1

رسالة صاحبِ الغبطةِ بطريرك المدينةِ المقدسةِ كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالثِ بمناسبةِ الفصحِ المجيد 2023

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

ثيوفيلوسُ الثالثُ

برحمةِ اللهِ بطريركُ المدينةِ المقدسةِ آوروشليمَ
وسائرِ أعمالِ فلسطينَ
إلى أبناءِ الكنيسةِ أجمعين، نعمةٌ ورحمةٌ وسلامٌ لكم من القبرِ المقدّسِ المانحِ الحياةِ
قبرِ المسيحِ القائمِ منَ بين الأمواتِ.

 

هلّموا خذوا نوراً من النورِ الذي لا يعروه مساءٌ ومجّدوا المسيحَ الناهضَ من بينِ الأموات.

    سحراً عميقاً في أحدِ السبوتِ بعد صلبِ ودفنِ ربِّنا يسوعَ المسيحَ، فالنّسوةُ اللّواتي كنَّ يتّبِعْنَ يسوعَ منَ الجليلِ، طَرَحْنَ القضاءَ الجدّيّ، عنْ طبيعةِ المرأةِ الضعيفةِ وأظهرْنَ بالحقيقةِ شجاعةً رجوليّة. وازدريْنَ بخوفِهِم منَ اليهودِ وذهبْنَ إلى المدينةِ واشْتَرَيْن، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّ جسدَ الربِ يسوع. (مرقس 16: 1) ووصلْنَ ولمْ يتساءلْنَ قطُّ مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ (مرقس 16: 3) وذلكَ لأنَّهُنَ تَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ وملاكاً لامعاً جالساً فوقَهُ قائلاً لَهُنَّ: لقد عَلِمْتُ أنَّكُنَّ تطلُبْنَ يسوعَ الناصريَّ المصلوب، قد قامَ ليسَ هو ههنا، هوذا الموضعُ الذي وضعوهُ فيه، فاذهَبْنَ وقُلْنَ لتلاميذِهِ ولبطرسَ إنَّه يسبقُكم إلى الجليلِ هناكَ تروْنَهُ كما قالَ لكم (مرقس 16: 6-7).

    لقد جاءتْ حقيقةُ إعلانِ القيامةِ هذا الصادقُ والمفرحُ الذي لمْ يُسمعْ بهِ من قَبْلُ؛ لكي يؤكدَ للنسوةِ الحاملاتِ الطيبِّ اللّواتي خرجْنَ من القبرِ وقدْ أخذَتْهُنَّ الرعدةُ والدهشُ (مرقس 16: 8) أنَّهنَّ شاهدْنَ بعدَ قليلٍ الرّبَّ القائمَ من بينِ الأمواتِ خارجَ القبرِ فقدْ سَبَقَ وقالَ لتلاميذِهِ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. ( مرقس 8 : 31 )

     حقاً بمسرّةِ الآبِ أخذَ الابنُ الوحيدُ في تأنِّسِهِ الطبيعةَ البشريّةَ كلَّها واقتبلَ فيها الموتَ طوعاً، موتُ الصليبِ والآلامِ والدّفنِ، وانحدرَ بالصّليبِ إلى الجحيمِ، ولمْ يكُنْ للموتِ عليه منْ سلطان، بلْ قامَ بجسدِهِ في اليومِ الثالثِ وأقامَ آدمَ مَعَه بيدِهِ الجبارةِ، والآنَ وهوَ قائمٌ قالَ للنسوةِ الحاملاتِ الطّيبِ: سلامٌ لكما، فدَنَتا وأمسكَتا بقدميْهِ وسجَدَتا لهُ (متى 28: 9).

    لقدْ جاءَ الرّسلُ عندما علِموا منَ النسوةِ حاملاتِ الطّيبِ، وعاينوا واختبروا القبرَ الفارغَ ولفائفَ الأكفانِ الّتي فيه، فقدْ مَنَحْتَ بطرسَ أنْ يدركَ بالأكفانِ وحدَها قيامَتَكَ “أيّها المسيحُ”، وكانوا قد رأَوْا الرَّبَّ في اليومِ الأوّلِ والثّامنِ من قيامَتِهِ ودخلَ إلى العلّيّةِ والأبوابُ مغلقةٌ، وأعطى تلاميذَهُ السّلامَ والرّوحَ القدسَ وسلطانَ مغفرةِ الخطايا وشدّدَ إيمانَ توما وأمّا لوقا وكلاوبا فقدْ خاطَبَهُما فيما كان سائراً مَعَهُما وفيما هو يباركُ الخبزَ عرفاه (لوقا 24: 30-31).

   وقد أرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ“(أع 1: 3) وفيما همْ شاخصونَ إليه ارتفعَ عنْهم وأخفَتْهُ سحابَةٌ عنْ عيونِهِم (أع 1: 9) وصعدَ إلى السماءَ وجلسَ عن يمينِ اللهِ (مر 16: 9) مؤلّهاً كلَّ البشرةِ التي اتَّخذَها منّا.

ولأنّه يشفعُ فينا ،منْ هناكَ، أرسلَ معزيّاً آخرَ لنا روحُ الحقِّ الّذي منَ الآبِ ينبثِقُ (يوحنا 15: 26)، روحُ الابنِ هذا الّذي أنارَ تلاميذَهُ القديسينَ والرّسُلَ وقوّاهم وغيّرَهُم وأظهرَهُم حاملي الرّوح كارزينَ بالإنجيلِ الّذينَ بِهِم اصطادَ المسكونةَ كلَّها وأقامَ الكنيسةَ في أقاصي المسكونةِ الّتي اشتراها بدَمِهِ وأوكلَ الكنيسةَ أنْ تدبِّرَ عَمَلَهُ الفدائيَّ والتقديسيَّ على الأرضِ وأن تجريَ الأسرارَ الخلاصيّةَ وأن تكرزَ للعالَمِ كما كَرَزَ هوَ بالسّلامِ والمُصالحةِ والمَحَبَّةِ حتّى نحوَ الأعداءِ وما تزالُ “الكنيسةُ” مصليةً كالقديسِ باسيليوسَ الكبير: كفَّ شقاقاتِ الكنائسِ واقمعَ ثوراتِ البدعِ سريعاً وينتظرُ الرَّبُّ منَ الكنائسِ المحلّيّةِ أن تكونَ في شركةِ محبةٍ ووحدةٍ بينهم ويرتقبُ أن يكونوا واحداً كما هوَ والآب.( يوحنا 17 :11 )

    إنّ إتمامَ رسالَتِها هذهِ تقع ُعلى كاهلِ كنيسةِ الأرضِ المقدّسةِ، الكنيسةُ الموجودةُ في آوروشليمَ بشكلٍ خاص، والّتي فيها القبرُ الفارغُ والمغبوطُ، يُنبوعُ القيامةِ، فهيَ مضطهدةٌ من البدايةِ، وبحدةٍ مؤخراً، مجاهدةٌ غيرُ مستسلمة، مائتةٌ ولكنها ها هي حيّة، (2 كور 6 :9) كارزةٌ بالمسيحِ المصلوبِ والقائمِ من بينِ الأموات، مستقبلةٌ أبناءَها من المغربِ والشمالِ والبحرِ والمشرقِ بالتّحيّةِ العطرةِ الفوّاحةِ: المسيحُ قام.

في مدينةِ أوروشليمَ المقدّسة فصح 2023

مع أدعيتِنا وبركاتِنا الأبويّة

الدّاعي لكم بحرارةٍ من أعماقِ القلب

ثيوفيلوس الثّالث بطريرك المدينةِ المقدّسةِ أوروشليمَ




الإحتفال بسبت اليعازر في البطريركية

احتفلت البطريركية الأورشليمية يوم السبت الموافق 8 نيسان 2023 (26 آذار شرقي) بعيد اقامة السيد المسيح لاليعازر من بين الاموات بعد اربعة ايام من دفنه والذي يسمى بسبت اليعازر في مدينة بيت عنياء, وذلك وفقاً للطقوس المتبعة في البطريركية.

قَالَ يَسُوعُ: «ارْفَعُوا الْحَجَرَ!». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا، أُخْتُ الْمَيْتِ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ».  قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَلَمْ أَقُلْ لَكِ: إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ اللهِ؟». فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعًا، وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».  وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا!» فَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «حُلُّوهُ وَدَعُوهُ يَذْهَبْ». يو إص 11 عدد 39-44

احتفل بهذه المناسبة المباركة, في دير مريم ومرثا (اختا اليعازر) الموجود بقرب القبر في بيت عنياء ترأس خدمة القداس الالهي غبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركة بالخدمة اصحاب السيادة رئيس أساقفة قسطنطيني اريسترخوس, رئيس أساقفة اللد ذيميتريوس, رئيس أساقفة بيلا فيلومينوس, آباء ورهبان من اخوية القبر المقدس آباء الرعية الأورثوذكسية وحشد من المصلين المحليين والحجاج. كما وحضر القنصل اليوناني العام في القدس السيد إفانجيلوس فليوراس.

وكما وأحتفل بهذا العيد في دير جبل الزيتون حيث ترأس سيادة رئيس أساقفة جرش ثيوفانس خدمة القداس الإلهي.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة قيامة أليعازر من بين الأموات 

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يهتف مرنم الكنيسة قائلاً:” أيها المسيح لقد أنهضتَ من الجحيم لعازر ميتاً ذا أربعة أيام وقبل موتك زعزعت اقتدار الموت وبصديق واحد سبقت فأخبرت بعتق كل البشر من الفساد لذلك نسجد لسلطانك الكلي القدرة هاتفين مبارك أنت يا مخلص ارحمنا.

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها المسيحيون الأتقياء

    إن نعمة القديس والصديق أليعازر قد جمعتنا اليوم في بيت عنيا، هذا المكان المقدس الخاص والذي هو موطن القديس لكي من جهة نعيد لقيامته من بين الأموات ومن الجهة الأخرى نعظم إلهنا الذي ظهر لنا، ربنا يسوع المسيح الذي قال لمرثا أخت أليعازر «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. (يو11: 25-26)

 ‏   عند اقتراب دخول يسوع المسيح إلى أوروشليم بسعف النخل حيث احتمل الصلب والموت والدفن الثلاثيّ الأيام وقيامته المجيدة، زار صديقه أليعازر الذي كان ميتاً ومنتناً حيث أنهضه من بين الأموات عندما صَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًافَخَرَجَ الْمَيْتُ وَيَدَاهُ وَرِجْلاَهُ مَرْبُوطَاتٌ بِأَقْمِطَةٍ، وَوَجْهُهُ مَلْفُوفٌ بِمِنْدِيل. ( يو 11 : 43 _44 ) بحسب شهادة القديس يوحنا الإنجيليّ.

    ويفسر القديس كيرلس الاسكندري هذا الفصل الإنجيلي حيث يقول:” لقد أجرى المسيح معجزة إقامة أليعازر كمثال للقيامة العامة من بين الأموات فما حدث لشخص واحد هو أليعازر، قدمه المسيح كأيقونة جميلةٍ لما ستكون عليه قيامة الجنس البشري كله. وأما مرنم الكنيسة فيقول:” أيها المسيح الإله، لمّا أقمت لعازر من بين الأموات قبل آلامك، حقّقت القيامة العامّة.

‏   أيها الإخوة الأحبة إن قيامة المسيح ليست مجرد معجزة تُدرك وتفهم بالأفكار البشرية بل بالأحرى وقبل كل شيء هي تحرر من موت الفساد أي الخطيئة كما يؤكد ذلك مرنم الكنيسة أيها المسيح لقد أنهضتَ من الجحيم أليعازر ميتاً ذا أربعة أيام وقبل موتك زعزعت اقتدار الموت وبصديق واحد سبقت فأخبرت بعتق كل البشر من الفساد.

    إن هذا هو تماماً مقدمة القيامة العامة أي التي سبقت وأنبأت بتحرر جنس البشر من الموت والفساد، إن هذه المقدمة قد صنعها المسيح بدالة أمام كثير من الناس وأيضاً أمام تلاميذه وذلك بإقامته صديقه أليعازر من بين الأموات. وبكلام آخر إن المسيح هو حرية البشر لهذا فإن الرسول بولس يوصي قائلاً: فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. (غلاطية 5: 1).

    إن الموت هو عدو الإنسان بامتياز لهذا فإن الرسول بولس يعلم كارزاً آخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الْمَوْتُ. (1 كور 15: 26) ويفسر القديس يوحنا الذهبي الفم أقوال الرسول بولس هذه قائلاً “كيف هو “الآخر؟ بعد الشيطان وبعد كل الأمور الأخرى؟ لأنه جاءت مشورة الشيطان أولًا، ثم عصياننا وعندئذ دخل الموت. وأما زيغافينوس فيقول: إن الرسول قال عن الموت إنه عدوٌ وذلك لأنه محارب لجبلة الله ومبيدها كمعاونٍ للشيطان.

    إن المسيح أيها الإخوة الأحبة هو الذي صالح البشر بموته لكي يُحضرنا أمامه قديسين طاهرين خاليين من كل تهمةٍ الآن (يقول الرسول بولس) قَدْ صَالَحَكُمُ افِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ (كول 1: 22).

    إننا نحن جميعاً الذين نعيد اليوم مكرمين بشكرٍ عيد إقامة القديس والصديق صديق المسيح أليعازر ذو الأربعة أيام الذي صار مقدمة إعادة الولادة الخلاصية لهذا فإننا نتضرع إليه لكي بتوسلاته وشفاعة الفائقة البركات المجيد سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم أن نكون مستحقين لمعاينة الآلام الخلاصية وصلب وقيامة إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح المجيدة غالب الموت والفساد. آمين

وليكن أسبوع الآلام لكم أسبوعاً مباركاً مقدساً

مكتب السكرتارية العامة




البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد بشارة والدة الإله

إحتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الجمعة الموافق 7 نيسان 2023 (25 آذار شرقي) بعيد بشارة بشارة العذراء مريم في مدينة الناصرة.

في هذا العيد تحيي الكنيسة وخاصة كنيسة أورشليم تذكار حدث إرسال الله رئيس الملائكة جبرائيل إلى فتاة عذراء نقية تدعى مريم وبشرها بأنها ستصبح والدة ابن الله الوحيد المتجسد. وتذكر رواية البشارة حسب إنجيل لوقا أن مريم قد اضطربت لكلام الملاك وتساءلت عن معنى هذه التحية،(لوقا 29/1) فأجابها الملاك:ل لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.

غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث ترأس خدمة القداس الإلهي في كنيسة البشارة في مدينة الناصرة يشاركه سيادة متروبوليت الناصرة كيريوس كيرياكوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة يافا كيريوس ذماسكينوس, سيادة رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس, آباء من أخوية القبر المقدس, كهنة مطرانية الناصرة, الأرشمندريت ذوميتيانوس ممثل بطريركية موسكو, المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس والشماس المتوحد الأب إفلوغيوس.  وشاركت جوقة التراتيل البيزنطية من اليونان بقيادة المرتل الأول السيد بالوجورجيوس, وجوقة كنيسة البشارة, بحضور عدد كبير من المصلين من الناصرة والبلدان المجاورة وحجاج من خارج البلاد.

بعد القداس الإلهي أقيمت المسيرة الكشفية بشوارع المدينة بمشاركة كشافة الناصرة سرايا الكشاف من مدن وقرى الجليل الأخرى. عند الظهر أقام سيادة المطران كيرياكوس ومجلس الرعية وجبة غذاء على شرف الحضور.

كما تم الاحتفال بهذا العيد في دير مزار الجثسمانية حيث ترأس خدمة القداس الإلهي سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إيسيخيوس.

وأيضاً تم الاحتفال بلدة رفيديا في كنيسة البشارة المقدسة حيث ترأس خدمة القداس الإلهي سيادة رئيس اساقفة مادبا كيريوس أريستوفولوس.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد بشارة سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم في مدينة الناصرة

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

يهتف مرنم المزمور قائلاً: رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ.

رَنِّمُوا لِلرَّبِّ، بَارِكُوا اسْمَهُ، بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. (مزمور 95: 1-2)

أيها الإخوة المحبوبون في المسيح

أيها الزوار المسيحيون الأتقياء

    إن نعمة الروح الكليّ قدسه الذي ظلّل الفائقة البركات المجيدة العذراء مريم قد جمعنا اليوم في هذه المدينة المقدسة الناصرة التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس لكي نُعيد لبشارة خلاصنا نحن البشر أي ظهور السر الذي منذ الدهور، الذي هو سر تأنس وتجسد كلمة الله من دماءها النقية.

    لهذا فإن مرنم المزمور يدعو كافة الأمم، سكان الأرض، لكي يُسبحوا ويُمجدوا دون توقف وانقطاع الاسم الذي رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ (فيلبي 2: 9) وأيضاً ليرَنِّمُوا لِلرَّبِّ، ويبَارِكُوا اسْمَهُ، ويبشروا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ (مزمور 95: 2).

    إن خلاص الله هذا ليس هو إلا تحررنا نحن البشر بالمسيح من الخطيئة وفساد الموت، إن هذه الحقيقة أذاعها النبي اشعياء العظيم الصوت قائلاً: فَيُعْلَنُ مَجْدُ الرَّبِّ وَيَرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ (اشعياء 40: 5).

    حقاً لقد ظهر مجد الرب من جهةٍ من خلال الملاك جبرائيل المرسل للعذراء مريم عند قوله لها: افرحي يا ممتلئةً نعمةً اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ (لوقا 1: 26-28) ومن الجهة الأخرى من خلال المولود بالروح القدس من العذراء مريم في مغارة بيت لحم “الصبيُ الجديد” الذي يُدعى اسمه عمانوئيل الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا. (متى 1: 23)

    ويُفسر القديس يوحنا الذهبي الفم أب الكنيسة اسم عمانوئيل قائلاً: إنهم يدعونه عمانوئيل لا يعني شيئاً آخر سوى أنهم سيرون الله بين البشر، لأنه كان دائماً حقاً بين البشر إنما لم يكن أبداً بوضوحٍ كما هو الآن. وأما بحسب القديس كيرلس؛ فالمسيح كإله، غير منفصلٍ عن طبيعته البشرية والمسيح، كإنسانٍ غير متجردٍ من اللاهوت، فالله معنا فهو أخذ الجسد منّا ولأجلنا ظهر كلمة الله.

    صار حدث بشارة العذراء مريم والدة الاله في مكان وزمان هذا الحدث الذي يُشكل حجر زاوية التاريخ المقدس بشكل عام، وسر التدبير الإلهي في المسيح بشكلٍ خاص، كما يعلم القديس يوحنا الدمشقي قائلاً: ولما كان إلهاً كاملاً، فقد صار إنساناً كاملاً وتمّ الأجدد من كل ما هو جديد بل الشيء الجديد الفريد تحت الشمس الذي تظهر به قوة الله التي لا حدّ لها. فما هو أعظم من أن يصير الله إنساناً؟ 

    ومن الجدير بالذكر بأن بشارة والدة الإله العذراء مريم الدائمة البتولية قد تصور وقتاً ما أمام عينا النبي موسى معاين الله على جبل سيناء كما يذكر الكتاب قائلاً: وَجَاءَ موسى إِلَى جَبَلِ اللهِ حُورِيبَوَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ. فَنَظَرَ وَإِذَا الْعُلَّيْقَةُ تَتَوَقَّدُ بِالنَّارِ، وَالْعُلَّيْقَةُ لَمْ تَكُنْ تَحْتَرِقُ. إن ظهور و رؤية ملاك الرب في داخل العليقة ليس هو إلا بحسب القديس يوحنا الذهبي الفم رسول الرأي العظيم الذي هو ابن الله لإنه بحسب الكتاب المقدس:” الرَّبَّ إِلهَكَ هُوَ نَارٌ آكِلَةٌ.(تثنية 4: 24).

    يمدحُ القديس يوحنا الدمشقي ويغبط عظمة ومجد العذراء مريم والدة الإله الذي لا يُسبر غوره ويسبحها قائلاً: إن البرايا بأسرها قد اعتراها الذهول من مجدك الإلهي لأنك حملت في أحشائك إله الكل وولدت الابن غير المحدود في زمن ومنحت الخلاص لكل الذين يُسبحونك.

    حقاً أيها الإخوة الأحبة إن البرايا بأسرها الملائكة والبشر والسماويات والمخلوقات الأرضية العاقلة والغير عاقلة قد اعتراهم الذهول وذلك أن العذراء مريم قد حبلت بدون زرع رجل في أحشاءها الرب وكلمة الله الذي هو إله الكل كما يدعوه الربٌ والإله القديس بولس قائلاً:” إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ. (أفسس 4: 5).

    إن جواب العذراء مريم هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ (لوقا 1: 38) على تحية الملاك جبرائيل افرحي أيتها الممتلئة نعمة، اَلرَّبُّ مَعَكِ. (لوقا 1: 28). قد أوضح العذراء مريم بحسب القديس ايريناوس عندها كل شيء سبباً للخلاص أي سبباً للتأله. إن هذا الحدث التاريخي الحقيقي الذي لا يمكن إنكاره تذكر دوماً كنيسة المسيح المقدسة في دستور الإيمان النيقاوي: أومن وبربٍ واحد يسوع المسيح ..الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس.

    إن شخص مريم العذراء الفائقة البركات هو ذلك الذي يؤكد ويشهد على عظمة سر حسن العبادة أي سر التدبير الإلهي كما يقول القديس كيرلس المتوشح بالله في إبسلاتهِ:”ليكن مُبسلاً كل من لا يعترف أن عمانوئيل هو إله حق وأن القديسة العذراء هي لذلك والدة الإله لأنها بحسب الجسد ولدت كلمة الله الذي صار جسداً. ولا سيما أن المجمع المسكوني الرابع المنعقد في خلقيدونية يعترف بأن المسيح هو تامٌ في لاهوته وتامٌ في ناسوته في رب واحد بطبيعتين متحدتين بدون اختلاط أو انفصال. بموافقة ومساهمة العذراء مريم في سر التدبير الإلهي والذي بدون شك يشكل كما يقول المرنم “رأس خلاصنا”.

    فنحن أيها الإخوة الأحبة بكل تواضعٍ وكتعبير عن شكرنا وعرفاننا نهتف مع المرنم قائلين: افرحي يا من وحدها حملت لنا المسيح الشمس، افرحي يا مسكن النور، وذلك لأن الفائقة القداسة المجيدة سدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم قد بشرت العالم بنور الحق الذي هو المسيح. لهذا النور نحن مدعوون أن نلج جميعنا الذين يريدون بر الله بالتوبة كما يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث إن أولئك الذين يجلسون في الظلمة هم أبناء الظلمة ولا يريدون أن يتوبوا لأن التوبة هي البوابة التي تُخرج من الظلمة وتدخل إلى النور.

    ختاماً فإننا نتضرع إلى والدة الإله لكي بتوسلاتها تجعلنا مستحقين أن نكون شركاء ومساهمين في نور قيامة الذي حُبل منها بلا زرع ووُلد من الروح القدس وتجسد، بدون تحول، كلمة الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وأن يمنح العالم السلام ونفوسنا عظيم الرحمة.

كل عام وأنتم بخير

فصح مجيد وأسبوع مبارك

مكتب السكرتارية العامة

 




الإحتفال بعيد القديس ثيوفيلوس وعيد إسم صاحب الغبطة

احتفلت البطريركية الأورشليمية يوم الأربعاء الموافق 22 آذار 2021 (9 آذار شرقي) بعيد إسم صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث الذي يحمل إسم شفيعه القديس ثيوفيلوس أحد الشهداء الأربعين الذين استشهدوا في بحيرة سيسطية في البونديوس في عهد ليسينيوس في 320 م, وتقيم الكنيسة تذكاراً لهم في هذا اليوم.

أقيمت خدمة القداس الإلهي السابق تقديسه في كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانه في البطريركية ترأسها صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث. بعد القداس الإلهي تلقى غبطته تهنئة آباء أخوية القبر المقدس وتمنياتهم بالصحة والازدهار وطول العمر.

تم الإحتفال بعيد صاحب الغبطة وبذكرى الأربعين شهيدًا يوم السبت الموافق 25 آذار 2023 (12 آذار شرقي) حسب التيبيكون المتبع في البطريركية حيث أقيمت مساء يوم الجمعة عشية العيد خدمة صلاة الغروب الكبرى في كنيسة القيامة المقدسة وقراءة أبيات مدائح والدة الإله الأخيرة للأسبوع الرابع من الصوم الأربعيني المقدس, ترأسها صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث.  

يوم العيد صباحاً أقيمت خدمة القداس الالهي في كنيسة القيامة ترأسها صاحب الغبطة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركة سيادة متروبوليت الناصرة كيرياكوس, سيادة متروبوليت كابيتولياذا كيريوس إسيخيوس, سيادة متروبوليت ذيقيصارية كيريوس بينيذكتوس, سيادة متروبوليت ميسوجييا ولافرايوتيكي كيريوس نيكولاوس من الكنيسة اليونانية, سيادة رئيس أساقفة جرش ثيوفانس, سيادة رئيس أساقفة يافا ذماسكينوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني أريسترخوس, سيادة رئيس أساقفة طابور كيريوس ميثوذيوس, سيادة رئيس أساقفة سبسطية ثيوذوسيوس, سيادة رئيس أساقفة اللد ذيميتريوس, سيادة متروبوليت إلينوبوليس يواكيم, سيادة رئيس أساقفة هيرابوليس كيريوس إيسيذوروس, سيادة رئيس أساقفة مادبا أريستوفولوس, سيادة رئيس أساقفة بيلا كيريوس فيلومينوس, آباء أخوية القبر المقدس ممثل بطريركية موسكو الأرشمندريت اليكساندروس, ممثل بطريركية رومانيا الأرشمندريت يوحنا, آباء الرعية الأورثوذكسية في القدس, المتقدم في الشمامسة الأب ماركوس وباقي الشمامسة. قاد جوقة الترتيل البيزنطية السيد جوارجيوس نعوم الرئيس السابق لجمعية الترتيل البيزنطي في اليونان يعاونه الأب سيميون والسيد باسيليوس غوتسوبولوس. وشارك في القداس حشد كبير من المؤمنين المحليين وحجاج من خارج البلاد, بحضور القنصل العام لليونان في القدس السيد إيفانجيلوس فليوراس, وسفير روسيا السيد فيكتوروف وسفير جورجيا في إسرائيل السيد لاشا.

 بعدها توجه صاحب الغبطة مع الآباء الى قاعة البطريركية للتهنئة, وقرأ سيادة المطران أريسترخوس السكرتير العام للبطريركية نيابة عن أخوية القبر المقدس كلمة تهنئة لغبطة البطريرك بعيد إسمه وشفيعه. القنصل اليوناني العام السيد فليوراس هنأ صاحب الغبطة بكلمة القاها نيابة القنصلية, تبعها كلمات تهنئة من ألاساقفة ووكلاء البطريركية والكهنة وممثلي الكنائس ألاورثوذكسية.

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد شفيعه القديس الشهيد ثيوفيلوس الذي مع الشهداء الأربعين

تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

وَلَيَبْتَهِجُ وَلِيَفْرَحُ بِكَ جَمِيعُ الَّذِينَ يَبْتَغُونَكُ، وَلْيَقُلْ فِي كُلِّ حِينٍ مَحْبُو خَلَاصِكَ لَيَتَعَظَّم اللَّهُ (مز 69: 5)

 سَعَادَةُ اَلْقُنْصُلِ اَلْعَامّ لِدَوْلَةِ اَلْيُونَانَ اَلسَّيِّد إِيفَانْجِلُوسْ فَالِيورَاسْ اَلْمُحْتَرَم

 أَيُّهَا اَلْآبَاءُ اَلْإِجْلَاءُ وَالْإِخْوَةُ اَلْمُحْتَرَمُونَ

 أَيُّهَا اَلزُّوَّارُ اَلْمَسِيحِيُّونَ اَلَحسَني اَلْعِبَادَةِ

  هَا قَدْ جَاءَ الْيَوْمُ الْعَيْدُ الْبَهِي الْمَقْدِسِ لِلْقِدِّيسِينَ الْعَظْمَاء الْأَرْبَعِينَ الْمُجَاهِدَيْنِ وَالْمُسْتَشْهِدَيْنِ فِي مدينةِ سبسطية وَالَّذِينَ تُكَرِمُ تذْكَارِهِمْ بِفَرْحٍ وَابْتَهَاجٍ كنيستنا الأوروشليمية الْمُقَدَّسَةِ مرنمةً وَهَاتِفَةً: لِيَقُلْ فِي كُلِّ حِينٍ مَحْبُو خَلَاصِكَ لَيَتَعَظَّم اللَّهُ (مزمور 69: 5).

    إِنّ هَذَا الْخَلَاصُ والذي هُوَ انْجِيلُ خَلَاصِ الْمَسِيح، قَدْ اعْتَرَفَ بِهِ الشُّهَدَاءُ الْأَرْبَعِين إِذْ كَانُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ (1كور 1: 10) بِدَالَةٍ أَمَّامَ الْوَثَنِيِّينَ مضطهديهم ومعذبيهم، مصغيين لِصَوْتِ الرَّسُولِ بُولُسُ الْقَائِلِ: بَلْ أَنَّ مَا يَذْبَحُهُ الْأُمَمِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لَا لِلَّهِ. فَلَسْت أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الشَّيَاطِينِ. (1كور 10: 20)، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقِدِّيسِينَ الشَّهْدَاء الْأَرْبَعِين قَدْ استوحوا الْهَامِهِمْ مِنْ الْقِدِّيسِ استفانوس اوَلِ الشَّهْدَاءِ والذي هُوَ مِنْ جِهَةٍ نَمُوذَجًا وَمَثَالَاً، اذْ سَفْكَ دَمهُ الاستشهاديّ مِنْ أَجْلِ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ، وَمِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى قَدْ كَرَزَ بِشَهَادَتُهُ بِابْنِ الْإِنْسَانِ الَّذِي أَجَابَ بيلاطس قائلاً: لهذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي (يوحنا 18: 37).

   إِنّ صَوْتَ حَقِيقَةُ الْمَسِيحِ هَذِهِ لَمْ يَسْمَعُهَا فَقَطْ الْقِدِّيسِينَ الْأَرْبَعِين شهيداً، بَلْ صَارُوا مَغْرُوسِينَ عَلَى شَبَهِ مَوْتِ الْمَسِيحِ حَتَّى يَكُونُوا عَلَى شَبَهِ قِيَامَتِهِ أَيْضًا. وَيَمْدَحُ الْقِدِّيسِ باسيليوس الْكَبِيرِ اسْتَشْهَادَهم مِنَ أَجْلِ الْحَقِيقَةِ إِذْ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ يَعْرِضْ لَتَعَجَّبْنَا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ بَلْ ارْبَعُونَ، وَكَأَنَّمَا لَهُمْ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ فِي أَجْسَامٍ شَتَّى تَجْمَعَهُمْ وَحِدَةُ الْأَرَادَةِ وَالرَّأْي فِي الْأَيْمَانِ. وَقَدْ أَبْدَوْا نَفْسَ الثَّبَاتِ تَجَاهَ الْأَخْطَارِ، وَنَفْسُ الذَّوْدِ عَنْ الْحَقِّ. كُلُّهُمْ مُتَمَاثِلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

     لَقَدْ كَانَ لَدَى فكرُ الْقِدِّيسِينَ الشَّهْدَاء قَوْلُ الرَّبِّ هَذَا: “رُوحُ الْحَقِّ، هُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ (يو 16: 3). فَهُمْ لَمْ يَرْتَاعُوا وَلَا جَبِنوا مُحجمين بِإِزَاءِ صَدَمَات الْعَذَابَاتِ، وَلَا تَزَعْزَعَتْ أَفْكَارِهِمْ بَلْ كَانُوا كَثَلَاثَةِ فِتْيَةٍ آخَرَيْنَ فِي أَتُّونِ النَّارِ سَبّحُوا اللّهَ ومجدّوه قَائِلِينَ: لَا تَبْعُدُ رَحِمْتُكُ عَنْا.

    إِنْ رَحْمَةَ اللَّهِ هَذِهِ هِيَ الَّتِي ولدتنا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ بِقيامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ بَيْنَ الأَمْوَاتِ، فَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءُ الشَّهْدَاء الشُّجْعَان مُوَاظِبِينَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنْ أَجْلِ فِدَاءَهُمْ بِدَم الْمَسِيحِ، وَغُفْرَانِ زَلَاتِهِمْ وَتَطْهِيرِهِمْ مِنْ خَطَايَاهُمْ، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ.

    إِنْ هَذَا الْعِيدُ السَّنَوِيِّ الَّذِي هُوَ العِيدُ باحْتِفَالِ الْقِدِّيسِينَ الْأَرْبَعِينَ شَهِيدًا وَبِالْأَخْص الْقِدِّيسِ ثيوفيلوس الْمُسْتَشْهَدَ مَعَهُم، والذي تَحْمِلُ اسْمَهُ حَقَارَتِنَا الْمُتَوَاضِعَةُ، فهو يُشْكِلُ رَائِحَةِ سُرُورٍ تَذْكَارِهَا لَلرُّبَّ. (لَاوِيَيْنِ 6: 8) وَهَذَا لِأَنَّهُ كَمَا يَهْتِفُ المرنم قَائِلًا: لَقَدْ أَهْمَلْتُمْ الْجُنْدِيَّة الْعَالِمِيَّةِ بَتَاتًا. والتصقتم بِالسَّيِّدِ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. يَا مَجَاهِدَيْ الرَّبِ المغبوطين الْأَرْبَعِينَ. صَائِرِينَ بِذَلِكَ مَوَاطِنِيَّ مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ فِي أوروشليم السَّمَاوِيَّةٍ.

  إنّ هَؤُلَاء الشَّهْدَاءُ الْقِدِّيسِينَ الْأَرْبَعِينَ المُتوجين وَالْمُنْتَخَبِينَ قَدْ امْتُحِنوا بِالْمَاءِ وَالنَّارِ وَأَصْبَحُوا مُتَمَثِّلِينَ وَمُقْتَدِينَ بِمَوْتِ الْمَسِيحِ فَصَارُوا شُهُودًا صَادِقِينَ وَكَارِزِينَ بِبَرِ المسيح كَمَا يُعْلَمُ الرَّسُولُ بطرس قائلاً: فَإِنْ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللَّهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ (1 بط 3: 18).

    إنّ الشّهَدَاءَ الْمجِيدِين الْأَرْبَعِين يَتَمَيَّزُونَ بِأَنَّهُمْ فِي دَاخِلِ السَّحَابَة مِنْ شُهُودِ الْكَنِيسَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَمَا يَقُولُ عَنْهُمَ الْقِدِّيسِ باسيليوس الْكَبِيرِ “لَمْ يَكُنْ لِهَؤُلَاءِ الشَّهْدَاءِ وَطَنًا وَاحِدًا بَلْ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْ نَشَأَ فِي بَلْدَةٍ. فَصَارُوا ذُرِّيَّةِ الْهَنَا وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. فَأَمَّا جنْسُهُمَ الْبَشَرِيَّ مُخْتَلِفٌ وَأَمَّا جِنْسِهِمَ الرُّوحِيَّ فَهُوَ وَاحِدٌ. فَإِنّ لَهُمْ أَبًا وَاحِدًا هُوَ اللَّهُ وَجَمِيعِهِمْ إِخْوَةً لَمْ يَلِدُهُمْ رَجُلٌ وَامْرَأَةً بَلْ وَلَدُوا بِتَبَنِّي الرُّوحِ الْقُدُسِ وَآلْفَتْ بَيْنَهُمَ وَحْدَةُ الْمَحَبَّةِ الْمُتَبَادَلَة”.

    هُمْ جَمَالُ الْكَنِيسَةِ وَفَخْرَهَا، وَفَرِحُ الشَّعْبِ، وَمَجْدُ اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهُمْ الْقُوَّةِ.  هُمْ أَقْمَارُ الْمَسِيحِ، بُنَاةُ الْكَنَائِسِ، الَّذِينَ يَخُوضُونَ الْمَعْرَكَةِ نَحْوَ الْعَدُوِّ الْمُشْتَرِكَ لِلْبَشَرِيَّةِ. هَذَا مَا يَقُولُهُ الْقِدِّيسِ غريغوريوس النيصص فِي مَدِيحِ الشَّهْدَاءِ الْأَرْبَعِينَ.

إنّ كنيسةَ آوروشليم المقدسة تُكرِمُ بفرحٍ وحبور ذكرى الأربعين شهيداً وَبِالْأَخَصِّ الْقِدِّيسِ الشَّهِيدُ ثيوفيلوس الْمُسْتَشْهَدُ مَعَهُمْ وَالذَّيْ تَحْمِلُ اسْمَهُ الْجَلِيلِ حَقَارَتِنَا فَذَهَبْنَا حَيْثُ مَوْضِع صلْب وَ دَفَنْ وَقِيَامَةِ مُخَلِّصَنَا الْمَسِيحِ واحتفلنا، مُتَمِّمِينَ بَطْرِيَرْكِيًّا سِرالذبيحة الإلهية غير الدموية، أي سر الشكر الإلهي، بِرُفْقَة أَخَوِيَّة اَلْقَبْرِ اَلْمُقَدَّسِ اَلْأَجِلَّاء مِنْ رُؤَسَاءِ كَهَنَةٍ وَكَهَنَةٍ وَشمَّامْسَةٍ وَلفيف مِنْ أَبْنَاءِ رَعِيَّتِنَا اَلْمَسِيحِيِّينَ اَلْأَتْقِيَاءَ مُمَجَّدينَ اَلرَّبِّ اَلَّذِي عَجَّبَ قِدِّيسِيهِ .

وَأَيْضًا رَفَعْنَا اَلْمَجْدَ وَالشُّكْرَ لِإِلَهِنَا اَلْوَاحِد اَلْمُثَلَّثِ اَلْأَقَانِيمَ وَهَذَا لِأَنَّنِي أَحْمِلُ اِسْمَ اَلْقِدِّيسِ اَلشَّهِيدِ ثُيُوفِيلُوسْ وَنَقُولُ كما قال القديس يوستينوس نبارك خالق الجميع بابنه يسوع المسيح وبروحه القدوس.

   إِنْ الذِّكْرَى السَّنَوِيَّةِ لِتذكار الْقِدِّيسِينَ الْأَرْبَعِينَ شَهِيدًا وَلَا سِيَّمَا الْقِدِّيسِ ثيوفيلوس الْمُسْتَشْهَدُ مَعَهُمْ وَالذَّيْ تَحْتَفِلُ الْيَوْمَ بِهِ كَنِيسَةً آوروشليم الْمُقَدَّسَةِ بِابْتِهَاِجٍ وَحُبُورٍ لَا يَخُصُّ حَقَارَتِنَا فَقَطْ بَلْ أَوَّلًا وَقَبِلَ كُلُّ شَيْءٍ لِهَذِهِ الْمُؤَسَّسَة الرَّسُولِيَّةِ البطريركية الْكَنَسِيَّةِ التي هِيَ جَسَدُ الْمَسيح مُخَلِّصَنَا الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ(أَفَسُسَ 1: 17)، وَلَكِنَّ اللَّهُ بَيْنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَأةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا(رُومِيَّةً 5: 8)

    إِنْ هَذِهِ الْمَحَبَّةُ الْإِلَهِيَّةُ الْكَامِلَة وَالْتِيَ تَطْرَحُ الْخَوْفِ إِلَى الْخَارِجِ (1يُوحَنَّا 4: 18) وَأَلَّتِي اشْتَعَلَتْ كَنَوْرٍ فِي قُلُوبِ وَأذْهَانِ الْقِدِّيسِينَ الشُّهَدَاء الَّذِينَ أَظْهَرُوا كَمَالَ عَمَلٍ الْمَحَبَّةِ كَمَا يَقُولُ كليمنضس الْأَسْكَنْدَرِيَّ، وَهُوَ أَنَّهُمْ اهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا فِيمَا بَيْنَهُمْ، بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِكَيْ يمَجَّدُوا اللَّهُ أَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَفَمِ وَاحِدٍ.

    مَجِدّوا اللَّهُ أَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَفَمِ وَاحِدٍ. (رُومِيَّةً 15: 6). وَصِيَّةَ الرّسُولِ بُولُسُ هَذِهِ هي أَنْ تَهْتَمُّوا اهْتِمَامًا وَاحِدًا فِيمَا بَيْنَكُمْ بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ، إذ تَعْلِنُ وَتَتَوَجَّهُ لَنَا نَحْنُ جميعاً وَبِالْأَخْص إِلَى إِخْوَتَنَا فِي الْمَسِيحِ الْأَسَاقِفَة الموقرين رُؤَسَاءَ الْكَنَائِسِ الأرثوذكسية الْمُقَدَّسَةِ الْمَحَلِّيَّةِ والذين يُقِيمُونَ (يُقَدِّسُونَ) فِي حَالَةِ مَنْ العُزلة. فَنَحْنُ الْيَوْمَ فِي وَقْتِ مَقْبُولٌ، ووَقَتَ تَوْبَةٍ وَصَوْمٍ مَبَارِك فلنُكْرِمُ الْقِدِّيسِينَ الْأَرْبَعِينَ شَهِيدًا، قائلين: يَا أَيُّهَا الشَّهْدَاءِ الْأَرْبَعُونَ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْجِهَادِ، وَالْمُتَسَاوَوْنَ فِي الرَّأْيِ، وَالْمُتَسَاوَوْنَ فِي نَيْلِ الْأَكَالِيلِ أَيْضًا، ابْتَهَلُوا إِلَى الْمَسِيحِ الْإِلْهَ أَنْ يَمْنَحَ نُفُوسِنَا عَظِيمِ الرَّحْمَةِ.    

    وبما أنهُ لَدَيْنَا فِي هَذَا الصَّوْمِ مَعَاوِنُونَ وَمَسَاعِدُونَ وَلَدُوا بِتَبَنِّي الرُّوحِ الْقُدُسِ وَآلْفَتْ بَيْنَهُمَ وَحْدَةِ الْمَحَبَّةِ الْمُتَبَادَلَةِ، كَمَا يَقُولُ الْقِدِّيسِ باسيليوس الْكَبِيرِ الْمُتَوَشِّح بِاللَّهُ، هُمْ الشُّهَدَاءُ القِديسُونَ الْأَرْبَعُونَ شَهِيدًا وَالْمُسْتَشْهَدُ مَعَهُمْ حَارِسُنَا الرُّوحِيَّ الَّذِي أَحْمِلُ اسْمُهُ الْقِدِّيسِ ثيوفيلوس وَسَيِّدَتِنَا وَالِدَةِ الْإِلْهَ الدَّائِمَةٌ الْبَتُولِيَّةِ مَرْيَمَ مُتَضَرِّعِينَ الِيَّهُمْ لَكِي بِسَلَامٍ وَتَوَاضِعٍ وَتَوْبَة نَكُونُ مُسْتَحَقِّينَ أَنْ نُبَلِّغَ يَوْمَ قِيَامَةِ الْهَنَا وَمَخْلَصٌ نُفُوسِنَا الثَّلَاثِية الْأَيَّامٍ.

      لِهَذَا  أضرعُ إلى الله من أجل جميعِ مِنْ شَارَكْنَا اَلْيَوْم فِي هَذِهِ اَلصَّلَاة وَاَلَّذِينَ حَضَرُوا مَعَنَا مُكَرَّمِينَ تِذْكَارَ عِيدِ اَلْقِدِّيسِينَ اَلشُّهَدَاء اَلْأَرْبَعِينَ أَنْ يَمْنَحَهُمْ قُوَّةً من الصَليب الكريم واستنارةً مِنْ اَلْعَلَاءْ وَمَوْهِبَةَ اَلرُّوحِ اَلْقُدُسِ وَنِعْمَةً مِنْ اَلْقَبْرِ اَلْقَابِلِ لِلْحَيَاةِ وَصَبْرًا وَكُلِّ بَرَكَةٍ مِنْ لَدُنْ اَللَّهِ مُخَلِّصِنَا ، مُعَبِّرًا لَكُمْ عَنْ شُكْرِي اَلْحَارّ وَعَنْ كُلِّ اَلَّذِينَ تَكَلَّمُوا سِيَادَةُ اَلْمُطْرَان أَرِيسْتِرِخُوسْ اَلسِّكْرِتِير اَلْعَام اَلَّذِي تَكَلَّمَ نِيَابَةً عَنْ أَعْضَاء أَخَوِيَّة اَلْقَبْرِ اَلْمُقَدَّسِ وَالْمَجْمَعِ اَلْمُقَدَّسِ وَسَعَادَةُ اَلْقُنْصُل اَلْعَامّ لِلْيُونَان اَلسَّيِّد اِيفَانْجِلُوسْ فَالِيورَاسْ اَلْمُحْتَرَم.

مكتب السكرتارية العامة

 

 




رسالةُ صاحبِ الغبطةِ بطريركِ المدينةِ المقدسة ِكيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبةِ عيدِ الميلادِ المجيد

 

كلمة البطريرك تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي

لتبتهجنَّ السماءُ. ولتفرحنَّ الأرض.

 فإنَّ حمَلَ اللهِ قد وُلِدَ على الأرضِ ليفتديَ العالمَ

(كاثسما سحر الميلاد)

 

     يفرحُ ويبتهجُ جنسُ البشرِ بأسرِهِ اليومَ وتهتزُّ الخليقةُ بأسرِها طَرَباً. تُعيّدُ وتفرحُ المسكونةُ أجمع، لأنه سُمِعَ ما لمْ يُسمعْ بهِ منْ قَبْل، فإنه قد ظهرَ ما هو خفيٌّ قبلَ الدهور. وما هيَ الأشياءُ التي لم يُسمعْ بها والتي لأجلها تفرحُ المسكونةُ إذْ سمعت؟ هي البشرى السارة. أن وعودَ اللهِ قدْ تحققتْ ورؤى الأنبياءِ قد ظهرتْ بأوفرِ حقيقة وتمَّ رجاءُ الأمم.

      إنَ اللهَ من محبتِهِ القصوى للبشرِ قد انحدرَ إلى الأرض، لكي يُصعِدَ الإنسانَ إلى السّماء. فالله ُفي المسيحِ قدْ أخذ َطبيعَتَنا البشرية. لقد اتخذَ الإنسان َوجعلَهُ مساهماً لطبيعتهِ الإلهية شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ بدون اختلاط (2بط 1: 4) لهذا فإنَّ الكنيسةَ بفرحٍ لا يوصفُ تُرنمُ بشكرٍ أرسلَ اللهُ فداءً لشعبه. فاللهُ ُالمالئُ الكلِّ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. (غلا 4: 4-5) وهو بحسبِ الذي صعدَ إلى السماء القديس الرسولِ بولس إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ وَوُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، (فيلبي 2: 6-8).

    وبحسبِ القديسِ يوحنا الذهبيِّ الفم أنّه تعطفَ ليولدَ في رحمِ عذراء ويخرجَ من هناك مع طبيعتِنا. وبحسبِ القديسِ كيرلس الإسكندري، إنَّ كلمة َالله الابنِ الوحيدِ قد اتخذ لحماً ودماً أي أصبحَ إنساناً واتخذ جسداً وجعلَه له خاصَّتَه ووُلدَ جسدياً من القديسةِ والدةِ الإلهِ العذراء مريم. ووفقاً لهذا الأب، فإنَّ هذا الحدثَ أي أنَّ اللهَ ارتحلَ إلى الأرضِ لكي يستوطِنَ الإنسانُ السماءَ ويضمَّهُ إلى جوقِ السماويين لهذا فإنّه ينبغي علينا أن نقدمَ للهِ الذي شرفنا كمكافأةٍ عادلةٍ هي وقارُ الأعمالِ كمحبةِ الآخرين وضيافةِ الغرباءِ والمحبةِ والمحبة الأخوية.

    إن هذا السرَّ الفائقَ الطبيعة؛ لتجسدِ وتأنسِ وولادةِ ابنِ اللهِ بالجسدِ قد ظهرَ للناس محلياً وتاريخياً وفي المكانِ والزمانِ في مدينةِ بيتَ لحمَ المقدسةِ في هذه المغارةِ البسيطةِ إبانَ ولايةِ اوكتافيوس اغسطس قيصر، لم يظهرْ هذا السرُّ لجبّاري الأرضِ عاملي القوةِ والعنفِ والمعصيةِ بل للناسِ البسطاءِ الخالين من الغِشِّ. للحكماءِ مستكشفي الكون منقادين بنجمٍ من السماءِ والرعاةِ منقادين من ملائكةٍ يرنمون الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَفي انَّاسِ الْمَسَرَّةُ. (لوقا 2: 14). أولئك الذين دُعيوا جاءوا وسجدوا وأبصروا المنزّهَ عن الزمانِ طفلاً موضوعاً في المغارةِ.

    حملَ الملكُ المولودَ في بيتَ لحم على عاتقهِ وطوالَ حياتِهِ الأرضيةِ بالجسدِ على وعدِ اللهِ هذا “على الأرضِ السلام وفي أناسٍ المسرة” التي بشرتْ بها الملائكةُ من السماءِ فشفى المرضى وأطعمَ الجياعَ وأقام الموتى وعلّمَ بالقولِ والفعلِ السلامَ والمحبةَ حتى للأعداءِ وسلّمَ كوديعةٍ تعاليمهُ هذه لرسلِهِ وللكنيسةِ التي اشتراها بدمِ صليبِهِ. وبعد أيامٍ من قيامتِهِ من بينِ الأمواتِ وصعودِهِ إلى السماواتِ فإنَّ الكنيسةَ تطيعُ وصيتَهُ وتكرزُ بقولهِ إلى أقاصي الأرضِ وتذكرُ الناسَ الذينَ يحيونَ على الأرض أن سيرتَهم هي في السماوات هم مكرسون لا ليقاتلوا الآخرين “بمركباتٍ وخيول” ولا ليسفكوا الدماءَ على الأرضِ ويذبحوا بعضَهم البعضَ بدونِ رحمةٍ بل لكي يصعدوا إلى السماء.

    إن كنيسةَ اورشليمَ المحليةِ تتقوّى في هذه الخدمةِ المقدسةِ للمسيحِ إلهِنا وشعبِهِ من هذه الأماكنِ المقدسةِ أيضاً لظهورِهِ في الجسدِ الذين هم بمثابةِ شهودٍ صامتينَ لكن غيرَ كاذبين لشخصِ المسيحِ وعملِهِ ومن هذا المكان، مكانُ ولادتِه بالجسدِ في بيتَ لحم المقدسةِ في المغارةِ القابلةِ الإله ،ومن كنيسةِ الميلادِ الملكيّة هذه التي من عهدِ الأباطرة قسطنطين ويوستيانوس تكرزُ لرعيّتهِا في الأرضِ المقدسةِ وفي كلِّ أرضٍ وللزوارِ الأتقياءِ في هذه الأيامِ الاثني عشرَ هاتفين وقائلين: اليومَ تمتلئُ البرايا كلُّها فرحاً فإن المسيحَ قد وُلدَ من العذراء.

آمين.

 في مدينةِ بيتَ لحمَ المقدَّسَةِ

 عيدُ الميلادِ المجيدِ 2022

الدّاعي لَكُم بحرارةٍ للرَّبِّ

ثيوفيلوس الثالث

   بطريرك أوروشليم