1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيفيلوس الثالث بمناسبة ترميم كنيسة القديس باتريكيوس – الجديدة 26/11/2011

قال الرب ” أنا الباب إن دخل بي احد فيخلص ويدخل ويجد مرعى, السارق لا يأتي ليسرق ويذبح ويهلك, وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة ولتكون لهم أفضل, أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” (يوحنا 10 9-11).< strong>
أيها الأحباء بالمسيح يسوع
أيها المسيحيون الحسني العبادة
النعمة الممتلئة قوة, قوة الروح القدس, جمعتنا اليوم في هذا الهيكل المقدس والذي يحمل اسم القديس الشهيد بالكهنة أسقف بروصة باتريكيوس, في هذه البلدة الأبية, الجديدة, لنشكر الراعي الصالح مخلصنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه من اجل الخراف الناطقة. ولأجل جميع البشر. وأيضا في اجتماعنا ألشكري والليتروجي هذا بذكرى القديس العظيم في أباء الكنيسة العظام ومعلمي المسكونة, القديس يوحنا الذهبي الفم رئيس أساقفة القسطنطينية.
إن السيد المسيح عند معاينته تلاميذه الأطهار قيل لهم: ” أنا هو الباب, إن دخل بي احد فيخلص”. القديس يوحنا الذهبي الفم الذي يفسر هذا الكلام الإنجيلي يقول:” لقد دعي المسيح نفسه بابا, والباب هنا يرمز إلى الكتب المقدسة, تلك الكتب المرشدة إلى المعرفة الإلهية, والجديرة بان تحولنا إلى خراف ناطقة, حافظة ايانا باتم حفظ”.
وحسب القديس كيرللس الاسكندري, الباب هو الإيمان الذي من خلاله فقط يتم دخولنا إلى ملكوت الله الأب, ومعه نلتصق بعلاقة اتحاد حميمة”.
القديس كيرللس وهو يشرح كلام الرب: “أنا هو الراعي الصالح, والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف” يقول: “المسيح هو الراعي الصالح ومن خلاله نحن نأتي إلى الإرشاد والحكم والرئاسة للرعية الناطقة”, والمسيح الذي يعتبر الباب, سيستقبل في الساحة المقدسة والإلهية النفوس الطاهرة والنقية, اللابسون حلة العرس. ومن ناحية ثانية سيمنع كل من هو غير مناسب أو لأدير للدخول من الباب إلى الداخل”. وهو يسمي نفسه الراعي الصالح حقا.
بكلام أخر أيها الأحباء, المسيح هو الراعي الحقيقي لكلمة الله, أي انه الأسقف الحقيقي ورئيس الرعاة, أما الأساقفة فهم خلفائه بشكل مباشر, فالقديس الرسول يعقوب اخو الرب سيم من قبل مخلصنا يسوع المسيح كأول أسقف ليجلس على السدة البطريركية للكنيسة الأورشليمية, وطبعا للكنيسة المسكونية.
كنيسة المسيح هو المكان الآمن للخراف الناطقة, أي لأولئك الذين من خلال المعمودية المقدسة والميرون, وختم وموهبة الروح القدس يصبحون أعضاء جسد المسيح أي الكنيسة المقدسة, كما يعلمان الحكيم بولس : “وأما انتم فجسد المسيح وأعضاءه أفرادا, فوضع الله أناسا في الكنيسة أولا رسلا, ثانيا أنبياء, وثالثا معلمين…” (1 كور 12: 27-28).
يقول السيد المسيح لتلاميذه وللجميع, وبطريقة واضحة ولجلية “انا هو الراعي الصالح”. لكي يحفظنا من الرعاة الكذبة السراق.
وكيف أيها الإخوة الأحباء نميز الراعي الصالح من الراعي الطالح, والراعي الأمين من الراعي الخائن السارق.
الراعي الصالح الحقيقي والأمين هو الراعي الذي يبذل نفسه عن الخراف, يقول الرسول بطرس: وضع على نفسه الخطايا وقدم من خلال جسده ذبيحة عن خطايانا على الصليب, وأصبحت هذه الذبيحة منبعا للحرية الحقيقية, وهكذا أصبحنا غرباء في أنفسنا عن الخطايا, إذ نعيش مستقبلنا سالكين دروب العدالة مقتنين سلم الفضائل. “الذي بجلدته شفيتم”, الحكيم بطرس يستمر قائلا: لأنكم كنتم كخراف ضالة, لكنكم رجعتم ألان إلى راعي نفوسكم وأسقفها.
الأساقفة والكهنة لكنيسة المسيح الذي عينوا من قبله, هم الذين يعتنون من اجل خلاص نفوس الخراف الناطقة.
المسيح حقا أيها الأخوة الأحباء, كما يقول كليمس الاسكندري هو “المحامي المدافع عن نفوسنا” . هيا بنا لنرى وصية القديس بولس القائل: “أطيعوا مرشديكم واخضعوا لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطون حسابا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا أنين لان هذا غير نافع لكم”. (عبرانيين 13:17).
زيغافينوس الذي يفسر كلمات الرسول “يقول بولس: “مرشدين” أي الأساقفة والمعلمين أي الحكام الروحيين والرؤساء في الكنيسة”.
إن القديس بولص يحذر جميع المؤمنين ألا يسلكوا بطريقة تحزن قلوب ونفوس الأساقفة والرؤساء وألا يكونوا غير طائعين للمدبرين. بتركهم التعاليم الخلاصية المقدسة الحقيقية, والانصياع وراء تعاليم مضلة وغريبة, تفتقدهم طريق الخلاص, وتقودهم إلى العبودية وتقيدهم بأغلالها.
نعم أيها الأحباء, لا ينبغي أن نترك تعاليم كنيستنا. ونلتصق بتعاليم غريبة ومضلة, تلك التعاليم التي تجعل مساواة بين روح الحق وروح الباطل, والتي تعتبر الشيئين المتناقضين شيئا واحدا.
لنرى ما يقول القديس يوحنا الإنجيلي: “أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح, بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لان أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم… وكل روح لا يعتيف بيسوع المسيح انه قد جاء بالجسد فليس من الله. وهذا هو روح ضد المسيح الذي سمعتم انه يأتي وألان هو في العالم (1 يوحنا 4 1-2).
كيف نميز روح الحق من روح الظلم والباطل, يعطينا الإنجيلي يوحنا الجواب لذلك, فيقول: نحن الرسل, والأساقفة والمعلمون للإنجيل قد خلقنا من الله ونحن نستمد روح الحق من الله… فالذي ليس من الله, ولم يولد ثانيه بالروح (بالمعمودية), ولا يسمع ولا يقبل تعاليمنا المقدسة, فهو من روح الباطل, بهذه الطريقة نستطيع أنا نميز ذلك من خلال روح الله المرشدة إلى الحقيقة, وبين روح المضاد والمقاوم الذي يرشد إلى الظلمة, من هذا نعرف روح الحق (المسيح) وروح الضلال (الشيطان).
وبشكل مطابق بزغ لنا اليوم رئيس أساقفة ممسوح من الله, مستمدا تعاليمه من السماء, والذي سار في منهج وفكر الرسل الأطهار, متمسكا بالتعاليم الابائية الخلاصية, إلا وهو القديس يوحنا الذهبي الفم ومع المرنم نقول :”لقد انسكبت النعمة على شفتيك أيها الأب البار يوحنا الذهبي الفم. فمسحك الله رئيس كهنة لشعبه لترعى رعيته بالبر والعدل, فلما تقلدت سيف القوي حسمت تشدقات الهراطقة المبتدعين, فنسألك ألان أن لا تنفك متشفعا في سلام العالم وخلاص نفوسنا”.
عظيم أيضا قديسنا المعترف بالإيمان القوي, إيمان مخلصنا يسوع المسيح المحامي لبلدتكم ولطائفتكم القديس باتريكيوس الشهيد في الكهنة أسقف بروصة الذي اقتدى برئيس الرعاة, المسيح, باستشهاده من اجل محبة المسيح بإراقة دمائه الزكية كما يقول مرنم الكنيسة: “باتريكيوس انت رئيس للكنيسة, وضعت نفسك لأجلها مع الشهداء اكاكيوس, وميناندروس, وبولي اينوس الإلهي. حيث أصبحتم حكماء بالأيمان وغدوتكم منشدين الابتهالات للرب الإله, فتشفعوا إلى المسيح الإله في خلاص نفوسنا”.
وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة ترميم كنيسة القديس باتريكيوس – الجديدة 26/11/2011

قدس الأب الفاضل جريس قسيس
الأخوة الأجلاء رئيس وأعضاء مجلس الكنيسة
الحضور الكريم

إن ترميم هيكل الكنيسة التي تحمل اسم القديس باتريكيوس في هذه البلدة العامرة الجديدة. والتي فيه تم الحفاظ على هذا الهيكل المقدس. يعتبر بركة من البركات السماوية, لكن هذه البركة تصبو أيضا إلى هياكل الروح القدس ألا وهم انتم المؤمنين ولكن الذين اتخذوا عربون الروح واستناروا في المعمودية المقدسة في هذه الكنيسة الرسولية.
فالكنيسة: هي مكان الصلاة والعبادة التي تربط الأرض بالسماء, وأيضا هي الرابط الفعال بين الإنسان وأخيه الإنسان لا بل لجميع البشر والبشرية قاطبة. فهي توحد البشرية لما يرضي الله والقريب.
ومن هو القريب: القريب هو كل إنسان خلق على وجه الأرض بدون استثناء. فالقريب يتجاوز حدود الدين والطائفة والقومية والانتماء, فكل إنسان هو قريب لأنه من خليقة الله.
وهذا ما تؤكده وبشكل فعال وملموس بطريركية الروم الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة تعبيرا لمحبتها الباذلة المعطائه السخية لمثل هذه المشاريع الروحية, فمن بين العديد من الأعمال الكثيرة التي أنجزتها البطريركية, هذا العمل الذي يعبر في مضمونه أيضا عن عبيق الأصالة الرومية تنظر في بعدها المسكوني نظرة شاملة وجامعة ضامه للجميع بدون استثناء.
فالكنيسة الرومية الأرثوذكسية هي ليست بكنيسة قاصرة, منطوية, محدودة, تخص فئة معينة. ولا وجد فيها صفات, وسمات العنصرية, فهناك سوء فهم بعض القلائل الذين يزرعون الفتنة ويروجون لها بإضفائهم مفاهيم خاطئة, هادفة لتضليل المؤمنين.
فالروم هي المظلة التي تظل تحتها: حضارات وثقافات ولغات وقوميات مختلفة. فالروم لن ولم ترفض أية قومية أو لغة, أو لون, أو تراث, أو جنس, لكل شخص أو امة. وخاصة لابناء هذه الأرض ارض الميعاد الأرض المقدسة, لذلك بطريركية الروم الأرثوذكس ومنذ ألفي عام لعبت, وتلعب دورا هاما ومركزيا للحفاظ على وديعة الأماكن المقدسة وساكنيها.
كنيسة القديس باتريكيوس لبست حلتها القشيبة, وبهذه المناسبة العطرة تزداد فرحتنا بمعاينة الإخوة والأقارب والأصدقاء ملتئمين بمحبة ووفاء, فلا يسعني إلا أن اعبر بكل صدق والخلاص – اسمحوا لي أن أقول – هذا الحضور الكريم بالمؤمنين فيه من جميع الطوائف والديانات لهو اكبر شاهد على حضور عراقة العهدة العمرية التي تجسدت بين بطريرك الروم القديس صفرونيوس, والخليفة عمر بن الخطاب, هذه العهدة كانت شاملة وجامعة وهادفة بمضمونها الإنساني الأصيل, وما زال تأثير مفعولها يسري حتى يومنا هذا.
فهذه الكنية هي عربون للمحبة والوفاء والعطاء والبذل والسخاء, والتعايش والسلام بين جميع المواطنين, المسلمين والدروز والمسيحيين.
وأخيرا نلتمس شفاعات صاحب هذه الكنيسة القديس بتريكيوس الشهيد في الكهنة أسقف مدينة بروصة في بيثينيا الذي كان حكيما وضليعا من الكتب المقدسة, والذي استشهد بقطع رأسه على يد يوليوس قنصل آسيا الصغرى لإيمانه في السيد المسيح في القرن الثالث الميلادي.
وقدلك شفاعات صاحب هذا اليوم المبارك القديس يوحنا الذهبي الفم رئيس أساقفة القسطنطينية كاتب الخدمة الإلهية المقدسة, وصلوات وشفاعات والدة الإله الدائمة البتولية مريم. أن تنقي نفوسنا لتكون المغارة التي فيها يولد المسيح الإله مخلص نفوسنا.
وكل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون




كلمة غبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث باطار معرض الكتاب في رام الله

معالي وزيرة الثقافة السيدة سهام البرغوثي المحترمة
معالي وزيرة التربية والتعليم د. لميس العلمي المحترمة
عطوفة الدكتور حنا عيسى الأكرم وكيل وزارة الأديان للشؤون المسيحية
حضرة الأستاذ ماهر لخياط الأكرم مدير مدرسة سانت جورج الثانوية
أعضاء الهيئة التدريسية المحترمين
أيها المحتفلون الأحباء
ما سرنا موقف عظيم ، ولا طاب لنا مقام جليلٌ مثل أن نلتقيكم اليوم في هذه المناسبة الغراء التي يتلاقى فيها أقطاب العلم والمعرفة الدين والايمان في معرض قيم للكتاب في هذه المدرسة العريقة بين المدارس ، وفي ظل ورعاية وزيرتي الثقافة والتربية والتعليم في السلطة الفلسطينية صاحبتي المعالي السيدة سهام البرغوتي والدكتورة لميس العلمي المحترمتين اللتين بحضورهما هذه المناسبة العظيمة قد جللتا الاحتفال ودلتا على عنايتهما وتقديرهما لقيمة الكتاب وما له من فضل تنوير العقول وتهذيب النفوس والرقي بالأمم إلى ذرا الحضارة والمدينة . كما أنهما تنوبان عن صاحب السيادة الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية صاحب الأيادي البيضاء والصنائع الغراء في دعم الثقافة والتربية والعلم والمعرفة في أرجاء الوطن . ولا يفوتنا كذلك أن نعبر عن تقديرنا واحترامنا العميقين لعطوفة الدكتور حنا عيسى الأكرم وكيل وزارة الأديان للشؤون المسيحية المعروف لدينا بتفانيه وإخلاصه وسعيه الدائم لخدمة الوطن من أجل تقدمه ونجاحه . وما ننسى لا ننسى أن نقدم خالص شكرنا وامتناننا للأستاذ ماهر الخياط مدير المدرسة مع رفقائه من الهيئة التدريسية الأجلاء لما بذله من جهد وعناء في سبيل قيام هذا المعرض العظيم في هذا اليوم المبارك خدمة لمدرسته وأبناء مدينة رام الله الأعزاء وجميع أبناء شعبنا الفلسطيني الحبيب وسائر عشاق الكتاب ورواده ، مما يشهد حقا ً على حسن انتمائه وعظيم اهتمامه بمدرسته وتقديره لقيمة الكتاب في ازدهار مدرسته ونهضة أبناء المجتمع كافة مما يصح فيه قول السيد المسيح له المجد ” من عمل وعلم فهذا يدعى عظيما ً في ملكوت السموات ” .

إن من يحمل كتابا ً يحمل مصباحا ً وضاء ً ينير له الطريق المظلمة ، إن الكتاب خير مائدة تشبع الجياع إلى القيم والمثل من أشهى طعام ، وتروي العطاش إلى المعرفة من أمتع شراب ! في عصرٍ ما أحوجنا إلى هذا الزاد وذاك الشراب ، من حيث أنه بالكتاب وحده ترقى الامم وتتقدم الشعوب . إن بطريركيتنا الأرثوذكسية ” أم الكنائس ” في العالم إذ تفخر وتعتز بهذا الدور الذي تقوم به واحدة ٌ من أعظم مدارسها في أنحاء الوطن ، تقدم كل دعم وتأييد لكل ما من شأنه أن يرفع مكانة العلم ، ويؤدي إلى ازدهار أبناء الشعب الفلسطيني ورقيه ، على رجاء أن يحل السلام العادل في المنطقة وقيام الدولة الفلسطينية فوق تراب الوطن .
فهنيئا ً لكم بهذا المعرض العظيم وشكرا ً لما بذلتموه من أجل تحقيقه مع دعائنا لكم بمزيد ٍ من العطاء والتضحية والنجاح في خدمة المدرسة والكتاب بتوفيق وبركة سيدنا يسوع المسيح له المجد آمين.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد رؤساء الملائكة في مدينة يافا 21/11/2011

“لقد جعلت الجوهر العاري من الجسد باكورة مخلوقاتك يا صانع الملائكة ، تحتف حول عرشك الطاهر هاتفة قدوس قدوس قدوس أنت يا الله الضابط الكل ” . (الأودية الأولى – صلاة السحر).

هكذا يقول مرنم الكنيسة قديسنا يوحنا الدمشقي .

ايها الاخوة الأحباء بالرب

أيها المسيحيون الحسني العبادة

اليوم تحتفل ألاجواق الملائكية سريا ً بالسماوات . وكنيسة المسيح تبتهج على الأرض ، وذلك لأنه تقدم الآن إلى هيكل الرب والدة الإله الهيكل الذي وسع اللاهوت ، وأيضا ً بمناسبة العيد الحافل لرئيسي الملائكة ميخائيل وجبرائيل ولسائر القوات العلوية غير الهيولية ، الملائكة السماوية غير المتجسدة .

تكرم كنيستنا الارثوذكسية المقدسة وبشكل خاص الطغمات الملائكية السماوية للجواهر غير المتجسدة ، والقديس يوحنا الدمشقي يمدنا ببعض الحقائق الهامة …” ومن ثم إن الملاك جوهر عقلاني، دائم الحركة، مطلق الحرية، لا جسم له ،يخدم الله ويتمتع في طبيعته بنعمة الخلود . أما نوع جوهره وتحديده فلا يعرفها إلا الخالق وحده. ويقال فيه بأنه لا جسمي ولا مادي ، وذلك بالنسبة إلينا ، لأن كل شيء بالمقابلة مع الله – الذي هو وحده ليس من يضاهيه – يبدو كثيفا ً وماديا ً . وبالحقيقة إن اللاهوت وحده منزه عن المادة والجسم.

وأيضا ً يستمر قديسنا يوحنا الدمشقي قائلا ً : ” وعليه إن طبيعة الملاك ناطقة ٌ وعاقلة ٌ وحرة ٌ ، متقبلة الرأي ، أي متحولة الإرادة ، فإن كل مخلوق متحول ٌ ، وغير المخلوق وحده لا يتحول . وكل ناطق حر . فإئذا ً ، بما أن طبيعته ناطقة فهي حرة ، وبما أنها مخلوقة فهي متحولة ، لها المقدرة على البقاء والتقدم في الصلاح وعلى التحول إلى الشر”.

تكرم كنيستنا وبشكل خاص الطغمات الملائكية ورؤساء الملائكة ، لأن بولس الإلهي يصفهم قائلا ً : ” أليس جميعهم أرواحا ً خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عبرانين 1: 14).

بكلام ، الملائكة هم أرواح مهمتهم الخدمة ، أنظر القديس يوحنا الدمشقي يقول : ( كم هي دالتهم العظمى لدى الجالس في الأعالي ، لكن الملائكة يخدمون الله هنا على الأرض ) ، يلاحظ الذهبي الفم أن القديس بولس لم يقل إن الأرواح خادمة للناس ، لكن خدمة الملائكة تقتصر على خدمة الله من أجل خلاص الجنسي البشري.

حسب الأب يوحنا الدمشقي : ” هم أقوياء ومستعدون لتلبية مشيئة الله . ولسرعة طبيعتهم يوجدون فورا ً حيثما تدعوهم إشارة منه تعالى. وهم يحافظون على قطاعات الأرض ويعتنون بالشعوب والمواضع حسب ما رتبه لهم الخالق ويسوسون شؤوننا ويغيثوننا. وهم يقيمون بكليتهم في حضرة الله لأجلنا تلبية ً لمشيئته وأمره “.

الملائكة أرقى من البشر ، فهم يوجدون حول العرش الإلهي، لأنهم يقطنون السماوات، ولهم عمل وحيد وهو الترنيم والتسبيح في حضرة الله، وخدمة المشيئة الإلهية. وهذا بالتدقيق الخدمة والأعمال التي تقوم بها الأجواق الملائكية ، ويؤكد على ذلك النبي داود في ترنيمة : ” الصانع ملائكته أروحا ً وخدامه اهيب نار” (مز104: 4) . ومن الجدير بالذكر أيضا ً فإن حدث خلق الملائكة كان إبداع الخليقة، فصنع الله الملائكة أولا ً ، مثلما يقول الأب الدمشقي الذي يستند على أقوال القديس غريغوريوس اللاهوتي : ” لقد فكر الله بالقوات السماوية والملائكية ، وهذا التفكير هو عملا ً بالحقيقة . ويستند الدمشقي تباعا ً لنفس المصدر ويقول ” لأنه كان يليق أن يخلق الجوهر العقلاني أولا ً ، ثم الحسي ، وأخيرا ً الإنسان نفسه ، من كلا الجوهرين ( العقلي والحسي)”.

أيها الأخوة الأحباء:

أصبح الملائكة والناس سوية ً كنيسة السماوات والأرضيات بشخص كلمة الله المتجسد يسوع المسيح ، كما يرنم القديس يوحنا الدمشقي : ” إياك نعظم بلا فتور أيها المسيح ، يا من ضم الأرضيات إلى السماويات وألف كنيسة واحدة من الملائكة والبشر” .

رئيسا الملائكة ميخائيل وجبرائيل اللذان نكرمهما ليتروجيا ً وإقخارستيا ً وجميع الطغمات الملائكية : السيرافيم والشيروبيم والكاروبيم ، الأرباب، والقوات ، والسلطات ، والرئاسات، ورؤساء الملائكة والملائكة ، هؤلاء يعتبروا التكوين والوجود للكنيسة الإلهية الإنسانية من المصدر أي الجوهر . فالكنيسة تميز كمدينة منظورة وغير منظورة ، أرضية وسماوية ، كنيسة مجاهدة ومنتصرة ، مواطنة ليست باقية ، ومواطنة عتيدة .

بالنسبة لهذه المدينة الرسول بولس يذكر ذلك قائلا ً : ” لأن لبس لنا هنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة ” ( عبرانين 13: 14 ). وكذلك يذكر الرسول بولس في مكان آخر : ” فأن سيرتنا نحن هي في السماويات التي منها أيضا ً ننتظر مخلصنا هو الرب يسوع المسيح ، الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل إستطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء” ( فيليبي 3: 20-21).

أما في الإنجيل بحسب القديس لوقا فالسيد المسيح يقول: ” رأيت الشيطان ساقطا ً مثل البرق من السماء ، ها أنا أعطيكم سلطانا ً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو … ولكن لا تفرحوا بهذا بأن الأرواح تخضع لكم بل إفرحوا يالحري بأن أسمائكم كتبت من السماوات ” ( لوقا 10 :18-20).

إفرحوا لأنه قد كتبت أسمائكم في السماوات بحسب إيمانكم ، وهكذا أنتم مسجلون كمواطنين بجميع الحقوق التي تشمل كل الخيرات في مدينة ملكوت السموات.

تمتلئ الطغمات الملائكية المقدسة ، وخاصة رئيس الملائكة ميخائيل من ذروة الفرح الذي ينبع من تسجيل أسماء الملائكة إلى السموات. فالملاك ميخائيل الغني عن التعبير كما يمدنا السنكسار فإنه دائم الشكر نحو العظمة الإلهية كعبد مؤمن ، مظهرا ً مدى اهتمامه بالجنس البشري وتبنيه لهم ، لذا يعتبر الاول في الترتيب الملائكي وأن الخالق قد جعله أول رؤساء الطغمات الملائكية .

لما نظر الملاك ميخائيل أن الجاد (الشيطان ) قد سقط من السماء اجتمع مع باقي الأجواق الملائكية. قائلا ً : لنصغ . فرنموا بصوت جوهري للضابط الكل قائلين : قدوس قدوس قدوس أنت يا الله مدبر الكل.

ونحن ،متضرعين بحرارة لرؤساء الملائكة ، جبرائيل خادم سر تجسد الله ، وميخائيل المتقدم على الصافات الغير الهيولية ، ومع المرنم لنقول : يا والدة الإله المباركة والطاهرة الممتلئة من النعمة الإلهية ، ولدت من أحشائك ضابط الكل ومع القوات العليا الملائكية وكل القوات غير المتجسدة ، تشفعي لأجلنا لنحصل على السماح والرحمة والغفران لخطايانا وترميم مسلك حياتنا ، لكي نجد رحمة وسلام لدى المسيح الإله .

كل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيرويس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جاورجيوس في مدينة اللد 16.11.2011

وقال الرب لتلاميذه : ” ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب ، روح الحق ، الي من عند الآب ينبثق . فهو يشهد لي . وتشهدون أنتم أيضا ً لأنكم معي من الإبتداء”. (يو 15: 26-27).

أيها الأخوة الأحباء بالرب
أيها المسيحيون الورعون ، والزوار الحسني العبادة

إن القديس جوارجيوس العظيم في الشهداء ، قد جمعنا اليوم بهذا المزار المكرم حيث رفاته مسجاة بوقار ، في باحة هذه الكنيسة التي تحمل إسمه المغبوط ، وفي مدينته العريقة والأصيلة ، مدينة اللد .

إحتشدنا اليوم لنكرم تذكار القديس جوارجيوس ، فهذا التكريم الحاصل في هذا اليوم المبارك يوضحه لنا بأجلى بيان القديس يوحنا الذهبي الفم فيقول : ” إن موت الشهداء هو تعزية للمؤمنين، وباب للمجاهرة في الكنائس ، إتحاد المسيحية ، تحطيم للموت ، تأكيد القيامة ، سخرية للشياطين ، إتهام لإبليس ، تعليم الفلسفة … وجذور لجميع الصالحات ” .

أيها الأحباء ، إن موت الشهادة المليء بمحبة المسيح هو فعلا ً إتحاد المسيحية ، وتحطيم موت الخطيئة ، وتأكيد القيامة . ذلك لأن المسيحية كونها كنيسة المسيح قائمة ومرتكزة على دم مخلصنا يسوع المسيح الذي سفك على غود الصليب ، هذا الدم المحيي قد حطم وللأبد الموت الدخيل إلى العالم من خلال خطيئة ومعصية آدم الأول والقديم .

بكلام آخر ، إن موت المسيح آ دم الجديد ، قد أنهى موت الخطيئة ، والدليل لهذا الأمر هو قيامة الربيسوع المسيح من بين الأموات : أما دليل قيامة المسيح فهو موت المسيح الإستشهادي بإراقة دمائه الزكية والمحيية من أجل خلاص البشرية .

القديس يوحنا الذهبي الفم يوضح المعنى في موت شهداء محبة المسيح فيقول : ” هذا ليس موتا ً، لكنه بداية لحياة أفضل … لا تمعن النظر مليا ً متأملا ً في الشهيد الملقى أمامك فاقد النسمة ، ساكنا ً ، عريانا ً من طاقة الروح ، لكن إنتبه إن في هذا الجسد تقطن قوة أعظم بكثير ، ألا وهي نعمة الروح القدس … التي منها تتم العجائب والمعجزات “.

هلم لنرى ما يقوله مرنم الكنيسة بخصوص القديس جوارجيوس المظفر: ” لقد إقتديت بآلامك بالمسيح في آلامه المحيية يا جوارجيوس المجاهد الظافر المجيد ، فاتخذت عنه صنع العجائب, فإنك تخلص الذين يلتجئون إليك وتنقذهم من شدائد كثيرة ، بما لك من الدالة وحسن القبول عند المسيح . وأنت الآن ماثل لديه ممتلئا ً من المجد ” .

تكرم كنيستنا وبشكل خاص قديسيها الشهداء ، لأنهم أراقوا دمائهم الطاهرة لأجل الحق ، هذا الحق هو المسيح : ” أنا هو الطريق والحق والحياة ” ( يو 14: 6 ) . بالنسبة للمسيح الحق، الشهيد ، الكارز ، والمبشر ما هي إلا مؤسسة الكنيسة ، هذه المؤسسة يضبطها ويحافظ عليها الروح القدس روح المسيح روح الحق الذي من الآب ينبثق .

الدم المسفوك لأجل المسيح الحق ، هو دم الشهداء المسفوك للمحبة الخلاصية للمسيح ، هذا الدم دم الشهداء ثبت تعاليم الرسل القديسين في كل مواقع المسكونة . رسول الأمم العظيم بولس يوصي تلميذه تيموثاوس قائلا ً : ” أذكر يسوع المسيح المقام من الأموات ، من نسل داود بحسب إنجيلي ، الذي فيه إحتمل المشقات حتى القيود كمذنب . لكن كلمة الله لا تقيد. لأجل ذلك أنا أصبر على كل شيء لأجل المختارين ، لكي يحصلوا هم أيضا ً على الخلاص الذي في المسيح يسوع من مجد أبدي ” (2 تيمو 2: 8-10 ).

القديس جوارجيوس قد أعلن مسيحيته وأعلن عن سر العبادة القويم أمام الإمبراطور ذوكليتيانوس ومجلس الشيوخ في مدينة روما قائلا ً : أنا مسيحي وجاهر بأن المسيح هو الله وإبن الله ، كما يذكر سنكسار القديس ، لهذا إستشهد لأجل الخلاص بالمسيح يسوع أمام الإمبراطور ومجلس الشيوخ .

لقد أظهر القديس العظيم والشهيد جوارجيوس ليس فقط الشهادة لمحبة المسيح ، لكن الشهادة لأعمال محبة المسيح أيضا ً فأصبح صانعا ًللعجائب العظام ، كما يقول مرنم الكنيسة : ” بما أنك للمأسورين محرر ومعتق ، للفقراء والمساكين عاضد وناصر، للمرضى طبيب وشاف ، عن الملوك محامي ومحارب ، أيها العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر تشفع إلى المسيح الإله في خلاص نفوسنا “.

إن جنسية الشهيد العظيم جوارجيوس اللابس الظفر ( من جهة أبيه من كباذوكيا في آسيا الصغرى ومن جهة امه من مدينة اللد في فلسطين ) ، قد أظهر محبته للمسيح كما ذكرنا سالفا ً ، ذلك لأنه كان راسخا ً ومقتديا ً في إيمانه القويم من خلال أسلافه وأجداده ، بالاقوال والأعمال ، وبالآلام أيضا ً كما الام الرب يسوع المسيح .

وهذا لأن القديس أصبح مقتديا ً بآلام المسيح الطوعية . بكلام آخر القديس جوارجيوس قد نزع ثوب ولباس آدم القديم ، وإرتدى لباس آدم الجديد ، تاركا ً ورافضا ً خلجات بشريته ، لهذا فالقديس الذي نكرمه اليوم بتذكار نقل رفاته إلى هذا المكان المميز في مدينة اللد ، وخاصة في هذه الكنيسة التي تحمل إسمه ، قد تعربن ملكوت السموات .

ونقول ( المحبة بالمسيح ) لأنه كما يكرز القديس يوحنا الذهبي الفم : ” لا توجد أي مساواة مع المحبة ، حتى الإستشهاد الذي هو رأس جميع الصالحات ، ليس باعظم منها “.

أيها الاخوة الاحباء

إذ نريد أن نظهر مستحقين لتكريم القديسين وخاصة القديس جوارجيوس ، علينا بضبط ذواتنا ، وإضرام نار الشوق الإلهي فينا ، مقتدين به بإعماله ، بعمل الفضائل والصالحات التي تنبع من محبة امسيح . وكما يذكر الآباء القديسين : ” إستشهاد القديسين لا يكتمل فقط من خلال الآلام الإستشهادية ، لكن من خلال كلمة النعمة . لأن كل كارز للحقيقة هو شهيد لله” .

إن القديس جوارجيوس يدعونا لأن نكون شهداء المحبة للمسيح ، محبة الحقيقة الخلاصية بالمسيح، فبتضرعاته المقبولة والمستجابة ، وبشفاعات والدة الإله الدائمة البتولية مريم أيها الرب يسوع المسيح أهلنا لملكوتك السماوي أمين .

كل عام وانتم بخير

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية
نشر على يد شادي خشيبون