كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة اورشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد الميلاد المجيد في مغارة كنيسة المهد
فخامة الرئيس محمود عباس حفظه الله ورعاه
معالي وزير الاشغال في حكومة المملكة الاردنية الهاشمية ممثّل جلالة الملك عبدلله الثاني
معالي الوزراء وعطوفة المحافظين
السيدات والسادة السفراء والقناصل وسائر ممثلي الدول والكنائس المختلفة
ايها الاخوات والاخوة أبناء الارض المقدسة
حجاج بيت لحم الاعزاء
ها هي بيت لحم قرينة القدس, تستقبلكم في عيد المحبة, عيد السلام, عيد ميلاد سيدنا المسيح , الذي ولد في مغارة متواضعة لننبعث بمولده انطلاقة جديدة للبشرية جمعاء, ويؤسس لمفاهيم كونية غيّرت مجرى التاريخ الى الابد.
وكم تشبه ظروف مولد سيّدنا المسيح بما نعيشه هذه الايام من ظلم, وتدهور في اوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية. كل ذلك نتيجة انعدام السلام وتفشي ظواهر الكراهية والعنف وعدم الاستقرار. وكم يبعث لنا ميلاد المسيح من الأمل بأن مستقبل المشرق في طريقه الينا, لانه من ظلام الليل انبعث نور المسيح ليضيء العالم , ومن رسالته نستطيع ان نستنبط نوره ليضيء لنا طريق المحبة والسلام والاستقرار, لان كلمة الله المتجسّد والذي يدعى “شمس العدل والبر” قد وهب للشعوب نور الحرية وتقرير المصير الالهيين.
ان العالم يتغير من حولنا, وتنشأ عن هذه التغييرات حقائق اجتماعية واقتصادية جديدة منبعثة من أنظمة سياسية غير مجربة. معظم هذه التغييرات لم تتخذ شكلها النهائي بعد, ولعلّ الوقت فقط هو محدد اتجاهها. بعضها مبشّر بالخير والآخر مقلق. بعضها مشرق والآخر مظلم. لكن جلّها يحتاج الى تنوير. ونحن في الأراضي المقدسة, كأصحاب رسالةٍ الهيةٍ وارثٍ قديمٍ بين المسيحيين والمسلمين, من واجبنا الانسانيّ ان نقدم العونَ, ونقوم بدورنا في التأثير ألايجابي على شكل المستقبل الذي يتطوّر أمام أعيننا من خلال تحقيق السلام والعدل والحِفاظ على التنوع داخل المجتمع الواحد. لأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين المستقبل الذي نبنيهِ لشعبنا هنا, في ألاراضي المقدسة وبين مستقبل العالم كافةً من حولنا.
ان التاريخ الطويل والعريق الذي نعتز ونفتخر به ربط وبثباتٍ بطريركية الروم الاورثوذكس مع الحضور التاريخي للعالم العربي بشكل عام وتاريخ الشعب الفلسطيني ألأبيّ بشكل خاص, وذلك منذ فترة الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه, وبطريرك الروم الاورثوذكس صفرونيوس. هذا الرباط المميز والفريد لهذين الشخصين المُفعم بالتناغم والتآخي أي من خلال صلة التعايش ما بين المسيحيين والمسلمين, يُؤَكد ايضاً في هذه الايام.
وهذا الاثبات واضحٌ وجليٌّ من خلال جو الفرح الذي يشمل جميع السكان والمواطنين المسيحيين والمسلمين في مدينة بيت لحم وضواحيها وفلسطين الحبيبة.
وهنا لا بد لنا أن نشيد بمواقف فخامة الرئيس محمود عباس ابو مازن حفظه الله ورعاه, وجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله, ودوره المُكمّل للنهج الهاشمي التاريخي تجسيداً للتعاون المطلوب في الرعاية والوصاية للمقدسات المسيحية والاسلامية في القدس والديار المقدسة. وأننا بكم لسوف نرد على كل من يعتدي على مقدساتنا ببناء المزيد منها, سنبني ونبني ونُثبت جذورنا وندعم أهلنا وأبناءنا, فلا يوجد على وجه هذه الأرض قوةٌ تستطيع ان تُغيبنا عن القيام بواجباتنا في ديارنا المقدسة.
واننا ننتهز هذه المناسبة السعيدة لنشكر سيادتكم على دعمكم واهتمامكم المتواصل في ترميم وتصليح كنيسة المهد ميلاد ربنا يسوع المسيح التي بجهودكم تم هذا الانجاز الكبير الذي انتظرناه منذ عصور. نقول لكم ايضاً يا فخامة الرئيس ذهبتم الى مجلس الأمن وخسر مجلس الأمن وانتصرتم عليه لأنهم لم يستطيعوا ايقاف الاستيطان ونبذ العنف واحلال السلام في فلسطين. واننا لنؤّكد لكم دعمنا لسياستكم السلمية والشعبية من اجل نيل حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والعدل والحق. واننا ننتهز هذه المناسبة السعيدة لنعيّد عليكم وعلى أبناء شعبنا العربي والاسلاميّ بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف الذي نحتفل به هذه الايام, وهذا دليل التآخي بين المسيحيين والمسلمين. وفي الختام لا يسعنا الى ان نشكر معالي السيد حنا عميره رئيس اللجنة العليا للشؤون المسيحية ودعمه المتواصل والدءوب هو ومن معه من اجل دعم الكنائس في دولة فلسطين. وعطوفة محافظ بيت لحم جبرين البكري الاكرم وسيادة اللواء حازم عطالله الاكرم والعقيد علاء الشلبي الجزيل الاحترام وسيادة اللواء زياد هب الريح مدير الامن الوقائي في دولة فلسطين الاكرم وسيادة العقيد حجازي الجعبري والاجهزة الامنية والمخابرات والسادة اعضاء البروتوكول والحرس الرئاسي وكل من ساهم في انجاح ترتيبات الاعياد الميلادية.
فخامة الرئيس
نرحب بكم بالفرح الاحتفالي للميلاد المجيد ونتمنى ضارعين الى كلمة الله الذي تجسد في مغارة بيت لحم, لينعم عليكم بوفير الصحة والعافية, ولأيام عديدة ومديدة مفعمة بالقوة الادارية الحكيمة, لما فيها مصلحة الشعب الفلسطيني ومصلحة منطقة الشرق الاوسط.
سنه جديدة ومباركة وكل عام وانتم بخير
مكتب السكرتارية العام – بطريركية الروم الأرثوذكسية