كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد السامرية في مدينة نابلس29-5-2016
أيها الكلمة غير الملحوظ بجوهرك المبدع الكل، لقد ظهرت للبشر إنساناً من النقية والدة الإله واستدعيت الأنام إلى مشاركة لاهوتك. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.
أيها الإخوة المحبوبون بالرب يسوع المسيح:
أيها المسيحيون الزوار الأتقياء:
إن الكلمة الإلهية غير الملحوظ بجوهره هو ربنا يسوع المسيح، الذي دعانا اليوم إلى هذه الكنيسة المقدسة وهذا المكان المقدس الذي فيه بئر يعقوب رئيس الآباء، لكي نَغْرُفَ نحن مع القديسة (المرأة السامرية) ماءً لا ينضب، ماء حياة أبدية من البئر الروحي الذي لابن الله الوحيد.
لقد ترك لنا يعقوب رئيس الآباء لهذا اليوم بئر الماء هذا الذي شُيِّدت عليه فيما بعد هذه الكنيسة الرائعة لتكريم القديسة فوتيني أي المرأة السامرية.
وأما إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح فقد ترك لنا بئره الروحي أي الكأس المقدس، كأس الخلاص الذي يحوي بداخله دمه وجسده الكريمين لأن الرب قال لتلاميذه: “خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي. كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يجيء. (1كور 11: 24-26)
وهذا ما نحتفل به معاً أيها الإخوة الأحباء، فإننا نُعيِّدُ العهد الجديد بدمِ ربنا ومخلصنا يسوع المسيح أي الفصح الذي هو قيامة المسيح من بين الأموات.
لهذا فإن القديس بولس الرسول يقول:” إِذن إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” (2كور 5: 17)
لهذا فإن ربنا يسوع المسيح ومن خلال حديثه مع المرأة السامرية قال لها: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ)
. انجيل يوحنا:4: 13-14)
لقد منحنا ربنا ومخلصنا يسوع المسيح ينبوع الحياة الأبدية هذا من خلال ذبيحة صليبه وقيامته من بين الأموات. وقد عرفت المرأة السامرية أنّ ينبوع الحياة الأبدية يكمن في شخص المسيا أي المسيح لهذا فقد كشف الرب يسوع المسيح نفسَهُ لها قائلاً: “وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا”(يوحنا 4: 23-24)
فاعترفت المرأة السامرية وشهِدت باعتراف الإيمان هذا فأضحت من نكرِّمها اليوم شهيدة ورسولةً للمسيح، وقد أطلق عليها ربنا ومخلصنا يسوع المسيح اسم فوتيني وقد تسربلت إكليل الشهادة مع أولادها السبعة على عهد مضطهد المسيحيين الفظيع الإمبراطور الروماني نيرون.
لهذا فإن مرنم الكنيسة يقول: إن السامريةَ الذائعة الصيت أتت مقبلة بإيمانٍ إلى البئر فشاهدتكَ يا ماءَ الحكمة، التي لما سُقِيَت منك بغزارةٍ وَرثت الملكوت العلوي أبدياً.
وبمعنى فإنّ القديسة فوتيني أي المرأة السامرية التي كانت تحيا في ظلمة الجهل والخطيئة لم تعترف فقط بأن المسيح هو إنسانٌ تام وإلهٌ تام بل امتثلت وخضعت من كل نفسها ومن كل ذهنها لدعوة مُبدِع الكل المسيح كلمة الله لكي تتشارك في لاهوته. فشربت هي من الماء” الَّذِي يعْطِيهِ المسيح كي لا تَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ “. (يوحنا 4: 14).
وشرب أيضاً من ماء الحياة هذا صديق محبة المسيح القديس الجديد الشهيد في الكهنة فيلومِينوس الذي من أخوية القبر المقدس فقد صار مشاركاً في الشهادة للقديسة فوتيني ومجاهراً ومذيعاً لبِرّ المسيح وحقيقته المحيية.
إن ماء الحياة هو ماء عدم الفساد ونور قيامة المسيح الذي نحن مدعوون أيها الإخوة الأحبة أن نكون مشاركين له، إن أردنا حقيقةً بأنّ نحيا بالروح القدس حياة جديدة في آدم الجديد أي المسيح الناهض من بين الأموات كما يقول مرنم الكنيسة: “نحن الذين نأكل خبز جسد الرب ونشرب دم جنب السيد فلنستسِرَ بتجديد الروح عائشين بالنعمة”.
إنّ تذكار القديسة فوتيني المرأة السامرية في هذه الأيام الفصحية المباركة لنصف الخمسين يدعونا لكي نعيش إنجيلياً، أي أن يكون اهتمامنا بأنّ نحيا ونسلك حسب مقتضى انجيل ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. كما يقول ويعلّم القديس بولس الرسول. فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ.فيلبي(1 :27-29)
ويقصد القديس بولس الرسول بقوله “أن تتألموا لأجل المسيح” أي إنّ الذي يصبر على صليب المسيح ينظر ويتطلع إلى قيامة المسيح فبالتالي هو ينظر إلى الحياة الأبدية كما يقول مرنم الكنيسة: إننا معيدون لإماتة الموت ولهدم الجحيم ولباكورة عيشةٍ أخرى أبدية مُتَهللين ومُسَبّحين من هو علة هذه الخيرات أعني بهِ إله آبائنا تبارك وتمجد وحده.
ختاماً نتضرع إلى رئيس إيماننا وغالب الموت والفساد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بشفاعات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم وبتوسلات الشهيدة المجيدة المرأة السامرية القديسة فوتيني المعادلة الرسل والقديس فيلومينوس، أنّ نعاين نور المسيح الناهض من بين الأموات الذي لا يعروه مساءٌ.
المسيح قام حقاً قام