1

كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد النبي ايليا التسبي في معلول 26/7/2014

” لقد غرت غيرة لله الرب الضابط الكل يا ايليا فأراك إياه نسيم هادىء لطيف لا ريح عاصفة ولا زلزال عنيف، ولا نار هائلة . ومن ثم فنحن نرتل ليسوع الوديع قائلين : مبارك أنت يا الله إله آبائنا”.
أيها الأخوة الأحباء.
أيها المؤمنون، والزوار الحسنيو العبادة.
لقد أشرق لنا في هذا اليوم الأغر، تذكار النبي ايليا التسبي المجيد، فهو الملاك بالجسد وركن الأنبياء وقاعدتهم، لأن نفسه كانت تتقد بالغيرة والمحبة الإلهية بشكل غير موصوف، لتصل ذروتها في الرؤيا والمعاينة الإلهية، تماما كما حصل مع النبي موسى في طور سيناء، هذه المحبة المتقدة، أصعدت النبي ايليا من الأرض الى العلاء على مركبة نارية، لحين عودته الى الأرض ثانية، فكما كان النبي يوحنا المعمدان السابق الول لمجيء المسيح الأول، هكذا يكون النبي ايليا السابق الثاني لمجيء المسيح الثاني عندما يأتي لدينونة هذا العالم، كذلك فإن مكانة ايليا النبي تألقت وعظمت عندما ظهر مع موسى النبي في تجلي ربنا يسوع المسيح الإلهي على جبل ثابور.

إن الرسول يعقوب أخا الرب في رسالته الجامعة يضع أمامنا حياة النبي ايليا وجهاده وعزيمته وفضائله لنقتدى بها، مشيراً الى قوة الصلاة وفعلها، إذ يقول:” كان ايليا إنساناً تحت الآلام مثلنا، وصلى صلاة أن لا تمطر. فلم تمطر على الرض ثلاث سنين وستة أشهر، ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً، وأخرجت الأرض ثمرها” .( يع 5: 17-17).
إن غيرة النبي ايليا العجيبة في محبته لله، فتحت بصره وبصيرته ليتسنى له سماع رقة وعذوبة الصوت الإلهي وعطفه الفريد، كما يشهد بذلك الكتاب المقدس: ” فقال الرب: أخرج وقف على الجبل أمام الرب، فإذا الرب عابر وريح عظيمة تصدع الجبال وتحطم الصخور أمام الرب، ولم يكن الرب في الريح، وبعد الريح زلزال ولم يكن الرب في الزلزال، وبعد الزلزال نار، ولم يكن الرب في النار، وبعد النار صوت نسيم لطيف”. ( 3 ملوك 3: 19).
إن العاصفة والزلزال والبروق تدل على حضور الرب، وعلامات تبشر بمروره المخوف. وأما صوت نسيم لطيف، فهو يرمز الى حديث الرب اللطيف في قلب الأنبياء المليء بالمحبة الباذلة السخية بلا حدود، لأنه إله غير موصوف وغير محصور محب لجنس البشر.
إن النبي ايليا الذي عاش حياة التقشف والزهد ، والذي كان يلبس ثوباً من الشعر ومنطقة من الجلد على حقويه( 2 مل 1: 8) الممتلىء بالصلاة والعزيمة أراد أن يحافظ على العهد ويعيد صفاء الإيمان للأمة، لأن الضلال والفساد قد انتشر، والرذيلة قد استقرت في قلوب الناس، وكثرت أعمالهم الشريرة، لأن بني اسرائيل قد تركوا عهد الرب وحطموا مذابحه وقتلوا الأنبياء بالسيوف، فعزم على الذهاب الى حوريب الى المكان الذي ظهر فيه الرب والذي قطع فيه العهد واعطيت الوصايا.
إلا أن الرب أوعز الى النبي ايليا من خلال النسيم اللطيف المليء بالرقة أن يعدل عن عزمه هذا، ويعود عن خطته وأن يفكر بطريقة أخرى معلماً اياه عن فيض المحبة وطول الناة لخلاص الخطاة ودعوتهم الى التوبة، كما ورد في انجيل البشير متى: ” إني أريد رحمة لا ذبيحة لأني لم آت لأدعو ابراراً بل خطاة الى التوبة”( متى 9: 13).
من هنا علينا أن لا نسقط في اليأس والقنوط عندما تحل بنا التجربة، وتعترضنا الضيقات والتجارب، بل علينا أن نتخذ من الله لنا ملجأ منيعاً بالرجاء والصبر والاعتماد عليه، وأن نتوثب بالشجاعة والجرأة واضعين نصب أعيننا معونة الله غير المردودة كما يشهد بذلك الرسول يعقوب أخو الرب: ” طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة ، لأنه إذ تزكى ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه” (يع1: 12).
إن حياتنا هي جهاد روحي مستمر، هذا الجهاد هو ضد الأحزان والتجارب والضيقات في هذه الحياة الدنيوية، ولكن بالتعاضد مع النعمة الإلهية ومساعدة الروح المعزي (الروح القدس) نحظى بالمجد الإلهي لخلاص نفوسنا كما يقول بولس الحكيم:” ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننتظره فإننا نتوقعه بالصبر، وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها ( رومية: 8: 25-26 ).
إن غيرة النبي إيليا الإلهية والتي كان يعلم كُنهها، كانت غيرة متقدة ذات طاقة كبيرة ومستمرة، وذلك بفعل إستنارة الصلاة القويّة اللجوجة الثابتة الحارّة.
“كان إيليا إنساناً مثلنا كما يشير الرسول يعقوب، فانه صلى صلاة لكي لا تمطر… ثم صلّى أيضاً… فأمطرت”.
من كلان الرسول يعقوب نستشفُّ أن الصلاة لله، تستمد طاقتها من خلال فعل وقوة وطاقة الروح القدس، هذه الطاقة الإلهيّة غير المخلوقة المنتشرة في العالم أجمع لها تأثيرٌ وميزة للتعاضد والربط ما بين الله الخالق والانسان الذي خُلق على صورة الله ومثاله. كما يشهد الإنجيلي يوحنا ” الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجدوا” (يو 24:4).
هذا بالتدقيق روح الله. روح ربّنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، حيث أخذ شكلاً خاصاً عندما عبر ومرّ أمام إيليا النبي بشكل “صوت نسيم لطيف” (3 ملوك 19:3). هذا الروح، اللروح القدس، يهبّ حيث يشاء كما يحصل مع الريح العادي والذي أوضحه ربنا يسوع المسيح لنيقوديموس في حديثه عن الولادة الجديدة بالماء والروح. “الريح تهب حيث تشاء، وتسمع صوتها، لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلا أين تذهب، هكذا كلُّ من وُلِدَ من الروح” (يو 8:3)
لقد استحق إيليا النبي، من خلال مسيرته الروحية وارتقائه في معارج الفضيلة، أن يصل الى مرحلة الرؤيا والمشاهدة الروحية، لتُتَوّج خبرته المعاينة الالهي، لا بالخيالات والأحلام البشرية والرؤى الأرضية، إنما هي عطايا إلهية خاصة للذين يستحقونها بجدارة وامتياز مثل النبي إيليا التسبّي وكما يقول مرنّم الكنيسة:
لما كنت عابدا للحق اتمَّ عبادة يا إيليا البارّ الكلي الغبطة. أخزيت ابناء الخزي الأثمة الرجسين. وقررت قدرو الثالوث واضحاً.
بكلام آخر يا أحبائي
كنيسة المسيح المقدسة هي المكان للرؤيا والظهور (صوت النسيم اللطيف) أي العبادة التي بالروح والحقّ. هذا يؤكده النبي إيليا الذي نحتفل بتذكاره إذ يقول بصوت مرنّم الكنيسة:
لقد أظهرت على الأرض أيها النبي حياةً سماوية في الحقيقة. فاغتنيت في نفسك بالحياة السماوية ذات الأقنوم. وأقمت بنفخاتك ميّتاً. ولبثت انت ارفع من الموت. وارتقيت الى العلاء على مركبة نارية حيّاً. فتضرع طالباً خلاص نفوسنا.

وكل عام وانتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة اورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




غبطة البطريرك يدعو إلى مأدبة إفطار رمضاني مشترك في رام الله الفلسطينية

في مساء يوم الاربعاء, 16 تموز 2014, قام غبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بدعوة لتناول الافطار الرمضاني المشترك في فندق مافامبيك في رام الله, الهدف الرئيسي وراء هذه الدعوة كانت تقوية وتعزيز العلاقات بين المسيحيين والمسلميين في هذه الارض المقدسة وهكذا فقد قام غبطته بدعوة رجال دين من الطائفة الاسلامية ومن الطائفة المسيحية وغيرهم من السياسيون والوجهاء.

ومن بين هؤلاء المدعون كان السيد زياد البندق وزير في السلطة الفلسطينية, السيد عدنان حسيني, السيد عيسى قسيسية سفير فلسطين لدى دولة الفاتيكان, السيد حنا اميري مسؤؤل عن الشوون المسيحية في الدولة الفلسطينية وغيرهم. وخلال هذه المناسبة القى غبطته كلمة والتي من مستطاعتكم قراءها على الرابط التالي: https://ar.jerusalem-patriarchate.info/2014/07/18/6646

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خلال الافطار الرمضاني المشترك

معالي الدكتور حسين الأعرج الأكرم
معالي السيد حنا عميرة الأكرم
أصحاب السماحة الكرام
أصحاب النيافة جزيلي الاحترام
الشخصيات الوطنية والاعتبارية
الحضور الكرام مع حفظ الألقاب للجميع
لا تشكل فترة الصوم استعداداً لاستقبال الأحداث الدينية العظيمة والأعياد فحسب كعيد رمضان، بل تشكل فرصة روحية للانضباط الذاتي والتفكير، وذلك لأن الإنسان بصفته مخلوقاً على صورة الله لا يشكل كياناً بيولوجياً، ولكنه يشكل كياناً نفسياً أيضاً.
إن وجود الإنسان هو الذي يحتاج الى غذاء نسبي، وهذا الغذاء هو غذاء روحي. ومن مميزات الغذاء الروحي هو اشتراكه في التواصل مع الله، ينبوع الحياة الذي هو المحبة ويعبر عن محبة الله بمحبة البشر. كما أن الإنسان لا يمكن إدراكه بدون الله، وهكذا لا يمكن فهم الحياة الاجتماعية والمدنية للبشر بدون تعايشهم مع بعضهم بعضاً وتعاونهم المبني على الحدث الذي لا شك فيه لأن ينبوع حياتنا مشترك وكذلك نهاية الحياة أعني الموت.

فنحن بصفتنا بطريرك المدينة المقدسة، وخليفة البطريرك صفرونيوس وحافظ العهدة الإسلامية المسيحية المعقودة من قبل المغفور له الخليفة عمر بن الخطاب، في سماء قدسنا الشريف انه لواجب علينا أن نقيم هذه المأدبة على شرفكم في هذا الشهر المبارك ألا وهو شهر رمضان المبارك لكي نجسد العهدة العمرية على أرض الواقع ونحافظ على النموذج والنسيج الاجتماعي الفلسطيني وقبول الآخر الذي نعتز ونفتخر به مدى العصور، ضارعين الى الله العلي القدير أن يوقف ويبعد عنا الحروب والاضطرابات وسفك دماء الأبرياء والأطفال والنساء، متمنيين لفخامة رئيس دولة فلسطين محمود عباس والقيادة الفلسطينية كل خير وفلاح ونجاح من أجل الحرية والاستقلال لشعبنا الفلسطيني المعذب بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وبذلك يعم السلام في الأراضي المقدسة وفي العالم أجمع.

صوماً مباركاً وأهلاً بكم جميعاً

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الرسل القديسين الأطهار 13/7/2014

” لما أهلتني بإفراط محبتك للبشر وغزارة صلاحك، للحضور إلي أنا الإنسان واتخاذ الجسد يا مخلصي النور الذي قبل الدهور. حينئذ أظهرت تلاميذك الرسل أنواراً ثانوية، يتلألأون ببرق بهائك، وأرسلتهم ينيرون الخليقة كلها بنورك الإلهي، ويبتهلون اليك أن تنير وتخلص نفوسنا” .
أيها الأخوة الأحباء
أيها المؤمنون والزوار الحسنيو العبادة.
مبارك انت يا رب في كنيسة مجدك، لأنا اليوم أيضاً اجنمعنا سويةً بنعمة الروح القدس في هذا المكان المقدس قرب بحيرة طبريا، حيث كشفت فيه عن ذاتك لتلاميذك ورسلك الأطهار بعد قيامتك الظافرة من بين الأموات. ( يو 21 :1 ) مكرمين احتفالياً محفل الرسل الإثني عشر القديسين الأطهار.
إن ظهورات السيد المسيح لتلاميذه الرسل القديسين ، بعد قيامته لها منحى خاص، فقد ظهر لهم مراراً ليشد من أزرهم ويعدهم لعمل البشارة بعد صعوده الى السموات ، وها هو يقلدهم عمل الكرازة ليتلمذوا ويعمدوا جميع الأمم داعين إياهم لقبول عمل المسيح الخلاصي. فتقدم يسوع وكلم رسله القديسين قائلاً : ” دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس” ( متى 28 : 18: 19 ).

إن كلمات الرب يسوع إذهبوا وتلمذوا لها مفعول خاص وقوة إلهية فريدة، فقد ملأت التلاميذ بالنور الإلهي لصبحوا أنواراً ثانوية لنور المسيح، مشعين بهذا النور لجميع المسكونة لتستنير بالنور الإلهي غير المخلوق وغير المدرك، لبناء روح الإيمان والحق الراسخ على تعاليم المسيح الخلاصية، بتشييد الكنائس في المعمورة قاطبة، لذا اعتبر الرسل القديسون الحجر الأساسي لبنيان جسد الكنيسة، لأولئك الذين قبلوا الإيمان والمعمودية باسم الثالوث القدوس ليصبحوا أعضاءاً في هذا الجسد السري لكلمة الله يسوع المسيح. كما يكرز الرسول بولس: ” مبنيين على أساس الرسل والأنبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية، الذي فيه كل البناء مركباً معاً، ينمو هيكلاً مقدساً في الرب، الذي فيه أنتم مبنيون معاً مسكناً لله في الروح” ( أفسس 2: 20 – 22 ).
إن الرتبة الرسولية لهي رتبة مقدسة سكبتها النعمة الإلهية في أشخاص التلاميذ لتستمر من خلالهم الخلافة الرسولية، تتميماً لقول السيد المسيح ” وها أنا معكم كل الأيام حتى انقضاء الدهر” (متى 28: 20 ). إنالسيد المسيح الضابط الكل وتواجده بشكل مستمر مع تلاميذه الأطهار وخلفائهم من بعدهم من خلال روحه القدوس، لهي قوة إلهية جبارة تحافظ على تماسك بنيان الكنيسة واتحادها، وتهيمن عليها وتحفظها باستمرار من التفكك والضياع والإنحراف، فهي التي تسكب الإستنارة فيها، وتنمي مفاعيل الروح فيها والتي يشهد لها الرسول بولس إذ يقول: ” ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور في الله خالق الجميع بيسوع المسيح، لكي يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة” ( أفسس 3: 9-10 ).
بكلام آخر الخلافة الرسولية تتمتع بدور فريد ومميز، في الحفاظ على التعاليم الصحيحة والقويمة، وفصلها عن التعاليم الكاذبة التي ينفث سمها الأنبياء والرسل الكذبة، بتعاليمهم الكاذبة كما ينوه بذلك الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس : ” إحفظ الوديعة معرضاً عن الكلام الباطل الدنس ومخالفات العلم الكاذب الاسم. الذي إذ تظاهر به قوم زاغوا من جهة الإيمان ” ( تيمو 6: 20 ).
بالإضافة لذلك فإن هذه الخلافة الرسولية تقوم بإدارة الكنيسة ومؤسساتها في العالم بأكمل وجه مقادة بمفاعيل الروح القدس فيها، حيث يسوع المسيح الإله الإنسان، رأس الكنيسة ومدبرها كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: ” إن الرسل القديسين الأطهار بعدما جالو مسرعين في أرجاء المسكونة لنشر الإيمان، أصبحوا هم المسيطرين والرؤساء المدبرين للكنيسة وإدارتها، لا بل أصبحت منزلتهم أسمى بلا قياس من منزلة الملوك وباقي الرؤساء، لأنهم وضعوا في كل المسكونة القوانين والنواميس، فتحققت هيمنتهم على الكنيسة ودستورها، الأمر الذي ما زال مستمراً حتى بعد رقادهم.
إن هذه القوانين التي وضعها الرسل القديسين، المتمحورة على التعليم الخلاصي للإنجيل المقدس، كانت حصيلتها الزيادة والكثرة في محاصيل ثمار الروح القدس، التي وزعت في المسكونة، كما يقول الرسول بولس: ” الذي قد حضر إليكم كما في كل العالم أيضاً( الإنجيل المقدس ) وهو مثمر كما فيكم منذ يوم سمعتم وعرفتم نعمة الله بالحقيقة” (كولوسي 1: 6 ).
هذه هي نعم الله بالحقيقة، أي مواهب الروح القدس التي كان الرسل يوزعونها إلى الرعاة والأساقفة الذين رسموهم لإدارة الكنائس التي تزداد وتتكاثر بنعمة الروح القدس، كما شهد بذلك كتاب قوانين الرسل: ” أننا نحن الرسل قد أملينا عليكم التعاليم والقوانين التي حصلتم عليها بقرار من المسيح لإدارة الكنيسة، فعليكم التقيد بهذه الوصايا الرسولية التي لا تجهلون كنهها، لكنكم حفظتموها عن ظهر قلب، فالذين يسمعون فإنهم يسمعون من المسيح كما أن المسيح يسمع منكم يسمع مني، والذي يرذلكم يرذلني، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني ” ( لو 10: 16 ).
لهذا التقليد الرسةولي الذي أعطي من لدن الله، ما زالت كنيستنا المقدسة تسير بهذا التدبير الإلهي، مكرمة وممجدة التذكار المقدس بالترانيم قائلة: ” لقد أخذتم من لدن السيد سلطان حل حزائق الزلات يا معايني الله، فامحوا عن حنو منكم خطايا مسيحيكم وأهلوهم للخلاص.

وكل عام وأنتم بألف خير

الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية




كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة أورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد هامتي الرسل بطرس وبولس 12/7/2014

” لنمتدحن كلنا بطرس وبولس الإلهيين هامتي الرسل وكوكبي المسكونة . وكاروزي الإيمان والبوقين الصلدحين بالإلهيات ومظهري العقائد وعمودي الكنيسة، وداحضي الضلالة “، هكذا يصرح مرنم الكنيسة.
أيها الأخوة الأحباء.
أيها المؤمنون ، والزوار الحسنيو العبادة.
عيد القديسين المجيدين وا لموقرين ، هامتي الرسل بطرس وبولس، قد جمعنا اليوم كلنا في هذا المكان المقدس في كفر ناحوم على شاطىء بحر طبريا ، لنرفع آيات التمجيد والترانيم الإلهية لصديقي المسيح الإنائين الموقرين.
إن كنيسة المسيح الموقرة تكرم بشكل خاص ومميز الرسولين القديسين بطرس وبولس، لأنهما هامتا ورأسا الرسل قاطبة، فهما الكارزان والمعلمان للإيمان الخلاصي ، فهما عمودا الكنيسة وضاحضا الضلالة .

لقد دعي الرسول بطرس من فم المسيح عن استحقاق صخرة فشيد الرب عليها ايمان الكنيسة الذي لا يتزعزع، كما يشهد بذلك الإنجيلي متى: ” ولما جاء يسوع الى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلاً : من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟ …. فأجاب سمعان يطرس قائلاً: ” أنت هو المسيح ابن الله الحي” ، فأجاب يسوع وقال له: ” طوبى لك سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك ، لكن أبي الذي في السموات . وأنا أقول لك أيضاً. أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها” ( متى 16 : 13-18 ).
أما بالنسبة للرسول بولس ، فقد دعي إناءً مختاراً . من الرب نفسه كما يشهد الإنجيلي لوقا في سفر أعمال الرسل: ” وكان في دمشق تلميذ اسمه حنانيا، فقال له الرب في رؤيا …” قم واذهب الى الزقاق الذي يقال له المستقيم، واطلب في بيت يهوذا رجلاً طرسوسياً اسمه شاول … اذهب لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك… لأني سأريك كم ينبغي أن يتألم من أجل اسمي”. ( أعمال 9 : 10- 16 ).
هناك شيء مشترك ما بين الرسولين بطرس وبولس فهما قد دعيا الى عمل الخدمة الرسولية من نفس الرب، وكذلك فقد عرفا شخص يسوع الناصري وجهاً لوجه، فاعترفا به أنه كلمة الله المتجسد مخلص العالم، ربنا يسوع المسيح.
إن الرسولين بطرس وبولس قد اعترفا بالمسيح الذي تنبأت عنه الأنبياء والكتب المقدسة الذي تفسيره مسيا ، أي المسيح( يو 1 : 41 ). الذي اشترى الناس بدمه الكريم المقدس ” عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضى أو ذهب، من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء، بل بدم كريم كماً من حمل بلا عيب ولا دنس،دم المسيح. معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم . ولكن قد أظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم . أنتم الذين به تؤمنون بالله الذي أفامه من الأموات وأعطاه مجداً ، حتى بإيمانكم ورجائكم هما في الله”. ( 1 بطرس 1 : 18 -21 ).
بالإضافة الى ذلك اكتشفا في شخص المسيح الوعد الذي كان ما بين الله وابراهيم، أنه من نسلك( يا ابراهيم) تتبارك جميع الأمم في الأرض ( أي بالمسيح ) ، هذا النص المدون في العهد القديم، أي في ناموس النبي موسى. ” المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ” ملعون كل من علق على خشبة” لتصير بركة ابراهيم للأمم في المسيح يسوع، لننال بالإيمان موعد الروح، ( غلاطيا 3: 13 -14 ).
إن مواهب الروح القدس (أي الكاريزما ) استقرت في الرسولين بطرس وبولس وايضاً استقرت في باقي الرسل الأطهار بدون تمييز، فأصبح الرسل قاطبة يتألقون بمواهب الروح القدس.
لقد أضحى الرسل الأطهار آلات وأبواق روحية نيرة بفعل الروح القدس المستقر فيهم، ليكرزوا بدورهم في أرجاء المسكونة منيرين البشرية بالتعاليم الإلهية الحقة.
وكما يقول مرنم الكنيسة: فإنهما زرعا كلمة الحق في قلوب المؤمنين، مانحين الجميع الخصب والإثمار.
على هذه الكلمة الحقيقية المزروعة في قلوب المؤمنين أي انجيل المسيح، أسست وتأسست الكنائس المسكونة.
إن الشهادة الصادقة والغير الكاذبة لهذه الحقيقة المعلنة، هي أم الكنائس أجمع ، الكنيسة المقدسة الأورشليمية التي هي ( شاهدة لآلام المسيح وقيامته) مستمرة برسالتها ودعوتها الإلهية.
إن هذه الرسالة الملقاة على كتفي الكنيسة الأورشليمية، تظهر بجلاء عمل أخوية القبر المقدس التي خدمت وما زالت تخدم وتحافظ سواء من الناحية الليتورجية ، أو من الناحية الرعائية، في الحفاظ على الماكن المقدسة للتاريخ المقدس، وأيضاً الإهتمام برعية المسيح المقدسة الناطقة ، أي مؤمنين كنيستنا الموقرة . كل هذا منوط بالرعاية والشفاعة من قبل الرسولين الأولين بطرس وبولس، حيث على خطهما تسير كنيستنا الى هذا اليوم الأغر.
فإلى الرسولين بطرس وبولس نقول مع المرنم :
افرحا يا كوكبين نيرين للذين في الظلام. وشعاعين شمس البر افرحا يا بطرس وبولس يا قاعدتي العقائد الإلهية الراسختين لسر أم الله مريم العذراء . افرحوا يا أصدقاء المسيح والإنائين المكرمين، والآن احضرا بيننا حضوراً غير منظور، وامنحا المواهب الغير الهيولية للذين يمتدحون عيدكما بالأناشيد ، بتوقر واهتمام .

وكل عام وأنتم بألف خير
الداعي بالرب
البطريرك ثيوفيلوس الثالث
بطريرك المدينة المقدسة أورشليم

مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية