البطريركية الأورشليمية تحتفل بعيد القديس أبينا البار سابا المتقدس
لمدة ثلاثة أيام من يوم الجمعة الموافق 17 كانون الأول (يعادله 4 كانون الأول حسب التقويم الكنسي الشرقي للبطريركية) كما هو الترتيب الطقسي تحتفل البطريركية الأورشليمية بعيد القديس يوحنا الدمشقي, عيد القديس سابا المتقدس, وعيد القديس نيقولاس اسقف ميرا ليكيا في لافرا دير القديس سابا في صحراء يهوذا بالقرب من البحر الميت.
أسس اللافرا (اي مجموعة أديرة) القديس سابا الذي يرجع أصله من كبادوكيا في آسيا الصغرى عام 456 حين أتى للأراضي المقدسة, وتتلمذ على يد القديسين إفثيميوس وثيوكتيستوس. أسس القديس سابا عدة اديرة أيضاً في فلسطين وأصبح مؤسس الرهبنة في الأرض المقدسة والأب الروحي للعديد من الرهبان. كان مدافعاً على الأيمان المستقيم في المجمع المسكوني الرابع في خلقدونة عام 451 مع القديس ثيوذوسيوس كما كتب لنا كاتب سيرة قديسي فلسطين الراهب كيرلس السكيثوبوليتيس.
في هذه الفترة من كل عام يحتفل دير القديس سابا في الرابع من كانون الأول شرقي بعيد القديس يوحنا الدمشقي في الكنيسة الصغيرة المكرسة على إسمه حيث قبره, وترأس خدمة القداس الإلهي سيادة متروبوليت إيلينوبولس كيريوس يواكيم الذي سيبقى في الللافرا حتى 6 كانون الأول للإحتفال بعيد القديس نيقولاوس.
في الخامس من كانون الأول شرقي إحتُفل بعيد القديس أبينا البار سابا المتقدس بخدمة صلاة السهرانية المسائية ترأسها غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, سيادة متروبوليت إيلينوبولس كيريوس يواكيم, وآباء أخوية القبر المقدس. قاد الترتيل باللغة اليونانية الشماس المتوحد الأب سيميون وباللغة العربية قدس الأرشمنديت فيلوثيوس, بمشاركة أبناء الرعية الأورثوذكسية من بيت لحم, بيت جالا, بيت ساحور ومنطقة الجليل, وبحضور القنصل العام لليونان السيد إيفانحيلوس فليوراس.
بعد انتهاء القداس الإلهي أعد رهبان الدير مائدة طعام، وشكر غبطته الله الثالوث القدوس على هذا العيد الروحي وعاد إلى أورشليم برفقة الآباء عبر دير القديس ثيودوسيوس.
كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة آوروشليم كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس سابا المتقدس.18/12/2021
تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
اهدني فِي سَبِيلِ وَصَايَاكَ، فإني إياهُ هويتُ. أَمِلْ قَلْبِي إِلَى شَهَادَاتِكَ، ولاَ إِلَى الاستكثار.حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَاطِلِ. فِي طَرِيقِكَ أَحْيِنِي. (مز 118: 35-37)
أيها الإخوة المحبوبون بالرب
أيها الآباء الأجلاء
تبتهج اليوم الصحراء ويفرح محيط نهر الأردن في عيد تذكار أبينا البار سابا المتقدس المتوشح بالله في هذه اللافرا التي تحمل اسمه في موضع ومكان نسكه.
إن أبينا البار سابا وهو في الأقمطة كطفل ظهر إناءً مقدساً ومنزلاً للروح القدس لهذا فقد أصبح هامةً للأبرار ونجياً للملائكة وقد نجح في هذا لأنهُ أصغى للقول الداودي حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَاطِلِ. فِي طَرِيقِكَ أَحْيِنِي. (مز 118: 35-37)
ويفسر القديس أثناسيوس الرسول أقوال هذا المزمور قائلاً: حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَاطِلِ. فِي طَرِيقِكَ أَحْيِنِي. إن الباطل هو الهوس بالنظر إلى الأشياء التي لا يحتاج النظر إليها، وخيال الذهن غير المألوف كما يوضح القديس بولس الرسول أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، إذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ (أفسس 4: 17) إن بطلان الذهن هو أن تمتلك الذهن وألا تستعمله لمعاينة الأمور الحقيقية بل أن تسلم الذهن إلى الشيطان السجان، لهذا فإن المزمور يتضرع قائلاً حوّل عيني عن النظر للباطل لأن هذه هي نعمة الله.
حقاً إن سابا الملهم من الله قد نجح بنعمة الله لأنه كما يقول القديس يوحنا السلمي، إذ يقول إن التربية والتعليم والاهتمامات التي كانت لدينا من الطفولة تلعب دوراً هاماً في الفضيلة وفي الحياة الرهبانية وبالتالي فهي إما أن تساعدنا وإما تجعل الأمر صعباً علينا.
وبكلام آخر إن سابا الإلهيّ منذ عمر الطفولة قد ازدرى بأباطيل هذا العالم ساعياً باهتمامٍ للسيرة المثالية والتي هي سيرة المتوحدين في الصحراء كما يؤكد على هذا كاتب سيرة حياته كيرلس سكيثوبوليتس كاتباً: إن سابا، كما يقول النبي إرميا. مختار من قِبَل الإله من الرحم ومعروف لله قبل أن يُجبل (ارميا 1: 4-5). فذهب إلى دير فلافيانون وسلّم ذاته إلى رئيس الدير، وهناك تعلّم طريق الحياة الرهبانية بدقة وفي وقت قصير تعلّم المزامير وكل نظام الدير.
لقد تعلّم أبينا البار سابا طريق ووسائل النسك وتتلمذ عند أقدام كبار معلمي صحراء فلسطين أمثال ثيوذوسيوس رئيس الأديار وأفثيميوس الكبير وثيوكتيستوس وجراسيموس وأصبح بذلك معلمّ الصحراء ومنارةً روحيةً مضيئةً للذين في الظلام لأَنَّ اللهَ امْتَحَنَهُ فَوَجَدَهُ أَهْلًا لَهُ. مَحَّصَهُ كَالذَّهَبِ فِي الْبُودَقَةِ، وَقَبِلَهُ كَذَبِيحَةِ مُحْرَقَةٍ. (حكمة سليمان 3: 5-6) بحسب الحكيم سليمان.
وهذا ما يُشهَد له أن البار سابا أنشأ هذه اللافرا والتي بها يوجدُ مستريٌح رفاته المقدسة المفيضة بالطيب غير البالية وأيضاً ما نشهده بالأحرى من الآباء الرهبان الساباويون المواظبين على الصلاة باستمرار من أجل خلاص نفوسهم ومن أجلنا جميعاً، محافظين على توهج وتوقد نور وديعة الإيمان التي تسلموها من القديس سابا المتقدس إذ أن” نور الرهبان هم الملائكة ونور جميع البشر هي حياة الرهبان” كما يقول القديس يوحنا السلمي
أيها الإخوة الأحبة إن أقوال القديس يوحنا السلمي الملهمة من الله تُشَكِلُ محتوى وديعة أبينا البار سابا لجميع الرهبان وبالأخص لهؤلاء النساك المتواجدين في هذه اللافرا وهذا لأن أبينا المتوشح بالله سابا كما يقول مرنم الكنيسة: قد لحق بطغمات الملائكة الذين غار من سيرتهم.
فنحن مكرمي هذا التذكار المقدس لسابا المعادل الملائكة بما له من الدالة لدى المسيح إلهنا نتضرع إليه مع والدة الإله لكيلا ينفكوا متضرعين من أجل غفران زلاتنا ومن أجل أن يؤهلنا أن يُشرق في مغارة نفوسنا نور معرفة شمس البر المسيح مخلصنا.
ومع صاحب المزمور نقول: تعترف السماوات بعجائبك يا رب وأيضاً بحقك في مجمع القديسين (مزمور 89: 6) وبتوضيح أكثر إن القوات الملائكية في السماء يمجدونك يا رب وعجيبٌ هو جوهر وفعل الله في مجمع القديسين أي في السماوات الملائكة يمجدونه بدون انقطاع ولا توقف.
كل عام وأنتم بألف خير
أعياد ميلادية مجيدة
مكتب السكرتارية العامة