كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث في مدينة الزبابدة.
“وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِب وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ». ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ: «اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ». فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.” (متى 8 :11 -13 )كما يقول الانجيلي متى.
أيها الأخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح،
أيها المسيحيون الأتقياء،
“لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ”(رؤيا19 : 7 ) لربنا و إلهنا و مخلصنا يسوع المسيح الذي أهلنا اليوم، للأشتراك في وحدة الإيمان و نعمة روحه القدوس في مدينتكم الخصبة الزبابدة في أرضِ فلسطين.
ونقول أهلنا “للإتحاد في الإيمان وشركة الروح القدس ” أي روح المسيح وذلك لأنه وبحسب القديس الإنجيلي “مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟هذَا هُوَ الَّذِي أَتَى بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لاَ بِالْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ بِالْمَاءِ وَالدَّمِ. وَالرُّوحُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ، لأَنَّ الرُّوحَ (القدس)هُوَ الْحَقُّ”. يوحنا في رسالته (1يوحنا 5: 5-6).
إن إيمان قائد المئة في الفصل الإنجيلي ،هو الذي أبرأ غلامه ” فَبَرَأَ غُلاَمُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ.” (لوقا9 :42)
ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم :” أما أنت لا تنظر و لا تفكر بأن هذا الإيمان للذي لقائد المئة وأن غلامه قد شفي فقط. ولكن هذا الإيمان هو الذي سيجعلنا مستحقين لملكوت الله كما يعلمنا القديس الرسول بولس” إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِي كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِي تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِي صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ.(كول 1: 23 ).
و لمن يسأل ماذا نعني بالإيمان؟يُجيبنا أيضا القديس بولس الرسول قائلاً: وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى.(عبرانيين 11 : 1)و يضيف قائلاً بإن قديسي كنيسة المسيح جميعاً” بِالإِيمَانِ: قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضُعَفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ”(عبرانيين 11: 33 -34 ).
وبكلامٍ آخر إن الإيمان هو ذلك الذي يمنحُ ذهن الإنسان القدرة على أن يبحث في التاريخ المقدس والكتب المقدسة التي بشهادة ربنا يسوع المسيح يقول:” فهي التي تشهد لي ” (يوحنا 5: 39).
إن ذهن الإنسان الطاهر والمستنير من الروح القدس ،روح الحق يقود الإنسان إلى التأله ،أي الإتحاد بالله ،ونعني به الإتحاد بأفعال الله غير المخلوقة وقد حاز جميعُ القديسين على الإتحاد بالله .
في الحقيقة إن إيمان القديسين ليس هو مجرد قبول بوجود الله فقط ولكن هو عملياً الحياة في المسيح “لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ”.(متى 7: 21)
وهذا يعني أن من يحيى حياة الفضيلة يُكشَفُ له عن غنى سر الإيمان الذي لا يُدرك كما يقول القديس بولس الرسول :”وَلَهُمْ سِرُّ الإِيمَانِ بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ”.(1تيموثاوس 3: 9)
وكما يقول زيغافينوس :”إن الفضيلة طريقٌ لله “.والإيمان بحسب القديس يوحنا السلمي (الإيمان مع الرجاء والمحبة ) تشد وتقوي رباط الفضائل كلها ببعضها البعض (المقالة 30).
إن حضور كلمة الله المتجسد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بيننا نحن البشر وتعاليمه العجائبية والقوات والمعجزات التي صنعها ، ساعدت وساهمت في أن يكتسب البشر الإيمان .
إن حدث استمرارية وجود المسيح الطبيعي فيما بيننا يعود إلى أنه من يوم صعود المسيح إلى السماوات ، قام بإرسال المعزي إلى العالم ،أي الروح القدس، الذي يعمل من خلال الكنيسة ،التي هي جسد المسيح الإلهي الإنساني .
إن كنيسة المسيح المقدسة أيها الإخوة الأحباء هي مكان تقديس مجد الله .وهي الموضع الذي فيه يصير غير المرئي مرئي وغير الملموسِ ملموساً (طوبى للذين آمنو ولم يروا )يقول الرب (يوحنا 20 :29).
نقيم اليوم أيضاً تذكار القديس النبي عاموص الذي هو والد النبي أشعياء ،والذي وُلِدَ في قرية تقوع الفلسطينية . قد أصبح هذا القديس أداة إلهية للمعزي أي الروح القدس بقوة وأفعال الإيمان . إن إيمانه قد أهله من جهة أن ينكشف لذهنه سر الله ومن جهة أخرى أضحى مسكناً لنعمة الله الإلهية ،لأجل هذا منَّ عليه الله بموهبة النبوءة
إن قائد المئة في الفصل الإنجيلي يُورَد من قِبلِ يسوع المسيح كنموذج يُمْتَدَح ، لكي نقتدي نحن به وذلك لأنه كان من ديانة أخرى أوبالأحرى روماني عابد أوثان
يقول الرب ” كثيرون سيأتون ويدخلون ملكوت السماوات ” (متى 8: 11)
وبالعكس “أما بنو الملكوت” أي أولئك اللذين هم مجرد مسيحيين بالاسم وبالإسم فقط هم مجرد أعضاء لكنيسة المسيح يُطرحون “إلى الظلمة الخارجية”.(متى 8: 12)
إن المسيح أيها الإخوة الأحباء هو نور العالم ” اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ. وَهذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً”.(يوحنا 3: 18-19).
ختاماً أتضرع إلى ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح بشفاعات سيدتنا والدة الإله الفائقة القداسة والنبي عاموص قائلين بدموعٍ:أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني (مرقس 9: 24 )
آمين