1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سمعان الشيخ القابل الاله

لقد غطّت فضيلتك السماوات ايها المسيح. فانك برزت من تابوت قدسك الأم المنزهة عن الفساد. فشوهدت في هيكل مجدك طفلاً محمولاً في الأحضان وامتلأ الكل من تسبحتك.
اخوتنا هذا ما يرنم به مرنم الكنيسة القديس قزماس أسقف مايوما.
أخوتنا المحبوبين بالرب يسوع المسيح,
أيها المسيحيون الأتقياء والزوار الكرام,
قد جمعنا اليوم عيد القديس سمعان الشيخ القابل الاله في هذا المزار والمكان المقدس الذي هو بيته وقبره محتفلين ايضاً مع القديسة حنه النبية.
ان هذا العيد والاحتفال اليوم يعتبر مكمّلا لعيد الأمس ألا وهو عيد سيدتنا والدة الاله وأيضاً هو عيد سيدي, وهو عيد اللقاء, لقاء ربنا يسوع المسيح بسمعان الشيخ.
حقاً ان هيكل مجد الرب اي هيكل سليمان وكافة المسكونة, قد امتلأ حينئذ من مجد الرب وذلك عندما ولج ابن الله المتجسد ربنا يسوع المسيح اليه محمولاً كطفل على ذراعيّ القديس سمعان الشيخ.

ان هذا الحدث الذي صار في النهار الاربعيني لعيد ميلاد ربنا يسوع المسيح يشير الى حدثين هامين. الاول: هو التأريخ لتجسد الرب الالهي وتدبير كلمة الله من جهه, والثاني: محبة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح للجنس البشري التي لا يُسبر غورها, الذي يريد أن الكل يخلصون (١ تيمو ٤-٢).
هذا المخلص الرب يسوع المسيح قد اقتبله القديس سمعان على ذراعيه وبارك الله وقال: “الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لاني عينيّ قد ابصرتا خلاصك الذي اعددته أمام وجوه جميع الشعوب.” (لوقا 2: 28-31).
ان خلاص الله الذي هو المسيح قد عاينه أولاً الشيخ سمعان بعينيه الروحيتين وذلك لانه كان باراً وصدّيقاً. اذ كان نقي القلب وكما يقول الرب في الانجيل :” طوبى لأنقياء القلوب لانهم يعاينون الله. (متى8:5).
لهذا فقد لبث سمعان الشيخ النقي القلب على يقينه دون اي شك بأنه سيرى بعينيه الطبيعتين خلاص الله أي المسيح المتجسد, ولهذا تدعونا الكنيسة اليوم بفم المرنم قائلين:
هلموا وانظروا اليوم المسيح سيّد الكل محمولاُ على ذراعي سمعان في الهيكل.
نعم أيها الاخوة والاحباء, اليوم وغداً والى نهاية الدهور فان المسيح حمل الله الرافع خطيئة العالم يُحمل في احضان قديسيه وصدّيقيه ويُقدَّم للجميع جسدياً وروحياً في هيكل مجده اي الكنيسة, عند المناولة المقدسة اي الاشتراك في سر الشكر الالهي.
ان النور الحقيقي والعقلي الذي هو المسيح يصبح ظاهراً وجلياً لجميع الذين يريدون أن يشاهدوه, فعلينا أن نكون مطهرين ضمائرنا من أعمال الظلمة والخطيئة التي تجلب الموت للنفس, وكما يقول القديس بولس الرسول في رسالته الى العبرانيين: “لانه اذا كان دم ثيرانٍ وتيوسٍ ورماد عِجلةٍ يرش على المنجسين فيقدسهم لتطهير الجسد, فكم بالأحرى دم المسيح الذي بالروح ألازلي قرّب نفسه لله بلا عيبٍ يطهر ضمائركم من الأعمال الميتة لتعبدوا الله الحي؟”. (عبرانيين 9: 13-14).
ان المسيح أيها الأحبة هو الاله الحي, الاله من الاله كما نقِر ونتلو في دستور الايمان اله حق من اله حق.
ان هذه الحقيقة الأساسية لشخص مخلصنا الرب يسوع المسيح الالهي الانساني الذي كرز واعترف به الصدّيق سمعان مستنيراً من الروح القدس والذي تبشر به كنيستنا الاورثوذكسية قائلةً عبر مرنمها: لقد تجسدت كما ارتضيت ولم تنفصل بلاهوتك عن احضان الآب, وحملتك الدائمة البتولية على ذراعيها, ودفعتك الى يدي سمعان القابل الاله يا ضابط البرايا كلها بيده, فهتف مسروراً يقول: الآن تطلقني أنا عبدك بسلام فاني ابصرتك يا سيد.
فلنكرّم اليوم القديس سمعان الصدّيق المؤدِّب الروحي والساجد الحقيقي للاله الحي المسيح رئيس ايماننا.
نقول هذا لان كثيرين من أبناء هذا العصر يتنبأون كذباً ويعلمون كذباً. ” أما الاشرار والمغوون من الناس فيزدادون شراً مضلين وضالين”. (2 تيمو13:3). التي هي بالحقيقة أعمال ميتة (عبرانيين 14:9).
وبحسب أب الكنيسة القديس ثيوفيلاكتوس, الذي يقوم بالأعمال الميتة لا يعبد الاله الحقيقي الحي, بل يؤله الأعمال التي يختارها هو. وهذا ما يقوم به انسان هذا العصر والمجتمعات المتقدمة حضارياً وتكنولوجياً الذين يحاولون أن يفرضوا علينا ديناً صنعوه هم بأنفسهم ألا وهو المعصية والابتعاد عن الله الحي.
وختاماً اضرع للقديس سمعان قابل الاله أن يؤهلنا بشفعاته أن نعبر ميدان الصوم الكبير الى الفصح المقدس بصبرٍ وتوبةٍ مرنمين مع ناظم التسابيح وقائلين: للمسيح الهنا للذي سُرّ أن يُحتضن في أحضان سمعان الصدّيق: ” أبهج نفسي لكي ارى بوضوح النور العقلي اي المسيح حتى أكرز أنك الاله الحي والحقيقي”.

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار القديس ثاودوسيوس 2015-1-24

“ان سابق المسيح فرع اليصابات ابنة هارون قد جاء الى البرية, اما ثاودوسيوس فانه بعد ان اعتمد بالروح القدس في جرن المعمودية تبع المسيح, فتوطن البرية.” هكذا يصرح مرنم الكنيسة
ايها الاخوة الاحباء, ايها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة,
لقد بدا اوان ظهور الاله, فان المسيح ظهر لنا في نهر الاردن, فنال العماد من يوحنا السابق, الذي قدم من قلب الصحراء.

الا ان فرحنا الروحي يزداد رونقا وجمالا في هذا اليوم الاغر, يوم تذكار البار ثاودوسيوس الذي ولد بالروح القدس من خلال عماده بالمسيح: (انتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم).
لهذا, اتينا والغبطة الروحية تملء قلوبنا, لنشاهد مقام نسكه الموقر, لكي نولد ثانية من خلال مشاركتنا بسر الافخارستية المقدس, اي تناول جسد ودم الهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
ان البار ثاودوسيوس الذي نكرمه اليوم, لما سمع نداء المسيح الخلاصي: “تعالوا الى يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال, وانا اريحكم” (متى 11:28). لم يتردد بالمرة, بل اطاع بمحبة ووقار, مصغيا لهذا الصوت الالهي؛ فترك مكان سكناه في مدينة موغارسيوس في كبادوكية, معتبرا نفسه الخروف الضال, فقدم الى مكان ميلاد وعماد ربنا يسوع المسيح.

هذا الخروف الضال (اي البار ثاودوسيوس) الذي هام ما بين الجبال والوديان – اي في صعاب الحياة وشعابها – لم يكن منسيا من الراعي الصالح ربنا يسوع المسيح الذي لما وجده, ادخله الى نعيم الملكوت, كما يقول المرنم: “لان المسيح اتى بالجسد يطلب الخروف الذي خطفه الوحش, فوجده واعاده الى الفردوس لفرط تحننه. لقد ظهر المسيح في الاردن وانار العالم”.
لقد حصل البار ثاودوسيوس على هذه الاستنارة, بالتواضع والصوم والسهر والصلاة, ساعيا الى الامام بثبات نحو الهدف, اي نحو المسيح الاله, ليماثل الطغمات الملائكية بالحرارة الروحية, هكذا تالقت منزلته ليصبح شعلة وضاءة في منارة الكنيسة.
نعم ايها الاخوة الاحباء
ان البار ثاودوسيوس, حقق نجاحا باهرا, في جهاداته الروحية بمعاضدة النعمة الالهية المستقرة فيه, فغذا مثل الملائكة في السمو والرفعة والعلياء, فصار كوكب المسكونة المشع, جراء سيطه اللامع, وقدومه للنساك بامتياز.
ان الفضائل التي تحلى بها البار ثاودوسيوس كثيرة وجليلة, فقد كان السبيل لتعزية الكسالى والمتوانين, والمعالج للمرضى والمتعبين, والمدافع والناصر للفقراء والايتام والمساكين, كما يقول مرنمه: “لقد غرست في ديار ربك, فاثمرت بفضائلك الجميلة البديعة, وقد كثرت اولادك بالبرية ترويهم بوابك دموعك, يا رئيس قطعان حظائر الله الالهية, فلذلك نصرخ اليك قىئلين: السلام عليك ايها الاب ثاودوسيوس”.
الا ان عظمة البار ثاودوسيوس, برزت من خلال تعاليميه للعقائد المستقيمة الراي, الارثوذكسية, فاصبح راعيا للخراف الناطقة, مرشدا للضالين عن طريق الايمان, والناقض لهرطقة الطبيعة الواحدة والارادة الواحدة, فهو بجدارة معلما عظيما للايمان الخلاصي الصحيح, الذي اعطي للكنيسة كوديعة من المجامع المسكونية المقدسة: “فاننا نتذكر تعاليمك يا ثاودوسيوس, فنكرز بالمسيح ذا جوهرين, ونعتقد بمشيئتين وطبيعتين وفعلين وسلطتين مستقلتين في الاله الذي اعتمد بالجسد”.
ان البار ثاودوسيوس حصل على الاستنارة الروحية من خلال مفاعيل الروح القدس, فكان يتبع بغاية الدقة تعاليم وارشادات ونصائح الرسول بولس الالهي: “لاني اعلم هذا: انه بعد ذهابي سيدخل بينكم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية, منكم انتم سيقوم رجال يتكلمون بامور ملتوية ليجتذبوا التلاميذ وراءهم” (اعمال 20 : 29 – 30).
ان البار ثاودوسيوس داوم في حياته الروحية على السهر واليقظة المستمرة, فطبق حياة الاستنارة (التامل) الى عمل, والعمل الى حياة الاستنارة.
ان البار ثاودوسيوس يعتبر الوديعة الصالحة, فانه الكنز الصالح والثمين لتعاليم الانجيل التي اودعها الله للرسل والشهداء القديسين, والنساك, فها ان كنيستنا المقدسة, الكنيسة الارثوذكسية الاورشليمية لبطريركية الروم الارثوذكس, ومن ضمنها اخوية القبر المقدس, تحافظ عليها حفاظ مقلة العين من الاذى, “لا بل متيقنة بانه لا موت, ولا حياة, ولا ملائكة ولا رؤساء, ولا قوات, ولا امور حاضرة ولا مستقبلة … تقدر ان تفصلها عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا” (رومية 8 : 38 – 39).
ان حياة البار ثاودوسيوس المشابهه لحياة الملائكة, تتحلى بفضيلة الصلاح والتقوى, ” فليضيء نوركم قدام الناس, لكي يروا اعمال الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في السموات” (متى 5 : 16). فهي لنا هبة من مواهب الله الاب السخية, وربنا يسوع المسيح الذي له كل اكرام وسجود, الذي ولد في مغارة بيت لحم واعتمد من السابق في نهر الاردن, الذي انار بصيرتنا لنسمع صوت الاب ونعاين الروح القدس بشبه حمامة, كما يقول المرنم: “حين ابصرناك ايها المسيح الاله ظاهرا بالجسد على منوال يمتنع وصفه, عرفنا اياك الغير المنظور وروحك القدوس هاتفا, باركوا الرب يا جميع اعمال الرب”.
ان البار ثاودوسيوس يحمل في كيانه فكر المسيح, الذي بذل دم العزيمة عن غيرة شهيدية, فاصبحت شهيدا عن حسن العبادة بالسر بدون اراقة دمك, اي الايمان الارثوذكسي النقي.
ان البار ثاودوسيوس يدعونا نحن الذين نوقره وعيده الكريم, لنصير شركاء في استشهادة غير الدموي من اجل اسم الهنا ومخلصنا يسوع المسيح الصالح ومحب البشر.
نتضرع بالحاح وغيرة متقدة, ومع المرنم نهتف ونقول: ” لا تنس الان رعيتك يا ثاودوسيوس الكلي الغبطة, بل نطلب اليك ان تخلصنا بشفاعاتك المستجابه عند الرب, الذي انار العالم, ليمنحنا والمسكونة السلام والرحمة العظمى”. امين
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة تذكار القديس جوارجيوس خوجافيتي 2015-1-21

“انك فيما انت النور الساطع الذاتي الضياء الذي ينير البشر يا يسوعي, قد اعتمدت في مجاري الاردن تتلالا بجملتك ساطعا ايها النور المساوي في الجوهر لابيه, الذي تستنير به الخليقة كلها فتهتف نحوك ايها المسيح قائلة: مبارك انت يا الهنا الذي ظهر, المجد لك.” هكذا يصرخ مرنم الكنيسة.
ايها الاخوة الاحباء, ايها المؤمنون, والزوار الحسنيو العبادة.
ان النور الذي اشرق في مياه نهر الاردن عندما تعمد السيد المسيح من يد السابق يوحنا المعمدان, جمعنا اليوم في هذا الدير العامر دير القديس جوارجيوس الخوزيفي المتوشح بالله في وادي القلط, لنقدم التكريم والتبجيل لتذكاره الموقر, لان جوارجيوس الناسك الكبير هذا, قد اقتدى في منهج النسكيات بصديق المسيح, القديس يوحنا المعمدان, الذي عاش حياته في القفر والصحراء.

هذا الاب الوقور الذي اثمر في الصحراء واحة من الفضائل, كان يلهج باقوال النبي داود ليلا ونهارا, وخاصة: “كما يشتاق الايل الى ينابيع المياه. كذلك تتوق نفسي اليك يا الله, عطشت نفسي الى الله الحي القوي” (مز 41 : 1 – 2).
فكما ان الله جال يفتش عن الخروف الضال لينقذه من انياب الوحوش الضارية (اي سلطان العدو), هكذا حظي البار جوارجيوس بالعطف الالهي الذي انقذه من الذئاب الخاطفة بعدما وجده, عائدا به, مدخلا اياه ملكوت السموات, ليصير مشاركا للمجد الالهي, كما يكرز الرسول بولس: “ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل للخير للذين يحبون الله, الذين هم مدعوون حسب قصده, لان الذي سبق فعرفهم, سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه, ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين, والذين سبق فعينهم, فهؤلاء بررهم, فهؤلاء مجدهم ايضا. (رومية 8 : 28 – 30).
دير القديس جوارجيوس الخوزيفي, ما هو الا حظيرة للخراف الناطقة من نساك ومتعبدين, حيث اضحت مكانا مشعا بالنور, جراء الصلوات المرفوعة لتقديس المجد الالهي, كما يعلن ذلك الحكيم بولس: “لاجل تكميل القديسين (نحن المسيحيين) لعمل الخدمة, لبنيان جسد المسيح, الى ان ننتهي جميعا الى وحدانية الايمان ومعرفة ابن الله, الى انسان كامل, الى قياس قامة ملء المسيح (افسس 4 : 12 – 14).
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح
ان القديس جوارجيوس الخوزيفي يحضنا لنبلغ الى وحدة الايمان كما ان البار جوارجيوس الخوزيفي يحثنا لنكون في شركة مجده, فكما انه وصل الى حالة التاله بالنعمة, فهو يدعونا لنتمثل به, وبسيرته العطرة, لعلنا نصير مثله, لان الناسك يوحنا الجديد (حيث رفاته بالدير) قبل دعوة البار جوارجيوس – من خلال مفاعيل الروح القدس – التي الهبت قلبه اشتياقا ليئم هذا المكان ويتخذ منه فردوسا روحيا من خلال حياة السكينة والنسك, ليبلغ الى قامة ملء المسيح, فان رفات البار, مازالت غير فاسدة حتى يومنا هذا, يعبق منها اريج فواح يعطر المكان, فهو يشهد لنا جميعا بشكل جلي وواضح من الناحية اللاهوتية ما هو بالضبط فكر بولس الرسول : “الى ان ننتهي جميعا الى وحدانية الايمان … الى قياس قامة ملء المسيح”, بتفسيرنا لفكر بولس الرسول, حري بنا ان نفهم كلام مخلصنا يسوع المسيح … “لكي يكون الجميع واحد”. حسب صلاة المسيح عند مناجاته للاب, وعند صلاته من اجل تلاميذه, وصلاته من اجل جميع الذين سيؤمنون بالرب, كما يذكر الانجيلي يوحنا. (يو 17 : 31).
ان المقياس والمعيار لاتحاد الجميع, هو النور الساطع الذاتي الضياء ربنا يسوع المسيح, الذي تعمد في مياه نهر الاردن والذي تلالا بجملته ساطعا كونه النور المساوي في الجوهر لابيه.
ان اشراقات هذا النور الالهي جلبت البار جوارجيوس الخوزيفي ليصبح مشاركا في هذا النعم الالهي, الامر الذي يدعونا وجميع الذين يملكون الرغبة الحقيقية لان نتحد بالمسيح الاله على غراره.
لكن لانجاح هذه الرغبات الروحية الصادقة, ينبهنا الحكيم بولس قائلا: “فاميتوا اعضائكم التي على الارض: الزنى, النجاسة, الهوى, الشهوة الردية, الطمع – الذي هو عبادة الاوثان – … فاطرحوا عنكم الكل: “الغضب, السخط … لا تكذبوا بعضكم على بعض, اذ خلعتم الانسان العتيق مع اعماله, ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقة” (كول 3 : 5 – 10).
ان البار جوارجيوس الخوزيفي, خلع انسانه العتيق مع اعماله, ولبس لباس المسيح الجديد, ليتجدد للمعرفة حسب صورة الله.
ان كنيستنا المقدسة الرومية الارثوذكسية, يغمرها الفرح والسرور زمن الظهور الالهي في نهر الاردن, اذ تكرم وتمجد هذا الحدث الالهي الفريد, فكما ان الروح نزل على المياه في البدء وانتج الخليقة الاولى, هكذا ايضا لحظة عماد المسيح في نهر الاردن, نزل الروح القدس في شكل حمامة ورف على المياه ليلد منها الخليقة الجديدة, كما تذكر الكنيسة في صلواتها.
“رجع نهر الاردن الى الوراء عند معاينته نار اللاهوت قد انحدرت وحلت فيك بالجسد, رجع نهر الاردن الى الوراء عند مشاهدته الروح القدس بهيئة حمامة يحوم حواليك”. (من افشين عيد الظهور الالهي, للقديس صفرونيوس بطريرك المدينة المقدسة اورشليم).
وكذلك تفرح كنيستنا المقدسة فرحا روحيا كبيرا, لهذه الروحية, واحة النسك والتعبد والخشوع في دير القديس جوارجيوس الخوزيفي في وادي القلط, فقد لمع ضياء نورها المستمد من اشراق شمس البر, نور مجد المسيح غير المخلوق, النور الالهي الذي اشرق وانار بصيره البار جوارجيوس الخوزيفي, ليصبح شعلة روحية جذبت حولها الكثيرين, حتى يومنا هذا.
نتضرع نحن المشاركين في هذ الاحتفال البهيج, ان تكون صلواتنا بخورا صادعا نحو الله الاب, اب الانوار, من اجل الاستنارة الروحية, ولتطهير نفوسنا وتقديسها, بشفاعات والدة الاله الدائمة البتولية مريم, والقديس جوارجيوس الخوزيفي, والقديس يوحنا شريكه, والقديس يوحنا الجديد الذي رفات جسده في هذا الدير العامر, ان تكون صلواتنا مستجابه لدى العرش الالهي, امين.
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدنية المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة الاحتفال بعيد الظهور الالهي, في نهر الاردن – 2015/1/18


عطوفة محافظ اريحا,
فضلية الشيخ,
قنصل اليونان العام,
الحضور الكريم,

ان هذا اليوم الاغر تبتهج السماوات وتفرخ الارضيات, وخاصة الفلسطينية ارض الاباء والانبياء, لانه فيها بزغ باشراقه البهي النور الذي قبل الدهور. لكي يتم ما قيل باشعياء النبي القائل: “طريق البحر, عبر الاردن, جليل الامم, الشعب الجالس في ظلمة ابصروا نورا عظيما”(متى 4 : 15 – 16).

لهذا النور الذي سطع اشراقه في عبر الاردن وتخومها, اتينا والفرحة تغمر قلوبنا, لنحتفل مع اهلنا الافاضل في هذه الربوع الغالية, حيث ينضم الينا لفيف من الاتقياء الذين وقدوا بغبطة الينا من جميع جنبات الارض, ليستنيروا بهذا المكان المقدس.
لهذا العيد – عيد الظهور الالهي, وحلول روح القدس على مياه نهر الاردن عند عماد السيد المسيح من يد السابق يوحنا المعمدان – اتينا لنحتفل في هذه السنة المباركة ايضا والفرحة تملىء قلوبنا, مرسلين اسمى ايات الشكر والعرفان لله العلي القدير بارىء العالم وما فيه. “للرب الارض وملئها المسكونة والساكنين فيها” (مز 23 : 1). اتينا لنشهد جهارا وبحق: ان الله هو نور لا يدنى منه, الا انا مفاعيل هذا الارض الالهي تتمحور حول محبته الغير المستقصاة للبشرية قاطبة, ليكشف لنا وبالهام علوي ما هو العدل والحرية والحق والسلام.
هذا النور الالهي, نور الحرية والعدل والحق والسلام, حل على الانبياء ومن ضمنهم النبي السابق يوحنا المعمدان, وعلى الرسل الاطهار, ومنهم القديس يعقوب اخي الرب اول رؤساء اساقفة اورشليم, الذي تقلد ديمومة هذه الاستنارة الالهية في كنيسة الروم الارثوذكس, ام جميع كنائس المسكونة, وذلك من خلال بطاركة كرسي المدينة المقدسة, ليتالق هذا الضياء زمن البطريرك صفرونيوس عند لقائه التاريخي مع خليفة المسلمين عمر بن الخطاب, لتعبق رائحة المودة والحبور من هذا اللقاء الذي انجب الدستور. الا وهو العهدة العمرية, لتظهر في سمات المحبة والوداعة والتعايش والاخاء والاحترام لمتبادل.
ان هذا اللقاء التاريخي, ما هو الا قدوة ومثال يحتذى به, وما زال ذكرهم الموقر ينبض في قلوبنا النفحات الانسانية , ليتجسد من خلال لقائنا اليوم باخوتنا الفلسطينيين, حيث نعاين اطياف هذا المجتمع الفريد, تحتضنه المحبة والوفاق والتفاهم, والمودة والتاخي, هذا الشعب الذي يسير بخطى ثابتة وجريئة تحت قيادة رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس, الذي يتمتع بموهبة الريادة الحكيمة, عاملا بكل جد ونشاط وطموح, لتحقيق امال الشعب الفلسطيني واسترداد حقوقه الشرعية, ليحظى الجميع بالحرية والسلام, املين ان هذا النور يسكب من ضيائه على قلوب الجميع, ليسود الوئام والهدوء في ربوعنا, امين
وكل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة بدء السنة الجديدة, وعيد القديس باسيليوس 2015/1/13


ايها الاباء الاجلاء
سعادة القنصل اليوناني العام في القدس السيد يورغوس زاخريوذاكيس
ايها الاخوة الاحباء, ايها المؤمنون والزوار الحسنيو العبادة,

قبل عدة ايام وجيزة احتفلنا: “باعلان السر الذي كان مكتوما في الازمنة الازلية” (رومية 16 : 25) اي السر الذي حدث في ملء الزمان عند تجسد كلمة الله ربنا يسوع المسيح, من دماء النقية الطاهرة الدائمة البتولية مريم.
هذا الحدث الخلاصي – الذي بعدما كان مكتوما – ظهر وتحقق في مكان محدد, في مدينة بيت لحم, وفي زمان معين من الناحية التاريخية؛ زمن حكم اغسطوس قيصر.
تحتفل كنيستنا المقدسة في هذا اليوم, بتدشين بدء السنة الجديدة الصالحة من كرم وجود وعطاء الله, وبتذكار الاب الجليل بين اباء الكنيسة العظام , القديس باسيليوس الكبير رئيس اساقفة قيصرية كباذوكية, حيث يتالق تكريمه بهذا الاحتفال الورع بتوزيع الكعكعة التي تحمل اسمه الموقر والكريم.

ان هذا الاحتفال يحضنا ان نرسل تسابيح شكرية الى الله القدوس المثلث الاقانيم, الذي جعلنا كلنا اهلا, وخاصة اخوية القبر المقدس, والرعية الحاملة لاسم المسيح, لاستقبال هذه السنة الجديدة, المعطاه لنا من صلاح وجود وانعام ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح.
هذا الوقت الصالح من لدن الرب, ليس هو وقت هذا العالم الضائع, الذي يعبر بدون اي قيمة ووجود, انما هذا الوقت هو وقت الكنيسة, لانها جسد المسيح السري, وهو راسها, فحياة الكنيسة لا تنقصم ولا تنفصل عن مخلصها وفاديها, فهي حياة الملكوت الدائم بالمسيح يسوع. “الذي يحقق بالوقت المعين منذ الدهور, هذا الزمان الذي جعله الاب في سلطانه الخاص”.
ان الرسول بولس يعود ويؤكد علاقتنا بالوقت والزمن اذ يقول: “لاننا ان عشنا فللرب نعيش, وان متنا فللرب نموت, فان عشنا وان متنا فللرب نحن, لانه لهذا مات المسيح وقام وعاش, لكي يسود على الاحياء والاموات. (رو 14 : 8 – 9).
اذا تمتعنا وتفرسنا في معنى وهدف الزمان, نجد في تعاليم وارشاد الرسول بولس خير مرشد ومعين, فانه يحثنا, ان نفكر مليا وبجدية كبرى في مضمون وفحوى اعمالنا التي قمنا بها في مجرى حياتنا حتى هذا الوقت الحاضر, وان نقيم ونحاسب انفسنا على الوقت الذي مر وعبر سدى وبدون جدوى, بسبب اهمالنا وانشغالنا بالدنويات التافهه والزائلة.
ان معيار بولس الحكيم بالنسبة للزمن, هو مدى اهتمامنا وتعلقنا وانتسابنا لانجيل المسيح ومعيشتنا بحسبه, هو اختيارنا الاساسي وهدف وجودنا, فالمسيح نفسه يقول :”لانه ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه, او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه” (متى 16 : 26 – 27).
ان الزمن والوقت الحاضر في العالم بشكل عام وفي منطقتنا بشكل خاص, موجود تحت رحى القلاقل والحروب والاضطهادات المنتشرة, حيث القتل, وسفك الدماء, والضيق والشدة والجوع والوباء وتهجير المواطنين العزل من بيوتهم, ومقتل الابرياء بدون سبب, هذه الاشارات تؤكد وتشهد على ان زمن حياتنا بدون انجيل المسيح المعاش, هو زمن مليء بالحزن والتنهد والالام المتنوعة, انه زمن بدون رجاء وتعزية, يفتقد لوجود المسيح فيه.
ايها الاخوة الاحباء بالمسيح,
(نحن غير منتقلين عن رجاء انجيل المسيح)
نتمنى لكم جميعا ان تكون السنة الجديدة الصالحة من عطاء وجود وكرم الرب غير المحدود, سنة يتم فيها اشراق نور المسيح البهي في قلوب كل الناس وقلوبنا, انه شمس العدل والسلام الذي ولد في مغارة بيت لحم من اجل مغفرة خطايانا, “لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل” هكذا جاهر ربنا مخلصنا المسيح يسوع, امين
سنة جديدة ومباركة, مليئة بالسلام والوئام
كل عام وانتم بخير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية