معاهدة باريس وبرلين

null
Share

image_pdfimage_print

 

لا شك ان المعاهدات الدولية في باريس سنة 1856 وبرلين سنة 1878 وضعت حدّاً للمشاكل التي كانت تتعرض لها البطريركية الاورشليمية وأخوية القبر المقدس. في ذلك الوقت كان على الاكليروس الاورثوذكسي  بكل فئاته أن يقوم بنضالٍ سريعٍ ضد الفئات التي كان تهدف للاستيلاء على ألاماكن المقدسة  بالقوة وبشكل غير قانوني. هذا النضال كان على عدة طرق أهمها كان الامتناع عن تنفيذ  وصد الفرامانات السلطانية العثمانية التي كانت تهدف لاضعاف مكانة البطريركية ومنح التسهيلات للارمن واللاتين, ومحاولة البطريركية في ذات الوقت أن يتم اصدار فرامانات لصالح الرعية الاورثوذكسية والبطريركية, ومحاولة ضبط النفس كي لا يؤدي ذلك الى أعمالٍ عنيفةٍ وخطيرة. هذه المعاهدات التي وضعت حداً للنزاعات على المقدسات,  ساعدت البطاركة الاورثوكس فيما بعد بالتَفرغ والاهتمام بشؤون البطريركية والرعايا. 

بعد موت البطريرك ايروثيموس المفاجئ إنتُخب الارشمندريت فوتيوس بطريركاً سنة 1882 لكن الباب العالي العثماني رفض هذا الانتخاب وقام بإجراء انتخابات اخرى, حيث تم إنتخاب الوكيل ألبطريركي لأخوية القبر المقدس في روسيا آنذاك نيقوذيموس بطريركاً على الكرسي الاورشليمي الذي كان له دوراً كبيراً ومهماً في وضعِ نظامٍ داخل أخوية القبر المقدس وفي الحفاظ على المقدسات. بادر ايضاً بإعادة فتح مدارس الشعب, مدرسة الصليب الكريم المحيي, وإعادة كتابة الارقام التسلسلية لجميع الكتب الثمينة الموجودة في مكتبة دير الصليب الكريم في دير القديس سابا وجَمْع هذه الكتب والمحافظة عليها لأهميتها الكبيرة. رغم كل محاولات البطريرك نيقوذيموس بالدفاع عن الحقوق الارثوذكسية والحفاظ على المقدسات إلا أنه إتُهم بأنه اوصل أخوية القبر المقدس الى مأزق ماليٍّ صعب, وقدَم استقالته بعد محاولة ألاغتيال التي تعرض لها.  

بعد أستقالة البطريرك نيقوذيموس تم انتخاب البطريرك يِراسيموس سنة 1891-1897 الذي أبدى غيرةً ونضالاً من أجل ألاخوية. عدا عن المشاكل المادية الصعبة, كان لا بد له يواجه مشاكل المقدسات التي إفتعلها اللاتين في البداية وبعدها الارمن في كنيسة بيت لحم بخصوص مرور الكاهن الاورثوذكسي من الباب الشمالي الى المغارة المقدسة, توزيع قطع القداس (الانديذوروس) وغيرها من المواضيع ذات صلة. أهتم أيضاً كسابقه بالحياة التعليمية وإعادة فتح كلية الصليب المحيي اللاهوتية بمساعدة مسؤول الأواني المقدسة افثيميوس. 

بعد البطريرك يراسيموس جلس على الكرسي الاورشليمي 1897-1931 البطريرك ذميانوس الذي كان مطراناً لأبرشية فيلاديلفيا (عّمان اليوم). كانت فترة بطريركيته مليئة بالاحداث والنضال ومواجهاتٍ من خارج الأخوية ومن داخلها. قدرة البطريرك ذميانوس وسياسته  على مواجه الاحداث بصبرٍ وحكمةٍ ساعدت كثيراً بالحفاظ على حقوق البطريركية والرعية الاورثوذكسية والمقدسات. واهتم ايضاً ببناء الكنائس, المدارس, المستشفيات والمؤسسات المختلفة.  

بعد اربع سنوات على نياحة البطريرك ذميانوس, إنتُخب رئيس أساقفة نهر الأردن آنذاك تيموثاوس بطريركاً على الكرسي الاورشليمي 1935-1955 الذي عُرف بروحانيته وثقافته ودبلوماسيته, وساهم بإعادة الحياة الكنسية والنهضة الروحية. أعاد ترميم  كنيسة جبل الزيتون, بناء وترميم دير القديس سابا وفي المقابل أعاد هيكلة بناء وطوبوغرافية البطريركية.  

خلف البطريرك تيموثاوس رئيس اساقفة طبريا آنذاك فينيذكتوس 1957-1980 الذي قام بمواجهة الاوضاع المتعلقة بالمقدسات خلال فترته الطويلة. وهكذا وبعد مبادرته الشخصية مع المملكة الاردنية وُقِّع القانون الاردني لسنة 1958 والذي ينص على الاعتراف بسيادة أخوية القبر المقدس على المقدسات والاملاك التابعة لها ومسؤولية البطريركية الاورثوذكسية في الحفاظ عليها, وبالمقابل نظم هذا القانون إدارة البطريركية من الداخل.  

بعد البطريرك فينيذكتوس جلس على الكرسي الاورشليمي رئيس أساقفة ايرابوليس آنذاك ذيوذوروس 1980-2000, الذي قام في بداية فترته بترميم الكنائس والاديرة, بناء المدارس, وبإكمال الاعمال في كنيسة المهد والقيامة. 

في الطريق ما بين اورشليم وبيت لحم موجود دير النبي ايليا, هذا الموقع الذي يُعتقد أن النبي ايليا هرب أختبأ من وجه ايزابيل التي كانت تريد قتله, وأيضاً يُعتقد أن في هذا الطريق رأى المجوس النجم الذي دلهم على مكان ولادة المخلص يسوع المسيح, وان السيدة العذراء مريم ويوسف استراحا في هذا الموضع خلال رحلة سفرهما الى بيت لحم. في هذا الموضع بُني دير وكنيسة في القرن الخامس ميلادي.