1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس نيقولاوس العجائبي 2012/12/19

“ذكر الصديق بالمدائح وبركة الرب على راسه”.
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ايها المسيحيون الحسني العبادة

اليوم تعيد كنيستنا تذكار مثل هذا الصديق, هذا الصديق هو الاب القديس نيقولاوس العجائبي رئيس اساقفة ميرا في مقاطعة ليكيا في اسيا الصغرى, حيث يصفه مرنم الكنيسة: بانه: “وريث الله, مشارك المسيح بالوراثة, خادم الرب الامين”.

ايها الاخوة الاحباء, فعلا ابينا القديس نيقولاوس تقلد سمة كوريث لله, لانه طلب من الله المحبة, فاستلم هذه النعمة بجدارة, كمان يقول النبي والملك سليمان الحكيم: “انا الله احب الذين يحبونني, والذين يطلبونني يجدون نعمة”, هكذا اصبح شريكا في وراثة المسيح, لانه سكنت في قلبه النقاوة, وحل فيه نور الروح القدس, كما يقول المرنم:
“لقد باشرت اشعة الروح القدس واضحا, فاصبحت نيرا تنير اقطار العالم, وتحضر عند جميع الذين يلتجئون اليك عن ايمان وتنجيهم كلهم”.
لقد اصبح القديس نيقولاوس خادما امينا للرب, كونه كاهنا وراعيا لاسقفية ميراليكيا, فان نفسه تواضعت, مقتديا وسالكا في مشورة الانجيل, كما يذكر مرنم الكنيسة: “لقد اصبحت كاهنا في ميرة ايها البار القديس, فانك وضعت نفسك عن شعبك تتميما لما ورد في انجيل المسيح وخلصت من الموت الابرياء, ومن تقدست كخادم لنعمة الله عظيم”.
بالاضافة لذلك, فالقديس نيقولاوس اتم قانون الايمان الارثوذكسي الحقيقي والخلاصي, وهذا لانه جاهز بقوة وشجاعة منقطعة النظير ضد الفساد والغش, مقاوما تعاليم اريوس الهرطوقي الخارج من الايمان القويم.
لذلك ايها الاخوة الاحباء علينا ان ندرك تماما, والا نتجاهل هذه الاقوال الهرطوقية المميتة, لان المسيح هو الحق والحقيقة, فحقيقية المسيح لا تقتصر على الاعتراف بالايمان فقط, لكنها تسمو فوق هذا بكثير, كونها الطريق, ومنهج الحياة الحقيقية, هذا هو بالتدقيق طريق الحياة المسيحية, واسلوب تعاملها الصحيح والسليم, لان كنيستنا الارثوذكسية المقدسة تبرز وباجلى بيان هذه الحقيقة من خلال قديسيها المجاهدين الجهاد الحسن, مثل القديس نيقولاوس, التي تقيم الكنيسة تذكاروه في هذا اليوم المبارك, فانه اصبح مقتديا بالمسيح, حسب قول الرسول بولس القائل : “تمثلوا بي كما انا بالمسيح” (1 كو 1:11).
اذا القديس نيقولاوس سلك هذه الطريق في حياته بالقول والفعل, وهكذا طبق دعوة المسيح القائل: “احملوا نيري عليكم وتعلموا مني, لاني وديع ومتوضع القلب, فتجدوا راحة لنفوسكم” (متى 11:29), وفعلا امتلك فضيلتي الوداعة والاتضاع, كما يشهد بذلك مرنمه القائل: “لقد اظهرتك حقيقة الاحوال لرعيتك دستورا للايمان وتمثالا للوداعة, فاقتنيت بالتواضع الرفعة, واحرزت بالفقر الغنى”.
اجتمعنا اليوم اكليروسيا وشعبا مؤمنا, بتذكار القديس نيقولاوس في رحاب هذه الكنيسة العامرة, التي تحمل اسم شفيعها نيقولاوس في مدينتكم الابيه بيت جالا قرينة اختها بيت لحم, – فكل قرين بالمقارن يقتدي – مكرمين ومبجلين قديسها وشفيعها العظيم؛ ولكن لقائنا الروحي هذا اتى لكي يهيئ نفوسنا وذواتنا لاستقبال المخلص داخل مغارة قلوبنا. لنعاين بنقاء وصفاء ولادة يسوع المسيح ربنا والهنا, الذي تجسد من دماء النقية الطاهرة والدة الاله الدائمة البتولية مريم.
عيد الميلاد يتمتع بصفة خاصة تميزه عن باقي الاعياد السيدية الكبرى, هذا لانه بحسب القديس اثاناسيوس الكبير: “ابن الله صار انسانا لكي يصير بنو البشر ابناء لله بالنعمة” (ضد الاريوسيين 1:39). هدا يعني ان سر تجسد وتانس كلمة الله يعني المسيح, هذا السر تحقق وتم فعلا بالزمان والمكان, حيث اشرق منه, نور المعرفة, وشمس العدل, لجميع ارجاء العالم.
لا احد يستطيع ان يرفض وان يدحض ان “كلمة الله صار جسدا” (يو 14:1), فانه هو النور الاتي للعالم, كما يشهد المسيح عن نفسه قائلا: “انا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلام, بل يكون له نور الحياة”. (يو 12:8).
هذا بالتدقيق نور المسيح المعلن في كنيستنا كنيسة الله المقدسة, والذي يكرز به في كل زمان وفي كل مكان بوضوح ونقاوة خاليا من اي شائبة, وخاصة في الاعياد السيدية الكبرى, وكذلك عند تذكار ابائنا القديسين الاطهار, وشهداء كنيستنا الابرار.
كرازة الكنيسة ليست فقط كرازة معنوية تقتصر على التعليم والارشاد, انما تتمحور وتتمركز حول الكلمة الحية, حسب اعتراف الرسول بولس: “لان كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذي حدين, وخارقة الى مفرق النفس والروح والمفاضل والمخاخ, ومميزة افكار القلب ونياته” (عب 12:4).
بكلام اوضح: ان كلمة الله التي مكنوز فيها جميع الصفات والفضائل المقرونة بقوة التهديد والوعيد, تقودنا لان نكنن ذوي اهتمام. ومسؤولية ضابطين فكرنا, سالكين بحذر واهتمام وبتمييز, بغير فتور واستهتار وتواني لان كلمة الله ليس كلمة ميتة, بل هو حي, نشيط وفعال, حاد وقاطع اكثر من كل سيف ذي حدين, فانه يدخل في خلجات النفس, ويفحص كل طرقها وخواصها, يدرك مكنونات جميع اعضاعها ومفاصلها, يدخل عميقا داخل مفاهيم العقل والوجدان والضمير, ويستقصي كل واردة وشاردة تمر في خيال وفكر ونس الانسان.
هذه الكلمة “الكلمة الحية” ايها الاحباء, هي كلمة الله المسيح الذي ولد في بيت لحم, والذي اتى الى العالم نور وحياة للبشرية جمعاء, وخاصة للاعضاء المؤمنين في الكنيسة المقدسة, اي الاعضاء في جسد المسيح, هذا كله لنتحرر من سلطان ظلمة هذا العالم, فسلطان عالم الظلمة هذا هو الشيطان وشركائه ومعاونيه الذين يتعاطون الوان السحر والرمل, وكشف المستقبل بالاوراق, وفتح الفنجان, والتعلق بالابراج وما الى ذلك…

ايها الاحباء
هذا الشيء مرفوض وغير مقبول, خاصة لاولئك الذين يتمتعون باسم المسيح ابن الله الاب, الذي هو نور من نور, ان يسلك في طريق الشيطان اب الظلمة والديجور. بالنسبة لهذا يسال بولس الرسول نفسه مستغربا: “اية شركة للنور مع الظلمة؟ واي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ “اي الشيطان”, واي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن” (2 كورنثوس 6:14 – 15).
في هالة هذا النور الباهر تالق شركاء كنيستنا, مثل القديس نيقولاوس العجائبي الذي نقيم تذكاره اليوم.
نحن مدعوون تمام ايها الاحباء, الى هذا التالق, بان نكون شركاء في النور الالهي, نور المسيح, فكما سلك اولئك القديسين علينا ان نسلك مثلهم ايضا, اي ان نصبح شركاء في النور الالهي, نور المسيح الذي انتشلنا ودعانا في الظلمة, كما يشهد بذلك القديس بطرس الرسول: “الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب”
(1 بب 9:2).
نتضرع بحرارة وايمان ثابت وصادق, الى القديس نيقولاوس ومع المرنم نقول:
“فيما انت ماثل لدى منبر المسيح مع صافات الملائكة متوجا بالاكليل, يا نيقولاوس الكلي الحكمة والغبطة. امنحني انارة تجلو ظلام نفسي”.

وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تدشين المكتب (بير زيت) 2/12/2012

أيها الإخوة الأحباء بالمسيح
نشكر ربنا يسوع المسيح, وأمه والدة الإله العذراء مريم, لهذه الفرصة السنية المباركة, لأنه تم بيننا لقاء ما بين الراعي والرعية, مفتخرين بالحماس والغيرة الروحية التي تتمتع بها هذه الرعية الأبية الصغيرة في عددها, العظيمة في أفعالها, الملتزمة في تقليدها الإيماني بالكنيسة المقدسة, وبانتمائها الوطني الرصين.

اليوم نحتفل بعيد تقدمة دخول العذراء مريم إلى الهيكل, وكذلك نحتفل وبافتخار بمناسبة ولادة الدولة الفلسطينية. أملين أن يحل السلام في ربوعنا الغالية, كما حلول سلام ربنا يسوع المسيح في مغارة بيت لحم. إن اهتمامنا بكم تجسد اليوم بشكل مميز بهذا اللقاء الروحي, وخاصة بتدشين المكتب الذي سعى في افتتاحه ابننا الارشمندريت فيلومينوس, وأيضا ابننا الايكونوموس الأب عيسى الفاضل, الذي يعمل بلا كلل ولا ملل. حيث يخدم هذه الرعية بجدارة وكفاءة عالية.
وأيضا نقدم خالص الشكر والامتنان لوالدة الإله الشفيعة, لحرصها على ترميم مراحل بناء المدرسة النموذجية, مدرسة بطريركية الروم الأرثوذكس, في بلدكم العامر – بير زيت – والتي سيتم افتتاحها في القريب العاجل.
وأخيرا اطلب بكل محبة مد يد المعونة والمساعدة والتبرع واخذ البركة في تجهيز وتامين المكان المعد لبناء الكنيسة, آمين.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة دخول العذراء إلى الهيكل (بير زيت) 2/12/2012 –

“هلموا يا متالهي الألباب نصفق بالأيادي في احتفالنا بهذا العيد الإلهي, عيد أم الله. ممجدين الإله الذي ولد منها”.
نحن المسيحيون الحسني العبادة الذين نحتفل بعيد تقدمة دخول العذراء إلى الهيكل احتفالا ينم عن احترام ووقار لام الإله, نصفق بالأيادي فرحا ممجدين الله, أي المسيح الذي ولد من أحشائها الطاهرة, تماما كعبور الضوء من الزجاج, هكذا حافظ على ختم بكارة أمه والدة الإله النقية الدائمة البتولية مريم.
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسني العبادة

مع هذه الترنيمة البهجة والبهية يوجهنا كاتبها القديس يوحنا الدمشقي لان نمجد ونكرم الثالوث القدوس المحيي, لان الكلمة اتخذ جسدا من دماء العذراء النقية الطاهرة البريئة من كل العيوب والدة الإله بنت الناصرة.

إن سر التآنس والتجسد لكلمة الله, هو فعلا لسر عظيم وعجيب وغريب , وذلك حسب اعتراف القديس بولس: “وبالإجماع عظيم هو سر التقوى: الله ظهر في جسد, تبرر بالروح, تراءى لملائكة, كرز به بين الأمم, أومن به في العالم, رفع في المجد” (1 تيمو 3:16).
لنسال أنفسنا لأي سبب وباء طريقة ظهر الله بالجسد؟
بالنسبة لظهور الله بالجسد, هو بحسب شهادة القديس الإنجيلي يوحنا
“وتعلمون أن ذاك (أي الله) اظهر لكي يرفع خطايانا, وليس فيه خطيئة”
بكلام أخر أيها الأحباء: الله انحدر من اجل كثرة محبته ليتخذ الطبيعة البشرية بتواضعه, رافعا إيانا إلى منزلة التأله بالنعمة, أي أصبح الله إنسانا ليصير الإنسان إلها بالنعمة. “لكن أخلى نفسه أخذا صورة عبد, صائرا في شبه الناس”(فيلبي 7:2).
الله القدوس يشارك في طبيعتنا الإنسانية لكي نصير نحن شركاء في طبيعته الإلهية (لكن ليس شركاء بالجوهر الإلهي الغير مدرك). الله يصير إنسانا كاملا ما خلا من الخطيئة, لكي يصير الإنسان إلها بالنعمة, كما يقول القديس اثانسيوس العظيم. وهذا (أي الله) تأنس كي نحن نتأله بالنعمة, كل هذا فتجسد كلمة الله هو من اجل خلاص البشرية قاطبة, كما يتلي في قانون الإيمان النيقاوي.
أما بالنسبة لطريقة ظهور كلمة الله بالجسد, أصبح حسب قول بولس اللاهي هكذا: “ولكن لما جاء ملء الزمان, أرسل الله ابنه مولودة من امرأة مولودا تحت الناموس” (غلاطية 4:4).
هذه الامراة هي الفائقة البركات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم ابنة القديسين الصديقين جدي المسيح الإله يواكيم وحنة, من بيت داود, التي أدخلت من أبويها إلى الهيكل مستقرة في قدس الأقداس في هيكل سليمان في أورشليم, حيث دخل الملاك نحوها قائلا :” سلام لك ايتها المنعم عليها الرب معك. مبارك أنت في النساء… لأنك وجدت نعمة عند الله, وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع… ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد, ولا يكون لملكه انقضاء” (لو 33-28:1).
أيها الاخوه الأحباء
إن كنيستنا المقدسة جمعتنا اليوم في باحة هذه الكنيسة المتواضعة في هذه البلدة التاريخية العامرة – بير زيت – لنحتفل بتذكار تقدمة عيد دخول والدة الإله إلى الهيكل بمجد الهي, شاكرين وممجدين الله محب البشر. عاملين هذا وبحسب قول المرنم:
“إن اليوم مقدمة مسرة الله. وبدء الكرازة بخلاص البشر. فان العذراء مريم قد ظهرت فيه في هيكل الله, وتبشر الجميع بالمسيح. فلنهتف نحوها بصوت جهير قائلين السلام عليك يا إتمام تدبير الخالق”.
وألان لنسال أنفسنا ثانية ( ما معنى مقدمة مسرة الله, وأيضا ما معنى بدء الكرازة بخلاص البشر). المعنى أيها الأحباء هو ولادة كلمة مخلصنا يسوع المسيح من البتول مريم في مغارة بيت لحم.
(هذا السر العظيم للتقوى). يعني السر الذي من اجله: أصبحت الدائمة البتولية مريم مشاركة في سر التدبير الإلهي, “الروح القدس يحل عليك, وقوة العلي تظللك”
(لوقا 35:1).
هذا يعني أن الطبيعة الإلهية الساقطة بسبب خطيئة المعصية, قامت وتجددت من خلال شخص والدة الإله الكلية النقاوة والطهارة والبريئة من كل العيوب أم إلهنا.
لهذا السبب يقول المرنم “أنت كرازة الأنبياء, وجد الرسل, وفخر الشهداء, وتجديد جنس الأرضيين كله يا أم الله العذراء . لأننا بك تصالحنا مع الله, فلذلك نكرم وفودك إلى هيكل الرب”.
ان ام الله بوفودها الى هيكل الرب تدعونا لكي نهيء نفوسنا لندخل كمجوس آخرين, مع هدايا تليق بالله: كالتوبة الصادقة, المصالحة, المسامحة فيما بيننا مجتهدين لنكون بفكر واحد وقلب واحد, مقدمين محبة صادقة للإخوة, عاكفين على عيادة المرضى, وزيارة المسجونين, ومعزين الحزانى والأسرى واللاجئين الذين اصطلوا بنار الحرب, وهكذا بممارستنا أعمال الرحمة الحانية, نقدر أن ندخل في افتتاح ملكوت الله أي الميلاد المجيد الذي ينبع منه: فرح, وبر, وسلام, هكذا يعلمنا الرسول بولس “لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا, بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس: (رومية 16:14).
لنشكر أيها الإخوة تلك التي ولدت في العالم خبز الحياة أي كلمة الله ومع مرنم الكنيسة نقول : “اليوم تقدم إلى هيكل الرب والدة الإله الهيكل الذي وسع اللاهوت. فيتقبلها زكريا. اليوم يبتهج قدس الأقداس, وتحتفل بالموسم صافات الملائكة احتفالا سريا. ونحن في تعييدنا معهم اليوم نحتفل مع جبرائيل قائلين: ا؛سلام عليك يا ممتلئة نعمة, معك الرب ذو الرحمة العظمى”.

وكل عام وانتم بخير
الراعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رؤساء الملائكة ميخائيل وجبرائيل 21/11/2012

“لقد جعلت الجوهر العاري من الجسد باكورة مخلوقاتك يا صانع الملائكة تحتف تحت عرشك الطاهر هاتفة قدوس قدوس قدوس أنت يا الله الضابط الكل” هكذا يصدح مرنما القديس يوحنا الدمشقي.
أيها الإخوة الأحباء بالمسيح
أيها المسيحيون الحسني العبادة

ان كنيسة المسيح المقدسة جمعتنا في رحاب هذا الهيكل المقدس الكلي الوقار. لنحتفل بابتهاج للتذكار البهي لمحفل رؤساء الملائكة الأطهار ميخائيل وجبرائيل شفيعا هذه البيعة المقدسة, وسائر الطغمات السماوية غير الهيولية.

هذه الطغمات السماوية هم وبحسب شهادة القديس بولس: “… جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عب 1 : 12).
جميع الملائكة أرواح خادمة, تنفذ الإرادة الإلهية بطاعة وإجلال وبلا تردد, مرشدين بالنور الإلهي, ومرشدين للخلاص. هذه الطمغات أبدعت بإجلال الهي, فالرسول بولس يقول: خالق القوات العلوية “فانه فيه خلق الكل, ما في السموات وما على الأرض, ما يرى وما لا يرى, سواء كان عروشا أم سيدات أم رياسات, أم سلاطين, الكل به وله قد خلق” (كولسي 1:16).
حسب القديس يوحنا الدمشقي : (هو الله نفسه صانع الملائكة وبارئهم ومخرجهم من العدم إلى الوجود. وقد خلقهم على صورته الخاصة, طبيعته لا جسميه على مثال ريح ما ونار لا مادية, كما يقول داود الإلهي: “الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار” (مز 4:103).
من أعمال الملائكة, تمجيد الله كما يقول باسيليوس الكبير (عمل الملائكة بطغماتها ومراتبها هو تمجيد الله).
هلموا لنصغي لمرنم الكنيسة, بلسان قديسنا يوحنا الدمشقي شاديا: “إن صافات العديمي الأجساد وهم ماثلون لدى عرش مجدك يا رب, يرنمونك بالأصوات الملائكية التي لا تفتر, فانك أنت أيها المسيح قوتهم وتسبحتهم”.
في محفل الطمغات الملائكية غير المتجسدة, السماوية, يتألق رئيس الملائكة ميخائيل الذي قدم المعونة والحماية والحراسة للجنس البشري مرات عديدة, تماما كما يذكر – السنكسار المقدس – أي كاتب سيرته مند البدء: فهو الباهر بقداسته, والسامي بعلوه, والمهيب برفعته, ولكونه أمينا, وطائعا, ومخلصا لضابط الكل, حظي بمنزلة رفيعه, فحصل وبجدارة على مرتبة رئيس الملائكة الأول في الطغمات العلوية, فعظمت دالته هكذا نحو الجنس البشري لما له من هذه السمات المبهرة.
عندما عاين رئيس الملائكة ميخائيل, جحود الشيطان ومن ثم سقوطه مثل البرق من السماء, انعقد محفل الملائكة, ليقول لهم بصوت جهوري: “فلنصنع”, فعلا وبصوت ينم عن الوفاء الكامل اكد قائلا :”فلنصنع” فنحن الذين كنا جميعا مخلوقين سوية, انظروا ما قد حل باولئك الملائكة جراء خطيئتهم, الذين كانوا نورا معنا, واصبحوا الان ظلاما قاتما.
لذلك دعي هذا المحفل بمحفل الملائكة, بسبب الاهتمام المشترك ذو الفكر الواحد والإرادة الواحدة, والوحدة الواحدة في العمل.
ان الملاك الحارس يحتل دورا مركزيا في مجال الحماية والحراسة, فقد عين ليتوكل هذه المهام من الضابط الكل, كما يعلن ذلك ربنا يسوع المسيح: “انظروا لا تحتقروا احد هؤلاء الصغار, لأني أقول لكم: إن ملائكتهم في السموات ينظرون وجه أبي الذي في السماوات” (متى 10:18), لذلك تكرم كنيستنا المقدسة الملائكة القديسين, وتقدم الشكر الجزيل والعرفان, والامتنان للرب الضابط الكل من اجل محبته القصوى للجنس البشري قاطبة.
القديس يوحنا الذهبي الفم الذي يرصد أقوال ربنا يسوع المسيح: (من هنا يظهر إن الأبرار عندهم الملائكة حراسا, ولسان النبي داود يقول “يعسكر ملاك الرب حول خائفيه وينجيهم”).

خدمة الملائكة تتميز بشكل خاص لحماية الأبرار والصديقين, لهذا السبب وهبت لهم الدالة نحو الله, فهم يعاينون جلال مجده بتوقير وانسحاق وإجلال.
لنلاحظ هنا أن الملائكة القديسين, وهم أرواح هيولية غير متجسمة, تعاين وجه الله, أي الطاقة الغير مخلوقة, لكنها لا تستطيع أن تعاين ذات الجوهر اللاهي. وهذا ما يعبر عنه يوحنا الإنجيلي: “الله لم يره احد قط, الابن الوحيد الذي هو في حضن الأب هو خبر” (يو 18:1).
كنيستنا المقدسة أيها الأحباء, يرجو وتطلب معونة ومساعدة الملائكة, فنتضرع الى المحفل الملائكي الالهي, ومع الملاك ميخائيل رئيس الطمغات السماوية نضم المرنم ونقول:
“حيثما تطلل نعمتك يا رئيس قواد الملائكة ميخائيل المستحق المديح, تطرد قوة الشيطان زاهقة. لان كوكب الصبح الساقط لا يطيق الثبات بإزاء نورك, فلذلك نطلب إليك أن تخمد سهامه النارية الثائرة علينا منقذا إيانا من عثراته”
وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار القديس جوارجيوس المظفر – 16.11.2012

قال الرب لتلاميذه : ” وقد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا ، سيخرجونكم من المجامع ، بل تأتي ساعة ، فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله ” ( يوحنا 16: 1-2).
نا قلت لكم هذا – يقول ربنا يسوع المسيح لتلاميذه – لكي لا تعثروا من البغضة والكراهية التي ينفثها العالم ضدي ، ولكي لا يتزعزع إيمانكم بي ، فأولئك يريدون حرمانكم من الكنيسة معتبرين إياكم من الهراطقة ، لا بل فقد تأتي ساعة سيظن فيها كل من يقتلكم أنه لا يقوم بجريمة نكراء، من خلال القتل وسفك الدماء ، بل يظنها عبادة مرضية لله .


أيها الأخوة الأحباء بالمسيح
أيحها المسيحيون الحسنى العبادة

تلاميذ المسيح ورسله الأطهار أصبحوا شهود عيان ، كونهم شاهدوا ولمسوا كلمة الله المتجسد – ابن الله وابن الانسان – ( ابن الانسان أي ابن مريم الدائمة البتولية ).

شهادة الرسل والانجيليين الاطهار ، ختمت بواسطة الدم الاستشهادي فانهم إستشهدوا بأيدي أولئك القتلة الذين
أبغضوهم ونبذوهم كم أجل أسم المسيح .

ضحايا الكراهية والبغضاء هي ضد هذا الاسم ” وأعطاه اسما ً فوق كل اسم ” ( اي المسيح ) ، فقد كانوا شهداء محبة المسيح ، حسب ما قاله المسيح السيد : ” وتكونون مبغضين من الجميع . من أجل اسمي ” (متى 10 : 22).
هكذا ضحية الكراهية من أجل إسم المسيح كان القديس الشهيد العظيم جوارجيوس ، الذي نقيم تذكار تجديد الهيكل الذي يحمل إسمه الكريم في هذه المدينة المقدسة اللد . فعلاً تم تدشين هذا الهيكل الكلي الوقار، من خلال نقل رفاته الكريمة ووضعها باحترام بالغ في قبره الذي أعد مسبقا ً ، وهو لا يزال موجوداً حتى يومنا هذا .
القديس جوارجيوس المظفر كما يذكر كاتب سيرة حياته : ” كان يتمتع بموهبه إلهية صالحة ، فكان ذا تربية وخلق كريم ، يتحلى بالصفات الطيبة والانسانية ، هكذا كانت سيرة حياة أجداده ، التي انتلقت من السلف الى الخلف ، حتى أن والديه كان يتمتعان باللياقة والاتزان ، وحسن العبادة وهي عطية الهية من السماء ، ضمن هذا الوسط الفريد ، برز القديس جوارجيوس جندياً ثم قائدا ً مغوارا ً .
لذلك سمح له من قبل الإمبراطور الجاحد ذيوكليتيانوس ، ليتبوأ منصب تريبونس ، وبعدها ارتقى في سلك الجندية ليصبح قائدا ً ، ثم مسؤلا ً كبيرا ً في إدارة الجيش ، كل ذلك من أجل شجاعته وشدة بأسه ، وقوته الخارقة ، علما ُ أن الامبراطور لم يكن على دراية بأن قائد العظيم جوارجيوس يعتنق الايمان المسيحي القويم .
لكم عندما اتت الساعة ، إنتصب بعزم أمام الإمبراطور ذيوكليتيانوس وحاشيته وعرف مقدار الكراهية والبغض التي ينفث بها الامبراطور تجاه المسيحيين ، عندها اعلن جهارا ً أن المسيح هو الله وابن الله ، كارزا ً أمام الحضور الملكي بسر التدبير الالهي ، لذا كان ثمن هذا الايمان ، موت الشهادة ليصبح شهيدا ً عظيما ً من خلال سفكه لدمه ، كما المسيح السيد إفتدانا بدمه الثمين الطاهر على خشبة الصليب .
شهادة القديس جوارجيوس من أجل نور حقيقة المسيح ، وأيضا كرازته ، يدونها لنا بوضوح مرنم الكنيسة قائلا ً : ” لقد سلكت سلوكا ً ينطبق على معنى اسمك يا جوارجيوس الجندي العظيم . فإنك حملت صليب المسيح على منكبيك . وحرثت الارض التي بارت بالضلالة الشيطانية ، واستأصلت عبادة الاوثان المشوكة . وغرست كرمة الايمان القويم . فأصبحت حراثاً للثالوث القدوس بارا ً تبسط فروع الاشفية لكل من المسكونة من المؤمنين “.
فعلاً ايها الاخوة الاحباء
شهادة القديس جوارجيوس ، ساهمت بشكل فعال بابعاد غش الدين الشيطاني ، وضلالة الاصنام ، وكذلك تحرير الناس من هذه العبودية ، ثم تنويرهم بزاد المعرفة بإنجيل المسيح – الدين الحقيقي .
ان الرسول بولس أيها الاحباء ، وفيما يتعلق بالنتائج الإيجابية للأحزان ، فهو يدعونا لإتباع منهج ومسلك الحياة المسيحية عند الشهداء إذ يقول : ” لذلك نحن أيضا ً إذ لنا سحابة من الشهود مقدار هذه المحيطة بنا بسهولة ، ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ، ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع ، الذي من اجل السرور الموضوع أمامه ـ احتمل الصليب مستهينا ً بالخزى ، فجلس في يمين عرش الله ”
(عب 12: 1-2).

الشهداء القديسون الذين يذكرهم الرسول بولس هم بشر تحت الالام مثلنا ، هكذا وبشكل تام كان قديسنا العظيم جوارجيوس ، فهؤلاء الشهداء لم يكونوا أبطالاً خياليين ، ولم يكونوا بشراً مثاليين . لكنهم كانوا يحملون الروح القدس ، روح المسيح في ذواتهم .
أن المسيح المصلوب والمقام ، يعتبر بوصلة الانتماء والاتصال ، لذلك الرسول الالهي يحدثنا قائلا ً : ” ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا . ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع ” (عب 12: 1-2).
ليتنا نسرع بجهادٍ وصبرٍ للجعالة الموضوعة أمامنا ـ، غير ناظرين الى الوراء لكن فقط نحو يسوع المسيح أساس الايمان ورئيسه ، فهو الذي يقودنا الى تتميم إيمانه .
نحن ندين ونقر : بأن المعنى العميق للشهيد ، هو في درجة ومقدار المحبة التي يكنها نحو المسيح الاله ، من خلال جهاده حتى الدم ليتحقق بذالك تتميم الايمان ، كما ربنا يسوع المسيح قام بتتميم الأعمال الخلاصية من خلال سفك دمه الطاهر الثمين على الصليب تامحي ، أي الموت الصليبي .
وكما يقول الفديس كليمنضوس الاسكندري في هذا المضمار : ” نحن ندعو الشهادة انها تامة وكاملة ، ليس لانها نهاية حياة الانسان الارضية كما يحدث مع باقي البشر ، لكن من مقياس عمل المحبة الكاملة والتامة ” .
هلموا بنا لنشاهد كنيستنا التي تكرم بغيرة متقدة شهداء الايمان المسيح، هلموا بنا لنشاهد القديس جوارجيوس يتألق بمنزله سامية في سحابة شهود الكنيسة ، وايضا ً كسحابة أخرى في يوم تكريمه ، هذا يثلج صدور الذين يكرمون تذكاره بفرح وشوق وغبطة ، معزيا ً إياهم من نار الشهوات والاحزان والضيقات التي يواجهونها في حياتهم اليومية ، الى السعادة والبر والسلام .
نتضرع الى القديس العظيم جوارجيوس ، ومع مرنم الكنيسة نقول : ” صني واقيا يا كلي الغبطة جاورجيوس . فيما أسافر في البحر او اسير في الطريق أو انام في الليل ، واحفظني من يقظتي . واهدني الى العمل بارادة الرب . حتى أجد أنا الملجىء الى ستر وقايتك العفو في يوم الدينونة عما اقترفته من الاعمال “.


وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر في الموقع على يد شادي خشيبون