الباب المقدس والعامود المشقوق

null
Share

image_pdfimage_print

 

يدخل الزوار الحجاج كنيسة القيامة في أيامنا هذه عبر المدخل الوحيد المسمى بالباب المقدس. أبعاد هذا الباب نسبيا كبيرة، حيث يتجاوز ارتفاعه الخمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار. صُنع هذا الباب من خشب الجوز والصنوبر ودُعم من الداخل بألواح من الحديد. نُقشت على مقبضيه القديمين كتابات عربية. فعلى المقبض الأيمن كتب: “أيها الزوار، متعوا رغبتكم، ادخلوا إلى بهجة الرب، إلى السماء المضيئة… أم الكنائس”. وعلى المقبض الأيسر كتب: “أيها الغرباء ادخلوا إلى باحة الرب، إلى قبر الحياة حيث يعيش الفرح ويسود النور المقدس”. بعد هذا المدخل في الاتجاه الشرقي، هناك باب آخر مماثل، أُغلق عام 1187.   تشكل هذه المداخل مجموعة أبواب الكنيسة وتحاط بأحد عشر عمودًا من الرخام الأبيض والأخضر وعلى رأسها وُضعت التيجان الكورنثية (من طراز كورنثي). على لوحة شبه دائرية فوق الباب المقدس كانت هناك لوحة منقوشه لقيامة لعازر، دخول يسوع المسيح المجيد إلى أورشليم، حوض الغسيل المقدس والعشاء السري. هذه النقوش موجودة الآن في متحف روكفلر في القدس. على لوحة المدخل المغلق كانت  شعارات، وتحتها أيقونة مريم العذراء المرصعة بالذهب، والتي بقيتْ قائمةً حتى عام 1801 وهي أيضًا معروفة من حياة القديسة مريم المصرية .

 قبل أن يدخل الزائر إلى الكنيسة يستطيع  أن يرى على اليسار العامود الأوسط مع وجود صدع (شق) طويل في جزئه السفلي. ووفقاً للتقاليد في سنة 1579م مَنعت السلطات التركية بطريركَ الروم الأرثوذكس من الدخول إلي القبر المقدس في سبت النور، ومنح الطائفة الأرمنية الدخول لتقوم بمراسيم فيض النور المقدس. فقام بطريرك الروم الأرثوذكس ولفيف من الأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وجميع المؤمنين بصلاة فيض النور في خارج كنيسة القيامة. فما أعظم أعمالك يا رب، رغم محاولات بطريرك الأرمن اليائسة، لم يُضئ النور المقدس في الضريح المقدس ولا في أي مكان آخر في داخل الكنيسة. وبدلا من ذلك انشقّ العمود الأوسط من الناحية اليسرى لباب الكنيسة الرئيس وفاض النور منه. امير تونوم شهد هذه المعجزة، ومن عجبه صرخ قائلا: “عظيم هو إيمان اليونانيين” وقد كلفه هذا الكلام حياته .

وحين بلغ السلطان خبرُ المعجزة أصدر مرسومًا (الفرمان) مانحًا بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الحق الحصري ليقوم بمراسيم فيض  النور المقدس. أما الأرمن فقد حافظوا بطبيعة الحال على تفسيرهم الخاص لهذه المعجزة (انشقاق العامود)، وهو أنه بقي في خارج الكنيسة بعض الحجاج الفقراء الذين لا يستطيعون تقديم المطلوب “التبرع”، وهكذا، فإنّ المساعدة والعناية الإلهية قد وفرت لهم النور المقدس من خلال شق العمود .

يبقى الباب المقدس في الليل مغلقًا، أما المفاتيح فهي مع عائلة مسلمة مؤتمنة على مفاتيح الكنيسة ومحتفظة به وراثيًّا. إذا رغبت طائفة ما في فتح الباب المقدس لأداء خدمة أو لأسباب أخرى، فإنها تطلب من البواب الذي بدوره يقوم بفتح الباب ويبقى هنالك حتى انتهاء الحدث وبعد ذلك يقفله ويغادر. لكن فتح الباب وإغلاقه بشكل رسمي يتم بحضور البواب الأرثوذكسي، وهذا الشيء متبع بعد اتفاق .