البتة” (1 يو 5:1).
المحبة الالهية للمسيح حررت قلب القديس جوارجيوس من ناحية, وانارت عقله من ناحية اخرى, حيث , وانارت عقله من ناحية اخرى, حيث بذل دمه وحياته بموته الاستشهادي, اي موت الفساد والخطيئة, هكذا اعلن القديس جوارجيوس هذه العقيدة بانتصاره على قوة الموت وسلطانه, فقد كان اعلانه من خلال كرازته الجهورية, بالعبور من دائرة الموت, الى مسكن الحياة الابدية, كما يقول مرنم الكنيسة: “اننا معيدون لاماتة الموت ولهدم الجحيم. ولنا جمة عيشة اخرى ابدية. وبارتكاضنا نسبح لمن هو علة هذه الخيرات. اعني به اله ابائنا, تبارك وتمجد وحده.”
هذا العيد الفصحي الذي اشرق مع تذكار القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس لابس حلة الاخوة الاحباء, يدعونا لنرتقي الى جمة (ملء) عيشة اخرى ابدية, هذه الحقيقة تعلنها وتبشر بها كنيستنا المقدسة, بفم الانجيلي يوحنا, وايضا بالاستشهاد لمحبة المسيح القديس جوارجيوس. “لا تتعجبوا يا اخوتي ان كان العالم يبغضكم. نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة. لاننا نحب الاخوة. من لا يحب اخاه يبق في الموت” (1 يوحنا 3 : 14-13).

المسيح قام حقا قام
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة مديح العذراء في رام الله- الأسبوع الرابع- ١٢\٤\٢٠١٣

“لقد دُهشت البرايا كلها منذهلة من مجدك الالهي، أيتها العذراء التي لم تذق خبرة زواج. فانك قد حبلت بأله الكل، وولدت الابن الذي لا يحده زمان، مانحة السلام لكل الذين يسبحونك”.
بهذا الكلام الترنيمي، يمدح القديس يوحنا الدمشقي والدة الإله الدائمة البتولية مريم.

أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
ان الخليقة برمتها قد اندهشت وانبهرت، من ابنة الناصرة العذراء مريم الدائمة البتولية سواء المخلوقات العقلانية وغير العقلانية، الملائكة والبشر، السماويات والأرضيات، جميعها قد اعتراها العجب، مما قدمته العذراء مريم للجنس البشري قاطبة بحبلها بإله الكل. بفعل وقدرة الروح القدس الذي حل بها.
ان الشكر والعرفان لدور العذراء الخلاصي للجنس البشري يتألق وينبهر بالأعياد الوالدية التي تخص العذراء مريم، حيث ألهمت فيها كنيستنا المقدسة بعمل الروح القدس المستقر فيها، بتقديم الصلوات المليئة بالشفاعات للعذراء مريم، بواجبٍ من الاستحقاق والتقدير، وخاصة في هذه الأيام الخلاصية حيث تقام خدمة الاكاثيستوس، ( المديح الذي لا يجلس فيه). والمعروف بصلاة مدائح العذراء.
ان نعمة الروح القدس التي ظللت الفائقة القداسة والدائمة البتولية مريم، جمعتنا وإياكم في هذا اليوم المقدس، يوم الجمعة من الأسبوع الرابع من الصوم الكبير المقدس، لتكريم ومديح والدة الإله، التي جددت الإنسان الساقط، ادم الأول، وحررت حواء من الفساد كما يقول مرنم الكنيسة القديس أندراوس الأورشليمي :
“اليوم بدت بشائر الفرح، اليوم اقبل موسم العذراء فتتحد السفليات بالعلويات، ويتجدد ادم، وتنعتق حواء من الحزن القديم، فان الخباء الذي من جوهر طبيعتنا صار هيكلاً لله بتأليه العجنة التي أخذت منه، فيا للسر العظيم ان طريقة الإخلاء لا تعرف وكذلك طريقة الحبل لا تدرك. ان ملاكاً يخدم المعجزة، والبطن البتولي يقبل الابن والروح القدس يرسل والأب من العلاء يرتضي، والمصالحة تتم عن إرادة عامة، ولما كنا نحن قد خلصنا بها وفيها. فلنهتفن مع جبرائيل نحو العذراء قائلين : السلام عليك يا ممتلئةً نعمةً، الرب معك، يا من اتخذ المسيح الهنا ومخلصنا طبيعتنا منها فاستردها اليه، فتضرعي ان يخلص نفوسنا “.
هذه الأقوال الإلهية وخاصة هذا القول الخلاصي :” يا من اتخذ المسيح الهنا ومخلصنا طبيعتنا منها فاستردها اليه”، يعتبر جوهر وأساس الإيمان بالمسيح والأنثروبولوجيا للمسيحية عامة، نقول هذا لانه فسر سر تجسد كلمة الله من دماء الطاهرة البريئة من كل العيوب والدة الإله الدائمة البتولية مريم، وحسب الشهادة الصادقة والأمينة للإنجيليين يوحنا ولوقا، وللأنبياء وخاصة أشعياء النبي، الذين تضمنت أقوالهم الإلهية الحقائق الثابتة والحقيقة والموضوعية لهدف الخلق من العدم الى الوجود، ودور الإنسان تاج الخليقة، بتمتعه بميزة المنطق الفريدة والوحيدة في الكون، والعناية الإلهية المهيمنة والمدبرة والضابطة الكل.
هيا بنا لنرى الملهم الذي كتب أقوال المديح يقول:
إننا نرى الفصحاء المفوهين ( الواسعي النطق)، قد حصلوا في معناك كالسمك الذي لا صوت له، لأنهم يتحيرون في ان يقولوا كيف قد استطعت ان تلدي وتلبثي عذراء، وأما نحن فنتعجب من السر ونهتف بإيمان قائلين :
افرحي يا من أظهرت الفلاسفة عادمي الحكمة ( الفلسفة ).
افرحي يا من أوضحت معلمي الكلام، لا كلام لهم.
افرحي لان الأشداء في المحاورات بك حصلوا حمقى.
افرحي لان بك ذبل مخترعوا الخرافات.
افرحي لأنك مزقت حبائك الاثينائيين. ( أو الاثينين).
افرحي لأنك افعمت شباك الصيادين.
افرحي يا من تنتشل من عمق الجهل.
افرحي يا من تنير بالمعرفة كثيرين.
افرحي يا سفينة للذين يؤثرون الخلاص.
افرحي يا ميناء سباحي العمر.
افرحي يا عروساً لا عروس لها.

نعم أيها الأخوة الأحباء
ان مريم الممتلئة نعمة من الروح القدس، هي والدة الإله أم النور الحقيقي، نور يسوع المسيح ابنها وربها، وذلك من خلال أقوال الرسول بولس العظيم :” وأنا نحن فينبغي لنا ان نشكر الله كل حين لأجلكم أيها الأخوة المحبوبون من الرب. ان الله اختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح وتصديق الحق، الأمر الذي دعاكم اليه بإنجيلنا، لاقتناء مجد ربنا يسوع المسيح” ( ٢ تسالونيكي ٢: ١٣- ١٤).
والدة الإله الفائقة القداسة، هي رأس الإيمان الخلاصي، والسر الذي قبل الدهور، وهي الكنز الذي لا يثمن، والتي وهبت لنا من الله المحب البشر. ” لان الله الذي قال ان يشرق نور الظلمة، هو الذي أشرق في قلوبنا. لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ” (٢كور٤: ٦).
استنارة معرفة مجد الله، وخبرة تأله والدة الإله الدائمة البتولية مريم تحثنا لان نصير شركاء خيرة التأله بالقول والفعل، وذلك من خلال ممارسة الصلوات الليتورجية، وتتميم الأسرار الكنسية، في كنيستنا المقدسة التي تعتبر جسد المسيح المنظور والملموس والتي تعتبر الكنيسة المجاهدة، في طريق الاستنارة الروحية.
هذا الأسبوع الذي نمر به، وهو الرابع من الصوم الكبير المقدس، يدعونا لنستمر في تهيئة نفوسنا من الناحيتين الروحية والجسدانية، لاستقبال عيد قيامة ربنا يسوع المسيح، ومع قيامته المجيدة، تتحقق أيضاً قيامتنا نحت البشر، ومن الجدير بالذكر ان هذا الأسبوع مكرس ومخصص للتكريم والسجود والعبادة للصليب الكريم المحيي، فالصليب هو قوة النفس والجسد، لكل مسيحي مؤمن بالإيمان الحق والمستقيم.
نقول هذا لانه وحسب القديس يوحنا الدمشقي :”فان الإكرام المقدم لها يرتفع الى المتجسد منها “.
نعم أيها الأخوة الأحباء
نتضرع ونطلب شفاعة الفائقة القداسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم، ومع المرنم نقول :
” إذ قد استحقينا ان نشاهد صليبك المقدس ونصافحه بفرحٍ، نتوسل إليك يا الهنا ان نصل أيضاً الى الامك الشريفة الطاهرة متشددين بالصيام ونجثو ونسبح لصلبوتك والحربة والاسفنجة والقصبة التي منحتنا بها عدم الموت واعدتنا أيضاً الى حياة النعيم القديمة، لذلك نمجدك الآن شاكرين ”


وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد بشارة والدة الإله البتولية مريم ٧/ ٤/ ٢٠١٣ (في الكنيسة)

” وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة إلى عذراء مخطوبة ، واسم العذراء مريم . فدخل إليها الملاك وقال: ” سلام لك أيتها المنعم عليها ، الرب معك مباركة أنت في النساء”. وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع”.
هكذا يشهد الإنجيلي لوقا البشير ( لوقا ١: ٢١- ٣١).
أيها الأخوة الأحباء بالمسيح .
أيها المسيحيون الحسني العبادة ، والزوار الأنقياء .
مدينة الناصرة ، في جليل الأمم وفي هذا المكان المقدس- وهو بيت العذراء مريم – دخل الملاك جبرائيل حاملاً معه البشرى الخلاصة ليودعها بوجل في أذني العذراء المباركة ، قائلاً لها : السلام عليك أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك مباركة أنت في النساء . لأنك قد وجدت نعمةً عند الله.
في هذا الحدث الفريد والوحيد اجتمعنا اليوم القريب منا والبعيد ، بالمعونة الفائقة على الإدراك والتفنيد ، معونة الروح القدس المعزي لكل مريد ، وبركة وقوة الصليب الكريم ، المحيي المقيم ، العليل والسقيم ، من دركات الجحيم .

لنكرم باحتفال وإجلال شكرين معظمين بالتراتيل ، والأناشيد والتسابيح ما خطه الكتاب المقدس من قول ومديح . في الاسم الأعظم للدائمة البتولية مريم.
والقديس يوحنا الدمشقي يوضح سر اسم العذراء فيقول :
” لان هذا الاسم يوطد سر التدبير كله ، فإذا كانت الوالدة والدة الإله، فالمولود منها اله بكامله وإنسان أيضاً بكامله. وإلا كيف قد ولد من امرأة الإله الذي له الوجود قبل الدهور، إذا لم يكن إنساناً ؟ وانه لواضح أن ابن الإنسان إنسان . وإذا كان المولود من امرأة هو نفسه اله فتتضح وحدة المولود من الله الأب بحسب الجوهر الإلهي والأزلي والمولود في آخر الأيام من البتول بحسب الجوهر الذي بدؤه في الزمن أي الناسوت. وهذا مما يدل عل أقنوم واحد بطبيعيتين ووالدتين في ربنا يسوع المسيح.
إن كنيسة المسيح المقدسة تفرح وتبتهج بهذا الحدث العظيم ، والمقدس تذكار بشارة والدة الإله العذراء مريم الوضاءة بالنعمة الإلهية بمحياها ، وموضع نبوءات العهد القديم لها، وتبجيله إياها ، وخاصة النبي أشعياء بالنبوءة العجيبة التي عنها أداها . ومن الناحية الأخرى أضحت العذراء إشارة للشك لأولئك الذين رفضوا سر التدبير الإلهي . وهذا ما صرح به سمعان الشيخ عند دخول السيد المسيح إلى الهيكل . إذ قال لوالدة الإله العذراء مريم أم ربنا يسوع المسيح: ” ها ان هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ، ولعلامةٍ تقاوم”. ( لوقا ٢: ٣٤).
فللعذراء مريم تعتبر في نظر المؤمنين ، مدخلاً للفرح ، وباباً لتأله الكل، وعلى النقيض من ذلك ، فهي مصدر شك والتباس لأولئك الذين يرفضون سر التدبير الإلهي بالمسيح ، كما يذكر ذلك ناظمُ تسابيح المديح : “افرحي يا نبأً عند الكفار ملتبساً”.
الكنيسة الشرقية ، كنيسة الروم الأرثوذكس ، تكرم الممتلئة نعمة، بوقار واعتبار ، فتدعوها بكل جدارة واستحقاق ” فخر البتولية” ، لان كلمة الله تجسد من دمائها النقية في أحشائها الطاهرة ، الذي جعل مستودعها عرشاً شيروبيمياً ، وبطنها أرحب من السماوات .
إن الخطة الإلهية لخلاص جنس البشر ، ضمن مراحل التاريخ البشري ، وما لهج ، ونهج به الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد من نبوءات وإعلانات وعهود ووعود ، كان للعذراء مريم دور حاسم في تتميم. هذا الرسم الالهي من خلال التعاضد – سينيرجيا – الذي تم ما بين المشيئة الإلهية ومشيئة العذراء مريم ممثلة الجنس البشري ، هذه الخطة بزغت الى حيز الوجود الإنساني ، وتحققت في ملء الزمان ، بسر التدبير الإلهي بالمسيح يسوع.
إن هذا التعاضد ما بين المشيئة الإلهية ، ومشيئة العذراء الحقيقية والحرة لخلاص الجنس البشري ، أشرق منه نور العالم المسيح الإله، وللإنجيلي يوحنا شهادة رائعة في ذلك إذ قال:” … وهذه هي الدينونة ، إن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور ، لان أعمالهم كانت شريرة” ( يو ٣: ١٩).
إن البشرية بمشيئتها الخاطئة ، وبملء حريتها ترفض الانصياع ، أو التعاضد مع المشيئة الإلهية. لكن أيها الأخوة الأحباء ، العذراء مريم ، البريئة من كل العيوب ، حصلت على قمة الاستنارة ، فهي أم الله الكلمة ربنا يسوع المسيح ، الذي أتى إلى العالم من دمائها النقية ، حيث ظللها نور الروح القدس نور المسيح ، فحصلت على خبرة التأله، وخبرة دينونة هذا العالم ، من خلال وجودها في تاريخ البشرية ؟ الطبيعي ، والمكاني ، وألزماني ، وخاصة عند معاينتها الموت الطوعي لأبنها وإلهها على عود الصليب الكريم المحيي.
وبحسب القديس يوحنا الدمشقي:
” إذاً فان كل أعمال المسيح ومعجزاته عظيمة جداً وإلهية وعجيبة . بيد أن أعجبها كلها صليبه الكريم. فلولاه لما بطل الموت أبداً ولا انحلت خطيئة أبينا الأول ولا سلب الجحيم ولا منحت القيامة ولا أعطيت لنا قوة لاحتقار الأشياء الحاضرة والموت نفسه ولا تمهد السبيل للعودة إلى السعادة القديمة ولا فتحت أبواب الفردوس وجلست طبيعتنا إلى ميامن الله ، ولا رنا أبناء الله وورثته، لولا كان بصليب ربنا يسوع المسيح ، لان كل شيء قد اصطلح بالصليب”.
إذاً لنا صليب ربنا يسوع المسيح الكريم المحيي، الذي نحتفل بالسجود له اليوم ، في نصف ميدان الصوم المبارك ; وعيد بشارة العذراء مريم ، الذي أهل والدة الإله لتكون السلم الذي من خلاله نزل الله وتراءى على الأرض ، وتردد بين البشر (باروخ٣: ٣٨). وأعاد صورتنا الفاسدة إلى حسنها الأول وأتحدها بالجمال الإلهي .
وأما الصليب الكريم المحيي ، الذي نصب في جبل الجلجثة فهو الجسر الذي يقودنا إلى السماء ، مدخلاً إيانا إلى ملكوت الله ، لهذا فالمرنم يصرح قائلاً : ” أيتها الأم العذراء والدة الإله بالحقيقة يا من ولدت خلوا من زرع ٍ المسيح إلهنا الذي رفع بالجسد على الصليب إياك نعظم الآن معه نحن المؤمنين كافةً بواجب الاستيهال”.
تكريم العذراء لعظم قدرتها وعلو منزلتها ، لهو دين علينا أيها الأخوة الأحباء فهيا بنا لنبتهج بغبطة وسرور ومع والدة الإله والملاك جبرائيل قائلين : ” السلام يا ممتلئة نعمة الرب معك تشفعي بدالتك الو الدية لدى كلمة الله ربنا يسوع المسيح ، الذي تجسد من أحشاءك الطاهرة من اجل نوال حظ المخلصين الأيمن . واهباً لنا الحياة الأبدية ، ومنعماً للعالم ومنطقتنا بالسلام والوئام ، لأنه اله عظيم الرحمة ، أمين
وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد البشارة ورفع الصليب ٧/ ٤/ ٢٠١٣ (في القاعة)

سيادة رئيس بلدية الناصرة السيد رامز جرايسي
المطارنة الأجلاء
الآباء والأخوة الأفاضل
الحضور الكريم
عيد بشارة والدة الإله ، يتمتع بقدرٍ فريدٍ ، ومميزٍ وخاصة لهذه المدينة المباركة مدينة الناصرة ، وللمسيحيين القاطنين في هذه الديار المقدسة ، وفي هذه الديار المقدسة ، وفي الشرق الأوسط عامةً ، فللعذراء مريم منزلةٌ ساميةٌ عاليةٌ مذهلةٌ اصطفتها المشيئة الإلهية ، من بين نساء العالم قاطبةً ، لتكون الإناء المختار لتتميم سر التدبير الإلهي، لذا فشخص الكلية القداسة يحظى بكل إكرام وتوقير وتبجيل، فتدعى بكل استحقاق الفائقة البركات والدائمة البتولية مريم.
وللعذراء مريم دور رائد ، وشهادة دامغة لحقيقة الإيمان المسيحي الأصيل ، المستقر في الكنيسة المقدسة، وهي كمؤسسة روحية مختارة تتمتع وبجدارة بمحبة الله الكاملة لان الله محبة، كما يقول الإنجيلي يوحنا .

ان رائحة المسيح الذكية ومحبته للبشرية تفوح بأريجها العطر من الإنجيل المقدس، هذه المحبة الفياضة لازمته حتى المنتهى باذلاً نفسه الكريمة الطاهرة على عود الصليب من اجل خلاص البشرية قاطبةً والذي نحتفل اليوم بالسجود له للصليب الكريم المحيي.
صليب المسيح هو رمز لغلبة الحياة وانحدار للموت انتصار للحق وزهق للباطل ، تجلي العدل والإنصاف وحلول السلام العلوي ،وتلاشي العداوة القديمة ، وبالصليب الكريم المحيي تمت المصالحة بين الله والبشر .
لنشكر الله الأب ونتضرع لوالدة الإله الدائمة البتولية أن تتشفع من أجل خلاص نفوسنا وحلول السلام العادل في ربوعنا العامرة .

وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة مديح والدة الإله ٦/ ٤/ ٢٠١٣.

“ان حبقوق النبي لما نظر تجسدك الالهي من البتول الذي لا يستقصى أثره أيها العلي ، صرخ قائلاً : المجد لقدرتك يا رب ” ، هكذا يصرح القديس يوحنا الدمشقي .

أيها الأخوة الأحباء بالمسيح .
أيها المسيحيون الحسني العبادة .

ان كنيسة المسيح المقدسة ، تدعونا بفم النبي حبقوق لندرك بفهم عميق ( الإرادة الإلهية غير المستقصاة ) . لنعاين سر التجسد وتأنس كلمة الله ، ربنا يسوع المسيح.
لكن لا يتحقق هذا ، إلا من خلال الإيمان القويم ، وشركتنا الفعلية في حياة الكنيسة ، وذلك لان هذا السر المخفي قبل الدهور ، حسب القديس بولس. صار معروفا . “وانير الجميع في ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح ، لكي يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات ، بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة ” ( أفسس ٣: ٩-١٠).

ان السيدة العذراء والدة الإله الدائمة البتولية مريم تتمتع وباستحقاق عظيم في مركز هذا الحدث الالهي العجيب ، هذا ما أعلنه النبي أشعياء “ولكن يعطيكم السيد نفسه أية، ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل”.

هذا الابن الوحيد للعذراء مريم ، وحسب شهادة الإنجيلي يوحنا هو مخلص البشرية قاطبة من سلطان الخطيئة والموت : ” … ان هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم “. ( يو ٤ : ٤٢).

أعمال المسيح الخلاصية ، وطريقة ومنهج الخلاص ، تعلن لنا اليوم أيها الأخوة الأحباء ، من خلال كنيستنا المقدسة ، خاصة في زمن الصيام الاربعيني المبارك ، كما يقول مرنم الكنيسة : ” قد اقبل الصيام ، ركن العفاف مبكت الخطيئة ، ومساعد التوبة ، سيرة الملائكة ، وخلاص البشر”.في مسيرة الصوم الاربعيني المقدس ، تتجلى خدمة المديح الذي لا يجلس فيه ( الاكاثيستوس ) لسيدتنا الكلية القداسة والدة الإله العذراء مريم ، حيث تعلن الكنيسة دور العذراء مريم الفريد والمميز في سر التدبير الالهي ؛ فقد نقضت اللعنة ، وأشرق بها السرور : هذا ما ينشده مرنم الكنيسة :
افرحي يا من بها يشرق السرور
أفرحي يا من بها تضمحل اللعنة

أيها الأخوة الأحباء
والدة الإله العذراء مريم ، من خلال دورها المركزي نقضت بها اللعنة ، لعنة الموت من جراء الخطيئة ، وأشرق بدلا منها فرح الذي ينزع أبداً . ألا وهو فرح الفداء ، فداء ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح الكفاري على الصليب، قيامته المجيدة الظافرة من بين الأموات .

لهذا السبب المرنم يصرح قائلاً لوالدة الإله :
افرحي يا استعادة ادم الساقط
افرحي يا نجاة حواء من البكاء والنحيب .
هذا الفداء المفرح ، اي قيامة ربنا يسوع المسيح في اليوم الثالث من بين الأموات ، هو فرح روحي ممجد ، فيجب علينا تلبية هذه الدعوة الخلاصية وان نشارك في هذا الفرح الالهي . بشفاعة الكلية القداسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم ، لما لها من دالة والدية مستجابة عند ربها وابنها والهها يسوع المسيح ، والتي استحقت الطوبى من جميع الأجيال ، فهي فوق جميع الخليقة المنظورة وغير المنظورة ، الأرضية والسماوية ، فهي اكرم من الشيروبيم ، وارفع مجداً بغير قياسٍ من السرافيم .

العذراء مريم هي التي أصبحت كلية النقاوة والطهارة ، بفضل حلول الروح القدس عليها، والذي ظللها بطريقة عجائبية ، تفوق إدراك البشر : حيثُ وسع فيها غير الموسوع ، اي كلمة الله وحكمة الله .

هلموا لنرى : لماذا المرنم يصرح قائلاً:
افرحي يا سلماً سماوية بها انحدر الإله .
افرحي يا جسراً ناقلاً الذين في الأرض الى السماء.
بكلام آخر الفائقة القداسة ، هي السلم ، وأيضاً الجسر الذي يوصل ما بين الكنيسة الأرضية المجاهدة ، والكنيسة السماوية الظافرة، ومن خلال شفاعاتها وصلواتها يتم صعودنا المفرح الى الكنيسة السماوية المنتصرة . “كنيسة أبكار مكتوبين في السماوات” ( عب ١٢: ٢٣) بحسب أقوال بولس الالهي . وكما يكرز الحكيم بولس الالهي : ” اتبعوا السلام مع الجميع ، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب ” ( عب ١٢: ١٤) .

ولتحقيق السلام مع الجميع؛ عليكم باتباع منهج القداسة، لنقاوة قلوبكم من كل ضغينة وشهوة وحسد، لأنه بدون القداسة لا يستطيع أحد معاينة مجد الرب، ولن يتمتع أي شخص بملكوت السموات.
أيها الاخوة الأحباء، لنعاين زمن القداسة، وزمن التوبة؛ كما يلهج بذلك بولس العظيم: (في وقتٍ مقبولٍ سمعتك، وفي يومِ خلاصٍ أعَنتُكَ) (٢ كور ٢:٦). الوقت الآن هو وقت الجهاد في ميدان الصوم المقدّس، هذا الوقت يتضمّن الشركة في حياة الليتورجيّا، والحياة السرائريّة، في الكنيسة وكل مفاعيلها الخلاصيّة. كنيستنا المقدّسة، باعتبارها أُمّنا جميعاً، فهي دائماً في إنتظار أبنائها الأول منهم والأخير، مَن كان داخل الكنيسة، أو مَن تركها بإرادته، هذه الكنيسة ما فتئت تنتظر عودتنا من حياة العبوديّة، إلى فرح حريّة أبناء اللّه حيث يستقرّ فرحنا في أحضانها الرؤوفة.هذه الأحضان التي تنمّي فينا شجرة الفضائل اليانعة: مثل الصوم والتوبة الحقيقيّة، وأعمال الرحمة والصدقة ، والغفران، والمسامحة ، ومحبة القريب ، ومحبة الأعداء .
نتضرع أيها الأحباء الى الفائقة القداسة والدة الإله ، التي تجسد من أحشائها الطاهرة ، كلمة الله بدون تغيير ، لتغدق علينا وللعالم اجمع : السلام والقداسة، لكي نكون مستحقين معاينة فرح قيامة مخلصنا يسوع المسيح ، ومن خلاله الى قيامتنا نحن البشر . أمين .

وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون